تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 53

الموضوع: مدارسة متن البيقونية

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي مدارسة متن البيقونية

    1- أَبْدَأُ بِالْحَمْدِ مُصَلِّيًا عَلَى *** مُحَمَّدٍ خَيْرِ نَبِيٍّ أُرْسِلَا
    قوله: (أَبْدَأُ بِالْحَمْدِ مُصَلِّيًا): قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: «وقوله بالحمد مصليًّا: نصَبَ مصليًّا على أنه حالٌ من الضمير في أبدأ؛ والتقدير: حال كوني مصليًّا.
    ومعنى «الحمد» كما قال العلماء: هو وصف المحمود بالكمال محبة وتعظيمًا، فإنْ وصفَهُ بالكمال لا محبة ولا تعظيمًا، ولكن خوفًا ورهبة سُمي ذلك مدحًا لا حمدًا؛ فالحمد لابد أن يكون مقرونًا بمحبة المحمود وتعظيمه.
    وقول المؤلف بالحمد: لم يذكر المحمود، ولكنه معلومٌ بقرينة الحال، لأن المؤلف مسلمٌ؛ فالحمد يُقْصَدُ به: حمدُ الله سبحانه وتعالى.
    ومعنى الصلاة على النبي ﷺ هو: طلب الثناء عليه من الله تعالى، وهذا ما إذا وقعت الصلاة من البشر، أما إذا وقعت من الله تعالى فمعناها ثناء الله تعالى عليه في الملأ الأعلى، وهذا هو قول أبي العالية، وأما من قال إن الصلاة من الله تعالى تعني الرحمة، فإن هذا القول ضعيفٌ، يضعِّفُه قوله تعالى: ﴿أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ المُهتدون ﴾ [ البقرة: 157 ]، ولو كانت الصلاة بمعنى الرحمة، لكان معنى الآية: أولئك عليهم رحماتٌ من ربهم ورحمة، وهذا لا يستقيم! والأصل في الكلام التأسيس؛ فإذا قلنا: إن المعنى: رحمات من ربهم ورحمة، صار عطف مماثل على مماثل.
    فالصحيح هو: القول الأول وهو أن صلاة الله على عبده ثناؤه عليه في الملأ الأعلى»اهـ([1]).
    قوله: (مُحَمَّدٍ خَيْرِ نَبِيٍّ أُرْسِلَا): فنبينا محمد ﷺ هو خير الأنبياء والمرسلين؛ دليل ذلك حديث أَبي هُرَيْرَةَ ﭬ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَوَّلُ مَنْ يَنْشَقُّ عَنْهُ الْقَبْرُ، وَأَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ»([2]).
    2- وَذِي مِنَ اقْسَامِ الْحَدِيثِ عِدَّهْ *** وَكُلُّ وَاحِدٍ أتَى وَحَدَّهْ
    قوله: (وَذِي مِنَ اقْسَامِ الْحَدِيثِ عِدَّهْ): وذي اسم إشارة لِمَا هو آتٍ من أقسام الحديث.
    وقوله: (عدَّة): أي: عدد ليس بكثير.
    قوله: (وَكُلُّ وَاحِدٍ أتَى وَحَدَّهْ): أي: سيأتي كُلُّ واحد من هذه الأقسام، وسيأتي حدُّه؛ أي: تعريفه.


    [1])) «شرح البيقونية» (22، 23).

    [2])) متفق عليه: أخرجه البخاري (3340)، ومسلم (2278)، واللفظ له.
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي

    3- أَوَّلُهَا: الصَّحِيحُ وَهْوَ مَا اتَّصَلْ إِسْنَادُهُ وَلَمْ يَشِذَّ أوْ يُعَلّْ
    4- يَرْوِيهِ عَدْلٌ ضَابِطٌ عَنْ مِثْلِهِ مُعْتَمَدٌ فِي ضَبْطِهِ وَنَقْلِهِ

