«وكانوا - رضي الله عنهم - [يعني السَّلف] يَنْهَون عن التَّعرُّضِ للغَوامِضِ، والتَعمُّقِ في المشكلاتِ، والإمعان في مُلابسةِ المُعضلاتِ، والاعتناء بجمع الشُّبهات، وتكلُّفِ الأَجوبة عمَّا لم يقع من السؤالات. ويَرون صَرفَ العناية إلى الاستحثاث على البِرِّ والتَّقوى، وكفِّ الأَذى، والقيام بالطاعة حَسَب الاستطاعةِ.
ومَا كانوا ينكفُّون - رضي الله عنهم - عما تعرَّضَ له المتأخِرون عن عِيٍّ و حَصَرٍ، وتَبلُّدٍ في القرائح، هيهات! قد كانوا أَذكى الخلائقِ أَذهاناً، وَ أَرجحَهم بياناً؛ ولكنَهم استيقنوا أَنَّ اقتحام الشبهات داعيةُ الغَوَايات، وسبب الضلالات، فكانوا يُحاذرون في حقِّ عامة المسلمين ما هم الآن به مُبتَلَوْن، وإليه مَدفوعون».
إمام الحرمين الجويني رحمه الله، الغياثي (ص333 - 334)