يقول الاديب الكبير محمد صادق الرافعي
متفجّعا لمجد الشرق القديم .. وضاربا الأمثال للشرقيين لعلهم يتذكرون ..
تمايل دهرك حتى اضطـــــرب ........ وقد ينثني العِطف لا مِن طــرب
ومرّ زمانٌ وجــــاء زمــــــــــــا نٌ ... وبين الزمانين كلّ العــــــــجب
فقوم تدلّوا لتحــــــت الثـــــرى ..... وقوم تعالوا لفوق الشهـــــب
لقد وعظتنا خطوب الزمــــــان ..... وبعض الخطوب كبعض الخُطـب
ولو عرف الناس لم تهدهـــــم ...... سبيل المنافع إلا النـــــــــــو بْ
فيــــا رَبّ داء يكــــــــــون دواءً ... إذا عجز الطبّ والمستــــــطبّ
ومن نكد الدهر أنّ الــــــــذي ...... أزاح الكروب غدا في كُــــــــــرب
وانّ امرأ ً كان في السالبيـــن ... فأصبح بينــــهم ُ يستـلــــــــــ ـب
ألست ترى العرب الماجديــن ... وكيف تهدّم مجــــد العــــــــرب ؟!
فأين الذي رفعتــــــــه الرماح ... وأين الذي شيّدته القضــــــــب ؟!
وأين شواهــــق عز لنــــــــا ... تكاد تمسّ ذراها السـحــــــــــ ـب ؟!
لقد أشرق العلم من شرقنـا ... وما زال يضؤل ختى غــــــــــــــ ـرُب
وكنا صعدنا مراقي المعالـــــي ... فأصبح صاعدنا في صَبَـــــــــبْ
وكم كان منّا ذوو همـــــــــــة ٍ ... سمت بهم لمعالي الرّتــــــــــ ـب
وكم من هِزَبْر تهز البرايـــــــــ ا ... بوادرُه إن ونى أو وثـــــــــــــ ـب
وأقسم لولا اغترار العقـــــــول ... لما كفّ أربـــــابـــــ ــــها عن أرب
ولولا الذي دبّ ما بينهــــــــــم ... لما استصعبوا في العـلا ما صعب
ومن يطعم النفس ما تشتهي ... كمن يطعم النار جــــــــزل الحطب
إلا رحِم الله دهــــرا مضــــــى ... وما كاد يبسَــــــم حتى انتــــــحب
وحيّا ليالي كنــــّـا بهـــــــــــــ ا ... رعاة على من نأى واقتـــــــــــ رب
فملكا نُقيل إذا ما كبــــــــــــا ... وعرشا نقيم إذا ما انقلـــــــــــ ــــب
سلو ذلك الشرق ماذا دهــــــاه ... فأرسله في طريق العطـــــــــــ ب
لَوَ ان بنيه أجلّـــــــوا بنيــــــــــه ... لأصبح خائبهم لم يخـــــــــــــ ـب
فقد كان منهم مقرّ العلــــــــــو م ... كما كان فيــــهم مقـــــــــرّ الأدب
وهل تنبت الزهر أغصانــــــــــ ــه ... إذا مـــــــاء كل غدير نضــــــــب ؟!
وكم مرشــــد بات ما بينــــــــــهم ... يسام الهوان وسوء النصــــــــب !
كأن لم يكن صدره منبعـــــــــــ ــــا ... لما كان من صدره ينســـــــــــك ب
ومن يستبق للعــــــلا غايــــــــــة ... فأولى به من سواه التعـــــــــــ ب
وليس بضائر ذي نطـــــــــــــ ــــلب ... إذا كفه الناس عمّا طلـــــــــــب
فكم من مصابيح كانت تضـــــــــيء ... (م) بين الرياح إذا لم تهـــــــــب
وما عِيب من صدف لؤلــــــــــــ ــؤٌ ... ولا عاب قدر التراب الذهـــــــــب
بني الشرق أين الذي بينـــــنــــا ... وبين رجال العلا من نســــــــــب ؟!
لقد غابت الشمس عن أرضكـــــــم ... إلى حيثُ لو شئتم ُ لم تغــــــب
إلى الغرب حيثُ أولاءِ الرجـــــــــال ُ ... وتيك العلوم وتلك الكتـــــــــب
فّن كان هذا بحكم الزمـــــــــــ ــــان ... فتبّت يدا ذا الزمان وتــــــــــــب ّ
وإن كان مما أردتم فمـــــــــــــ ــــــا ... تنال العلا من وراء الحجـــــــــب
فدوروا مع الناس كيف استـــــــداروا ... فإن لحكم الزمان الغــــــــلــَ ب
ومن عاند الدهر فيما يُحــــــــــــ ـــبّ ... رأى من أذى الدهر ما لا يحب