الدليل الثاني عشر:
حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: «زار رسول الله صلى الله عليه وسلم قبر أمه فبكى وأبكى من حوله فقال: استأذنت ربي في أن استغفر لها فلم يأذن لي».
وفي رواية: «إني استأذنت ربي في استغفاري لأمي فلم يأذن لي فبكيت لها رحمة لها من النار».
وفي أخرى: «إني استأذنت ربي في الاستغفار لأمي فلم يأذن لي فدمعت عيناي رحمه لها من النار»([1]).
لأنّ المرء إذا مات على الشرك لم يجز الاستغفار له إذ لا يغفر له أصلا فقد سدّ على نفسه باب الرحمة والمغفرة. قال جلّ ذكره:﴿إنّ الذين كفروا وصدّوا عن سبيل الله ثمّ ماتوا وهم كفار فلن يغفر الله لهم﴾ وقال في من يسرّ الكفر:﴿سواء عليهم استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم﴾.
وهل ذنب آمنة والدة النبي ﷺ إلا ذنب غيرها من العرب عبدة الأوثان؟
الدليل الثالث عشر:
أم سلمة بن يزيد الجعفي كانت قد هلكت في الجاهلية وكذا أخت سلمة فجاء في الأخبار أنهما في النار على ما جاء في حديث ابن مسعود وسلمة بن يزيد رضي الله عنهما قال: ابنا مليكة الجعفيان: أتينا رسول الله ﷺ فقلنا يا رسول الله أخبرنا عن أمّ لنا ماتت في الجاهلية كانت تصل الرحم وتصدق وتفعل وتفعل هل ينفعها ذلك شيئا؟ قال: «لا». قال: فإنها وأدت أختاً لنا في الجاهلية فهل ينفع ذلك أختنا؟ قال: «لا، الوائدة والموءودة في النار إلا أنّ تدرك الوائدة الإسلام فتسلم» فلما رأى ما دخل عليهما قال: «وأمي مع أمكما».
وفي رواية: سألت النبي ﷺ قلت: إن أمي ماتت وكانت تقري الضيف وتطعم الجار واليتيم، وكانت وأدت وأدا في الجاهلية ولي سعة من مالٍ أفينفعها إن تصدّقت عنها؟
فقال رسول الله ﷺ: «لا ينفع الإسلام إلا من أدركه إنها وما وأدت في النار». قال: فرأى ذلك قد شقّ عليّ، فقال: «وأمّ محمد معهما، ما فيهما من خير»([2]).
قال الإمام البيهقي (458هـ) رحمه الله: «وهذا أيضا يصرح بحكمها في الآخرة، وأنها لم تولد على الإسلام».
الشاهد من الخبر:
ما يوافق الأخبار في تعذيب المشركين بقبائحهم الشركية، وفيه وفي حديث جابر دلالة على تعذيبهم بالفروع، ولا إشكال في تعذيب الموءودة إن كانت عاقلة بالغة بالاتفاق، أو عاقلة وإن لم تبلغ على مذهب الجمهور، وإلا فالإشكال ظاهر، ولا يعدم الناظر وجها دافعا إن شاء الله.
الدليل الرابع عشر:
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: جاء أعرابي إلى النبي ﷺ فقال: يا رسول الله إن أبي كان يصل الرّحم وكان وكان فأين هو؟ قال: «في النار» قال فكأنه وجد من ذلك، فقال يا رسول الله فأين أبوك؟ فقال رسول الله: «حيثما مررت بقبر مشرك فبشره بالنار» قال فأسلم الأعرابي بعد، وقال: لقد كلفني رسول الله ﷺ تعبا: ما مررت بقبر كافر إلا بشرته بالنار».
وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: «جاء أعرابي إلى النبي ﷺ فقال: يا نبي الله، إن أبي كان يكفل الأيتام، ويصل الأرحام، ويفعل كذا، فأين مدخله؟
قال: «هلك أبوك في الجاهلية؟» قال: نعم، قال: «فمدخله النار» قال: فغضب الأعرابي، وقال: فأين مدخل أبيك؟ فقال له النبي ﷺ: «حيث ما مررت بقبر كافر فبشره بالنار». ثمّ إنّ الأعرابي أسلم قال: لقد كلفني رسول الله ﷺ تعبا: ما مررت بقبر كافر إلا بشرته بالنار([3]).
