بيان تحريم الكفارات وزكاة الفطر على آل البيت
قال ابن رشد رحمه الله في (البيان والتحصيل) : وأما آله r فإنها تحرم عليهم الزكوات والكفارات التي هي أوساخ الناس يغسلونها عنهم، لا صدقة التطوع جائز للرجل أن يتصدق على من شاء منهم بما شاء من ماله تطوعاً". أهـ.
وقال ابن نجيم رحمه الله في (البحر الرائق) : قال المصنف في (الكافي): وهذا ـــ يعني التحريم ــ في الواجبات كالزكاة والنذر والعشر والكفارة ".اهـ.
وقال الحطاب رحمه الله في (مواهب الجليل) :"تنبيه: قال الشيخ جلال الدين الأسيوطي: قال البلقيني: وخرجنا على حرمة الصدقة عليه والكفارة والنذورات أنه يحرم أن يوقف عليهم معينا؛ لأن الوقف صدقة تطوع، ثم قال: وعن أبي هريرة أن صدقات الأعيان كانت حراما عليه دون العامة كالمساجد ومياه الآبار".أهـ
وقال ابن قدامة رحمه الله في (المغني):" وفي الكفارة وجهان أحدهما: يجوز لأنها ليست بزكاة ولا هي أوساخ الناس فأشبهت صدقة التطوع، والثاني: لا يجوز لأنها واجبة أشبهت الزكاة".أهـ
وقال ابن مفلح رحمه الله في (الفروع):" وجزم في (الروضة) بتحريم النفل على بني هاشم ومواليهم، وأن النذر والكفارة كالزكاة، وإن حرمت صدقة التطوع على بني هاشم فالنبي r أولى".أهـ
وقال ابن حجر رحمه الله في (فتح الباري)"وفي رواية عن أحمد: لا يحل للنبي r وأهل بيته صدقة الفطر وزكاة الأموال والصدقة يصرفها الرجل على محتاج يريد بها وجه الله، فأما غير ذلك فلا، أليس يقال "كل معروف صدقة".أهـ
وقال ابن عثيمين رحمه الله في (مجموع الفتاوى):" الصدقة لا تحل لاۤل محمد، كما ثبت عن النبي r حين قال لعمه العباس t:"إن الصدقة لا تحل لاۤل محمد إنما هي أوساخ الناس". فمن كان من آل البيت فإن الصدقة لا تحل له، سواء كانت زكاة الفطر، أو زكاة المال".أهـ
قال أبو أيوب عفا الله عنه: قد تقدم بيان القول الراجح في حكم صدقة التطوع على آل البيت بما لا مزيد عليه.
وأما الكفارات وزكاة الفطر فلا شك أنها تدخل في كونها من أوساخ الناس لكونها طهرة للمسلم مما ألمّ به من الذنوب والمعاصي، ولهذا فهي تلحق بالصدقة في التحريم لاشتراكهما في العلة فيكون تحريمهما على آل البيت هو الصواب.
وأما قول الشوكاني رحمه الله في (السيل الجرار) معلقا به على قول صاحب (الحدائق) "ويحل لهم ما عدا الزكاة والفطرة والكفارات". فقال: أقول: إن كان لفظ الصدقة المذكور في الأحاديث يتناول الفطرة والكفارات فهما كالزكاة، وان كان لا يتناولهما فلا دليل على تحريمهما، وأما التعليل لتحريمهما بأنهما من أوساخ الناس فصدقة النفل هي من أوساخ الناس مع صدق اسم الصدقة عليها".أهـ
فجوابه: اما الفطرة فلا شك أنها داخلة في الزكاة واسمها زكاة الفطر يصدق عليها اسم الصدقة، وهي أيضا طهرة للصائم من اللغو والرفث كما ورد به النص، فكان تحريمها لكونها من الزكاة المفروضة ولكونها من أوساخ الناس.
وأما الكفارات فهي أوساخ الناس لكونها طهرة لما اقترفوه من ذنب ومعصية ولا يمار في ذلك عاقل، وهي وإن كان لها اسم غير مسمى الصدقة لكنها اشتركت معها في العلة فأخذت نفس الحكم، وقد تقدم أن صدقة النفل من أوساخ الناس وأنها تحرم على آل البيت.
وأما النذور فهي إلى الوقف أقرب منها إلى الزكاة الواجبة، والأصل في الأشياء الحلّ، فالذي يظهر هو حلها لآل البيت إذ لم يأت في الشرع ما يدلّ على تحريمها .
وأما الأوقاف وغيرها من أصناف البرّ والمعروف فالراجح حلها لآل البيت كما سيأتي، وبالله التوفيق.
من بحثي (تحرير القول في بيان حكم الصدقة على آل الرسول)