اسم الكتاب:
نصَّ الحافظ ابن حجر على تسمية الكتاب في المقدمة فقال: وسميته "تعجيل المنفعة بزوائد رجال الأئمة الأربعة"، وقد طُبع الكتاب بهذا الاسم.

توثيق نسبة الكتاب إلى المؤلف:

ثبوت نسبة هذا الكتاب للحافظ ابن حجر أمرٌ لا شكَّ فيه ولا ريب، ولعلَّ مما يُقوِّي هذا الأمر ويزيده تأكيدًا ما يلي:

1. الاستفاضة والشهرة، فقد اشتهر هذا الكتاب بنسبته للحافظ ابن حجر بين أهل العلم والمتخصصين في الحديث ورجاله.

2. أن الحافظ ابن حجر قد عزا في هذا الكتاب إلى كتبه الأخرى، فقال في المقدمة: وكنت قد لخصتُ "تهذيب الكمال" وزدتُ عليه فوائد كثيرة، وسميته "تهذيب التهذيب" وجاء نحو ثلث الأصل. "تعجيل المنفعة" (1/236)، وكذا قال في ترجمة (مليكة الأنصارية جدة أنس أو جدة إسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة): وقد أشبعتُ القول فيها في "فتح الباري" أيُّ القولين أصوب؛ أهي جدة أنس أو جدة إسحاق ؟ "تعجيل المنفعة" (2/660)
3. أنَّ المؤلف قد عزا لهذا الكتاب في كتبه الأخرى؛ فعزا له في "تهذيب التهذيب" (5/270)، و"لسان الميزان" (4/507).
4. وجود عدة نسخ خطية للكتاب مكتوبًا على طرتها اسم الكتاب منسوبًا للمؤلف، كما في موقع مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، وغيره من فهارس المخطوطات.
5. قد نسبه له واستفاد منه عددٌ من العلماء الذين جاؤوا بعده؛ كالسيوطي في "تدريب الراوي" (1/173)، والشيخ طاهر الجزائري في "توجيه النظر إلى أصول الأثر" (1/374)، والشيخ المعلمي في مواضع من "التنكيل"
6. قد نسبه له أصحاب كتب الفهارس والأثبات؛ كالكتاني في "الرسالة المستطرفة" (ص 13)، و(ص 206)، وحاجي خليفة في "كشف الظنون" (1/418)، والبغدادي في "هدية العارفين"، والزركلي في "الأعلام" (1/178)

