الوصية الأولى :

إذا تعاظمت شيئاً فتذكر قوله تعالى:" وماقدروا الله حق قدره".
إذا تعجبت من تنوع وسائل الاتصال وسرعة تعاملها والكمّ العظيم الهائل من المعلومات المخزونة فيها، فتذكّر أنها من صنع بشر ثم تذكر خالق البشر)الله خالق كل شيء( ومن ذلك البشر وصناعتهم )صنع الله الذي أتقن كل شيء( ، وتذكّ ر قوله تعالى أيضاً وفوق كل ذي علم عليم( وقوله تعالى أيضاَ: )وما أوتيتم من العلم إلا قليلاَ(

فكل تلك الأجهزة من وسائل الاتصال وما تحويه من المعلومات الهائلة فهي قليلة قليلة قليلة عند علم الله تعالى )وماقدروا الله حق قدره( ، وإذا كان ذلك كذلك ، فتلك الأجهزة والوسائل من أدلة عظمة الله تعالى , وأنه المستحق للعبادة بحق دون غيره .

الوصية الثانية : نحن ووسائل الاتصال.
نحن الآن في زمن تنوع وسائل الاتصال المرئي والمسموع والمقروء ، وتلك من النعم العظيمة إن سُخرت في الخير ، وتكون من النقم العظيمة إن سُخرت في الشر. وإليكم هذه الوصايا والتنبيهات المتعلقة بوسائل الاتصال :

أ -النت لغير المصلحة يسرق الوقت فلنجعل القفل على باب الوقت لنحفظه من السرقة ونفتحه حسب المصلحة .
ب- كثرة النظر والجدل في برنامج التويتر يسبب لك التوتر. -
ت- أيها الأولاد ، كم ساعة تقضونها أمام النت ؟ وكم دقيقة تجلسونها مع والديكم؟

ث- تلك الأجهزة، من لم يضبطها ويراقب الله تعالى عند استعمالها ، فإن الشيطان سيجرّه إلى مواقع الإثم والخطيئة ، وتلك الوسائل من أسهل وسائل الشيطان لإغواء بني آدم ، فإذا زيّن الشيطان له فتح رابط أو دخولاً لموقع شبهة أو شهوة ، انساق تدريجاً إلى البحث عن تلك المواقع والدخول إليها حتى يصعب تركها والإنفكاك عنها ، وهذا مصاب عظيم .

الوصية الثالثة : إياك والتشاغل بالجوال أثناء قيادة السيارة .
أوصيك :
إذا كنت تقود سيارتك فتجنّب استعمال الهاتف الجوال ، وبخاصة كتابة أو قراءة الرسائل وأشنع من ذلك مشاهدة مقاطع الفيديو ، ففي ذلك خطر عليك وعلى الآخرين ، ولو قيل: إنَ استعمال الجوال لتصفح النت وكتابة الرسائل أثناء القيادة قد يكون من إلقاء النفس للتهلكة بل وإهلاك للآخرين ، وغالب ما يقع من حوادث السيارات في هذا الوقت ، سببه : استعمال الجوال أثناء القيادة ، وقد ذكرذلك كثير ممن وقعت لهم حوادث ، ولهذا يخشى الإثم على من اشتغل بالهاتف أثناء القيادة لأنّ في ذلك تفريطاً في وسيلة هامة من وسائل السلامة ، وهي قصر النظر على الطريق والتفطن لمن أمامه وحوله من السيارات والغفلة عن ذلك ثوان يسيرة قد يترتب عليها ما لا تحمد عقباه من الضرر على
نفسه وعلى غيره ، ولذا جاء في لوائح المخالفات المرورية في دول كثيرة : شناعة مخالفة استعمال الهاتف الجوّال أثناء قيادة السيارة .

ومما لابد منه في هذا المبحث القول : بأنّ ترك استعمال الجوال أثناء قيادة السيارة من إعطاء الطريق حقه ، قال صلى الله عليه وسلم : "اعطوا الطريق حقه . قالوا :وما حق الطريق؟
قال : غض البصر وكف الأذى ورد السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" ، وفي ترك استعمال الجوال, كفٌ بإذن الله تعالى للأذى المترتب على وقوع الحوادث أثناء استعمال الجوال .

الوصية الرابعة :
إذا فرغت من تصفح النت ، فأوصيك أن تجيب عن هذه الأسئلة :
س : كم ذهب من وقتك ؟ وهل ما ذهب من الوقت يعادل ما استفدت ؟
س : كم فائدة استفدت ؟ قد تمضي مع النت ساعتين أو ثلاث ساعات أو أربع أو خمس ، فكم فائدة استفدت ؟
س : وبيت القصيد ، هل سلم سمعك وبصرك من الحرام أو سماعه ؟ فتفطن لوقتك واحرص رعاك الله تعالى حفظه مما يضرك ولا ينفعك ، وإذا كنت واقعاً في ذلك فاستعن بالله وجاهد نفسك، وسترى من ربك ما يشرح صدرك ، وإذا علم الله من عبده التوبة النصوح أعانه وسدده ، فليس العيب أن يخطئ الإنسان فكل بني آدم خطاء ، لكن العيب والخلل أن يصر على أخطائه ومن شروط التوبة النصوح:
الإقلاع عن المعصية.

