الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أما بعد…
كثيرة هي العلامات التي تميز أهل البدع والأهواء عن أهل السنن والآثار سواء كان في باب المسائل أو الدلائل أو الوسائل أو العلامات ومن أدقها: تجزئة السنن والأحكام، فيَتَّبِعُ الإنسانُ بعضها ويترك البعض الآخر.
وتفرقة الإسلام والإيمان، فيؤمن ببعض ويكفر ببعض؛ علامة على الضلال المبين والخذلان الكبير ؛ تارةً بسبب جحود الحق، وتارة أخرى بسبب التمسك بالباطل، وتارة ثالثة بسبب اشتباه الحق بالباطل … لهذا لا تجد مبتدعاً قط إلّا ومنشأ بدعته من التفرقة بين الأشياء المتوافقة، أو الجمع بين الأشياء المتفرقة؛ وقد يجتمعان.
لهذا؛ في باب تمييز السنة عن البدعة، ومعرفة أسباب الانحراف عن الجادة يحتاج الناظر إلى معرفة جهة التفرقة والتجزئة قبل تكييف البدعة ونقدها والتحذير منها والحكم على أصحابها ؛ إذ أخصّ خصائص صاحب البدعة هو وقوعه في التفرقة أو التجزئة .
(وفاعل البدعة إذا لم يقع فيهما ؛ فهو في الغالب يكون مجتهدا أو متأوّلاً ؛ ولا يكون ابتداعه راجعاً إلى أصل فاسد أو فهم كاسد) ؛ لهذا حذر الله تعالى الخلق من ذلك في غير موضع من كتابه ؛ فقال : { أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ} [البقرة: 85], وقال تعالى : {وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ} [النساء: 150], … وعند المفسرين أن الكفار: الذين فرقوا بين الرسل، وأهل البدع الذين: اتبعوا بعض النصوص وأعرضوا عن البعض الآخر؛ كلهم داخلون في الذم الوارد في الآية …
وصاحب التفرقة المتعلق بأبواب التجزئة يسلك سبيل التناقض ويجتهد في فعل الباطل ويرفع شعار إلقاء العداوة بين اللوازم .
وإكمالاً للمقصود وتيسيراً للمطلوب نشير إلى أنواع التفرقة والتجزئة التي توقع العبد في الكفر أو البدعة أو الانحراف عن الجادة والسنة؛ وهي:
– إلقاء العداوة بين القرآن والسنة .
– إلقاء العداوة بين الربوبية والألوهية .
– إلقاء العداوة بين العقيدة والشريعة .
– إلقاء العداوة بين الشريعة والسياسة .
– إلقاء العداوة بين الشرع والقدر .
– إلقاء العداوة بين العلم والرحمة .
– إلقاء العداوة بين النقل والعقل .
– إلقاء العداوة بين المكي والمدني .
– إلقاء العداوة بين الظاهر والباطن .
– إلقاء العداوة بين العلم والسيف .
– إلقاء العداوة بين الرجاء والخوف .
– إلقاء العداوة بين الإخلاص والاتباع .
– إلقاء العداوة بين التصفية والتربية .
– إلقاء العداوة بين الحديث والفقه .
– إلقاء العداوة بين المتقدمين والمتأخرين .
– إلقاء العداوة بين الصحابة والتابعين .
– إلقاء العداوة بين الراعي والرعية .
– إلقاء العداوة بين العالم والحاكم .
– إلقاء العداوة بين الواجب والواقع .
– إلقاء العداوة بين الألفاظ والمعاني .
– إلقاء العداوة بين الصحابة وأهل البيت.
– إلقاء العداوة بين الأنصار والمهاجرين .
– إلقاء العداوة بين الأصول والفروع .
– إلقاء العداوة بين الحكمة والدعوة .
– إلقاء العداوة بين العام والخاص .
– إلقاء العداوة بين كلمة التوحيد وتوحيد الكلمة .
– إلقاء العداوة بين الفطرة والعقل .
– إلقاء العداوة بين المتواتر والآحاد .
– إلقاء العداوة بين العزيمة والرخصة .
– إلقاء العداوة بين الفاضل والمفضول .
– وإلقاء المودة بين الكفر والإيمان.
– وأخيرا إلقاء المحبة بين السنة والبدعة .

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.