سبب تأليف الكتاب:
أبان الحافظ ابن حجر عن سبب تأليفه لهذا الكتاب فقال في المقدمة: أما بعد فقد وقفتُ على مصنفٍ للحافظ أبي عبدالله محمد بن علي بن حمزة الحسيني الدمشقي سمَّاه "التذكرة برجال العشرة" ضمَّ إلى من في "تهذيب الكمال" لشيخه المزي من في الكتب الأربعة، وهي: "الموطأ"، و"مسند الشافعي"، و"مسند أحمد"، و"المسند الذي خرجه الحسين بن محمد بن خسرو من حديث الإمام أبي حنيفة"، وحذا حذو الذهبي في "الكاشف" في الاقتصار على من في الكتب الستة دون من أخرج لهم في تصانيف لمصنفيها خارجة عن ذلك كـ"الأدب المفرد" للبخاري، و"المراسيل" لأبي داود، و"الشمائل" للترمذي، فلزم من ذلك أن ينسب ما خرج له الترمذي أو النسائي مثلا إلى من أخرج له في بعض المسانيد المذكورة، وهو صنيع سواه أولى منه، فإنَّ النفوس تركَنُ إلى من أخرج له بعض الأئمة الستة أكثر من غيرهم، لجلالتهم في النفوس وشهرتهم، ولأنَّ أصل وضع التصنيف للحديث على الأبواب أن يقتصر فيه على ما يصلح للاحتجاج أو الاستشهاد بخلاف من رتَّب على المسانيد، فإنَّ أصل وضعه مطلق الجمع .. فالتقطتُ الآن من كتاب الحسيني من لم يترجم له المزي في "التهذيب"، وجعلتُ رموز الأربعة على ما اختاره الشريف، ثم عثرتُ في أثناء كلامه على أوهام صعبة فتعقَّبتها، ثم وقفتُ على تصنيفٍ له أفرد فيه رجال أحمد سمَّاه "الإكمال عن من في مسند أحمد من الرجال ممن ليس في تهذيب الكمال" فتتبعتُ ما فيه من فائدة زائدة على "التذكرة" ثم وقفتُ على جزءٍ لشيخنا الحافظ نور الدين الهيثمي استدرك فيه ما فاتَ الحسيني من رجال أحمد لقطه من "المسند" لما كان يكتب زوائد أحاديثه على الكتب الستة، وهو جزء لطيف جدًا، وعثرتُ فيه مع ذلك على أوهام، وقد جعلت على من تفرَّد به (هب)، ثم وقفتُ على تصنيفٍ للإمام أبي زرعة ابن شيخنا حافظ العصر أبي الفضل بن الحسين العراقي، سمَّاه "ذيل الكاشف" تتبع الأسماء التي في "تهذيب الكمال" ممن أهمله "الكاشف"، وضمَّ إليه من ذكره الحسيني من رجال أحمد وبعض من استدركه الهيثمي، وصيَّر ذلك كتابًا واحدًا، واختصر التراجم فيه على طريقة الذهبي فاختبرته فوجدته قلَّد الحسيني والهيثمي في أوهامها وأضاف إلى أوهام من قبله أوهامًا أخرى، وقد تعقَّبتُ جميع ذلك مبينًا محررًا، مع أني لا أدَّعي العصمة من الخطأ والسهو، بل أوضحت ما ظهر لي فليوضح من يقف على كلامي ما ظهر له، فما القصد إلا بيان الصواب طلبًا للثواب.. وإنما حدا بي على هذا "التلخيص" أن إعادة ما كُتِب وشاع واشتهر يستلزم التشاغل بغير ما هو أولى، وكتابة ما لم يشتهر ربما كانت أعْوَدُ منفعةً وأحرى، ورجال الكتب الستة قد جُمِعوا في عدة تصانيف كـ"رجال الصحيحين" لأبي الفضل محمد بن طاهر، ومن قبله للحاكم، و"رجال البخاري" لأبي نصر الكلاباذي، ثم لأبي الوليد الباجي، و"رجال مسلم" لأبي بكر ابن منجويه، و"رجال الصحيحين وأبي داود والترمذي" لبعض المغاربة، سماه "الزهرة"، وقد ذكر عدة ما لكل منهم عند من أخرج له، وأظنه اقتصر فيه على شيوخهم، و"رجال أبي داود" لأبي على الغساني، وكذا "رجال النسائي"، ثم جمع الحافظ عبدالغني بن عبدالواحد المقدسي رجال البخاري، ومسلم، وأبي داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه في كتابه "الكمال".. فلما رأيتُ كتاب الحسيني أحببتُ أن التقطَ منه ما زاد لينتفع به من أراد معرفة حال ذلك الشخص، فلذلك اقتصرتُ على رجال الأربعة، وسميته "تعجيل المنفعة بزوائد رجال الأئمة الأربعة"..

موضوع الكتاب:
موضوع هذا الكتاب هو التراجم لرجال أربعة كتب، وهذه الكتب للأئمة الأربعة المتبعين في الفقه: أبي حنيفة, ومالك, والشافعي, وأحمد.
أما أبو حنيفة فليس له تأليف, لكن جمع له بعض أتباعه بعض الأحاديث التي كان يرويها في كتاب سماه "مسند أبي حنيفة".
وأما مالك فله الكتاب المشهور "الموطأ".
وأما الشافعي فله "المسند"، وهو مأخوذٌ من "الأم" وغيرها من كتب الشافعي.
وأما الإمام أحمد فله "المسند" المعروف.
فهؤلاء الأئمة الأربعة لهم رواة رووا عنهم ليسوا في "تهذيب الكمال", فكيف يتم الكشف عنهم ؟ فجاء الحافظ الحسيني فألَّف كتابًا في رجال العشرة سمَّاه "التذكرة بمعرفة رواة العشرة"، حيث أخذ كتاب "تهذيب الكمال"، وأضاف إليه رواة الأئمة الأربعة الذين لم يُذكروا في "التهذيب"، ولما كانت مادة كتاب الحسيني معظمها في "تهذيب الكمال", تفطَّن لهذا الحافظ ابن حجر والتقط من كتاب الحسيني رواة الأئمة الأربعة، ورتبه على الحروف، وأضاف إليه أشياء واستدرك عليه أشياء، فإذا أراد الباحث أن يكشف عن رواة أحد الأئمة الأربعة ليس مذكورًا في "تقريب التهذيب" فيكفيه الرجوع إلى كتاب "تعجيل المنفعة".
وقد بدأ المؤلف كتابه بمقدمة بيَّن فيها موضوع كتابه وسبب تأليفه له، ثم ذكر خطبة كتاب الحسيني، واستدرك عليه وناقشه في أشياء ذكرها في خطبته، وقد تضمنت مقدمة الحافظ ابن حجر فوائد حديثية مهمة، ثم بعد أن فرغ من المقدمة شرع في تراجم الكتاب مرتبين على حروف المعجم.
وقد بلغ عدد التراجم في هذا الكتاب (1727) راويًا بحسب طبعة دار البشائر الإسلامية.