الوصية الخامسة : لا يشغلك الجوال ومواقع الاتصال عمن يتحدث معك أو تتحدث معه .
أوصيك: بترك الاشتغال بالجوال عند كلام الآخرين معك أو عند كلامك معهم ، أليس من غير اللائق أدب اً أن يكلمك شخص وأنت مشغول بالكتابة أو التصفح في جوالك ، وفي المقابل: ألا تنتقد أنت وتتضايق من شخص تتكلم معه وهو يشتغل بجواله مكاتبة أو محادثة !!؟

نعم المرؤة تأبى ذلك، لأن من آداب الحديث: الاستماعُ إلى المتكلم معك ،وعدم التشاغل عنه ، وقد كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم ،أنّه إذا ك لّمه أحدٌ أنصت له ولم يقاطعه، بل كان يُطرق سمعه إلى المتكلم،ولايتشا غل عنه حتى يفرغ المتكلم من كلامه ، ويتأكد هذا الأمر: إذا كنت تتكلم مع أحد الوالدين أو كان أحدهما يتكلم معك ، فينبغي الإصغاء للوالدين عندما يتحدث أحدهما معك، كما ينبغي لك أن تترك ما يشغلك عند الحديث معهما ، وقد يقال في هذا المقام :

إن تشاغل الولد بجواله والتصفح فيه وكتابة الرسائل أثناء حديث الوالدين أو أحدهما معه، قد يكون ذلك التشاغل فيه نوع من العقوق لهما لأن ذلك التصرف من الولد فيه عدم احترام واهتمام بحديث الوالدين أو أحدهما ، وحتى تتضح هذه الصورة أكثر : ما شعورك أيها الوالد لو كنت تكلم ولدك ثم قام الولد يتصفح جواله ويكتب الرسائل ويفتح الروابط ، ألا تتضايق من هذا التصرف المشين من ولدك !؟ إذن فيك الخصام وأنت الخصم والحكم !

الوصية السادسة : لا تُشغِلك وسائل الاتصال عن الجلوس مع أولادك .
أيها الوالدان لا يشغلكم النت عن الجلوس مع الأولاد ، فلا تجلسان مع النت ساعات ومع الأولاد دقائق معدودة، فبعض الأمهات والآباء يجلسون على النت أكثر من جلوسهم مع الأولاد ، يأتي الصغار إلى أمهم وهي على النت تتصفح المواقع أو تدردش مع بعض صاحباتها ، فيبكي الصغار وينامون عندها وهي منشغلة في المحادثة والمراسلة ، وكذلك الأب لايراه أولاده داخل المنزل إلا نائماً أو منشغلاً بالنت ، وهذا التصرف تفريط في شيء من مسئولية الوالدين تجاه أولادهم ، قال صلى الله عليه وسلم :"كلكم راع وكللكم مسئول عن رعيته ...والرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها ..."

الوصية السابعة : لا تجعل نفسك موضع النقد في مجالس الرجال .
أوصيك بعدم الإشتغال بالجوال إذا كنت في مجلس وكان الجالسون منصتين إلى كلام أحد الحاضرين ، ذلك لأنَ اشتغالك بجوالك عنهم يُفهَمُ منه عندهم :

- عدم المبالاة بحديث المتكلم .
- عدم احترام مشاعر الحاضرين.
- ضعف المرؤه عندك في نظر الحاضرين .

الوصية الثامنة : استفتح صباحك ومسائك بذكر الله تعالى .
أوصيك : لا تبدأ بفتح النت صباحاً حتى تفرغ من أذكار الصباح وكذلك لا تبدأ بفتح النت مساءاً حتى تفرغ من أذكار المساء.

الوصية التاسعة : وقتك بين تصفح المصحف وتصفح النت .
كم تقضي من الوقت يومياً مع وسائل الاتصال ؟
و كم تقضي من الوقت يومياً في قراءة القرآن الكريم ؟
أوصيك : أن تجعل لك حزباً يومياً من تلاوة القرآن الكريم ، حافظ على ذلك ولاتفرط فيه وسترى من الله توفيقاً وراحة نفسية وبدنية ، بل وسيكون من ثمار ذلك أيضاً حصانة للجوارح من التلوث في المعاصي المرئية والمقروءة والمسموعة .
اللهم متعنا بأسماعنا وأبصارنا وقواتنا واجعله الوارث منا ، والحمدلله الذي بنعمته تتم الصالحات . *

إعداد الدكتور / عبدالعزيز بن محمد عبدالله السدحان
26 / 12 / 1437 ه
* مقتبس من كتاب أوصيك للمؤلف.