والحديث دليل لتكفير المشركين في كلّ زمان ومكان حيث أصّل تلك القاعدة «حيثما مررت بقبر مشرك فبشره بالنار» وهو نصّ في أن علة التعذيب والتبشير بالنار: الشرك، سواء كان قبل الرسالة، وهو موضوع الحديث، أو بعدها.
وفيه: إثبات اسم المشرك قبل الرسالة لقيام وصف الشرك بالفاعل.
وفيه: استحقاق المشرك التعذيب بالنار بسب شركه سواء كان قبل البعثة أو بعدها.
وفيه: استحباب البشارة بالنار لمن علم أنه مات على الشرك في أي زمان.
وفيه: إلحاق النادر بحكم الغالب إلا إذا علم بدليل خاص أنه مخالف للأكثر؛ لأن الحنيفي كان نادرا في العرب لذلك أطلق عليهم التكفير والشهادة بالنار.
وفيه: أنّ من عرف بالشرك، ثم مات ينسحب عليه حكم الشرك والكفر والتبشير بالنار والشهادة عليه ولا يقال: لعله تاب عند موته؛ لأنه يقابل بلعلّه لم يتب، والأصل بقاء ما كان على ما كان! فمن عُرِف بشيء فهو عليه حتى تقوم بينة بخلافه كما قال الإمام الشافعي رحمه الله.
وللعلامة ابن القيم (751هـ) رحمه الله تعليق نفيس على الحديث:"فيه دليل على أن من مات مشركا فهو في النار، وإن مات قبل البعثة؛ لأن المشركين كانوا قد غيّروا الحنيفية دينَ إبراهيم، واستبدلوا بها الشرك وارتكبوه، وليس معهم حجة من الله به، وقبحه والوعيد عليه بالنار لم يزل معلوما من دين الرسل كلهم، من أولهم إلى آخرهم؛ فلله الحجة البالغة على المشركين في كل وقت، فلم تزل دعوة الرسل إلى التوحيد في الأرض معلومة لأهلها؛ فالمشرك يستحق العذاب بمخالفته دعوة الرسل"([4]).
وهذا أشدّ وأغلظ لأن فيه إثبات اسم المشرك والجزم بالتعذيب بالنار قبل الرسالة الخاصة.
ولا يخفى عليكم أن ابن القيم من أكثر الناس ذكرا وتخريجا لأحاديث الامتحان والفترة كما في" طريق الهجرتين" وهذا حكمه في المشرك قبل البعثة فما أنتم قائلون تجاهه؟
الدليل الخامس عشر:
قال ابن عباس رضي الله عنهما قال رسول الله ﷺ:"لا تفتخروا بآبائكم الذين ماتوا في الجاهلية، فو الذي نفسي بيده لما يُدَهدِهُ الجُعَل بمنخريه خير من آبائكم الَّذين ماتوا في الجاهلية<([5]).
وهذا حكم عامّ في أهل الشرك من أنّهم أحقر من المستقذرات لأن الشرك نجاسة معنوية، وما يدهده الجعل نجاسة حسيّة، والمعنوية أخبث وأغلظ لما يلحقها من الأحكام في المال والنفس والعرض والخلود في النيران.
الدليل السادس عشر:
عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: يا رسول الله، إن عمي هشام بن المغيرة كان يطعم الطعام، ويصل الرحم، ويفعل ويفعل، فلو أدركك أسلم. فقال رسول اللهﷺ:" كان يعطي للدنيا وحمدها وذكرها وما قال يوما قطّ: اللهم اغفر لي يوم الدين<([6]).
وفي رواية عنها: أنّ الحارث بن هشام أتى النبي ﷺ يوم حجة الوداع فقال: يا رسول الله، إنّك تحثّ على صلة الرّحم، والإحسان إلى الجار، وإيواء اليتيم، وإطعام الضيف، وإطعام المسكين، وكلّ هذا كان يفعله هشام بن المغيرة، فما ظنك به يا رسول الله؟ فقال رسول الله ﷺ:"كلّ قبر، لا يشهد صاحبه أن لا إله إلا الله، فهو جذوة من النار.."([7]).