شرط المؤلف في هذا الكتاب:
قصد المؤلف في هذا الكتاب الاقتصار على رجال الأئمة الأربعة دون غيرهم ممن ذكرهم الحسيني في كتابه، كما أنه أرادا تتبع رجال الأئمة الأربعة من كتبٍ أخرى غير الكتب التي اعتمد عليها الحسيني، فقال في المقدمة: فلما رأيتُ كتاب الحسيني أحببتُ أن التقطَ منه ما زاد لينتفع به من أراد معرفة حال ذلك الشخص، فلذلك اقتصرتُ على رجال الأربعة، وسميته "تعجيل المنفعة بزوائد رجال الأئمة الأربعة"، وعزمي أني أتتبع ما في كتاب "الغرائب" عن مالك الذي جمعه الدارقطني، فإن فيه من الأحاديث مما ليس في "الموطأ" شيئًا كثيرًا، ومن الرواة كذلك، ثم أتتبع ما في "معرفة السنن والآثار" للبيهقي من الرجال الذين وقع ذكرهم في روايات الشافعي مما ليس في "المسند" ثم أتتبع ما في كتاب "الزهد" لأحمد فألتقط منه ما فيه من الرجال مما ليس في "المسند" فإنه كتاب كبير يكون في قدر ثلث "المسند" مع كبر "المسند"، وفيه من الأحاديث والآثار مما ليس في "المسند" شيءٌ كثيرٌ، ثم أتتبع ما في كتاب "الآثار" لمحمد بن الحسن فإني أفردته بالتصنيف، لسؤال سائلٍ من حُذَّاق أهل العلم الحنفية سألني في إفراده فأجبته وتتبعته واستوعبت الأسماء التي فيه.. وبانضمام هذه المذكورات يصير "تعجيل المنفعة" إذا انضم إلى رجال "التهذيب" حاويًا إن شاء الله تعالى لغالب رواة الحديث في القرون الفاضلة إلى رأس الثلاثمائة.

الرموز التي استعملها المؤلف في هذا الكتاب:
حافظ المؤلف على الرموز التي استعملها الحسيني في كتابه، وزاد إليها رموزًا أخرى، فقال في المقدمة: وجعل الحسيني علامة مالك (ك)، وعلامة الشافعي (ش)، وعلامة أبي حنيفة (فه)، وعلامة أحمد (أ)، ولمن أخرج له عبدالله بن أحمد عن غير أبيه (عب)، ورموز الستة على حالها.. وقد جعلت على من تفرَّد به - أي الهيثمي - (هب).
وجعل الرمز (هـ) علامة على ما استدركه على شيخه الهيثمي، والرمز (تمييز) لما ذُكر لأجل التمييز عن غيره، وليس هو من شرط الكتاب.