    فهذه شروط خمسة اشترط العلماء توافرها في الحديث لكي يحكموا عليه بالصحة.
    فأما الشرط الأول: فهو اتصال الإسناد: ومعناه أن يكون كل راوٍ من رواة الحديث قد أخذ الحديث عن شيخه، وتحمله بطريقة من طرق التحمل المعتبرة؛ كالسماع من الشيخ، أو القراءة عليه، وسيأتي توضيح أكثر لطرق تحمل الحديث.
    وإنما اشترط العلماء شرط الاتصال احترازًا من الحديث الذي سقط من إسناده راوٍ أو أكثر؛ مما يؤدي إلى عدم العلم بعين الراوي الساقط من الإسناد، وبالتالي عدم العلم بحاله؛ هل هو ثقة أم غير ثقة؛ فقد يكون غير ثقة فينسب إلى رسول الله ﷺ ما لم يقله؛ سواء عن قصد لقلة دين أو عن غير قصد لسوء حفظ.
    وأما الشرط الثاني: ألا يكون الحديثُ شاذًّا: وسيأتي معنا تعريف الشذوذ.
    والشرط الثالث: ألا يكون الحديث معلولًا: وسيأتي معنا تعريف العلة.
    الشرط الرابع: عدالة الراوي: فلا بد أن يكون راوي الحديث الصحيح عدلًا؛ وقد اشترط العلماء هذا الشرط احترازًا من تعمد الكذب على سول الله ﷺ؛ لأنَّ غير العدل قد لا يتورع عن الكذب على رسول الله ﷺ.
    وقد عرف العلماء العدل بأنه: (من كانت له مَلَكة تحمله على ملازمة التقوى والمروءة).
    والمقصود: أنْ يكون أغلب أحواله الطاعة، وليس المقصود ألا يقع في الخطأ أبدًا؛ لأنه بشر، والبشر ليسوا معصومين إلا الأنبياء عليهم السلام.
    قال الشافعي رحمه الله: «فإذا كان الأغلب الطاعة فهو العدل، وإن كان الأغلب المعصية فهو المجرَّح»([1]).
    بِمَ تثبت عدالة الراوي:
    قال العلامة ابن الصلاح رحمه الله: «تَارَةً تَثْبُتُ بِتَنْصِيصِ مُعَدِّلَيْنِ عَلَى عَدَالَتِهِ، وَتَارَةً تَثْبُتُ بِالِاسْتِفَاضَ ةِ، فَمَنِ اشْتَهَرَتْ عَدَالَتُهُ بَيْنَ أَهْلِ النَّقْلِ أَوْ نَحْوِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَشَاعَ الثَّنَاءُ عَلَيْهِ بِالثِّقَةِ وَالْأَمَانَةِ، اسْتُغْنِيَ فِيهِ بِذَلِكَ عَنْ بَيِّنَةٍ شَاهِدَةٍ بِعَدَالَتِهِ تَنْصِيصًا، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ ﭬ، وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ فِي فَنِّ أُصُولِ الْفِقْهِ.
    وَمِمَّنْ ذَكَرَ ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ الْحَافِظُ، وَمَثَّلَ ذَلِكَ بِمَالِكٍ، وَشُعْبَةَ، وَالسُّفْيَانَي ْنِ، وَالْأَوْزَاعِي ِّ، وَاللَّيْثِ، وَابْنِ الْمُبَارَكِ، وَوَكِيعٍ، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَيَحْيَى بْنِ مَعِينٍ، وَعَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ، وَمَنْ جَرَى مَجْرَاهُمْ فِي نَبَاهَةِ الذِّكْرِ وَاسْتِقَامَةِ الْأَمْرِ، فَلَا يُسْأَلُ عَنْ عَدَالَةِ هَؤُلَاءِ وَأَمْثَالِهِمْ ، وَإِنَّمَا يُسْأَلُ عَنْ عَدَالَةِ مَنْ خَفِيَ أَمْرُهُ عَلَى الطَّالِبِينَ»ا هـ([2]).
    الشرط الخامس: ضبط الراوي: فلا بد أنْ يكون راوي الحديث الصحيح ضابطًا؛ وقد اشترط العلماء هذا الشرط احترازًا من أن ينسب الراوي إلى رسول الله ﷺ ما لم يقله؛ فإنه وإن كان عدلًا في نفسه إلا أنه قد ينسب إلى رسول الله ﷺ ما لم يقله لغفلته وعدم ضبطه.
    والضبط عند المحدِّثين ضبطان؛ ضبط صدر وضبط كتاب:
    فضبط الصدر: أنْ يُثْبِت الراوي ما سمعه بحيث يتمكن من استحضاره متى شاء.
    وضبط الكتاب: هو صون الراوي لكتابه عن تطرق الخلل إليه من حين سمع فيه إلى أنْ يُؤَدِّي.
    قال الإمام يحي بن معين رحمه الله: «الضبط ضبطان: ضبط صدر وضبط كتاب؛ وإنَّ أبا صالح كاتبَ الليث ضبطُه ضبطُ كتاب».
    فبيَّن الإمام ابن معين رحمه الله أنَّ من الرواة من رُزِق قوة الحفظ، فهؤلاء يُعتمد على ما يروونه من حفظهم، وهناك مَنْ لم يُرزقوا نعمة حفظ الصدر؛ وإنما كتبوا أحاديثهم في كتب، وحفظوا هذه الكتب من التلاعب، وصانوها من إدخال شيء فيها، فهؤلاء إن اعتمدوا على كتبهم المصححة المنقحة ورووا منها، فحينئذ تكون روايتهم مقبولة.
    وكان الإمام عبد الرزاق الصنعاني رحمه الله صاحب «المصنف» ممن ضبطهم ضبط كتاب، لا ضبط صدر؛ وكان العلماء كثير من العلماء لا يأخذون منه إلا إذا روى من كتبه، فإذا روى من حفظه تركوا حديثه.
    قال الإمام ابن معين رحمه الله: «مَا كتبت عَن عبد الرَّزَّاق حَدِيثًا وَاحِدًا إِلَّا من كِتَابه كُله»([3]).
    بِمَ يُعرف ضبط الراوي:
    قال العلامة ابن الصلاح رحمه الله: «يُعْرَفُ كَوْنُ الرَّاوِي ضَابِطًا بِأَنْ نَعْتَبِرَ رِوَايَاتِهِ بِرِوَايَاتِ الثِّقَاةِ الْمَعْرُوفِينَ بِالضَّبْطِ وَالْإِتْقَانِ، فَإِنْ وَجَدْنَا رِوَايَاتِهِ مُوَافِقَةً - وَلَوْ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى - لِرِوَايَاتِهِم ْ، أَوْ مُوَافِقَةً لَهَا فِي الْأَغْلَبِ وَالْمُخَالَفَة ُ نَادِرَةُ، عَرَفْنَا حِينَئِذٍ كَوْنَهُ ضَابِطًا ثَبْتًا، وَإِنْ وَجَدْنَاهُ كَثِيرَ الْمُخَالَفَةِ لَهُمْ، عَرَفْنَا اخْتِلَالَ ضَبْطِهِ، وَلَمْ نَحْتَجَّ بِحَدِيثِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ»اهـ([4]).