وهو كحديث عائشة في ابن جدعان في المعنى، وفيه القاعدة العامة في أهل الشرك كحديث الأعرابي «حيثما مررت بقبر مشرك فبشره بالنار» وهنا «فهو جذوة من النار» ويشهد أحدهما للآخر.
الدليل السابع عشر:
عن أبي رزين العقيلي قلت: يا رسول الله، إنّ أمي كانت تصل الرحم وتفعل وتفعل، وماتت مشركة، فأين هي؟ قال: «هي في النار».قلت: يا رسول الله، فأين من مضى من أهلك؟ قال: «أما ترضى أن تكون أمك مع أمي»([8]).
وفي رواية: قلت يا رسول الله هل لأحدٍ ممن قد مضى من خير في جاهليّتهم؟ فقال رجل من عرض قريش: والله إن أباك المنتفق لفي النار. قال: فكأنه وقع نار بين جلد وجهي ولحمه مما قال لأبي على رؤوس الناس، فهممت أن أقول: وأبوك يا رسول الله! ثم نظرت فإذا الأخرى أجمل، فقلت: وأهلك يا رسول الله؟ قال: «وأهلي، ما أتيت عليه من قبر عامري أو قرشي من مشرك، فقل: أرسلني إليك محمد ﷺ ([9]) فأبشر بما يسوؤك، تجرّ على وجهك وبطنك في النار» قلت: يا رسول الله، وما فَعل ذلك بهم! وكانوا على عمل لا يحسنون إلا إياه، وكانوا يحسبون أنهم مصلحون؟ قال: «ذلك بأنّ الله تبارك وتعالى بعث في آخر كل سبع أمم نبيّا، فمن عصى نبيّه كان من الضالين، ومن أطاعه كان من المهتدين»([10]).
وهذا دليل على أنّهم كانوا جهلة يحسبون أنّهم يحسنون صنعاً ومع ذلك أخبر ﷺ بأنهم من أهل النار وأنّهم يبشّرون بها ومنهم من مضى من أهل النبي ﷺ.
الدليل الثامن عشر:
قال عياض بن حمار المجاشعي رضي الله عنه: أنّ رسول الله ﷺ قال ذات يوم في خطبته: «ألا إنّ ربي أمرني أن أعلمكم ما جهلتم مما علمني يومي هذا. كل مال نحلته عبدا حلال. وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم وحرمت عليهم ما أحللت لهم وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا، وإن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب..»([11]).
وفيه دليل على أنّ جاهل التوحيد المتلبِّس بالشرك لا يعذر بالجهالة، وأنّه ممقوت، مغضوب عليه من الله بسبب شركه وخبث اعتقاده، وإلا فقل لي بربك كيف يكون المعذور في الفترة مغضوبا عليه مممقوتا؟
وقال العلماء في شرح الحديث: معنى قوله «أني خلقت عبادي حنفاء» أي مستعدين لقبول الحق والميل عن الضلال إلى الاستقامة، والشياطين التي اجتالتهم عن الدين شياطين الإنس من الآباء والمعلّمين بتعليمهم وتدريبهم، وشياطين الجن بوساوسهم.
والاجتيال: صرفهم عن مقتضى الفطرة الأصلية كما في قوله: «فأبواه يهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجّسانه» يعني بما يلقي إليه الشيطان من الباطل والفساد المناقض لفطرة الإسلام.
وقوله: «وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا» يعني أمرتهم بالشرك بالله بعبادة ما لم يأمر الله بعبادته ولم ينصب دليلا على استحقاقه للعبادة، ولما لم تكن الحجج الباهرة والبراهين القاطعة متلقاة إلا من قبل الله ردّ عليهم بقوله: «ما لم أنزل به سلطانا» أن يكون لأحد منهم في الإشراك بالله تعلّة. ويراد به الأصنام وسائر ما عبد من دون الله. قالوا: في هذا السياق تهكم إذ لا يجوز على الله أن ينزل برهاناً بأن يشرك به غيره.
وقوله: «ثم نظر إلى أهل الأرض» رآهم ووجدهم متّفقين على الشّرك منهمكين في الضلالة. والمقت أشدّ البغض والغضب.
والمراد بهذا المقت والنظر: ما قبل بعثة رسول الله ﷺ؛ لأن العرب كانت حينئذ ضُلّالا والعجم.
