السؤال

صحيح أنّ من علامات الساعة الكبرى؛ ذكورٌ يعشقُ بعضهم بعضًا، بناتٌ يعشق بعضهن بعضًا! هل تعلم أنهم سيذهبون إلى جهنَّم دُون حساب؟ كيف للبنت أنْ تُقبِّل بنتًا؟ وكيف للولد أنْ يأتي ولدًا؟! لِمَ اﻻنحِرافُ عن الفطرة؟! جهنَّم لا ترحمُ مَن يدخلها، وﻻ تنسوا عُقوبةَ الدنيا، الله - سبحانه - يُمهِل ولا يُهمِل.
ومن المعلوم أنَّ جميع علامات القيامة الصغرى ظهَرتْ، وإذا كان صحيحًا الذي تقوله وكالة ناسا الأمريكيَّة عن أنَّ هناك نجمًا سيطلع في ٢٠١٢ ما يمرُّ إلا كل ٤٥٠٠ سنة، فأُبشِّركم: ﴿ وَالسَّمَاءِ والطَّارِقِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ * النَّجْمُ الثَّاقِبُ ﴾ [الطارق: 1 - 3]، لو كان النجم صحيحًا، سيكونُ أوَّل علامات الساعة الكُبرى، والكلُّ يعرفُ أنَّ العلامات الكُبرى تظهر متتاليةً، وتُغلَق أبواب التوبة، وتظهر الشمس من مغربها، ويأجوج ومأجوج، والدجال، ويظهر الإمام المهدي، وعيسى - عليه السلام - ومن بعدها تُوقف أمام ربك وجهًا لوجه، أتمنى المحافظة على الصلاة، والتوبة، والابتعاد عن الزنا واللواطِ والسحاقِ وسماعِ الأغاني! أما تريدُ أن تنفع نفسك وتُؤجر؟! انفَعْ غيرك وخُذ أجرَه، كلُّ بني آدم خطَّاء، وخير الخطَّائين التوَّابون، اللهمَّ اغفِرْ لنا أجمعين، اللهمَّ نسألُك حُسْنَ الخاتمة، آمين.
​مواصفات الصراط:
1- أدقُّ من الشَّعرة.
2- أحدُّ من السيف.
3- شديد الظلمة، تحته جهنَّم سوداء مظلمة.
4- تحمل ذنوبك كلها علي ظهرك، فتجعل المرور بطيئًا إذا كانت كثيرة - والعياذ بالله - أو سريعًا كالبرق إذا كانت خفيفة.
5- سماع أصوات صُراخ عالٍ لكلِّ مَن تزِلُّ قدَمُه، ويسقُط في قعْر جهنم، والرسول - عليه الصلاة والسلام - واقفٌ في نهاية الصراط عند باب الجنَّة، يَراك تضعُ قدمَك علي أوَّل الصراط يدعو لك قائلاً: ((يا رب سَلِّمْ، يا رب سَلِّمْ)).

ولا تنسوا أنْ تعقدوا النيَّة على جعْل هذه الرسالة صدقةً جارية، اللهمَّ نسألك الجنَّة، ونعوذ بك من النَّار، اللهم اجمعني مع أحبابي في جنات النعيم، وثبِّتْنا على الصراط المستقيم، آمين يا رب العالمين.

