لست بالمحقق ولا بالمصحح ولا أدعي هذا الشرف الكبير ولكنـي تعاملت مع قليل من المخطوطات وبخاصة فيما يتعلق باثبات الفروق بين النسخ سواء المخطوطة أو المطبوعة ؛ اي بين نسخة المخطوطة والنسخة المطبوعة ؛ ووقفت على مبادىء لا بد أن يأخذها المصحح في عين الأعتبار وتكون له تذكرة إذا ما انتوى تصحيح كتابٍ أو تحقيقه ؛
1-أن يعتمد على أصلٍ جيد ٍ يجعله هو المعتمد في الرجوع إليه ليثبت الفروق ويصوب الأخطاء سواء في المتون أو التراجم وهما الأوفر حظا من الأخطاء سواء في الأصول المخطوطة أو في النسخ المطبوعة .
2- وأعلم أن الخطأ قد يكون من جهة المصنف في نصه الأصلـي وقد يكون من جهة الناسخ وهذا أكثر إذا ماكانت الأصول لأئمة الأعلام فمثلا نسخة التاريخ الكبير التي انتقدها الرازيان هي من أخطاء الناسخ لا من أخطاء البخاري ولا الذي حمل النسخة إلي الرازيين وهو ابو العباس الصائغ .
3-أن الاعتماد في تصحيح التراجم بالعودة إلى المطبوعات ليس بجيد بالنسبة للمحقق او المصحح الخبير بل الأحرى العودة إلى الأصول ؛ ولقد وقفت على اخطاء كثيرة في الجرح والتعديل وفي التاريخ الكبير و التهذيب لمتابعة المحققين للخطأ الواقع مثلا في الجرح والتعديل فيخطأ به ترجمة صحيحة في التاريخ الكبير اعتمادا على مطبوعة الجرح والتعديل او التهذيب والعكس ؛ لأن الأمر ليس بمتحقق أن ما هو مطبوع هو عينهُ ما في الأصول وإن حققه كبار المصحيحن لأن هناك ترجمات كثيرة لا توجد إلا في الجرح والتعديل او إلا في التاريخ الكبير فمن أين لك أن تثبت صحتها أو خطأها إذا كانت النسخة المعتمدة رديةً وقد وقفت على أكثر من 100 صفحة اثبت فيها اخطأء بالجملة في احد الكتب الكبيرة المهمة إعتمادا على اصلٍ جيد .
4-ان منهج المصحح أن يكون للبلوغ إلى النسخة الأصلية التي كتبها المؤلف فلا يثبت الوجه الصحيح في المتن الأصلي إنما يبينه في الهامش ؛ ولا يتدخل في المتن لا بالتقديم ولا بالتآخير ولا بوضع العناوين كما نلاحظ كثير من الناس يفعلون ذلك لأن ذلك ليس بجيدٍ لا للنص ولا للمحقق ؛ وإن تغيير ذلك من باب الرأي المذموم إذ هو اعتقاد ضمنـي أن المؤلف غفل او ذهل على ما استدركته عليه ورأيت في هذا الباب ما يجلب الخلل والخطأ للنص المحقق ..
وللحديث بقية