قال المرداوي رحمه الله في (الإنصاف):"بنو هاشم من كان من سلالة هاشم على الصحيح من المذهب، وذكره القاضي وأصحابه، وجزم به المجد في (شرحه) وغيره، وقدمه في (الفروع) فيدخل فيهم آل العباس وآل علي وآل جعفر وآل عقيل وآل الحارث بن عبد المطلب وآل أبي لهب.
وجزم في (التلخيص) و(الرعاية الكبرى) إن بني هاشم هم: آل العباس وآل علي وآل جعفر وآل عقيل وآل الحارث بن عبد المطلب فلم يدخلا أبا لهب مع كونه أخا العباس وأبي طالب"أهـ.
وقال ابن نجيم رحمه الله في (البحر الرائق) :" قد أطلق في بني هاشم فشمل من كان ناصرا للنبي r ومن لم يكن ناصرا له منهم كولد أبي لهب فيدخل من أسلم منهم في حرمة الصدقة لكونه هاشميا، فإن تحريم الصدقة حكم يختص بالقرابة من بني هاشم لا بالنصرة كذا في (غاية البيان)، وقيده المصنف في (الكافي) تبعا لما في (الهداية) وشروحها بآل علي وعباس وجعفر وعقيل وحارث بن عبد المطلب ومشى عليه الشارح الزيلعي والمحقق في (فتح القدير) وصرحا بإخراج أبي لهب وأولاده في هذا الحكم؛ لأن حرمة الصدقة لبني هاشم كرامة من الله تعالى لهم ولذريتهم حيث نصروه r في جاهليتهم وإسلامهم، وأبو لهب كان حريصا على أذى النبي r فلم يستحقها بنوه واختاره المصنف في (المستصفى) وروى حديثا :"لا قرابة بيني وبين أبي لهب".أهـ
وقال ابن حزم رحمه الله في (المحلى): فاختلف الناس في: من هم آل محمد؟ فقال قوم: هم بنو عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف فقط، لأنه لا عقب لهاشم من غير عبد المطلب، واحتجوا بأنهم آل محمد بيقين، لأنه لا عقب لعبد الله والد رسول الله r فلم يبق له r أهل إلا ولد العباس وأبي طالب والحارث وأبي لهب: بني عبد المطلب فقط".أهـ
وقال ابن عبد البر رحمه الله في (الاستيعاب): عتبة ابن أبي لهب أسلم هو وأخوه معتب يوم الفتح، وكانا قد هربا فبعث العباس فيهما، فأتى بهما فأسلما، فسُرّ رسول الله r بإسلامهما ودعا لهما، وشهدا حنينا والطائف، ولم يخرجا عن مكة ولم يأتيا المدينة، ولهما عقب عند أهل النسب رضي الله عنهما".أهـ
وقال ابن حزم رحمه الله في (جمهرة أنساب العرب) : ولد أبي لهب: عتبة ومعتّب لهما عقِبٌ وصحبة، وعتيبةُ لا عقب له". أهـ
وقال محب الدين الطبري رحمه الله في (ذخائر العقبى): في ذكر أبناء أبي لهب: وجملتهم أربعة: عتبة ومعتب ودرة لهم صحبةٌ وعقِبٌ عند أهل النسب، وعتيبةُ قتله الأسد بالزرقاء كافرا". أهـ

وذكر فيه : أن عينَ معتب t فقئت يوم حنين.
وقال الشوكاني رحمه الله في (نيل الأوطار) :" والمراد ببني هاشم آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل العباس وآل الحارث، ولم يدخل في ذلك آل أبي لهب لما قيل: من أنه لم يسلم أحد منهم في حياته r، ويرده ما في (جامع الأصول) أنه أسلم عتبة، ومعتب ابنا أبي لهب عام الفتح وسُرَّ r بإسلامهما ودعا لهما، وشهدا معه حنينا والطائف، ولهما عقب عند أهل النسب".أهـ
قال أبو أيوب عفا الله عنه: إدخال عتبة وأخيه معتب وعقبهما في آل البيت أمر ظاهر خلافا لمن أنكره، وأما أبو لهب وابنه عتيبة اللذين ماتا على الكافر فليسوا من آل النبي r ولا كرامة لعدم إيمانهم به، بل إنه لم يسلم r من أذاهما ومعاداتهما له، ومع ذلك فلا يضر كفر أبي لهب وعداوته للنبي r مَنْ آمن مِنْ ذريته إذ أنه "لا تزر وازرة وزر أخرى"، ولا يبرر ذلك نفي قرابتهم من رسول الله r ودخولهم في آله وتفضيلهم مثل تفضيل بني عمهم الباقين من آل البيت وتحريم الصدقة عليهم.
وأما الحديث الذي أشار إليه ابن نجيم رحمه الله مرفوعا:" :"لا قرابة بيني وبين أبي لهب". فإنه لا يعرف لهذا الحديث سند، ولو سلمنا جدلا بثبوته فلا دلالة فيه لأنّ ذلك خاصّ بأبي لهب فلا يشمل أبناءه في الإسلام، وقد تقدم أنه لم يسلم من أعمامه r إلا حمزة والعباس رضي الله عنهما، ومع هذا فقد جاء النص على أن بني عمه أبي طالب وبني عمه الحارث من آله r مع هلاك آبائهم على الكفر، فلا وجه للتفريق بينهم وبين من آمن من بني عمهم أبي لهب إذ لحمة نسبهم واحدة، ومنزلتهم من رسول الله r واحدة، وقد آمنوا به وجاهدوا معه فاستحقوا ما استحقه بنو عمومتهم من الرتبة والسيادة والشرف.
فهؤلاء هم آل بيته r بالأصالة الذين إذا ذكر آل البيت وفضلهم والأحكام المتعلقة بهم كانوا هم المعنيون بذلك، ويعبّر عنهم (بالهاشميين) لكونهم جميعا ذرية عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف كما تقدم.
ويلحق بهم بالتبعية أزواج النبي r وموالي بني هاشم كما دلت على ذلك نصوص الكتاب والسنة على ما سيأتي بيانه وتحريره وبالله التوفيق .

من بحثي (تحرير القول في بيان حكم الصدقة على آل الرسول)