الجواب

الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فبدايةً؛ لا بُدَّ أنْ تعلم أنَّ الأمور الغيبيَّة، وكذلك ما يحصل في المستقبل لا يُتَلقَّى إلا من طريق الوحيِ، ولا يمكن الجزمُ بشيءٍ فيه إلا ما ورد في الشَّرع؛ لأنَّه لا يعلَمُه إلا الله - عزَّ وجلَّ.
وبناءً على ذلك؛ فما ذُكِر أنَّ من علامات القيامة الكُبرى انتشارَ العِشق بين أبناء الجِنس الواحد - غيرُ صحيحٍ، والذي وَرَدَ أنَّ من علامات القيامة الصُّغرى فشو الزنا؛ كما في حديث أَنَسِ - رضي الله عنه - قال: قال رسول اللهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إِنَّ من أشْراط السَّاعة أنْ يُرْفَعَ العلمُ، ويثبُتَ الجهلُ، ويُشرَبَ الخمرُ، ويظهرَ الزِّنا))؛ متفق عليه، وفي لفظٍ للبخاري: ((إِنَّ من أشْراط الساعةِ أنْ يُرفَع العلمُ، ويَكثُرَ الجهلُ، ويَكثُرَ الزِّنا، ويَكثُرَ شُرْبُ الخمرِ)).
أمَّا علامات القيامةِ الكُبرى، فهي التي ذكَرَها النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - في حديث حُذَيفة بن أَسِيد، وهي عشر علامات: الدَّجال، ونُزول عيسى ابن مريم، ويأجوج ومأجوج، وثلاث خُسوفات: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، والدخان، وطُلوع الشمس من مغربها، والدابَّة، والنار التي تَسُوق الناس إلى محشرهم، وهذه العلامات يكون خُروجها مُتَتابعًا، فإذا ظهرت أولى هذه العلامات فإنَّ الأخرى على إثْرها.
روى مسلمٌ عن حُذَيفة بن أَسِيد الغِفاري - رضِي الله عنه - قال: اطَّلع النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - علينا ونحن نتذاكر فقال: ((ما تذاكرون؟)) قالوا: نذكُر الساعة، قال: ((إنها لن تقوم حتى ترَوْن قبلَها عشر آيات...)) فذكر الدخان والدجال والدابَّة، وطُلوع الشمس من مغربها، ونُزول عيسى ابن مريم - صلَّى الله عليه وسلَّم - ويأجوج ومأجوج، وثلاثة خُسوف: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرَب، وآخِر ذلك نارٌ تخرُج من اليمن تطرُد الناس إلى محشَرِهم.
وأمَّا ما نُقِلَ عن وكالة ناسا، فغيرُ صحيحٍ، وجميعُ التنبُّؤات التي تملأ صفحات الإنترنت عن العام 2012 لن تكونَ بأفضل من التنبُّؤات التي ارتَبطت بعام 2000، ومضى عام 2000 ولم يحدُثْ شيء؛ وهذا ممَّا يزيدُ يقينَ المسلم أنَّ الغيب لا يعلَمُه إلا الله - تعالى - حيث قال - في سورة الأعراف -: ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ [الأعراف: 187].

وقال - تعالى -: ﴿ إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [لقمان: 34].

وقال: ﴿ يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا ﴾ [الأحزاب: 63]، وقال: ﴿ وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [الزخرف: 85].

