ليست القدس .. بل نحن في خطر!
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد . .
إن الناظر في تاريخ الأمم والشعوب؛ يجد أن كثيراً منها قد ذاب واضمحل؛ فلم يعد له وجود إلا في القبور، أو بين ثنايا الكتب وعلى ظهر السطور، إلا هذه الأمة وهي أمة الإسلام، التي قال الله عز وجل فيها : {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ }آل عمران(110).
إذ أنها لا زالت رغم المحن والفتن، وعدوها لا يألو جهداً في محاولة القضاء عليها ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، وفي جميع المحاور، وفي كل الميادين، فهو يصطنع المعارك ويفتعلها افتعالاً هنا وهناك يوهمنا بها، ليلهينا عن المعركة الكبرى التي تدور رحاها لتأكل الأخضر واليابس بلا رحمة، وبلا تفريق بين شعب وشعب؛ أو بين قطر وقطر، ما دام الجامع الذي يجمعهم هو الإسلام فهذه هي الفرصة التي سنحت للانتقام الرهيب من هذه الأمة الإسلامية التي سادت العالم بعدلها في يوم من الأيام، فنشرت الأمن والعلم والهدى، وحفظت الحقوق لأهلها، إذن فلماذا هذا الانتقام الرهيب؟؟!! . . . الجواب: هذا الانتقام الرهيب لتسلط الأشرار وتحكمهم في مصائر الأمم والشعوب حرباً وسلماً، فقد استخفوا أقوامهم، وخدعوا شعوبهم، وزيفوا الحقائق، وزينوا الأباطيل، ولكن الله من ورائهم محيط وإن ربك لبلمرصاد .
ومن هنا نقولها: إن القدس ليست في خطر وهناك الكثير من الدلائل من القرآن الكريم والسنة المطهرة، كما أن هناك دلائل من التاريخ، ومن السنن الكونية .
أولاً: الدلائل القرآنية :
قوله تعالى : {فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتْ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ } البقرة(251)، وقوله تعالى: { الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ } الحج(40) .
فهذا الدليل والذي قبله يتضمنان سنة الدفع والتي تكون إما بأن يدفع الله عز وجل الكافرين بالمسلمين فيمكن أهل الإيمان من أهل الطغيان، وإما بأن يدفع الله عز وجل أهل الكفران بعضهم ببعض، والأول في حال قوة الإسلام وأهله، والثاني في حال ضعف الإسلام وأهله .
وقوله تعالى: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِي الصَّالِحُونَ } الأنبياء(105). والأمة الإسلامية هي الصالحة دون غيرها .
وقوله تعالى : {كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ } الرعد(17) .
وأصرح الأدلة القرآنية -والله أعلم- ما جاء في سورة الإسراء والتي تسمى بسورة بني اسرائيل وهو قوله تعالى : {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا * فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولاً * ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمْ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُ مْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا * إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا } الإسراء(3-7) .
وهذا ظاهر في قوله تعالى : { وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ }وهو يدل على بقاء المسجد وأنه محفوظ بحفظ الله عز وجل من أن يعبث به أهل الإفسادتين والحمد لله على فضله .
ثانياً: دلائل السنة المطهرة :
وقد دلت السنة المطهرة على هذه الحقيقة [ القدس ليست في خطر ] وها أنذا أسوق بعض الأحاديث:
1-حديث عمران بن حصين رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: { لا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ عَلَى مَنْ نَاوَأَهُمْ حَتَّى يُقَاتِلَ آخِرُهُمُ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ }وأومأ بيده إلى الشام (رواه أحمد وأبو داود والطبراني في الكبير).
2-حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: { لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أبواب دمشق وما حوله، وعلى أبواب بيت المقدس وما حوله، لا يضرهم من خذلهم ظاهرين على الحق إلى أن تقوم الساعة }( قال الهيثمي في المجمع رواه أبو يعلى ورجاله ثقات ) .
3-حديث أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال : عن النبي صلي الله عليه وسلم قال قال : { لا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ لَعَدُوِّهِمْ قَاهِرِينَ لا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ إِلا مَا أَصَابَهُمْ مِنْ لأْوَاءَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَيْنَ هُمْ قَالَ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَكْنَافِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ } (رواه أحمد في مسنده).
4- حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم قال : {عُمْرَانُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ خَرَابُ يَثْرِبَ وَخَرَابُ يَثْرِبَ خُرُوجُ الْمَلْحَمَةِ، وَخُرُوجُ الْمَلْحَمَةِ فَتْحُ قُسْطَنْطِينِيّ َةَ، وَفَتْحُ الْقُسْطَنْطِين ِيَّةِ خُرُوجُ الدَّجَّالِ، ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى فَخِذِ الَّذِي حَدَّثَهُ أَوْ مَنْكِبِهِ ثُمَّ قَالَ: إِنَّ هَذَا لَحَقٌّ كَمَا أَنَّكَ هَاهُنَا أَوْ كَمَا أَنَّكَ قَاعِدٌ يَعْنِي مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ } ( رواه أبو داود ) .
5-حديث أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم قال في صفة الدجال وفي الحديث قوله صلي الله عليه وسلم قال: { . . . فَقَالَتْ أُمُّ شَرِيكٍ بِنْتُ أَبِي الْعَكَرِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيْنَ الْعَرَبُ يَوْمَئِذٍ ؟ قَالَ هُمْ يَوْمَئِذٍ قَلِيلٌ وَجُلُّهُمْ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَإِمَامُهُمْ رَجُلٌ صَالِحٌ، فَبَيْنَمَا إِمَامُهُمْ قَدْ تَقَدَّمَ يُصَلِّي بِهِمُ الصُّبْحَ إِذْ نَزَلَ عَلَيْهِمْ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ الصُّبْحَ . . . }(رواه ابن ماجه).
وهذه الأحاديث في مجموعها كما في أفرادها تدل على بقاء بيت المقدس ومسجدها حتى يقاتل أهلها الدجال في آخر الزمان قرب قيام الساعة .
6-حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم قال يقول : { لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ، فَيَقْتُلُهُمُ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ، فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوِ الشَّجَرُ: يَا مُسْلِمُ يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ إِلا الْغَرْقَدَ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ } ( رواه مسلم ) .
7- حديث عبدالله بن حوالة رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم قال : { . . . يَا ابْنَ حَوَالَةَ إِذَا رَأَيْتَ الْخِلافَةَ قَدْ نَزَلَتِ الأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ فَقَدْ دَنَتِ الزَّلازِلُ وَالْبَلايَا وَالأُمُورُ الْعِظَامُ وَالسَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ إِلَى النَّاسِ مِنْ يَدَيَّ هَذِهِ مِنْ رَأْسِكَ } ( رواه أبو داود وأحمد ) .
ثالثاً : دلائل التاريخ :
لقد مرت على بيت المقدس عهود تاريخية مختلفة كان يدنسها فيها أهل الكفر والزيغ ويعيثون فيها الفساد فيسلط الله عليهم من يذلهم ويخرجهم منها والجزاء من جنس العمل .
1-فقد ملك القدس الكنعانيون الكافرون ثم سلط الله عليهم أهل الإيمان من بني اسرائيل وبقيت القدس ومسجدها .
2-وقد أفسد بنو اسرائيل بعد ذلك في القدس فسلط الله عليهم نبوخذنصر فقضى على دولتهم وأخذهم معه أسرى إلى بلاده وبقيت القدس .
3-ثم ملك القدس الاسكندر الأكبر المقدوني بعد الفرس وبقيت القدس .
4-ثم ملك القدس الرومان وبقي مسجدها حتى جاء الفتح الإسلامي وكان تسليم مفاتيحها إلى الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه .
5-وبقيت القدس في يد المسلمين إلى أن وقع من المسلمين التفريط في أحكام دينهم فأخذها منهم الصليبيون وأفسدوا فيها وسفكوا الدماء وبقيت معهم إلى أن سلط الله عليهم المسلمين فطهروها منهم واستنقذوها .
6-حتى عاد المسلمون إلى التفريط في أمور دينهم ودنياهم فسلط الله عليهم اليهود مؤيدين بحبل من الناس فاستلبوها منهم، وهاهي تنتظر الفتح الإسلامي .
أخيراً : دلالة السنن الكونية :
قال الله تعالى : { إِنْ يَمْسَسْكمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ }( آل عمران140)، وقد اقتضت سنة الله الكونية أن الأيام دول، ولذلك دولة الباطل ساعة ودولة الحق إلى قيام الساعة .