منهج المؤلف في الكتاب:
سار المؤلف في تأليف كتابه هذا على النحو التالي:
1. قدَّم المؤلف لكتابه بمقدمة وافيةٍ بيَّن فيها منهجه وموضوع كتابه، وسبب تأليف الكتاب.
2. رتَّب المؤلف كتابه على حروف المعجم في أسماء المترجمين وأسماء آبائهم وأسماء أجدادهم، ولم يُخالف هذا المنهج إلا في حرف الميم فبدأ بمن اسمه محمد، وفي حرف العين فبدأ بمن اسمه عبدالله، وذلك لشرف هذين الاسمين، وبعد أن فرغ من ذكر الأسماء ذكر الكنى، وإذا تكرَّرت الكنى أو الأسماء يقول: تقدَّم في الأسماء أو يأتي في الكنى، وبعد أن فرغ من الكنى ذكر فصلاً فيمن أبهم اسمه من الرواة بذكر اسم أبيه أو جده، ثم فصلاً آخر في ذكر المبهمين بذكر أنسابهم أو قبائلهم، ثم فصلاً آخر فيمن لم يُسمَّ ولم يُنسب ورتبهم بحسب الرواة عنهم، ثم فصلاً آخر في ترتيب عن هؤلاء الأخيرين على كنى الرواة عنهم. وقد مشى المؤلف على المنهج نفسه في تراجم النساء فرتبهن على حروف المعجم، ثم المعروفات بالكنى، ثم المبهمات.
3. تتراوح التراجم في الكتاب ما بين الطويل، كما في ترجم الصحابي الجليل (صفوان بن المعطل) حيث استقصى الحافظ أخباره في هذا الكتاب، وبين التراجم المتوسطة والقصيرة حتى أن بعض التراجم لا يتجاوز المؤلف فيها ذكر اسم الراوي واسم أبيه مكتفيًا في ذلك أنه من رجال "التهذيب"، أو قد يذكر فيه قولاً من أقوال أئمة الجرح والتعديل، ومثال ذلك: السكن بن نافع الباهلي، روى عن عمران بن حُدير، روى عنه أبو خلاد المؤدب والحارث بن أبي أسامة، قال أبو حاتم الرازي: شيخ. "تعجيل المنفعة" (1/595 رقم 392)
4. يذكر المؤلف في اسم الراوي ما يُميِّزه عن غيره، ويبيِّن الصواب في اسمه أو اسم أبيه أو جده، أو نسبه، ومن ذلك: قوله في ترجمة (محمد بن عبدالرحمن بن عبدالله بن سعد بن معاذ).. قلت: إنما جد أبيه سعد بن زرارة، لا سعد بن معاذ، وهو مذكور في "التهذيب" ونسب سفيان أباه إلى جده فقال: عن محمد بن عبدالرحمن بن زرارة، وكانوا يقولون: هذا عامل عمر بن عبدالعزيز، فجلستُ إليه. "تعجيل المنفعة" (2/191)، ومثال آخر: قال الحسيني: (خالد ابن أبي أيوب الأنصاري المدني) عن أبيه وعنه ابنه أيوب، وثقه ابن حبان. فقال الحافظ: قلت: قد بينتُ في ترجمة أيوب بن خالد أن اسم جده صفوان، وأن أيوب حيث روى عن أبيه عن جده أرادَ جده لأمه، وهو أبو أيوب الأنصاري الصحابي المشهور، واسمه خالد بن زيد، فخالد والد أيوب زوج بنت أبي أيوب، لا ولد أبي أيوب، والله أعلم. والحسيني تبع ابنَ حبان فيما ذكره، فإنه كذا قال في التابعين، ولو كان على ظاهره لكان ممن وافق اسمه اسم أبيه، وليس كذلك. "تعجيل المنفعة" (1/485)
5. ربما نقل الحافظ ابن الترجمة كما هي في كتاب الحسيني، وربما صاغها من نفسه، من غير أن يُشير إلى ذلك، وكأنه أراد أن يكون كتابه مستقلاً عن كتاب الحسيني، ومثال ذلك: قال الحسيني: سعيد بن شفي الكوفي، عن ابن عباس، وعنه أبو إسحاق الهمداني، وأبو السفر، وثقه أبو زرعة وابن حبان. "التذكرة برجال العشرة"، وقال الحافظ ابن حجر: سعيد بن شفي الهمداني الكوفي روى عن ابن عباس في قصر الصلاة في السفر، روى عنه أبو إسحاق السبيعي، وأبو السفر سعيد بن يحمد، قال أبو زرعة الرازي: كوفيٌّ همدانيٌّ ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات". "تعجيل المنفعة" (1/584- 585)
