السؤال


ملخص السؤال:
شابٌّ يَسأل عند حُدود العلاقة بين الأخ وأخته، وما يجوز النظر إليه وما لا يجوز.

تفاصيل السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سؤالي عن: حُدود العلاقة بين الأخ وأخته؛ فقد رأيت شخصاً يتصرف مع أخته تصرفاً معيباً وغير مقبول أخلاقيًّا، فأخبرتُه بأن هذا لا يصح، فتهكَّم عليَّ وأخبرني أنها أخته وهو يَمزح معها، وكلٌّ منهما يرى أن هذا تصرُّف طبيعي ولا يتعدَّى المزاح!


فأرجو منكم أن تخبروني بمدى حدود العلاقة بين الأخ وأخته


الجواب

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:
فالمتأملُ للشريعة الإسلامية أيها الأخ العزيز يُدرك أن الشارعَ الحكيمَ حَدَّ حدودًا أَوْجَبَ علينا عدم تعديها، وأنزل كلَّ ما نحتاج إليه مِن أحكامٍ، ووضَّحها وشرحها تفضُّلًا منه وإحسانًا، لكي نهتدي ببيانه، ولئلَّا نضلَّ عن صراطه المستقيم، والقرآنُ الكريمُ تضمَّن الكثير مِن التنظيمات الاجتماعية في ثناياه، وربط تنظيم الحقوق والواجبات بشريعةِ الله؛ قال الله تعالى في كتابه العزيز: ﴿ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [النساء: 176]، وهي صيغةٌ جامعة شاملة بكل شيء؛ مِن علاقات الأسر، وعلاقات المجتمعات، مِن الأحكام والتشريعات، فإما أن نتبعَ بيان الله في كل شيء، وإما الضلال، فهما طريقانِ لحياة الخَلْقِ، لا ثالث لهما؛ طريق بيان الله فهو الهدى، وطريق مَن عداه فهو الضلال، كما قال سبحانه: ﴿ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ ﴾ [يونس: 32].


إذا تقرَّر هذا سلمك الله، فلندلف ثانية لموضوع الاستشارة، وعلاقة الأخ بأخته، وهي كبقية المسائل الاجتماعية لم تخلُ مِن حكم شرعي، فقد نَصَّ الأئمةُ على أن: ما لا يَجوز النظر إليه مِن المحارم لا يجوز لَمْسُه، ومِن بابِ أولى وأحرى، فالأخ لا يجوز له النظر إلى عورة أخته، والدبُر مِن أشد العورات المغلظة، ومِن ثَم يَحرُم عليه لمسها باتفاق أهل العلم.


والراجحُ أن عورة الأخت مع أخيها جميع بدنها، إلا ما يظْهر عادةً داخل البيت؛ مِن الوجْهِ، واليديْنِ، والقدمَينِ، والسَّاقينِ، والرَّأسِ، والشَّعْرِ، والعنقِ، فلا يجوز النظَر إلى ما سوى ذلك، فضلًا عن مسِّه؛ وهو مذهب المالكيَّة والحنابلة على المعتمَد، ووجْهٌ عند الشافعيَّة.


واستدلَّ أهْلُ العِلم بما رُوِي عن أنس رضيَ الله عنْه: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أتى فاطمة بعبدٍ قد وَهَبَه لها، قال: وعلى فاطمة رضِيَ الله عنها ثوبٌ إذا قَنَعَت به رأسَها لَم يبلغ رِجْلَيْها، وإذا غطَّت به رِجْلَيْها لم يبلُغْ رأْسَها، فلمَّا رأى النبيُّ صلى الله عليه وسلم ما تلْقى، قال: ((إنَّه ليس عليكِ بأسٌ؛ إنَّما هو أبوكِ وغلامكِ))؛ رواه أبو داود، وصححه الألبانيُّ في الإرواء.


والشارعُ الحكيم إنما حرَّمَ ذلك لحكمٍ جليلة؛ لأنه يعلم مِن حال خلْقِه أن التساهُل في مثلِ هذا قد يَجُرُّ بعد فترةٍ مِن الزمان للشر، وإن كان في أول الأمر بسلامة صدر ونية حسنة، ولكن ((مَن حام حول الحمى أوشك أن يقَع))؛ كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.


نسأل الله العلي الأعلى أن يُصلح أحوال المسلمين

وأن يرزقنا العمل بالكتاب والسنة


http://www.alukah.net/fatawa_counsel...#ixzz4NMwNxTGK