فثبَتَ بتلك الآيات - وغيرُها كثيرٌ - أنَّ عِلمَ الساعة ممَّا يختصُّ الله - تعالى - به؛ لأنَّه من عِلم الغيب الذي لا يطَّلع عليه ملكٌ مُقرَّب، ولا نبيٌّ مُرسَل.
أمَّا بِخُصوص ما ذُكِرَ عن وكالة ناسا، فقد خصَّصَت الوكالة صفحةً على موقعها لنفْي ما نُسِبَ إليها، ووصفَتْه بـ"الخرافات" التي نُسِجَتْ حولَ قصَّة نهاية العالم، وجاء ذلك الردُّ على لسان كبير عُلَماء معهد بيولوجيا الفَضاء "ناسا": "ديفيد موريسون"، والذي ذَكَرَ أن قصصًا عن الكوكب المزعوم "نيبيرو"، وتوقُّعات عن أنَّ نهاية العالم ستكون في شهر ديسمبر من عام 2012م، انتشرت في مواقع عدَّة على شبكة الإنترنت، مُشِيرًا إلى أنَّه يوجد 175 مُؤلَّفًا تَمَّ إدراجُها في موقع Amazone.com تتحدَّث عن كارثة نهاية العالم في عام 2012م.
وقال موريسون - من خلال موقع ناسا -: مع انتشار هذه الخديعة، تَمَّ حَبْكُ الكثير من السيناريوهات حول وُقوع هذه الكارثة.
وقال الدكتور "زغلول النجار"، رئيس لجنة الإعجاز العلمي بالمجلس الأعلى للشؤون الإسلاميَّة بالقاهرة، تعليقًا على هذه التنبُّؤات: هذه خُرافة، ودُخولٌ في أمورٍ غيبيَّة مطلقة، لا يمكن أنْ يَرقَى فيها الإنسانُ؛ إذ لا يمكن للبشَر والأنبياء التنبُّؤ بموعد الساعة.
ويدعو الدكتور "النجار" الناسَ إلى التفكُّر قبل التصديق، وأنْ يتذكَّروا حادثة تنبُّؤ الفلكي الأمريكي "شومخر" منذ سنوات بأنَّ هناك مُذنَّبًا سيضرب بالأرض؛ حيث قام العشرات بالانتِحار الجماعي في أمريكا وأوروبا، وقد مرَّ المذنَّب دون أنْ يمسَّ الأرض بسوء، ولم يثبُت صحَّةُ كلامه"؛ وفقًا لما يقوله النجار.
ويدعو كذلك إلى عدَم تصديق التنبُّؤات التي هي بيد الله - سبحانه وتعالى - محذرًا من الأخْذ بقولِ مَن لا مرجعيَّة لهم، ويريدون بَثَّ الذُّعر من خِلال نشْر التنبُّؤات حول أمورٍ هي بيد الله - سبحانه وتعالى - ولم تأتِ بها سُنَّةٌ على الإطلاق.
ويُؤكِّد الدكتور حنا أنطون صابات - دكتوراه في فيزياء فلك الطاقة المرتفعة في "أكتوبر/ تشرين الأول/ 2002"، من مركز الدراسات الفضائيَّة للإشعاع، جامعة تولوز الثالثة، "بول ساباتييه" مدينة تولوز، فرنسا -: إنَّ مُعظَم ما يُنشَر حول نهاية العالم عام 2012 لا يستَنِدُ إلى أيِّ أساس علمي، وأنَّ ما يُنشَر حول الجِرْم المدعو: "نيبيرو" مَلِيءٌ بالتناقضات، والأخطاء الفلكيَّة الفادحة، ولم يتمَّ حتى الآن اكتشافُ أيِّ جِرمٍ فضائي سيتصادَمُ مع الأرض بعام 2012.
فعلى المؤمن أنْ يحرص على أنْ يُطِيع الله - جلَّ وعلا - وأنْ يعمَلَ برضوانه، وأنْ يكون بعيدًا عن المحرَّمات، وأنْ يعمَلَ للذَّبِّ عن دِينه، ولنُصرة ملَّته، وأنْ يكون مُدافعًا عن دِين الرسول - صلوات الله وسلامه عليه - بما آتاه الله من الجهد والقوَّة؛ فإنَّ هذا هو الواجب في حَقِّ المؤمن، وأنْ يسعى في تحصيل مَصالِحه الدِّينيَّة والدنيويَّة.

أمَّا ما ذكرتَه من صِفات الصراط المستقيم، فقد وردت أحاديث في وصفه، منها:
((فيُضرَب الصراطُ بين ظهراني جهنَّم، فأكونُ أوَّلَ مَن يَجُوزُ من الرسل بأمَّته، ولا يتكلَّم يومئذٍ أحدٌ إلا الرسل، وكلام الرسل يومئذٍ: اللهمَّ سلِّمْ سلِّمْ، وفي جهنَّم كلاليبُ مثلُ شوك السَّعدان، هل رأيتُم شوك السَّعدان؟))، قالوا: نعم، قال: ((فإنَّها مثلُ شوك السَّعدان، غير أنَّه لا يعلمُ قدر عِظَمِها إلا اللهُ، تَخطَف الناس بأعمالهم، فمنهم مَن يُوبَق بعمَلِه، ومنهم مَن يُخَرْدلُ، ثم ينجو))؛ متفق عليه عن أبي هريرة.
وفي روايةٍ عند مسلم: ((فيمرُّ أوَّلكم كالبرق))، قال: قلت: بأبي أنت وأمي، أيُّ شيء كمرِّ البرق؟ قال: ((ألم ترَوْا إلى البرق كيف يمرُّ ويرجعُ في طرفة عَيْنٍ؟ ثم كمرِّ الريح، ثم كمرِّ الطير، وشدِّ الرجال، تجري بهم أعمالُهم، ونبيُّكم قائمٌ على الصراط يقول: ربِّ سلِّم، سلِّم، حتى تعجزُ أعمال العباد، حتى يجيءَ الرجل فلا يستطيعُ السَّيْرَ إلا زَحْفًا))، قال: ((وفي حافتي الصِّراط كلاليبُ مُعلَّقةٌ مأمورة بأخْذ مَن أُمِرَتْ به؛ فمخدوشٌ ناجٍ، ومكدوسٌ في النار))، والذي نفس أبي هُرَيرة بيده، إنَّ قَعْرَ جهنَّم لسبعون خَرِيفًا.




http://www.alukah.net/fatawa_counsel...#ixzz4OT9Rsk7s