رسالة إلى فخامة الملك

بِسْم الله الرحمن الرحيم

اللهم وفق وسدد

نصيحة علنية في عموم ألفاظها،
مخصوصة بقصد راقمها لعلها تنفذ بسرية إلى المعني بها على طريقة " ما بال أقوام".

أبعثها في الليل لعل (سمو الأمير) يتأملها في ساعة خلوة فينفعه الله بها.

أنت راعٍ (ومسؤول عن رعيتك
فلا تحسبن نصيحتي تهييجاً عليك،
أو دعوة إلى خروج الرعية عن أمرك.


لا؛ فإن سلطانك على الرعية كوني كتبه الله وقدره ، وخلقه وأمضاه.

بصلاحك صلاحهم، وبفسادك -معذرة- فسادهم.

وحتى تنتفع بالنصيحة،
أطلب منك - فخامة السلطان- تكرماً لا أمراً
أن تعتبرني خلك الوفي الذي يبذل لك النصيحة لمحض الديانة.


تعال معي ننظر إلى الرعية؛

خدمك وجنودك في غفلة، وفسق، ومجون.
وقد تيقنا أنك أنت من يحرضهم ويأمرهم بذلك؛
فكيف يليق بملك عاقل يكون سبباً في فساد رعيته.


فإن فسادهم يطمع فيهم عدوهم؛
وبسبب ذلك يتسلط عليهم ويذلهم،
ومملكتكم الموقرة مقرون حفظها بصلاحك، وعزها بطاعتك لربك
.

وأنت مسؤول عنهم؛ فلا تضيعن الأمانة بجهل أو ظلم؛
فإن قوام الممالك بالعلم والعدل.


عليك أن تتعلم لتعمل؛
فبالعلم تبصر الحق من الباطل،
وتسوس الرعية بالحكمة عند تزاحم المصالح والمفاسد.

واعلم أن جهلك يظهر في مراسيم المملكة التي تبعثها إلى رعيتك؛
فكل مرسوم سامٍ يبيح -عملاً- الفسق والمجون للرعية
يدل على جهلك بمصالح المملكة؛
فالبغي والعقوق مصارعهما وخيمة
.

ولا يغرنك نفوذ أوامرك فيهم وقوة سلطانك عليهم فإنك أنت الملوم والله.

والله مهما أخفيت جهلك وفسقك ومجونك.
بل ونفاقك فإنه يظهر في أعمال جندك ورعيتك
.

فلا تغتر بهذه الحياة الفانية التافهة.

واعلم أن ملكك زائل، وأنك ستلقى ربك بعملك وستحمل أوزار جندك ورعيتك.

وستشتركون في العذاب أن خبثتم، وتتنعمون بالجنان إن طبتم.

إيها الملك،
سامحني إن قسوت في العبارة؛
فإنها الحقيقة النبوية التي يجب أن تدركها قبل فوات الأوان
فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- :
"ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح لها سائر الجسد،
وإذا فسدت فسد لها سائر الجسد ألا وهي القلب
".

وقال أبو هُريرة رضي الله عنه :
" القلب ملك والجوارح جنوده؛
فإذا طاب الملك طابت جنوده وإذا خبث الملك خبثت جنوده
".

إليك أيها السلطان المبجل: (القلب) أبعث رسالتي ؛

فأنت أجل ملوك الأرض، إليك بعثت الكتب الرسالية الإلهية -رغبة في هدايتك وصلاحك-.

فكن ملكاً صالحا طيباً لتنال السعادة والفلاح.

{يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89) }[الشعراء: 88-89].


***