6. قام الحافظ ابن حجر بتفسير بعض مصطلحات الجرح والتعديل عند الأئمة، فجعل مصطلح "لا بأس به" عند أبي حاتم توثيقًا لراوي، ومثال ذلك: قال في ترجمة (إبراهيم بن أبي حرة النصيبي): وقد وثقه أيضًا أبو حاتم فقال: لا بأس به. "تعجيل المنفعة" (1/255)، مع أن المعروف أنَّ "لا بأس به" عند أبي حاتم، بمعنى أن الراوي صدوق، وليست توثيقًا عنده. ومثال آخر: تفسيره لمصطلح "ليس بالمشهور"، ففي ترجمة (محمد بن أيوب بن ميسرة بن حلبس الدمشقي أبو بكر الجبلاني).. قال أبو حاتم: صالح لا بأس به، ليس بمشهور. قلت: أورده النباتي في الضعفاء في "ذيل الكامل" .. ولعلَّ مستند النباتي قول أبي حاتم "ليس بمشهور"، ففهم من ذلك أنه عند أبي حاتم مجهول، وليس كذلك، بل مراد أبي حاتم أنه لم يشتهر في العلم اشتهار غيره من أقرانه مثل سعيد بن عبدالعزيز، وأنظاره. "تعجيل المنفعة" (2/171)
7. يورد المؤلف من حديث الراوي ما يُدلِّل به على ثقته أو ضعفه، وربما ذكر الحديث كاملاً، وربما ذكر جزءًا منه، ويحكم على الأحاديث التي يوردها صحةً وضعفًا، ومن ذلك قوله في ترجمة (سالم بن أبي الجعد) عن رجل من أشجع قال: رأى النبي صلى الله عليه وسلم عليه خاتمًا من ذهب.. الحديث. وفيه: فطرحته إلى يومي. ثم عقبه الحافظ بقوله: هذا رواه عنه حصين بن عبدالرحمن، وسنده صحيح. "تعجيل المنفعة" (2/600- 601) ، وذكر في ترجمة (عبدالله ابن ناسج) حديثًا، ثم قال: وهذا إسناد حسن. "تعجيل المنفعة" (1/774)، والكتاب - بل أكثر كتب الحافظ ابن حجر - مليءٌ بإعلال الأحاديث، والكلام عليها صحةً وضعفًا.
8. إذا كان الراوي في "التهذيب" اقتصر المؤلف على اسمه فقط، وقال: هو في "التهذيب"، ومن زاد عليه ذكر ما وقف عليه من حاله ملخصًا.
9. ميَّز المؤلف كلامه عن كلام الحسيني بقوله: "قلت"، وبيَّن الوهم الواقع في الترجمة هل هو من الحسيني أو من ابن العراقي، أو الهيثمي، وقد قال موضحًا ذلك: فلما وقفتُ على "إكمال الحسيني" عزوتُ الوهم إليه، فإن تفرَّد به ابن شيخنا أو شيخنا الهيثمي بينته، فأقول عقب كل ترجمة عثرت فيها على شيءٍ من ذلك "قلت"، فما بعد قلت فهو كلامي، وكذا أصنع فيما أزيده من الفوائد من جرحٍ أو تعديلٍ أو ما يتعلق بترجمة ذلك الشخص غالبًا.
10. يعتني المؤلف بضبط الأسماء المُشكلة بالحروف، ويُحرِّر في ذلك ويُدقِّق - كعادته -، ومن أمثلة ذلك: قوله في ترجمة (شراحيل بن بكيل الخولاني): .. ووقع في النسخة بخط الصدر البكري: ابن بلال، والصواب: بموحدة ثم كاف، وزن عَظِيم، وكتبه الحسيني بلال تبعًا للبكري. "تعجيل المنفعة" (1/638)، وقوله في ترجمة (يوسف بن يونس بن حماس): .. وقال عبدالله بن يوسف التنيسي: عن مالك عن يوسف بن سنان، أبدل يونس فسماه سنانًا، وكذا قال أبو مصعب: عن مالك، قال البخاري: والأول أصح، وذكره ابن حبان في "الثقات".. وذكر مخالفة عبدالله بن يوسف لأصحاب مالك في تسمية والده، ووقع في النسخة (سنان)، والمعروف (سفيان). "تعجيل المنفعة" (2/389- 390)