فإذا ما أخذ المسلمون بهدى القرآن الكريم والسنن النبوية أيدهم الله بمقتضى سننه الكونية بل أخضعها لهم وكما قال الله تعالى : { وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمْ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } (آل عمران 139)
وقد سميت الدولة [ دولة ] لأنها تدول وتضمحل . وهذا هو قانون عمران الدول فهى أشبه بالإنسان يولد ضعيفاً ثم يشتد عوده ثم يضعف ثم يضمحل ويتلاشى .
والآن دولة اليهود وما يشايعها من الدول، ومن يناصرها من الناس، لابد أن تضمحل، فقد بلغت حد العلو ووصلت إلى قمة الفساد والإفساد، ولكن حينما تفسد الإفسادة الأخيرة والكبيرة على مستوى العالم الكبير والتاريخ البشري وأن يكون ذلك في الأرض المقدسة ببيت المقدس فهذا هو سبب انهيارها المباشر ومفتاح نصر الإسلام والمسلمين إن شاء الله تعالى .
وإذا كانت القدس ليست في خطر فمن الذي في خطر [ نحن في خطر !! ] .
ومن [ نحن في خطر ] إنهم أهل فلسطين بالدرجة الأولى ثم العرب بالدرجة الثانية ثم أهل الإسلام قاطبة بالدرجة الثالثة فأمة الإسلام كلها في خطر، ولكن كيف ذلك ؟؟!!
أولاً: خطر العقيدة :
حيث قامت في بلاد الإسلام عقائد غير إسلامية ينادي بها أصحابها واجتمع حولهم أناس كثير فمزقوا الصف وأوهنوا الأمة، وأوسعوا الجراح .
ثانياً : خطر الفرقة:
وقد نتج عن البلاء الأول فافترق المسلمون إلى دويلات متناحرة، وممالك متشاجرة تذكر بما آل إليه الحال في الأندلس، حتى زالت دولة الإسلام ومملكة الإيمان من تلك البلاد .
ثالثاً: خطر الأعداء:
وهذا ما أدى إليه الخطران الأولان، إذ لما ضاع الأمر الجامع الذي جمع المسلمين على مر الزمان من الفعل، تسلط الأعداء من شتى الأمم وعلى المسلمين كما في حديث ثوبان رضي الله عنه عن النبي صلسي الله عليه وسلم قال :{ يُوشِكُ الأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا، فَقَالَ قَائِلٌ: وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ ؟ قَالَ: بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ وَلَيَنْزَعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمُ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهْنَ، فَقَالَ قَائِلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ: وَمَا الْوَهْنُ ؟ قَالَ حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ} (سنن أبي داود ) .
فالقضية بيننا وبين الكافرين ومن شايعهم من المنافقين يا إخوتاه ليست قضية الشرق الأوسط كما يقولون أحياناً ولا القضية العربية الإسرائيلية كما يدعون حيناً، ولا قضية فلسطين كما يتشدقون، ولا القدس كما تكتب الصحف ولا حتى شرقي القدس كما انتهى الأمر الآن . . . لا . . . لا . . .لا إذن فما هي ؟؟!!
إن القضية الكبرى هي قضية العقيدة هي قضية الكفر والإيمان هي الصراع بين الحق والباطل هي والله كما قال الله تبارك وتعالى : { . . . وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُم ْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنْ اسْتَطَاعُوا . . . } البقرة(217)، وميدانها هذا العالم بأسره .
لذلك فعدتنا فيها هي والله الإيمان بالدرجة الأولى ثم نحن مكلفون بعد الإيمان بأن نعد ما استطعنا من القوة، وبعد ذلك نقاتل على بركة الله فينصرنا الله تعالى .
فالصراع بيننا وبين عدونا ليس صراع حدود بل هو صراع وجود، ولا وجود لنا بغير عقيدتنا، قال الله تعالى: { وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنْ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }(آل عمران 103)، فإذا نحن راجعنا ديننا، واعتصمنا بحبل ربنا، ألف الله بين قلوبنا المتنافرة، وجمع الله قوتنا المتناثرة، ووحد صفوفنا المتفرقة، فنصرنا على عدونا وما ذلك على الله بعزيز .

* بحث شاركت به في مؤتمر أقامه قسم التاريخ بكلية الآداب بالجامعة الإسلامية بغزة قبل عدة سنوات .