هذه قصيدة رائعة لأحد كتّاب منتدى جزائري وهو شاعر من مدينة الجلفة بالهضاب العليا الجزائرية رمز لإسمه ب ( سعود طلال ) .. أترككم مع القصيدة :
سندباد القوافي طلال سعود يصف رحلته إلى جزائر البحار
*******************
بعــد أن كلّـفـه ..... بإحضــار العنـقــاء
و أسرار ما وراء بحار الظلمـــات ..
و أن يخطب له حورية البحـراللؤلؤية ..
وبعد أن زوّده ببساط سليمان ..
و عصا موسى ..
و فُلك نوح..
قال سندباد القوافي :
سمعا وطاعة مولاي ..
و رحـــل .. يرتاد مجاهل البحار
**
وعــاد .. عاد من ليلته ..
والعنقاء في إساره ..
والحوريّة ترفل في حلتها الفضفاضة .. تمشي الهُوَيْنَى..
فقال يصف رحلته:
بـســم الله مجريـــها ومـرســـاها
(1)
مـرفأٌ بعدَ مـرفإٍ يَتــوَارَى وأنا والسفيـنُ كُنّا سُكـارَى
نَتَهـادى وحولنا المـاءُ أُفـْـقٌ وغيومُ السماء كانت حيارَى
صدرُ هذا السفين بُركانُ عَزمٍ وبِصدري عزائـمٌ لا تُجـارَى
نحو غيبِ المُحيط في الموج نَمضي خاطبينَ الوِدادَ عند العَذارَى
حُوريَاتٌُ من الجزائر حــورٌ إيْ وربِّـي ... لكنّهنّ أُسـارَى
*** ***
(2)
أيها الفُلْـكُ حُثَّ عزمَـكَ إنّـا عن قريبٍ نُحقِِّـقُ المُـتَمَـنَّى
سِـرْ ولا تَلتَـفِـتْ إليَّ فإنـي وحديَ الآنَ في هواها مُعَـنّى
فشِراعي يُلاعبُ الريحَ زَهـواً وذِراعي تقولُ لي: أين كُنّا
دونَكَ المـاءُ والفضاءُ دُروبا فاستَقِمْ في المَسار أو.. فـتَثَنّى
هل تَرَى مِن منارةٍ أو فَنـارٍ يا سَفيـني فإنّ قلبيَ حََـنّـا
*** ***
(3)
في أَقاصي المُحيطِ تَحدوكَ بُشرَى والمساءُ الحزينُ كالعين عَبْرَى
أيها البحرُ يا مَعينَ حنيني نحنُ بحران في الوجود ، وأَسْـرَى
أنتَ يا بحرُ قَيّدَتْكَ الرّواسي وأنا في الحياة بالقَيـْـدِ أحْـرَى
وأنا مُوثََـقُ الدروبِ وخَطوي في مكاني كأنّما الخَطوُ سَكرَى
وأنا والشِّـراعُ قلبان خَفْـقًا واشتِيـاقًا لمَرفإٍ صار ذِكـرَى
*** ***
(4)
أيها الرِّيحُ يا بِساطَ الأَماني طِرْ بقلبي ومركبي وكِيـاني
وقفَ البحرُ من أمامي وخلفي وتَخلّى الفضاءُ عن عُنواني
أيها الريحُ حَوِّمي بي وطوفي وانقليني لغـابر الأزمان
كلُّ سِرٍّ فذاكَ طَوْعُ يَميني كلُّ غَيْبٍ يَصيرُ لي كالعِيــان
إنّ في خاطري أجَلُّ الأماني وبنفسي جلائلُ العُنفُوَانِ
*** ***
(5)
ها أنا والشواطـئُ العامِراتْ والمَناراتُ أعيُـنٌ ناظِراتْ
اِدْنُ منها شيئا فشيئاً وقُلْ لي أيها الفُلكُ: هل تَرى الحُورِيَاتْ
لا تَرَى.. أم تَرَى العجائبَ.. سُحقًا إنّها الغُولُ أعرَقُ الضّارِيَاتْ
اِدْنُ منها مُحاذرًا يا سفيني إنّ عندي لها "عصا المُعجِزات"
نحنُ غُولان في الحياة وبَأسي لا يَهابُ الرّدى وعزميَ عاتِْ
*** ***
(6)
ها هيَ الغُولُ حولَ فُلكي تَجوسُ تَتَبَدّى ، فتقشَعِـرُّ النُّفوسُ
ولها سبعةٌ من الرّؤوس كساها حَرشَفٌ فوق بَعضِهِ ، بل تُروسُ
كلُّ نابيْنِ في البَشاعة غُولٌ أقربُ الوَصفِ للنُّيُوبِ ؛ الفُؤوسُ
قَدَّمَتْ رأسَها إليَّ ؛ و وَجهي في المُلِمَّـاتِ يَعرُبِيٌّ عَبوسُ
وتَمَطّتْ وكَشَّرَتْ واسْتَشَاطَتْ وإذا في الهواءِ رأسٌ يَنُوسُ
*** ***
(7)
ثُمَّ تابَعتُ قَطفَهُنَّ دِراكا وعصا المُعجِزاتِ كانت هَلاكا
ليَ فيها من المَآربِ ألـفٌ لستَ تَلقَى بين اثْنَتَيْنِ اشْتِراكا