والمراد ببقايا من أهل الكتاب هم الباقون على الملة القويمة من الفرقة الناجية من النصارى لأن اليهود بعد المسيح عليه السلام كفروا به فلا بدّ من دخولهم في الذم والمقت ([12]).
([1]) رواه مسلم والإمام أحمد والطحاوي والطبراني وابن حبان والحاكم والبيهقي وغيرهم.
([2]) أخرجه الطيالسي (1402) وأحمد (3/478) وأبو داود (4717) والنسائي في الكبرى (11649) والبزار (1596) والطبراني (6319،6320،10059) والبخاري في التاريخ (4/72-73) والحاكم والبيهقي في القضاء والقدر (558-562) وغيرهم.
وهو حديث صحيح على اختلاف في إسناده كما في علل الدارقطني (794). قال البيهقي: «ويحتمل أن يكون سمعه علقمة من عبد الله، ومن غيره».
قال الحافظ ابن كثير في التفسير: «إسناده حسن» والهيثمي: «رجال أحمد رجال الصحيح» .
وصححه الألباني في الجامع الصغير (7020)، وصحح إسناده الطرهوني في السيرة الذهبية (1/133-134).
([3]) أخرجه عبد الرزاق (19687) وابن ماجه (1573) والبزار (1089) والطبراني في الكبير (1/رقم 326) وعنه أبو نعيم في الصحابة (540) وابن السني في عمل اليوم والليلة (595) والبيهقي في الدلائل (1/191-192) والقاضي المارستان في المشيخة الكبرى (254) والجوزقاني في الأباطيل والصحاح (213) والضياء المقدسي في المختارة (1005). قال الجوزقاني: >هذا حديث صحيح< وصحّحه الضياء المقدسي، والألباني في الصحيحة (18) والطرهوني في السيرة النبوية (462) وقال البوصيري في الزوائد (529): «إسناد صحيح، محمد بن إسماعيل شيخ ابن ماجه ذكره ابن حبان في الثقات، وثقه الدارقطني والذهبي، وباقي رجال الإسناد على شرط الشيخين فقد احتجا بجميع رواته».
وقال الهيثمي: «رجاله رجال الصحيح» مجمع الزوائد (1/117-118).
وقال السيوطي في «الحاوي للفتاوى» (2/273): «إسناده على شرط الشيخين».
وانظر: علل ابن أبي حاتم (2263) وعلل الدارقطني (607) وأطراف الغرائب والأفراد (492).
مدار الحديث على الزهري واختلف عنه وله طريقان:
الأولى: إبراهيم بن سعد عن الزهري عن عامر بن سعد عن أبيه سعد بن أبي قاص رضي الله عنه.
رواه على هذا الوجه عن إبراهيم بن سعد جماعة، منهم: محمد بن موسى بن أبي نعيم الواسطي، وأبو نعيم الفضل بن دكين، والوليد بن عطاء بن الأغر، ويزيد بن هارون الواسطي.
لكن اختلف على يزيد؛ فقال: زيدُ بن أخزم ، ومحمد بن عثمان بن مخلد عنه ما سبق.
خالفهما محمد بن إسماعيل شيخ ابن ماجه فقال: يزيد بن هارون عن إبراهيم بن سعد عن الزهري عن سالم بن عبد الله عن أبيه به وهي رواية شاذة لمخالفة ابن سماعيل للجماعة في طبقتين.
الثاني: معمر عن الزهري عن النبي مرسلا. ومعمر من أثبت الناس في الزهري لكن الموصول لا يعلّ بالمرسل؛ لأنّ من عادة معمر إرسال الحديث تارة، وإسناده تارة أخرى، لاسيما عن الزهري، وكل ذلك صحيح عنه كما قال الإمام عبد الرزاق: «إن معمراً كان يحدّثهم بالحديث مرة مرسلا، فيكتبونه، ويحدّثهم مرة به فيسنده، فيكتبونه، وكلّ صحيح عندنا. قال عبد الرزاق: فلما قدم ابن المبارك على معمر أسند له معمر أحاديث كان يوقفها» سنن أبي داود (4513).
