قال ابن حجر في الفتح: (1/ 256): (وقد أمعنت النظر في هذا الموضع فوجدته في بادئ الرأي يظن الناظر فيه أنه لم يعتن بترتيبه، كما قال الكرماني؛ لكنه اعتنى بترتيب كتاب الصلاة اعتناء تامًا كما ساذكره هناك وقد يتلمح أنه ذكر أولًا فرض الوضوء كما ذكرت، وأنه شرط لصحة الصلاة، ثم فضله، وأنه لا يجب إلا مع التيقن، وأن الزيادة فيه على إيصال الماء إلى العضو ليس بشرط، وأن ما زاد على ذلك من الإسباغ فضل، ومن ذلك الاكتفاء في غسل بعض الأعضاء بغرفة واحدة، وأن التسمية مع أوله مشروعة كما يشرع الذكر عند دخول الخلاء فاستطرد من هنا لآداب الاستنجاء وشرائطه، ثم رجع لبيان أن واجب الوضوء المرة الواحدة، وأن الثنتين والثلاث سنة، ثم ذكر سنة الاستنثار إشارة إلى الابتداء بتنظيف البواطن قبل الظواهر، وورد الأمر بالاستجمار وترًا في حديث الاستنثار فترجم به؛ لأنه من جملة التنظف، ثم رجع إلى حكم التخفيف فترجم بغسل القدمين لا بمسح الخفين إشارة إلى أن التخفيف لا يكفي فيه المسح دون مسمى الغسل، ثم رجع إلى المضمضة؛ لأنها أخت الاستنشاق، ثم استدرك بغسل العقبين؛ لئلا يظن أنهما لا يدخلان في مسمى القدم، وذكر غسل الرجلين في النعلين ردًا على من قصر في سياق الحديث المذكور فاقتصر على النعلين على ما سأبينه، ثم ذكر فضل الابتداء باليمين ومتى يجب طلب الماء للوضوء، ثم ذكر حكم الماء الذي يستعمل وما يوجب الوضوء، ثم ذكر الاستعانة في الوضوء، ثم ما يمتنع على من كان على غير وضوء واستمر على ذلك إذا ذكر شيئًا من أعضاء الوضوء استطرد منه إلى ما له به تعلق لمن يمعن التأمل، إلى أن أكمل كتاب الوضوء على ذلك وسلك في ترتيب الصلاة أسهل من هذا المسلك فأورد أبوابها ظاهرة التناسب في الترتيب فكأنه تفنن في ذلك، والله أعلم).