خواطر في تعليم المرأة (1)منذ أكثر من ربع قرن والكُتَّابُ والمصلحون في العالم الإسلامي عامة والشرق العربي خاصة يهيبون بالأمة إلى تعليم المرأة ويحضون على انتشالها من بين أظافر الجهل الذي قضى على سائر معنوياتها ، فلم تبق إلا جسمًا ماديًا قوامُه المادةُ وغايتُه المادةُ ، وبذلك فقدت من الحياة الإسلامية روحَ الألفةِ والتعاون لغيض منبعها في نفس المرأة ، فصارت هذه الحياةُ مضربَ الأمثال في التفكك وعدم الراحة مع ما تقتضيه من كثرة الواجبات وفداحة التكاليف .
ولم يزل الكُتَّاب والمصلحون حتى الآن يرفعون عقيرتهم بوجوب تعليم المرأة وإصلاح شؤونها على النهج الذي تتطلبه الحياة الإسلامية من مراعاة الأعراف والعادات ؛ كي تتحامى غير المتعلمة نتيجةَ الجهل الموبقة ، ولا تتصادم المتعلمة بما تصادم به بعضهن من دواعي الخروج على سنن الاجتماع الإسلامي لانبناء تعليمهن على أساس مغاير لما يقوم عليه هذا الاجتماع .
ولكن هذه الدعوة كسائر الأمور النافعة لا تلقي لها الأمة بالاً ، بل تدع زمامها بيد المصادفات تصرفُها بحسب الظروف والغايات .
وقد تكون هذه الظروف غير ملائمة ، وقد تكون هذه الغايات غير شريفة ، إنما الأمة بمعزلٍ عن هذا الأمر والتفكير فيه ، فإذا وقعت الواقعة فحينئذ تهب مذعورة تقرع سِنَّ النَّدمِ ولاتَ ساعةَ مَنْدَمٍ .
يتبع بإذن الله ..
______
(1) نشر هذا المقال في مجلة المغرب الجديد - السنة الثانية - للعلامة عبد الله كنون رحمه الله.