ولهذا فأنا إلى تصحيح الحديث الموصول الذي اختاره الجوزقاني والضياء أميل، ولا أري ترجيح الرازي والدارقطني لرواية الإرسال لأمرين:
الأول: ما ذكرته من منهج معمر في الإرسال والإيصال وأنّ الكلّ صحيح لا يعلّ أحدهما بالآخر. والظاهر أن هذا الخبر من ذاك الباب.
الثاني: أن ما ذكراه من الرواية المرسلة عن إبراهيم بن سعد لم أعثر لها على أثر.
قال الدارقطني: «وغيره يرويه عن إبراهيم بن سعد عن الزهري مرسلا. وهو الصواب».
ولم أجد هذا، على أنه فاته حديث يزيد بن هارون الواسطي، ولعل أبا الحسن تابع الرازي في قوله:
«كذا رواه يزيد، وابن أبي نعيم، ولا أعلم أحداً يجاوز به الزهري غيرهما إنما يروونه عن الزهري قال: جاء أعرابي إلى النبي ﷺ، والمرسل أشبه».
وفاته حديث الوليد بن عطاء بن الأغر، وأبو نعيم، ومع هذا الفوات عليهما وظهور وجه الإرسال في وراية معمر؛ فالحديث صحيح بلا ريب.
أما تصحيح البوصيري والدكتور بشار عواد معروف إسناد ابن ماجه فليس بجيّد.
([4]) زاد المعاد (3/599).
([5]) رواه الطيالسي (2682) وأحمد (2739) وابن حبان (5775) والطبراني في الكبير (11861، 11862) والأوسط (2578، 7107) والبيهقي في الشعب (5129) من طرق ثلاثة عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس به. قال الهيثمي: رجال أحمد رجال الصحيح. وصحّح أحمد شاكر في تحقيق المسند، والطرهوني إسناده في السيرة النبوية (834) وهو كما قالوا.
أما إرسال معمر في جامعه (20941) عن أيوب عن عكرمة به فليس بشذوذ ولا بعلة في الموصول بل من منهجه المعروف عند أهل الحديث في إرسال الحديث المسند.
([6]) رواه أبو يعلى (12/401) والطبراني في الكبير (23/391) بإسناد صحيح.
([7]) رواه الطبراني في الكبير (23/405) والأوسط (7/241) بإسناد ضعيف
([8]) رواه الطيالسي (1186) وأحمد (16290) وابن أبي عاصم في السنة(650) والطبراني (19/رقم 471) من طريق شعبة عن يعلى بن عطاء عن وكيع بن حدس عن عمه أبي رزين به.
وهذا إسناد صحيح فإن وكيع بن حدس صحح له الترمذي حديث (2279) وحسّن له (3109) وصحح له ابن حبان (14/8) ووثقه في الثقات (5/496) وقال في مشاهير علماء الأمصار (ص124):«من الأثبات» وقال الجوزقاني في الصحاح والمشاهير (1/232):«صدوق صالح الحديث» ولم يجرّح مع روايته عن عمّه أبي رزين العقيلي.
([9]) قال ابن القيم: «إرسال تقريع وتوبيخ لا تبليغ أمر ونهي» زاد المعاد (3/599).
([10]) أخرجه أحمد (16251) وابن أبي عاصم في السنة (649) وابن أحمد في السنة (1097) وفي زوائد المسند (16206) وابن خزيمة في التوحيد (271) والطبراني (19/211) والحاكم(4/560) والدارقطني في الرؤية (191) والآجري في الشريعة (605) وفي التصديق بالنظر (ص67) وأبو نعيم في صفة الجنة (168) وأبو الشيخ في أمثال الحديث (345) من طريق دلهم عن أبيه الأسود بن عبد الله وعاصم بن لقيط في حديث طويل.