    [1])) «الكفاية» (79).

    [2])) «علوم الحديث» (105، 106)، تحقيق نور الدين عتر.

    [3])) «العلل ومعرفة الرجال» لأحمد، رواية عبد الله (2/ 606).

    [4])) «علوم الحديث» (105، 106)، تحقيق نور الدين عتر.
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي

    5- وَالْحَسَنُ الْمَعْرُوفُ طُرْقًا وَغَدَتْ رِجَالُهُ لَا كَالصَّحِيحِ اشْتَهَرَتْ
    انتقل المؤلف رحمه الله إلى تعريف الحسن، والحسن هو القسم الثاني من أقسام الحديث.
    وشروط الحديث الحسن هي نفس شروط الحديث الصحيح؛ من اتصال الإسناد والخلو من الشذوذ والعلة؛ وعدالة الرواة وضبطهم؛ فرواته معروفون؛ كما قال الناظم: (المعروف طرقًا)، إلا أنهم لم يصلوا في الشهرة والضبط لمرتبة رواة الحديث الصحيح؛ ولذلك قال الناظم: (رجاله لا كالصحيح اشتهرت).
    قال العلامة ابن الصلاح رحمه الله معرِّفًا الحديث الحسن: «أَنْ يَكُونَ رَاوِيهِ مِنَ الْمَشْهُورِينَ بِالصِّدْقِ وَالْأَمَانَةِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ دَرَجَةَ رِجَالِ الصَّحِيحِ، لِكَوْنِهِ يَقْصُرُ عَنْهُمْ فِي الْحِفْظِ وَالْإِتْقَانِ؛ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ يَرْتَفِعُ عَنْ حَالِ مَنْ يُعَدُّ مَا يَنْفَرِدُ بِهِ مِنْ حَدِيثِهِ مُنْكَرًا، وَيُعْتَبَرُ فِي كُلِّ هَذَا - مَعَ سَلَامَةِ الْحَدِيثِ مِنْ أَنْ يَكُونَ شَاذًّا وَمُنْكَرًا - سَلَامَتُهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُعَلَّلًا»اهـ([1]).
    6- وكُلُّ مَا عَنْ رُتْبَةِ الحُسْنِ قَصُرْ فَهْوَ الضَّعِيفُ وَهْوَ أَقْسَامًا كَثُرْ
    الحديث الضعيف هو القسم الثالث من أقسام الحديث، وهو ما فقد شرطًا من شروط الحديث الحسن.
    قال ابن الصلاح رحمه الله: «كُلُّ حَدِيثٍ لَمْ يَجْتَمِعْ فِيهِ صِفَاتُ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ، وَلَا صِفَاتُ الْحَدِيثِ الْحَسَنِ الْمَذْكُورَاتُ فِيمَا تَقَدَّمَ، فَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ»([2]).
    والضعيف أقسام كثيرة؛ منه الشاذ والمعلول والمدرج والمضطرب والمقلوب، وسيأتي بيان كل نوع من هذه الأنواع على حدة.


    [1])) «علوم الحديث» (33).

