من شعر ابي القاسم الشابي ..
من أغاني الرعاة
أقبل الصبح يغني للحياة الناعسة
والربى تحلم في ظل الغصون المائسة
والصبا ترقص أوراق الزهو ر اليابسة
وتهادى النور في تلك الفجاج الدامسة
.............................
أقبل الصبح جميلا يملأ الأفق بهاه
فتمطى الزهر والطير وأمواج المياه
قد أفاف العالم الحي وغنى للحياة
فأفيقي ياخراف وهلمي يا شياه
............................
واتبعيني ياشياهي بين اسراب الطيور
واملئي الوادي ثغاء ومراحا وحبور
واسمعي همس السواقي وانشقي عطر الزهور
وانظري الوادي يغشيه الضباب المستنير
..........
واقطفي من كلأ الأرض ومرعاها الجديد
واسمعي شبابتي تشدوا بمعسولي النشيد
نغم يصعد من قلبي كأنفاس الورود
ثم يسموا طائرا كالبلبل الشادي السعيد
............................
وإذا جئنا لى الغاب وطانا الشجر
فاقطفي ما شئت من عشب وزهر وثمر
أرضعته الشمس بالضوء وغذاه القمر
وارتوى من قطرات الطل في وقت السحر
....................
وامرحي ماشئت في الوديان أو فوق التلال
واربضي في ظلها الوارف إن خفت الكلال
وأمضغي الأعشاب والأفكار في صمت الظلال
واسمعي الريح تغني في شماريخ الجبال
.........................
إن في الغاب أزاهيرا وأعشابا عذاب
ينشد النحل حواليها أهازيجا طراب
لم تدنس عطرها الطاهر أنفاس الذئاب
لا ولا طاف بها الثعلب في بعض الصحاب
..............
وشذا حلوا وسحرا وسلاما وظلال
ونسيما ساحر الخطوة موفور الدلال
وغصونا يرقص النور عليها والجمال
وإخضرارا أبديا ليس تمحوه الليال
...........
لن تملي ياخرافي في حمى الغاب الظليل
فزمان الغاب طفل لاعب عذب جميل
وزمان الناس شيخ عابس الوجه ثقيل
يتمشى في ملال فوق هاتيك السهول
..............
لك في الغاب مرعاك ومسعاك الجميل
ولي الإنشاد والعزف إلى وقت الأصيل
فإذا طالت ظلال الكلإ الغص الضئيل
فهلمي نرجع المسعى إلى الحي النبيل
6 شباط - فبراير 1933 (10 شوال 1351)