وفي إسناده: عبد الرحمن بن عيّاش السمعي، ودلهم بن الأسود، وثقهما ابن حبان في الثقات، وصحح لهما الحاكم:« صحيح الإسناد كلّهم مدنيون ولم يخرجاه» ، وأخرج حديثهما مختصراً أبو داود (3266) وسكت عليه فهو صالح عنده، واحتج به ابن خزيمة الذي شرط أن لا يحتج إلا بما ثبت من الأحاديث، وصححه ابن تيمية في تلبيس الجهمية (7/45، 395)، وقال ابن القيم في الزاد (3/591):«حديث كبير جليل تنادي جلالته وفخامته وعظمته على أنه قد خرج من مشكاة النبوة، لا يعرف إلا من حديث عبد الرحمن بن المغيرة بن عبد الرحمن المدني، رواه عنه إبراهيم بن حمزة الزبيري وهما من كبار علماء المدينة، ثقتان محتج بهما في الصحيح، احتج بهما إمام أهل الحديث محمد بن إسماعيل البخاري، ورواه أئمة أهل السنة في كتبهم، وتلقّوه بالقبول، وقابلوه بالتسليم والانقياد، ولم يطعن أحد منهم فيه، ولا في أحد من رواته.
فممن رواه: الإمام ابن الإمام أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن حنبل في مسند أبيه وفي كتاب السنة..
ومنهم: الحافظ الجليل أبو بكر أحمد بن عمرو بن أبي عاصم النبيل في كتاب السنة له.
ومنهم: الحافظ أبو أحمد محمد بن أحمد بن إبراهيم بن سليمان العسال في كتاب «المعرفة».
ومنهم: حافظ زمانه ومحدث أوانه أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني في كثير من كتبه.
ومنهم: الحافظ أبو محمد عبد الله بن محمد بن حيان أبو الشيخ الأصبهاني في كتاب «السنة».
ومنهم: الحافظ بن الحافظ أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن يحيى بن مندة حافظ أصبهان.
ومنهم: الحافظ أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه.
ومنهم: حافظ عصره أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن إسحاق الأصفهاني، وجماعة من الحفاظ سواهم يطول ذكرهم.
وقال ابن مندة: روى هذا الحديث محمد بن إسحاق الصاغاني، وعبد الله بن أحمد بن حنبل وغيرهما، وقد رواه بالعراق بمجمع العلماء وأهل الدين جماعة من الأئمة منهم أبو زرعة الرازي، وأبو حاتم، وأبو عبد الله محمد بن إسماعيل، ولم ينكره أحد، ولم يتكلم في إسناده، بل رووه على سبيل القبول والتسليم، ولا ينكر هذا الحديث إلا جاحد أو جاهل أو مخالف للكتاب والسنة. هذا كلام أبي عبد الله بن مندة».
ونحوه في «مختصر الصواعق المرسلة» (3/1183): «حديث كبير مشهور جلالة النبوة بادية على صفحاته تنادي عليه بالصدق، صححه بعض الحفاظ، حكاه شيخ الإسلام الأنصاري..
وقال الحافظ أبو عبد الله بن مندة: «روى هذا الحديث محمد بن إسحاق الصغاني وعبد الله بن أحمد بن حنبل وغيرهما وقرؤوه بالعراق بجمع العلماء وأهل الدِّين ولم ينكره أحد منهم ولم يتكلم في إسناده، وكذلك رواه أبو زرعة وأبو حاتم على سبيل القبول».
وقال أبو الخير عبد الرحيم بن محمد بن أحمد بن محمد بن حمدان بعد أن أخرجه في «فوائد أبي الفرج الثقفي»: هذا حديث كبير ثابت حسن مشهور».
وقال الحافظ في الإصابة (9/271):«وسند الحديث حسن كما سأبينه في حرف اللام في ترجمة لقيط بن عامر إن شاء الله» ولم أر فيها ما وعد به وكأنه نسي.
وقال الهيثمي رحمه الله في المجمع (10/238-):«رواه عبد الله والطبراني بنحوه وإحدى طريقي عبد الله إسنادها متصل ورجاله ثقات..».
([11]) رواه مسلم (2864) وأحمد في مواضع (17519، 18366،18364) والنسائي في الكبرى (8070-8071) وابن ماجه (4179) والطيالسي (1175) وابن حبان (653- 654) والبخاري في خلق الأفعال (48) والطبراني (992، 993، 996، 997) وغيرهم
([12]) ينظر: المعلم بفوائد مسلم(3/205) الميسَّر في شرح المصابيح (3/1126) تحفة الأبرار في شرح المصابيح (3/230) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (6/712) شرح مسلم للنووي (9/202 – 203) شرح الطيبي على مشكاة المصابيح (10/38-39).