كلُّ هَوْلٍ يَكِـنُّ إمّا رآني ودِماءُ الوُحوشِ كانت سِفَاكا
وتَقَدَّمتُ في المَجاهِلِ أطويــها اقْتِحاماً في رِحلتي وانتِهاكا
هكذا كنتُ في جزائر البحرِ فَـذًّا يا حَكيمَ الزّمان لستُ أُحاكََى
*** ***
(8)
ورأيتُ الَعَنقـاءَ طَيْفَ خَيَالِ فتَقدّمْتُ نَحـوَها لا أُبـالي
ونَصبْتُ الشِّبَاكَ حولَ حِماها وتَخَشّعتُ مُرغَمًا في ابتِهالي
وإذا بي أرَى الطّريدةَ تَهوي وشِبَاكي تَلـُـفّـُها في حبالي
ثمّ ألقَيْتُ نَظرةً في مَـداها باحثًا عن إجـابةٍ لسُـؤالي
فإذا السِـرُّ والعجائبُ تَبْدو كالعَناقيـدِ عُلِّقَتْ بالدّوَالـي
*** ***
(9)
وتَجَلّتْ جزائرُ البحر سِحرًا عَبقَريَّ الجِنَانِ خُضْرًا وحُمْـرا
أَرخَبيلٌ من الجزائر صُفَّتْ ككؤوس الشّرابِ تُتْرَعُ خَمرا
والعَذَارَى على الغُصونِ تَدَلّتْ إيْ ورَبِّي.. كأنَّ في الأمر سِرَّا
اِدْنُ منها ـ طَلالُ ـ فالشعرُ سُقْيَا واسْقِها بالأنَاةِ طَلاّ وشِعرا
كلُّ فَتّـانةِ المُحَيّـا مَهَـاة لهفَ قلبي.. كم ضيَّعَ العُمرَ صَبرا
*** ***
(10)
أنتِ أم أنتِ .. يا عرائسُ رُوحي أنتِ .. بل أنتِ بَلسَمٌ لجُروحي
أنتِ .. بل أنتِ .. يا لضَيْعةِ نفسي مَن سأختارُ للهوى وطُموحي
مَن سأختارُ للحكيـم المُعَـنَّّى يا عَروسَ البِحار باللهِ بُـوحي
قالتِ الشّمسُ لي: تَخَيّرتُ هـذي فاختَطفْتُ المَهاة تحت مُسوحي
وإذا بي أرَى عروسةَ بحـرٍ قد تَجَلّتْ في مَركبي كالفُتُـوح
*** ***
هذه للحكيـمِ دون البَـرَايَا ما تَجَلّـتْ إلاّ وبالشِّعرِ تُوحـي
*** ***
(11)
بالعناقيدِ ناءَ مَوكِبُ عُرسي ونَما في الفُؤاد شوقي وأُنْسي
وتَهادَتْ مَراكبي في اختيالٍ تَنهَبُ البحرَ .. يا مراكبُ إرْسي
قد طَوَيْتُ الزّمانَ والأرضَ حتّى حَفِيَتْ بالعَذاب أقلامُ طِرسي
وأنا الآنَ كالأميـر جـلالا وغدي في الزمان يَلعَنُ أمسي
يا عروسَ البِحار كوني بقُربي عن قَريبٍ يُفَعِّلُ الكونُ عُرسي
*** ***
(12)
حُفَّ عُرسي بالغَـار والتّكريمِ بالأكاليل حُفَّ عُرسُ الحكيمِ
فامتلأنا سعـادةً كالثّـمَالَى وارتَقيْنا تَكبُّـرًا كالنُّجـوم
أنا في جنّةِ العرائسِ وحدي واشتياقُ الحكيم فوق الغيوم
والهدايا تَراكمَتْ فوق فُـلكـي والصّبايَا مُلَوِّحاتٍ ، و تُومي
ورحلنا فصار لي البحرُ رَهْوًا والعصا هَوَّنَتْ عليَّ قُدومي
*** ***
(13)
وأطلنا المَسيرَ بِضعَ ليـالٍ والمَواويلُ في المَدَى لا تُبالي
ورسَوْنا على مَرافئِ قومي ونزلنا ؛ ثـلاثة ً كاللآلي
كنتُ أمشي على جبين الثُّرَيَّا وعَروسُ البحار تحت ظِلالي
وعَروس الحكيم تمشي حياءً فتنةً .. يا جمالَها ، لا أُغالي
واحتَفَى الكونُ والشُّروقُ وحتّى مُنتدانا المُبَجّلُ المُتَـلالي
*** ***
(14)
خاليَ الشّرقُ في هوايَ، وعمِّي مَغرِبُ الشمس، والجزائرُ داري
وأبي في جزائـر البحـر بـدرٌ وأمامي في العاشقين مَسـاري
وسفيـني مواجـعي وحنيـني والمُنَى الخافقاتِ أَلـْـسُنُ ناري
وأنا اليـومَ سِنـدَبـادُ القـوافي وغَـدي .. أيُّها الغَـدُ المُتـواري
يا مدَى الضّاد مُـدّني لستُ أخشى لا غدي.. لا مراكبي.. لا بحاري
*** ***
سِـندَبَــادُ القَـوافـي ((طلال سعود))
الجلفـــة يوم 28/07/2009
قلت : لو ترك شاعرنا هذه العبارة (وبعد أن زوّده ببساط سليمان .. و عصا موسى .. و فُلك نوح... ) لكان أولى .. على كلّ نقلتها لجمالها فلا عتب إن شاء الله