أهمية الكتاب وبعض مزاياه:
تميَّز هذا الكتاب بمزايا كثيرة من أهمها:
1. مكانة مؤلفه العلمية المرموقة والتي لا تخفى على أحدٍ من أهل العلم وطلبته، وقيمة أي كتاب تزداد بعلو مكانة مؤلفه، كيف لا ومؤلفه حافظ عصره كما لا يخفى.
2. اشتمل هذا الكتاب على إضافات وتحريرات مهمة قلَّ أن توجد في غيره.
3. ما يمتاز به المؤلف في هذا الكتاب وفي سائر كتبه من الدقة في النقول، والأمانة العلمية بالرجوع إلى كلام أهل العلم من مصادره الأصلية.
4. ما اشتمل عليه هذا الكتاب من استدراكات على الحسيني والهيثمي وابن العراقي، كما سبقت الإشارة إليه في المباحث السابقة، وهو أمرٌ واضحٌ في الكتاب، والأمثلة عليه كثيرة.
5. ما اشتمل عليه هذا الكتاب من استدراكات على غير من سبق من الأئمة، ومثال ذلك: (عمارة أو عمار رجل من أهل الشام) عن رجل من خثعم قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم فذكر حديثًا في الفتن، لا أعرف اسمه، وقد أغفله الحسيني ومن تبعه، وذكره ابن عساكر فيمن لم يذكر اسمه في أواخر ترتيب الصحابة في "مسند أحمد"، وقد اختلف فيه على رواية داود بن أبي هند ففي البخاري من طريق سليمان بن كثير عن داود عن عمارة بن عبيد شيخ من خثعم كبير سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر خمس فتن. الحديث، والذي في "المسند" أصوب، وتابع حمادًا عليه مسلمة بن علقمة فقال: عن داود عن عمارة ابن عبيد حدثني رجل من خثعم، وتابعه أيضًا وهب بن بقية عن خالد الطحان عن داود، واعتمد ابن حبان على رواية سليمان بن كثير فقال في الصحابة: عمارة بن عبيد الخثعمي شيخ كبير، كان داود بن أبي هند يقول: إن له صحبة. وأما ابن أبى حاتم فنقل عن بيه فقال ما نصه: عمارة بن عبيد له صحبة روى داود بن أبي هند عن رجل من أهل الشام عنه. انتهى، وهذا مقلوبٌ مخالفٌ لجميع ما تقدم، والصحبة إنما هي للخثعمي الذي لم يُسمَّ وعمارة هو الراوي عن الصحابي لا الصحابي، ومنهم من قال: إن الصحابي هو عمارة كما تقدم. "تعجيل المنفعة" (2/620- 621) فقد اشتمل هذا المثال على أنواع من الفوائد التي أتى بها المؤلف؛ من استدراك على بعض الأئمة، وتحرير القول في هذا الصحابي، وبيان الوهم الحاصل من بعض من ذكره، والله أعلم.
6. يُعدُّ هذا الكتاب فريدًا في بابه في كونه يجمع تراجم رجال الأئمة الأربعة أصحاب المذاهب المشهورة، فمن أراد البحث عن حال راوٍ من رواة هذه الكتب، فإنه يكفيه الرجوع إلى "تعجيل المنفعة"، بل قد لا يجد هذا الراوي إلا في هذا الكتاب أو كتاب الحسيني.
7. هذا الكمّ الكبير من الأحاديث التي اشتمل عليها الكتاب.
8. ما اشتمل عليه هذا الكتاب من أحكامٍ على الأحاديث وبيان صحيحها من سقيمها، وبيان كثير من العلل، كما هي عادة الحافظ ابن حجر في كثيرٍ من كتبه، ومثال ذلك: في ترجمة (أسد بن كرز بن عامر البجلي القسري) قال الحسيني: له صحبة ورواية، عداده في أهل الشام، روى عنه حفيده خالد بن عبدالله القسري الأمير.. فتعقَّبه الحافظ ابن حجر بقوله: ورواية خالد حفيده عنه منقطعة. "تعجيل المنفعة" (1/297).

عناية الباحثين بالكتاب:
ألَّف أحمد شاغف كتاب "زبدة تعجيل المنفعة لمن يريد زوائد رجال الأئمة الأربعة"، وطُبع في دار الوطن- الرياض، سنة (1420هـ).
وقام الدكتور إكرام الله إمداد الحق بتحقيق الكتاب في رسالة علمية (دكتوراه) مقدمة إلى كلية الدعوة وأصول الدين بجامعة أم القرى بمكة المكرمة، بإشراف: د. أحمد محمد نور سيف، ونوقشت الرسالة في 30/11/1414هـ.

طبعات الكتاب:
طبع الكتاب في دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدكن بالهند، سنة (1314هـ).
وطبع بتحقيق: عبدالله هاشم اليماني بالمدينة المنورة، دار المحاسن – القاهرة، عام (1386هـ).
وطُبع الكتاب بتحقيق: د. إكرام الله إمداد الحق في رسالة علمية كما سبق، ونشرته دار البشائر الإسلامية، الطبعة: الأولى، سنة 1416هـ.


* المصدر: الجمعية السعودية للسنة وعلومها.
http://www.dar-alquran.com/Detail.aspx?ArticleID=1667