    [2])) «علوم الحديث» (41).
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي

    7- وَمَا أُضِيفَ لِلنَّبي الْمَرْفُوعُ وَمَا لِتَابِعٍ هُوَ الْمَقْطُوعُ
    فالحديث المضاف إلى النبي ﷺ يُسمى حديثًا مرفوعًا؛ فالمرفوع هو ما أخبر فيه الراوي عن قول الرسول ﷺ أو فعله، أو تقريره.
    فمثال القول: حديث عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ»( ).
    ومثال الفعل: حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ﭭ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَعْتَكِفُ العَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ( ).
    ومثال التقرير: حديث ابْنِ عُمَرَ ﭭ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ لَنَا لَمَّا رَجَعَ مِنَ الأَحْزَابِ: «لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ العَصْرَ إِلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ» فَأَدْرَكَ بَعْضَهُمُ العَصْرُ فِي الطَّرِيقِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا نُصَلِّي حَتَّى نَأْتِيَهَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ نُصَلِّي، لَمْ يُرَدْ مِنَّا ذَلِكَ، فَذُكِرَ لِلنَّبِيِّ ﷺ، فَلَمْ يُعَنِّفْ وَاحِدًا مِنْهُمْ( ).
    فالسُّنَّة التقريرية هي أن يحدث عند النبي ﷺ شيء، أو يُخبر عن شيء، فيقره النبي ﷺ بالقول أو بالسكوت.
    وأما ما أُضيف للتابعي فيسمى مقطوعًا؛ فالمقطوع هو ما جاء عن التابعين موقوفًا عليهم من أقوالهم أو أفعالهم.
    8- والمُسْنَدُ الْمُتَّصِلُ الإِسْنَادِ مِنْ رَاوِيهِ حَتَّى المُصْطَفَى وَلَمْ يَبِنْ
    فالحديث المسند هو الحديث الذي اتصل إسناده إلى رسول الله ﷺ.
    قال الإمام الحاكم رحمه الله: «وَالْمُسْنَدُ مِنَ الْحَدِيثِ: أَنْ يَرْوِيَهُ الْمُحَدِّثُ عَنْ شَيْخٍ يَظْهَرُ سَمَاعُهُ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ سَمَاعُ شَيْخِهِ مِنْ شَيْخِهِ إِلَى أَنْ يَصِلَ الْإِسْنَادُ إِلَى صَحَابِيٍّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ»اهـ( ).
    9- وَمَا بِسَمْعِ كُلِّ رَاوٍ يتَّصِلْ إِسْنَادُهُ لِلْمُصْطَفَى فَالْمُتَّصِلْ
    فالحديث المتصل هو الحديث الذي اتصل إسناده؛ فكان كل واحد من رواته قد سمعه ممن فوقه، حتى ينتهي إلى منتهاه.
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي

    10- مُسَلْسَلٌ قُلْ مَا عَلَى وَصْفٍ أَتَى مِثْلُ: أَمَا وَاللَّهِ أَنْبَانِي الْفَتَى
    11- كَذَاكَ قَدْ حَدَّثَنِيهِ قَائِمَا أَوْ بَعْدَ أنْ حَدَّثَنِي تَبَسَّمَا

    عرَّف الناظم $ الحديثَ المسلسل بقوله: (ما على وصف أتى)؛ فالحديث المسلسل هو: (ما توارد فيه رواته على صفة واحدة بالقول أو بالفعل).
    وذكر الناظم مثالًا للتسلسل بالصفة القولية؛ وهو أن يقول راوي الحديث: (أنبأني فلان) ويقول الآخر: (أنبأني فلان)، إلى آخر السند.
    أو يقول: (أخبرني)، أو: (حدَّثني)، أو: (سمعت)، إلى آخر السند.
    وذكر أيضًا مثالًا للمسلسل بالفعل؛ وهو أن يقول كل راوٍ من رواة الحديث: (حدثني فلان وهو قائم)، إلى آخر الإسناد.
    ومثال آخر للمسلسل بالفعل؛ وهو أن يقول: (حدثني فلان ثم تبسم)، ويقول الراوي الآخر: (حدثني فلان ثم تبسم) إلى آخر السند.
    فهذا هو الحديث المسلسل؛ وهو يدل على مزيد ضبط من الرواة؛ لأنهم لو ضبطوا مثل هذا؛ فهم قد ضبطوا المتن من باب أولى.
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي

    12- عَزِيزُ مَرْوِي اثْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَهْ مَشْهُورُ مَرْوِي فَوْقَ مَا ثَلَاثَهْ
    فالحديث العزيز هو الحديث الذي يرويه اثنان عن اثنين عن اثنين إلى أن يصل إلى منتهى السند.
    وكذا ما يرويه ثلاثة عن ثلاثة.
    وسُمِّيَ بذلك إِمَّا لقلةِ وجودِهِ، وإِمَّا لكونِهِ عَزَّ؛ أَيْ قَوِيَ بمَجيئِهِ مِن طريقٍ أُخْرى.
    وأما الحديث المشهور فهو الذي يرويه أكثرُ من ثلاثة في كل طبقة من طبقاته.
    قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: «والثاني - وهُو أَوَّلُ أقسام الآحادِ-: ما لَهُ طرقٌ محصورةٌ بأكثرَ مِن اثْنَيْنِ، وهُو المَشْهورُ عندَ المُحَدِّثينَ؛ سُمِّيَ بذلك لوُضوحِهِ، وهُوَ المُستفيضُ عَلى رأيِ جماعةٍ مِن أئمةِ الفقهاء، سُمِّيَ بذلك لانتشاره؛ مِن فاضَ الماءُ يَفِيض فيضًا»اهـ([1]).


    [1])) «نزهة النظر» (46)، تحقيق نور الدين عتر.
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي

    13- مَعَنْعَنٌ كَعَنْ سَعِيدٍ عَنْ كَرَمْ .........................
    معنى «العنعنة» أن يقول الراوي: «عن فلان»؛ و«عن» ليست صريحة في السماع، فقد يقولها الراوي في حالة سماعه من الشيخ، وقد يقولها في حالة عدم سماعه؛ فهي ليست كالألفاظ الصريحة في السماع مثل: «سمعت» و«حدثني» و«أخبرني».
    وبالطبع فإنَّ قول الراوي: «عن فلان» في حالة عدم سماعه منه، لا يُعَدُّ كذبًا؛ فنحن الآن نقول: «عن رسول الله، أو عن أبي هريرة»، وليس هذا كذبًا.
    وأما حكم العنعنة عند المحدِّثين فلها ثلاث حالات:
    الحالة الأولى: أنْ يقولها راوٍ ثقة غير مدلس ثبت سماعه من شيخه؛ فهي محمولة على السماع بالإجماع.
    الحالة الثانية: أنْ يقولها راوٍ ثقة غير مدلس لم يثبت سماعه من شيخه مع إمكان اللقي بينهما؛ فهي محمولة على السماع عند الإمام مسلم ومن وافقه، وغير محمولة على السماع عند جمهور المحدثين.
    الحالة الثالثة: أنْ يقولها راوٍ مدلس؛ فهي محمولة على عدم السماع بالإجماع.
    قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: «وعَنْعَنَةُ المعاصِرِ محمولةٌ عَلى السَّماعِ، بخلافِ غيرِ المُعاصِرِ فإِنَّها تكونُ مرسَلةً أَو مُنقطِعَةً، فشرْطُ حملها على السماع ثبوت المعاصَرَةِ؛ إلا مِن المَدلِّس فإنها ليست محمولةً على السماع.
    وقيلَ: يُشْترط في حملِ عنعنةِ المعاصِرِ على السماع ثبوتُ لقائهما؛ أَي: الشيخ والراوي عنه، ولو مرةً واحدةً؛ لِيَحْصل الأمنُ مِن باقي مَعُنْعَنِهِ عن كونِهِ من المرسَل الخفيِّ، وهُو المُخْتارُ، تبعًا لعليِّ بنِ المَدينيِّ، والبُخَارِيِّ، وغيرهما من النُّقَّاد»اهـ([1]).
    ............................ وَمُبْهَمٌ مَا فِيهِ رَاوٍ لَمْ يُسَمّْ
    فالإبهام هو عدم ذِكْرِ اسم الراوي؛ كأن يقول: «حدثي رجل»، أو: «حدثني شيخ»، أو: «حدثني الثقة».
    قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: « أَوْ لَا يُسمَّى الرَّاوِي اختِصَارًا مِن الرَّاوي عنهُ؛ كقولِه: أَخْبَرَني فلانٌ، أَو شيخٌ، أَو رجلٌ، أَو بعضُهم، أَو ابنُ فلانٍ.
    ويُستَدَلُّ على معرفَةِ اسمِ المُبْهَمِ بوُرودِه مِن طريقٍ أُخرى مسمًّى فيها.
    ولا يُقْبَلُ حديثُ المُبْهَمِ مَا لَمْ يُسَمَّ؛ لأنَّ شرطَ قَبولِ الخَبَرِ عدالَةُ راويهِ، ومَن أُبْهِمَ اسمُه لا تُعْرَفُ عَيْنُهُ، فكيفَ تُعْرَفُ عدالَتُهُ؟!
    وكذا لَا يُقْبَلُ خَبَرُه، ولو أُبْهِمَ بِلَفْظِ التَّعْديلِ؛ كأَنْ يقولَ الرَّاوي عنهُ: «أَخْبَرَني الثِّقُة»؛ لأنَّهُ قد يكونُ ثقةً عندَه مجروحًا عندَ غيرِه، وهذا عَلى الأصَحِّ في المسأَلةِ»اهـ([2]).


    [1])) «نزهة النظر» (126).

    [2])) «نزهة النظر» (101).
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد طه شعبان مشاهدة المشاركة
    فالحديث المضاف إلى النبي ﷺ يُسمى حديثًا مرفوعًا؛ فالمرفوع هو ما أخبر فيه الراوي عن قول الرسول ﷺ أو فعله، أو تقريره.

    بارك الله فيك أبا يوسف، كذا من المرفوع: المرفوع الوصفي: وهو ما أضيف من وصف النبي صلى الله عليه وسلم خِلْقة أو خُلُقًا
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي

    نعم، بارك الله فيك أبا البراء.
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد طه شعبان مشاهدة المشاركة
    نعم، بارك الله فيك أبا البراء.
    وفيك بارك الله يالحبيب
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد طه شعبان مشاهدة المشاركة
    9- وَمَا بِسَمْعِ كُلِّ رَاوٍ يتَّصِلْ إِسْنَادُهُ لِلْمُصْطَفَى فَالْمُتَّصِلْ
    فالحديث المتصل هو الحديث الذي اتصل إسناده؛ فكان كل واحد من رواته قد سمعه ممن فوقه، حتى ينتهي إلى منتهاه.
    وقد استدرك على الناظم هذا البيت، إذ ليس هناك فارق بين المسند والمتصل على قوله هذا، فالمسند: المتصل المرفوع للنبي صلى الله عليه وسلم على اختيار الناظم، وكذا المتصل على تعريفه، لذا قال بعض المستدركين عليه:

    وَمَا بِسَمْعِ كُلِّ رَاوٍ يتَّصِلْ ... إِسْنَادُهُ
    لِلْمُنتهى فَالْمُتَّصِلْ
    أي أن المتصل يكون منتهى الإسناد سواء أكان مرفوعًا أو موقوفًا أو مقطوعًا أو ...
    وقد عرَّفه السيوطي في ألفيته تعريفًا سالمًا من الانتقاد:
    مَرْفُوعًا أوْ مَوْقُوفًا إذْ يَتَّصِلْ ... إسْنَادُهُ المْوصولُ والمتَّصِلُ
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي

    نفع الله بك أبا البراء
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد طه شعبان مشاهدة المشاركة
    نفع الله بك أبا البراء
    آمين وإياك
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي

    14- وَكُلُّ مَا قَلَّتْ رِجَالُهُ عَلَا وَضِدُّهُ ذَاكَ الَّذِي قَدْ نَزَلَا
    كل حديث قلَّت فيه الوسائط بين الراوي وبين رسول الله ﷺ فهو الحديث العالي، وضده هو الحديث النازل؛ وهو الذي كثرت فيه الوسائط بين الراوي وبين رسول الله ﷺ.
    مثاله: حديث يرويه البخاري عن عبد الله بن يوسف عن مالك عن نافع عن ابن عمر عن النبي ﷺ.
    فيكون بينه وبين النبي ﷺ أربعُ وسائط فقط.
    ونفس الحديث يرويه مسلم عن أحمد بن حنبل عن عبد الله بن المبارك عن سفيان الثوري عن الزهري عن نافع عن ابن عمر عن النبي ﷺ.
    فيكون بينه وبين النبي ﷺ ستُّ وسائط.
    فيكون إسناد البخاري أعلى من إسناد مسلم.
    وينقسم العلو عند المحدثين إلى قسمين:
    1- علوٌّ مطلق.
    2- علوٌّ نسبي.
    فأما العلو المطلق: فهو الذي أشرنا أليه آنفًا؛ وهو علوٌ بالمسافة؛ أي: أن المسافة بين الراوي وبين رسول الله ﷺ مختصرة.
    وأما العلو النسبي: فأربعة أقسام:
    قسمان بالمسافة؛ وهما:
    1- القرب من إمام من الأئمة:
    كالأعمش، والثوري، ومالك، وشعبة، وأحمد، وغيرهم من الأئمة المشهورين؛ وإنْ كثر بعده العدد إلى رسول الله ﷺ.
    مثاله: حديث يرويه الإمام أبو داود، عن القعنبي، عن مالك، عن الزهري، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي ﷺ.
    فيكون بين أبي داود وبين مالك واسطة واحدة فقط.
    ونفس الحديث يرويه الإمام الترمذي، عن البخاري، عن القعنبي، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي ﷺ.
    فيكون إسناد أبي داود أعلى من إسناد الترمذي علوًّا نسبيًّا؛ لأن أبا داود بينه وبين الإمام مالك واسطة واحدة فقط، والترمذي بينه وبين الإمام مالك واسطتان؛ وإن استويا في عدد رجال الإسناد إلى رسول الله ﷺ.
    2- القرب من كتاب من الكتب المشهورة:
    كالصحيحين، ومسند أحمد، والسنن الأربعة.
    وصورته: أن يروي الراوي حديثًا، ويكون رجال إسناده في الحديث أقل عددًا مما لو رواه من طريق كتاب من الكتب المشهورة.
    مثاله: قال السخاوي $: «وَذَلِكَ كَأَنْ يَقَعَ لَنَا حَدِيثٌ مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ الزَّعْفَرَانِي ِّ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، فَهَذَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ ابْنِ عُيَيْنَةَ فِيهِ تِسْعَةٌ؛ فَهُوَ أَعْلَى مِمَّا لَوْ رُوِّينَاهُ مِنَ الْبُخَارِيِّ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّنْ أَخْرَجَهُ مِنْ أَصْحَابِ الْكُتُبِ السِّتَّةِ؛ لِأَنَّ مِنَّا إِلَى كُلٍّ مِنَ الْبُخَارِيِّ أَوْ مَنْ أُشِيرَ إِلَيْهِ ثَمَانِيَةً، وَهُوَ وَشَيْخُهُ الَّذِي هُوَ الْوَاسِطَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِ عُيَيْنَةَ اثْنَانِ، فَصَارَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَشْرَةٌ»اهـ([1]).
    وقسمان بالصفة؛ وهما:
    1- العلو بتقدم وفاة الراوي:
    بأنْ يتقدم وفاة الراوي الذي في أحد الإسنادين على الراوي الذي في الإسناد الآخر.
    فيكون الأول أعلى، وإن تساويا في العدد.
    قال الإمام أبو يعلى الخليلي $:
    «مِثَالُهُ: أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ حَدَّثَنَا, عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْعُودٍ الْأَسَدِيِّ, عَنْ سَهْلِ بْنِ زَنْجَلَةَ, عَنْ وَكِيعٍ, وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَرْبٍ, عَنْ وَكِيعٍ؛ فَسَهْلٌ أَعْلَى مِنْ عَلِيِّ بْنِ حَرْبٍ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ عَلِيِّ بْنِ حَرْبٍ بِعِشْرِينَ سَنَةً.
    وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ رَجُلَيْنِ يَرْوِيَانِ عَنْ أحد الْأَئِمَّةِ , ثُمَّ يَكُونُ أَحَدَهُمَا أَعْلَى؛ فَإِنَّ قُتَيْبَةَ بْنَ سَعِيدٍ يَرْوِي عَنْ مَالِكٍ, وَمَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ, وَيَرْوِي عَنْ مَالِكٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ, وَمَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ, فَهُمَا سَوَاءٌ فِي مَالِكٍ, لَكِنَّ ابْنَ وَهْبٍ لِقِدَمِ مَوْتِهِ وَجَلَالَتِهِ لَا يُوازِيهِ قُتَيْبَةُ, مَعَ تَوْثِيقِهِ وَصَلَاحِهِ»اهـ([2]).
    وقال الإمام الحاكم $:
    «وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ أَنَّ النُّزُولَ عَنْ شَيْخٍ تَقَدَّمَ مَوْتُهُ وَاشْتَهَرَ فَضْلُهُ، أَجَلُّ وَأَعْلَى مِنْهُ، عَنْ شَيْخٍ تَأَخَّرَ مَوْتُهُ، وَعُرِفَ بِالصِّدْقِ»اهـ([3]).
    2- العلو بتقدم السماع من الشيخ:
    فمن سمع من الشيخ قديمًا أعلى ممن سمع منه أخيرًا.
    وفائدة ذلك في حق من اختلط شيخه أو خَرِف؛ فمن سمع من هذا الشيخ قديمًا أرجح وأصح ممن سمع منه أخيرًا.
    ونادرًا ما يكون العكس أرجح؛ وذلك في حق من كان يحدث قديمًا من حفظه فيخطئ، ثم صار بعدُ لا يحدث إلا من كتب؛ كهمام بن يحيى.
    والنزول عكس العلو؛ فكل قسم من أقسام العلو، يقابله قسم من أقسام النزول.
    قال ابن الصلاح $:
    «وَأَمَّا النُّزُولُ فَهُوَ ضِدُّ الْعُلُوِّ، وَمَا مِنْ قِسْمٍ مِنْ أَقْسَامِ الْعُلُوِّ الْخَمْسَةِ إِلَّا وَضِدُّهُ قِسْمٌ مِنْ أَقْسَامِ النُّزُولِ، فَهُوَ إِذًا خَمْسَةُ أَقْسَامٍ، وَتَفْصِيلُهَا يُدْرَكُ مِنْ تَفْصِيلِ أَقْسَامِ الْعُلُوِّ عَلَى نَحْوِ مَا تَقَدَّمَ شَرْحُهُ»اهـ([4]).


    [1])) «فتح المغيث» (3/ 12)، طـ دار الكتب العلمية.

    [2])) «الإرشاد في معرفة علماء الحديث» (1/181)، طـ مكتبة الرشد، الرياض.

    [3])) «معرفة علوم الحديث» (12)، طـ دار الكتب العلمية، بيروت.

    [4])) «علوم الحديث» (263).
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد طه شعبان مشاهدة المشاركة
    13- مَعَنْعَنٌ كَعَنْ سَعِيدٍ عَنْ كَرَمْ .........................
    بارك الله فيك أبا يوسف.
    وقد استدرك على الناظم هذا الشطر من البيت بإن فيه قصور حيث اكتفى بالتمثيل لصورة العنعنة في الإسناد؛ فليس البحث قول الراوي: (عن)، وإلا لكان أكثر الأحاديث داخلة في هذا النوع؛ إذ لا يخلو إسناد من عنعنة.
    فقال المستدرك:
    مَعَنْعَنُ
    المُدَلِّسِن عَنْ كَرَمْ .............
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  16. #16
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي

    صحيح، بارك الله فيك أبا البراء.
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  17. #17
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد طه شعبان مشاهدة المشاركة
    صحيح، بارك الله فيك أبا البراء.
    وفيك بارك الله
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  18. #18
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي

    15- وَمَا أَضَفْتَهُ إِلَى الْأَصْحَابِ مِنْ قَولٍ وَفِعْلٍ فَهْوَ مَوْقُوفٌ زُكِنْ
    فالحديث المضاف إلى الصحابي يُسمى حديثًا موقوفًا.
    قال الإمام النووي رحمه الله: «الموقوف وهو المروي عن الصحابة قولًا لهم أو فعلًا أو نحوه؛ متصلًا كان أو منقطعًا، ويستعمل في غيرهم مقيدًا، فيقال: وقفه فلان على الزهري ونحوه»اهـ([1]).


    [1])) «التقريب» (33)، طـ دار الكتاب العربي، بيروت.
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  19. #19
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي

    16- وَمُرْسَلٌ مِنْهُ الصَّحَابِيُّ سَقَطْ ..........................
    عرف الناظم رحمه الله الحديث المرسل بأنه الحديث الذي سقط منه صحابي؛ وفي الحقيقة أنَّ في هذا العريف نظرًا؛ لأننا لو تحققنا أن الساقط من الإسناد صحابي لَمَا كانت هناك أدنى مشكلة؛ لأنَّ الصحابة كلهم عدول؛ وحينئذ لكان المرسل مما يُحتج به.
    والعلماء إنما توقفوا في الاحتجاج بالمرسل لاحتمال أن يكون الساقط من الإسناد تابعيًّا أو أكثر، والتابعون منهم الثقات وغير الثقات.
    ولذلك عرَّف العلماء المرسل بأنه هو «ما يقول فيه التابعي: قال رسول اللهﷺ».
    قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: «ما سَقَطَ مِن آخِرِهِ مَنْ بَعد التابعي، هو المرسل؛ وصورتُهُ: أَنْ يقولَ التابعيُّ - سواءٌ كانَ كبيرًا أم صغيرًا -: قالَ رسولُ الله ﷺ كذا، أو فعَلَ كذا، أو فُعِلَ بحضرته كذا، ونحو ذلك.
    وإنما ذُكِرَ في قِسْم المردود للجهل بحالِ المحذوفِ؛ لأَنَّه يُحتمل أَنْ يكونَ صحابيًّا، ويُحتمل أَنْ يكونَ تابعيًّا.
    وعلى الثَّاني [أي: على احتمال أن يكون تابعيًّا] يُحتمل أَنْ يكونَ ضَعيفًا، ويُحتمل أَنْ يكونَ ثقةً، وعلى الثَّاني [أَي: على احتمال أن يكون ثقةً] يُحتمل أَنْ يكونَ حَمَل عن صحابيٍّ، ويُحتمل أَنْ يكونَ حَمَل عن تابعيٍّ آخَرَ، وعلى الثَّاني فيعودُ الاحتمالُ السابقُ، ويَتعدد»اهـ([1]).


    [1])) «نزهة النظر» (82).
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  20. #20
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي

    .............................. ......

    وَقُلْ: غَرِيبٌ مَا رَوَى رَاوٍ فَقَطْ
    الغريب لغة: هو الفرد، أو البعيد عن أقاربه([1])؛ وأغرب الرجل إذا جاء بأمر غريب.
    والحديث الغريب اصطلاحًا: هو الذي تفرد به شخص واحد في أي موضع من السند.
    قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: «الغريب: وهُو ما يتفرَّد بِروايَتِهِ شخصٌ واحِدٌ في أيِّ موضعٍ وَقَعَ التفردُ بِهِ مِنَ السَّنَدِ»اهـ([2]).
    وينقسم الغريب عند المحدثين إلى قسمين:
    1- غريب مطلق: وهو أن يتفرد بالحديث راوٍ واحدٌ لا يُروَى الحديث إلا من طريقه.
    كحديث إنما الأعمال بالنيات؛ فهو حديث غريب غرابة مطلقة؛ وذلك لأنه لم يُروَ إلا من طريق عمر بن الخطاب ﭬ فقط، عن رسول الله ﷺـ ولم يروه عن عمر لإلا علقمة بن وقاص الليثي، ولم يروه عن علقمة إلا محمد بن إبراهيم التيمي، ولم يروه عن التيمي إلا يحيى بن سعيد الأنصاري.
    ولا بد أنْ تعلم أخي الكريم أنه لا تلازم بين الغرابة والضعف أو الصحة؛ فقد يكون الحديث غريبًا، وهو صحيح، وقد يكون غريبًا، وهو ضعيف.
    2- غريب نسبي: وهو أن يكون التفرد في أثنائه؛ فيروي الحديثَ عن النبي ﷺ أكثر من صحابي، ثم ينفرد بروايته عن واحد منهم شخص واحد.
    مثاله: أنْ يروي الحديث عن رسول الله ﷺ، أبو هريرة وأنس وابن عمر ﭫ، ثم لا يرويه عن أنس إلا واحد فقط؛ كالزهري مثلًا؛ ثم قد يشتهر الحديث عن الزهري فيرويه عنه أكثر من راوٍ، وقد لا يشتهر؛ المهم أنَّ الزهري تفرد به عن أنس ﭬ، فلم يروه عن أنس إلا الزهري.
    فهذا هو الحديث الغريب غرابة نسبية؛ سُمِّيَ بذلك لكون التفرد فيه حصل بالنسبة إلى شخص معين، وإن كان الحديث في نفسه مشهورًا.
    والغريب هو الفرد عند المحدِّثين؛ ولكن أكثر ما يطلقون «الغريب» على الفرد النسبي، وأكثر ما يطلقون «الفرد» على الفرد المطلق.
    قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: «الغَريبُ والفَرْدُ مترادفان لغةً واصطلاحًا؛ إلا أن أهلَ الاصطِلاحِ غايَروا بينَهُما من حيثُ كثرةُ الاستِعمالِ وقِلَّتُه؛ فالفردُ أَكْثَرُ ما يُطْلقونه على الفَرْدِ المُطْلَقِ، والغَريبُ أَكثرُ ما يُطْلقونه عَلى الفَرْدِ النِّسْبيِّ.
    وهذا مِن حيثُ إِطلاقُ الاسمِ عليهِما، وأما مِن حيثُ استعمالُهم الفعل المشتق فلا يُفَرِّقون، فَيقولونَ في المُطْلَقِ والنِّسْبيِّ: تفرَّد بِهِ فُلانٌ، أو أغرب به فلان»اهـ([3]).
    وسيتعرض الناظم رحمه الله فيما سيأتي إلى الفرد النسبي إن شاء الله تعالى.

    [1])) انظر: «لسان العرب» فصل الغين المعجمة.

    [2])) «نزهة النظر» (50).

    [3])) «نزهة النظر» (57).
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •