تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 50

الموضوع: سلسلة تعريف اسماء الله الحسنى

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jul 2016
    المشاركات
    173

    افتراضي سلسلة تعريف اسماء الله الحسنى

    بسم الله الرحمن الرحيم
    تعريف أسماء الله الحسنى

    لا ريب ان شرف العلم بشرف المعلوم واذا كان المعلوم هو مؤصل العلوم فلا ريب اذا ان العلم به هو أصل كل العلوم واعظمها. وبما أن الله خلق الخلق لعبادته وأرسل رسلا وأنزل كتبا ليعرف فيحب وليعظم فيطاع فكان واجب علينا التعرف على الله بما تعرف به الينا في كتابه وعلى لسان نبيه ثم الإجتهاد في طاعته فان الذي يتعرف على الآمر ثم يتعرف على الأمر يتفانى في طاعة الآمر والذي يتعرف على الأمر ثم يتعرف على الآمر يتفنن في التفلت من الأمر. وهذه حالة الأمة الا من رحم ربي تعرفوا على أمر ربهم ولم يعرفوا ربهم فتفننوا في التفلت من الأمر ولو أنهم تعرفوا على ربهم أولا لكان خيرا لهم ولكن أكثر الناس لا يعلمون. قال تعالى: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا (12) وقال تعالى: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِي نَ وَالْمُؤْمِنَات ِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ (19) فذكر العلم قبل العمل. وهذا لا يعني ان لا نعبد الله حتى نتعرف عليه لأن الله فطر العباد على معرفته وعلى طاعته ولكن من باب تصليح العقائد والأعمال وزيادة الحب والخوف والرجاء.

    المهم لقد دلنا النبي صلى الله عليه وسلم أن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة فعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن لله تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدا، من أحصاها دخل الجنة» (صحيح البخاري) وقال تعالى: وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (180) والإحصاء هو العد والفهم والحفظ والعمل بمقتضاها. فالذي فقه أن الله هو السميع البصير لن يتكلم ولن يفعل الا ما يرضي الله سبحانه كذلك من فقه ان الله هو الرازق الرزاق فلن يلجأ في طلب الرزق الا الى الله ... وليس المعنى أن لله تسعة وتسعين اسما أنها محصورة في هذا العدد طبعا لا فان الله حميد مجيد سبحانه له الأسماء الحسنى كلها ولكن منها ما تعرف بها الينا ومنها ما اخفاها عنا فعن عبدالله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما أصاب أحدا قط هم ولا حزن فقال : اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك ، ناصيتي بيدك ، ماض في حكمك ، عدل في قضاؤك ، أسألك بكل اسم هو لك ، سميت به نفسك أو علمته أحدا من خلقك ، أو أنزلته في كتابك أو استأثرت به في علم الغيب عندك ، أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري ، وجلاء حزني وذهاب همي . إلا أذهب الله همه وحزنه وأبدله مكانه فرحا " . قال : فقيل : يا رسول الله ، أفلا نتعلمها ؟ قال : فقال : " بلى ، ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها " . (أخرجه الإمام أحمد وصححه العلماء) .

    واعلم انه لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أي حديث تم فيه تعيين هذه الأسماء كما اتفق عليه اهل الحديث. فلذلك اجتهد الناس في احصائها وكل بطريقته. فمنهم من اخذ بالأسماء التي في الأحاديث الضعيفة التي اشرت اليها وغيرها ومنهم من اشتق من صفات الله اسماء لم يتسمى ربنا بها ومنهم من وفق القواعد اللغوية والعقائدية استنبطها من الأيات والأحاديث الصحيحة وهؤلاء هم اهل الوسط بين الفريقين. فلذلك أذكر هنا ببعض هذه القواعد المهمة، منها:

    1- لا نصف الله الا بما وصف به نفسه في كتابه وبما وصفه به رسوله محمد صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل بل نؤمن بأن الله سبحانه كما قال عن نفسه:.. لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11). فلا ننفي عنه ما وصف به نفسه ولا نحرف الكلم عن مواضعه ولا نلحد في أسماء الله وآياته ولا نكيف ولا نمثل صفاته بصفات خلقه لأنه سبحانه لا سمي له ولا كفو له ولا ند له ولا يقاس بخلقه - سبحانه وتعالى - فإنه سبحانه أعلم بنفسه وبغيره وأصدق قيلا وأحسن حديثا من خلقه ثم رسله صادقون مصدوقون؛ بخلاف الذين يقولون عليه ما لا يعلمون ولهذا قال سبحانه وتعالى: سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (180) وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (181) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (182) فسبح نفسه عما وصفه به المخالفون للرسل وسلم على المرسلين لسلامة ما قالوه من النقص والعيب

    2- أسماء الله تعالى كلها حسنى قال تعالى: اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى (8) وهي التي تقتضي المدح والثناء بنفسها.

    3- أسماء الله تعالى أعلام وأوصاف أعلام باعتبار دلالتها على نفسه، وأوصاف باعتبار ما دلت عليه من المعاني وهى بالاعتبار الأول مترادفة لدلالتها على مسمى واحد، وهو الله عز وجل، وبالاعتبار الثاني متباينة، لدلالة كل واحد منهما على معناه الخاص.
    ف "الحي، العليم، القدير، السميع، البصير، الرحمن، الرحيم، العزيز، الحكيم" كلها أسماء لمسمى واحد وهو الله سبحانه وتعالى، لكن معنى الحي غير معنى العليم، ومعنى العليم غير معنى القدير، وهكذا.
    وإنما قلنا بأنها أعلام وأوصاف لدلالة القرآن عليها، كما في قوله تعالى: {وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} ، وقوله: {وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ} ، فإن الآية الثانية دلت على أن الرحيم هو المتصف بالرحمة. ولإجماع أهل اللغة والعرف أنه لا يقال: عليم إلا لمن علم، ولا سميع إلا لمن سمع، ولا بصير إلا لمن له بصر. وهذا أمر أبين من أن يحتاج إلى دليل.

    4- دلالة أسماء الله تعالى على ذاته وصفاته تكون بالمطابقة، وبالتضمن، وبالالتزام.
    مثال ذلك: "الخالق" يدل على ذات الله، وعلى صفة الخلق بالمطابقة، ويدل على الذات وحدها وعلى صفة الخلق وحدها بالتضمن، ويدل على صفتي العلم والقدرة بالالتزام.

    5- أسماء الله تعالى توقيفية لا مجال للعقل فيها
    وعلى هذا فيجب الوقوف فيها على ما جاء به الكتاب والسنة، فلا يزاد فيها ولا ينقص، لأن العقل لا يمكنه إدراك ما يستحقه تعالى من الأسماء، فوجب الوقوف في ذلك على النص، لقوله تعالى: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} وقوله: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} ، ولأن تسميته تعالى بما لم يُسَمِّ به نفسه أو إنكار ما سمى به نفسه جناية في حقه تعالى، فوجب سلوك الأدب في ذلك، والاقتصار على ما جاء به النص.

    6- باب الصفات أوسع من باب الأسماء وذلك لأن كل اسم متضمن لصفة ولأن من الصفات ما يتعلق بأفعال الله تعالى، وأفعاله لا منتهى لها، كما أن أقواله لا منتهى لها. واعلم أنه لا يجوز اشتقاق الأسماء من الصفات كقولك بطش الله فهو الباطش مكر الله فهو الماكر سبحانه هذا لا يجوز أما من باب الإخبار فهذا شيء آخر.

    7- أفعال الرب تبارك وتعالى صادرة عن أسمائه وصفاته، وأسماءُ المخلوقين صادرةٌ عن أفعالهم، فالرب تبارك وتعالى فِعاله عن كماله، والمخلوق كماله عن فعاله، فاشتقت له الأسماء بعد أنْ كمل بالفعل..

    8- الاسم يتميز عن الفعل والحرف بخمس علامات جمعها بن مالك في قوله : بالجر والتنوين والندا وأل - ومسند للاسم تمييز حصل ، فالعلامة الأولي الجر كقوله : ( وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ) ( تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) (فصلت:2) (الفرقان:58) ، والعلامة الثانية التنوين كقوله : ( لَقَدْ كَانَ لِسَبَأٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ ) (:15) ( لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) (فصلت:42) ، العلامة الثالثة النداء كما ثبت عن النبي بإسناد صحيح أنه كان يقول في دعائه يا حي يا قيوم ، العلامة الرابعة : أل المعرفة كقوله تعالى : ( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) (الأعلى:1) ( تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ ) (يس:5) العلامة الخامسة : الإسناد إليه بأن يسند إليهما تتم به الفائدة سواء أكان المسند فعلا أم اسما أم جملة ، وهذه من أبرز العلامات في التمييز بين الاسم والصفة ( وَرَبُّكَ الغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ ) ومع العلامات السابقة للإسم يجب أن يكون الاسم في إطلاقه مقتضيا للمدح والثناء بنفسه ، فان من شرط إطلاق الاسم من الصفة أن تكون الصفة في حال إطلاقها غير منقسمة إلى كمال ونقص أو جامدة .

    فبناءا على هذه القواعد وخاصة على القاعدة الخامسة والثامنة يمكن احصاء الأسماء بطريقة سليمة.
    هم، في هذا البحث سيتم تعريف اسماء الله الحسنى التسعة والتسعون التي تعرف بها الينا ربنا في كتابه وفي أحاديث نبيه صلى الله عليه وسلم.
    ومنهجي في تعريف الأسماء هو أني أذهب أولا الى معرفة دلالة الأصل وهو الفعل الذي منه اشتقاق الإسم وذلك بتصفح كتاب المقاييس للإمام اللغوي ابن فارس رحمه الله وكتاب اشتقاق اسماء الله للزجاجي رحمه الله وغيرهم ثم أبحث عن التفسير في الكتب والبحوث الموجودة على موسوعة الشاملة وعلى النت واهمها عندي كمرجعية كتاب تفسير اسماء الله الحسنى للزجاج رحمه الله وكتاب شأن الدعاء للخطابي رحمه الله وكتاب النهج الأسمى في شرح اسماء الله الحسنى للشيخ محمد الحمد الحمود جزاه الله خيرا ، لأسماء الله الحسنى الموجود على النت وغيرها أيضا ثم أنتقل الى البحث عن تعريفات شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم في كتبهم قدس الله أرواحهما عبر محرك موسوعة الشاملة وهي تعريفات لا يستغنى عنها في هذا الباب. ثم ارجع الى كتاب ربي الكنز الأعظم فابحث عن الآيات التي ذكرت فيها الأسماء وأتفقد بعض المعاني والدلالات التي قد نكون غفلنا عنها. ثم في الآخير اكتب التعريف واضخم الخط لتمييزه عن غيره. وبعض الأحيان أكتب الأدلة العقلية النقلية الدالة على صحة معاني بعض الأسماء وذلك لرفع الشبهات وترسيخ الإيمان.

    والواجب في التعريف ان يكون دقيقا وجيزا جامعا للمعاني مانعا لدخول معاني أخرى ومباينا لرسم المعرف عنه. وقد يصعب ذلك مع بعض الأسماء ولكن أختصر على قدر المستطاع.
    تنبيه : علمت التعريفات باللون الأحمر وان شاء الله عندما انتهي من السلسلة انشر البحث ككتاب
    والتعريفات كالتالي:

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jul 2016
    المشاركات
    173

    افتراضي


    1-2- هو الأول والآخِر قال تعالى: هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (3)
    وهما اسمان متقابلان فالأول يفيد التقدم مطلقا والآخر نقيضه وهو الأبعد عن المتقدم تلاوة تقول مضى قدما وتأخر أخرا.
    وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم بعض ما في هذين الإسمين من معاني فقال: ...اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء وانت الآخر فليس بعدك شيء...(صحيح مسلم)
    أي هو الأول فلذلك ليس قبله شيء وهو الآخر فلذلك ليس بعده شيء،
    فلو لم يكن الأول لما أمكن وجود مكان ولا أمكن بدء زمان
    ولو لم يكن الآخر لما بقي مكان ولا جرى زمان .
    فالأول هو الذي لم يتقدمه شيء الذي منه بدأ كل شيء
    فلا بداية لأوليته فلذلك ليس قبله شيء
    وهو الآخر الذي لا يتأخر ويبتعد عنه شيء بل اليه يَصير كل شيء
    فلا نهاية لآخريته فلذلك ليس بعده شيء
    فلذلك هو واجب الوجود بذاته لا يستمد لوجوده من غيره
    فمنه ابتدأ كل شيء واليه يعود
    ولذلك هو الذي كان ولم يزل على ما كان وسيبقى على ما كان اي لا تتغير أسماؤه ولا تتبدل صفاته هو الفعال لما يريد ومؤصل الأصول ومسبب الأسباب وخالق المخلوقات واليه تنتهي جميع المحدثات

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jul 2016
    المشاركات
    173

    افتراضي

    3-4- هو الظاهر الباطن قال تعالى: هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (3)

    وهما اسمان فاعل مشتقان من فعل ظهر وفعل بطن
    قال ابن فارس: (ظَهَرَ) الظَّاءُ وَالْهَاءُ وَالرَّاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ وَاحِدٌ يَدُلُّ عَلَى قُوَّةٍ وَبُرُوزٍ. مِنْ ذَلِكَ: ظَهَرَ الشَّيْءُ يَظْهَرُ ظُهُورًا فَهُوَ ظَاهِرٌ، إِذَا انْكَشَفَ وَبَرَزَ. وَلِذَلِكَ سُمِّيَ وَقْتُ الظُّهْرِ وَالظَّهِيرَةِ، وَهُوَ أَظْهَرُ أَوْقَاتِ النَّهَارِ وَأَضْوَؤُهَا. وَالْأَصْلُ فِيهِ كُلِّهِ ظَهْرُ الْإِنْسَانِ، وَهُوَ خِلَافُ بَطْنِهِ، وَهُوَ يَجْمَعُ الْبُرُوزَ وَالْقُوَّةَ. وَيُقَالُ لِلرِّكَابِ: الظَّهْرُ ; لِأَنَّ الَّذِي يَحْمِلُ مِنْهَا الشَّيْءَ ظُهُورُهَا. وَيُقَالُ: رَجُلٌ مُظَهَّرٌ، أَيْ شَدِيدُ الظَّهْرِ. وَرَجُلٌ ظَهِرٌ: يَشْتَكِي ظَهْرَهُ.

    وقال ايضا رحمه الله: (بَطَنَ) الْبَاءُ وَالطَّاءُ وَالنُّونُ أَصْلٌ وَاحِدٌ لَا يَكَادُ يُخْلِفُ، وَهُوَ إِنْسِيُّ الشَّيْءِ وَالْمُقْبِلُ مِنْهُ. فَالْبَطْنُ خِلَافُ الظَّهْرِ. تَقُولُ بَطَنْتُ الرَّجُلَ: إِذَا ضَرَبْتَ بَطْنَهُ. قَالَ بَعْضُهُمْ:

    إِذَا ضَرَبْتَ مُوقَرًا فَابْطُنْ لَهُ

    وَبَاطِنُ الْأَمْرِ دَخْلَتُهُ، خِلَافُ ظَاهِرِهِ. وَاللَّهُ تَعَالَى هُوَ الْبَاطِنُ; لِأَنَّهُ بَطَنَ الْأَشْيَاءَ خُبْرًا. تَقُولُ: بَطَنْتُ هَذَا الْأَمْرَ: إِذَا عَرَفْتَ بَاطِنَهُ. وَالْبَطِينُ: الرَّجُلُ الْعَظِيمُ الْبَطْنِ. وَالْمَبْطُونُ الْعَلِيلُ الْبَطْنِ. وَالْمِبْطَانُ: الْكَثِيرُ الْأَكْلِ. وَالْمُبْطِنُ الْخَمِيصُ الْبَطْنِ. وَالْبُطْنَانُ بُطْنَانُ الْقُذَذِ. وَالْبَطْنُ مِنَ الْعَرَبِ دُونَ الْقَبِيلَةِ. وَالْبُطَيْنُ نَجْمٌ، يُقَالُ: إِنَّهُ بَطْنُ الْحَمَلِ. وَالْبِطَانُ بِطَانُ الرَّحْلِ، وَهُوَ حِزَامُهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ يَلِي الْبَطْنَ...

    ( مقاييس)

    وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم بعض ما في هذين الإسمين فقال : أنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء (صحيح مسلم)

    أي هو الظاهر فلذلك ليس فوقه شيء

    وهو الباطن فلذلك ليس دونه شيء

    فهو القريب في علوه والعلي في دنوه

    واسم الظاهر والباطن من الأسماء المتقابلة التي لا يمكن أن تجتمع في مخلوق

    فالشيء اذا كان ظاهرا بالنسبة الى آخر لا يمكن أن يكون باطنا , والعكس

    فالشمس اذا كانت ظاهرة على السقف , فلا يمكن أن تكون باطنة بالنسبة الى من تحت السقف فلا يصح أن يقال (ليس دونها شيء ( فما دامت ظاهرة فلن تكون باطنة والعكس في السقف لكن الله تبارك وتعالى يجتمع له هذان الوصفان فاذا قلنا ان الله ظاهر عال , فقد يتوهم أنه ليس قريبا منا , وأن غيره من المخلوقات التي هو عال عليها , قد تكون هي (دونه بالنسبة الينا (فلذلك كان هو الباطن الذي ليس دونه شيء أي من كل تلك الأشياء التي هو ظاهر عال عليها.

    فلولا أنه هو الظاهر والباطن معا لكان ظاهرا لبعض خلقه باطنا عن بعضهم إذا لكان محاطا بخلقه أو حالا أو متحدا بهم سبحانه وتعالى عن ذلك.

    فلذلك هو ايضا الظاهر البائن عن خلقه ما ثم فوق الخلق الا الله

    والباطن المحتجب عن خلقه الذي احتجب عنهم بحجاب من نور ونار لو كشفه ﻷحرقت سبحات وجهه ما انتهى اليه بصره من خلقه كما صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ورغم ذلك ليس بينه وبين عباده شيء يسترهم منه .

    هو ايضا الظاهر الذي ظهر لعباده بعلمه وامره الشرعي والباطن الذي بطن عن عباده بعلمه وامره الكوني


    فبالخلاصة الظاهر هو الذي علا فوق خلقه علوا مطلقا وانكشف وبرز لهم بعلمه وأمره الشرعي


    والباطن هو الذي قرب من خلقه قربا لا ينافي علوه فوقهم وخفي عنهم باحتجابه وبعلمه وأمره الكوني

    فمجموع الإسمين الأول والأخر يدلان على الإحاطة الزمانية

    ومجموع الإسمين الظاهر والباطن يدلان على الإحاطة المكانية .

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jul 2016
    المشاركات
    173

    افتراضي

    5- هو الخالق قال تعالى: هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (24)

    والخالق اسم فاعل مشتق من خلق قال ابن فارس: (خَلَقَ) الْخَاءُ وَاللَّامُ وَالْقَافُ أَصْلَانِ: أَحَدُهُمَا تَقْدِيرُ الشَّيْءِ، وَالْآخَرُ مَلَاسَةُ الشَّيْءِ.

    فَأَمَّا الْأَوَّلُ فَقَوْلُهُمْ: خَلَقْتُ الْأَدِيمَ لِلسِّقَاءِ، إِذَا قَدَرْتَهُ. قَالَ:
    لَمْ يَحْشِمِ الْخَالِقَاتِ فَرْيَتُهَا ... وَلَمْ يَغِضْ مِنْ نِطَافِهَا السَّرَبُ
    وَقَالَ زُهَيْرٌ:
    وَلَأَنْتَ تَفْرِي، مَا خَلَقْتَ، وَبَعْ ... ضُ الْقَوْمِ يَخْلُقُ ثُمَّ لَا يَفْرِي
    وَمِنْ ذَلِكَ الْخُلُقِ، وَهِيَ السَّجِيَّةُ، لِأَنَّ صَاحِبَهُ قَدْ قُدِّرُ عَلَيْهِ. وَفُلَانٌ خَلِيقٌ بِكَذَا، وَأَخْلِقْ بِهِ، أَيْ مَا أَخْلَقَهُ، أَيْ هُوَ مِمَّنْ يُقَدَّرُ فِيهِ ذَلِكَ. وَالْخَلَّاقُ: النَّصِيبُ ; لِأَنَّهُ قَدْ قُدِّرَ لِكُلِّ أَحَدٍ نَصِيبُهُ.
    وَمِنَ الْبَابِ رَجُلٌ مُخْتَلَقٌ: تَامُ الْخَلْقِ. وَالْخُلُقُ: خُلُقُ الْكَذِبِ، وَهُوَ اخْتِلَاقُهُ وَاخْتِرَاعُهُ وَتَقْدِيرُهُ فِي النَّفْسِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا} [العنكبوت: 17] .....(مقاييس)

    والخلق يأتي بمعنى الصنع والإنشاء والإيجاد على غير مثال سابق قال تعالى:.. صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ (88) وقال تعالى: وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ (78) وقال تعالى: إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (79)

    فالخالق هو الذي أوجد وأنشأ وصنع كل شيء بعد عدمه وبتقدير مسبق

    وهل يعقل عدم وجود خالق لهذا الكون قال تعالى: أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (35) أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ (36( فقوله { أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ{ يعني أخلِقوا مِن غيرِ خالِقٍ خلقهم أي: لا خالق خلقهم، بل وجدوا من غير إيجاد ولا موجد، وهذا عين المحال. فهذه البنايات والسيارات والطيارات لم توجد صدفة كذلك هذه السماء والكواكب والنجوم والأرض والشجار والنبات والبحار والأنهار لم توجد صدفة... } أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ{ فإذا أنكروا الرب الخالق، ولم يجز أن يوجدوا بلا خالق خلقهم، أفهم الخالقون لأنفسهم؟ وهذا أيضا محال، فإنه لا يتصور أن يوجدوا أنفسهم إذ الموجود نقيض المعدوم فيستحيل أن يجتمعا أو أن يرتفعا.} أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ { ام هم الذين خلقوا هذه السماء والكواكب والنجوم والأرض والأشجار والنبات والبحار والأنهار.... وهذا ايضا عين المحال. فتعين إذا أنه لا بد لهم من خالق وهذا شيء من الفطرة إذ كلنا نعلم ان كل محدَث لا بد له من محدِث وكل مفعول لا بد له من فاعل وكل فعل لا بد له من فاعل وكل مصنوع لا بد له من صانع وكل سبب لا بد له من مسبب وكل صورة لا بد لها من مصور وكل نظام لا بد له من منظم كل أثر لا بد له من مؤثر وكل إحكام لا بد له من محكم... ولا حاجة لمعرفة هذه القضايا الكلية إذ القضية المعينة الجزئية كافية شافية ودالة كقولك هذا البناء لا بد له من بان، وهذه الكتابة لا بد لها من كاتب، وهذا الثوب المخيط لا بد له من خياط وهذه الآثار التي في الأرض من آثار الأقدام لا بد لها من مؤثر وهذه الضربة لا بد لها من ضارب، وهذه الصياغة لا بد لها من صائغ، وهذا الكلام المنظوم المسموع لا بد له من متكلم وهذا الضرب والرمي والطعن لا بد له من ضارب ورام وطاعن فلا داعي أن تقول كل بناء فلا بد له من باني... فهذه القضايا المعينة الجزئية لا يشك فيها أحد من العقلاء، ولا يفتقر في العلم بها إلى دليل بل هي بنفسها أدلة أي آيات تدل بنفسها على فاعلها وهي أسبق إلى الفطرة من القضايا الكلية. ولذلك كانت كل الخلائق آيات للخالق يستدل بها على نفسه المقدسة ويتعرف بها عليه. فالأدلة على وجود الخالق هي كل المخلوقات بعينها فالأدلة لا تحصى وكيف يطلب دليل على من هو دليل على كل شيء .

    فالله هو الخالق وهو الأول والأخر والظاهر والباطن ولا ريب في ذلك هو الذي خلق السماوات والأرض (الأماكن) وجعل الظلمات والنور (الأزمان) .خلق كل شيء من ماء، خلق الماء على متن الريح ثم خلق العرش على الماء ثم خلق القلم وكتب في اللوح المحفوظ مقادير كل شيء وذلك قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة ثم خلق الأرض في يومين يوم الأحد والإثنين ثم خلق الجبال وأرسى الأرض بها وبارك في الأرض وقدر فيها أقواتها في يومين أخرين يوم الثلاثاء والأربعاء ثم خلق يوم الخميس والجمعة السماء من الدخان الذي فوق الأرض ثم فتق أي فصل السماء من الأرض فسواهن سبع سماوات طباق وسبع أراضين كذلك ثم زين السماء الدنيا بزينة الكواكب ثم دحا الأرض وأخرج منها ماءها ومرعاها ثم خلق الملائكة من نور ثم خلق الجنة والنار وخلق الجن من مارج من النار ثم خلق آدم من آديم الأرض فتم الخلق في اليوم السادس وهو يوم الجمعة الذي فيه تقوم الساعة وتجمع الخلائق.

    هو خالق العباد صفاتهم وأفعالهم خالق الخير برحمته وخالق الشر بعدله وحكمته فالخير منه والشر ليس إليه.
    6- هو الخلاق قال تعالى: إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (86)
    والخلاق اسم فاعل على وزن فعال مما يدل على كثرة المعاودة والتكرار وهو مشتق من فعل خلق كما سبق.

    فالخلاق هو المكثر والعواد بالخلق.

    ولقد أتى هذا الإسم في سياق اثبات البعث توكيدا لهذا الأمر.
    قال تعالى: وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ (85) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (86)
    وقال تعالى: أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (81).

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jul 2016
    المشاركات
    173

    افتراضي

    7- هو البارئ قال تعالى: هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (24)
    والبارئ اسم فاعل لمن برأ قال ابن فارس: (بَرَأَ) فَأَمَّا الْبَاءُ وَالرَّاءُ وَالْهَمْزَةُ فَأَصْلَانِ إِلَيْهِمَا تَرْجِعُ فُرُوعُ الْبَابِ: أَحَدُهُمَا الْخَلْقُ، يُقَالُ: بَرَأَ اللَّهُ الْخَلْقَ يَبْرَؤُهُمْ بَرْءًا. وَالْبَارِئُ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ} [البقرة: 54] ، وَقَالَ أُمَيَّةُ:
    الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ
    وَالْأَصْلُ الْآخَرُ: التَّبَاعُدُ مِنَ الشَّيْءِ وَمُزَايَلَتُهُ ، مِنْ ذَلِكَ الْبُرْءُ وَهُوَ السَّلَامَةُ مِنَ السُّقْمِ، يُقَالُ: بَرِئْتُ وَبَرَأْتُ. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ : يَقُولُ أَهْلُ الْحِجَازِ: بَرَأْتُ مِنَ الْمَرَضِ أَبْرُؤُ بُرُوءًا. وَأَهْلُ الْعَالِيَةِ يَقُولُونَ: [بَرَأْتُ أَبْرَأُ] بَرْءًا. وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بَرِئْتُ إِلَيْكَ مِنْ حَقِّكَ. وَأَهْلُ الْحِجَازِ يَقُولُونَ: أَنَا بَرَاءٌ مِنْكَ، وَغَيْرُهُمْ يَقُولُ أَنَا بَرِيءٌ مِنْكَ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي لُغَةِ أَهْلِ الْحِجَازِ: {إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ} [الزخرف: 26] وَفِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنَ الْقُرْآنِ {إِنِّي بَرِيءٌ} [الأنعام: 78] ...(مقاييس)
    فالإسم يرجع الى معنيين الخلق والفصل والمباعدة وقال ابن منظور يقال: برأ الله النسمة وخلق السموات والأرض.( لسان العرب )

    فالبارئ هو الذي خلق الخلائق وفصل الأنفس عن الجمادات بنفخ الأرواح

    قال تعالى: وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (54)

    8- هو المصوّر قال تعالى: هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (24)
    والمصور اسم فاعل مشتق من فعل صور قال ابن فارس: (صَوَرَ) الصَّادُ وَالْوَاوُ وَالرَّاءُ كَلِمَاتٌ كَثِيرَةٌ مُتَبَايِنَةُ الْأُصُولِ. وَلَيْسَ هَذَا الْبَابُ بِبَابِ قِيَاسٍ وَلَا اشْتِقَاقٍ. وَقَدْ مَضَى فِيمَا كَتَبْنَاهُ مِثْلُهُ. وَمِمَّا يَنْقَاسُ مِنْهُ قَوْلُهُمْ صَوِرَ يَصْوَرُ، إِذَا مَالَ. وَصُرْتُ الشَّيْءَ أَصُورُهُ، وَأَصَرْتُهُ، إِذَا أَمَلْتَهُ إِلَيْكَ. وَيَجِيءُ قِيَاسُهُ: تَصَوَّرَ، لِمَا ضُرِبَ، كَأَنَّهُ مَالَ وَسَقَطَ. فَهَذَا هُوَ الْمُنْقَاسُ، وَسِوَى ذَلِكَ فَكُلُّ كَلِمَةٍ مُنْفَرِدَةٌ بِنَفْسِهَا.
    مِنْ ذَلِكَ الصُّورَةُ صُورَةُ كُلِّ مَخْلُوقٍ، وَالْجَمْعُ صُوَرٌ، وَهِيَ هَيْئَةُ خِلْقَتِهِ. وَاللَّهُ تَعَالَى الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ. وَيُقَالُ: رَجُلٌ صَيِّرٌ إِذَا كَانَ جَمِيلَ الصُّورَةِ....(مق ييس)
    وقال تعالى: فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ (8)

    فالمصور هو الذي أعطى كل شيء شكله وهيئته وركبه في صفات خاصة به

    فلا يتماثل جنسان أو يتساوى نوعان ، بل لا يتساوى فردان ، فلكل صورته وسيرته ، وما يخصه ويتميز به عن غيره.

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jul 2016
    المشاركات
    173

    افتراضي

    9- هو العليم قال تعالى: إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (86) والعليم اسم فاعل على وزن فعيل زيادة في المدح والتوكيد، وهو مشتق من فعل علم والعلم خلافه الجهل

    فالله سبحانه هو العليم الذي لا يجهل شيئا فلا يخفى عليه شيئ من المعلومات

    وهو العليم بغير تعليم الذي أحاط علمه بالظواهر والبواطن، وبالإسرار والإعلان، وبالواجبات والمستحيلات والممكنات. وبالعالم العلوي والسفلي، وبالماضي والحاضر والمستقبل، فلا يخفى عليه شيء من الأشياء.
    كيف لا وهو الذي قدر مقادير الخلائق قبل خلقها فإن كل صانع إذا أراد أن يصنع شيئا فقد علمه وأراده وقدر صنعته في نفسه والغاية التي سينتهي إليها وما الذي سيوصله إلى تلك الغاية قبل أن يصنع ذلك الشيء ولله المثل الأعلى قال تعالى: أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14) ولقد دل إحكام واتقان الخلق على علمه.

    10- هو الخبير قال تعالى: أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14)
    والخبير على وزن فعيل زيادة في المدح والتوكيد وهو من فعل خبر
    قال الخطابي: هو العالم بكنه الشىء. المطلع على حقيقته.
    كقوله تعالى: (فاسأل به خبيرا) [الفرقان/59]. يقال فلان بهذا الأمر خبير؛ وله به خبر، وهو أخبر به من فلان؛ أي: أعلم. إلا أن الخبر في صفة المخلوقين إنما يستعمل في نوع العلم الذي يدخلة الاختبار، ويتوصل إليه بالامتحان، والاجتهاد، دون النوع المعلوم ببدائه العقول.
    وعلم الله -سبحانه- سواء فيما غمض من الأشياء و فيما لطف، وفيما تجلى به منه وظهر. وإنما تختلف مدارك علوم الآدميين الذين يتوصلون إليها بمقدمات من حس، وبمعاناة من نظر، وفكر؛ ولذلك قيل لهم: ليس الخبر كالمعاينة، وتعالى الله عن هذه الصفات علوا كبيرا. (شأن الدعاء)

    فالخبير هو العالم ببواطن الأمور
    اي بحقيقتها وبدايتها وغايتها ونهايتها ولوازمها فلا ينبئك مثل خبير وهو خبير بلا تعليم وبلا تدريب سبحانه قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (34) وقال تعالى: إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ (14)

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jul 2016
    المشاركات
    173

    افتراضي


    11-12-13- هو القادر القدير المقتدر
    قال تعالى: قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ (65)
    وقال تعالى: ..يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ (54)
    وقال تعالى: فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ (55)
    والقادر اسم فاعل من قدر يقدر فهو قادر والقدير على وزن فعيل زيادة في المدح والتوكيد والمقتدر على وزن مفتعل قال ابن فارس (قَدَرَ) الْقَافُ وَالدَّالُ وَالرَّاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى مَبْلَغِ الشَّيْءِ وَكُنْهِهِ وَنِهَايَتِهِ. فَالْقَدْرُ: مَبْلَغُ كُلِّ شَيْءٍ. يُقَالُ: قَدْرُهُ كَذَا، أَيْ مَبْلَغُهُ. وَكَذَلِكَ الْقَدَرُ. وَقَدَرْتُ الشَّيْءَ أَقْدِرُهُ وَأَقْدُرُهُ مِنَ التَّقْدِيرِ، وَقَدَّرْتُهُ أُقَدِّرُهُ. وَالْقَدْرُ: قَضَاءُ اللَّهِ تَعَالَى الْأَشْيَاءَ عَلَى مَبَالِغِهَا وَنِهَايَاتِهَا الَّتِي أَرَادَهَا لَهَا، وَهُوَ الْقَدَرُ أَيْضًا......... وَقُدْرَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى خَلِيقَتِهِ: إِيتَاؤُهُمْ بِالْمَبْلَغِ الَّذِي يَشَاؤُهُ وَيُرِيدُهُ، ..( مقاييس)
    وقال تعالى عن الحواريين: إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّون َ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (112)

    فالقادر القدير المقتدر هو المتصف بالقدرة الذي يستطيع بلا عجز وبكل سهولة فعل ما يريده بالمبلغ الذي يشاؤه سبحانه.
    فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.
    ومن تمام قدرته أنه قدر مقادير الأشياء قبل خلقها وكتبها في لوح محفوظ ثم خلقها ومن الأدلة العقلية النقلية على ذلك ان نقول:
    1 - لا ريب أن الله خالق كل شيء اي هو الذي أوجد وأنشأ وصنع كل شيء بعد عدمه وبتقدير مسبق فإن الصانع إذا أراد أن يصنع شيئا فقد علمه وأراده وقدر صنعته في نفسه والغاية التي سينتهي إليها وما الذي سيوصله إلى تلك الغاية قبل أن يصنع ذلك الشيء.
    ولله المثل الأعلى فالله سبحانه قد علم وقدر وكتب مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة ثم خلقهم سبحانه فسواههم وهداهم الى مقاديرهم .
    وهل يعقل أن يسبق فعله علمه
    فان كان كذلك فهو إما مقسور على الفعل تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا لأنه الأول الذي ليس قبله شيء الذي لو لم يكن الأول لما وجد مكان ولا بدأ زمان .
    واما أن يكون خلقه عن جهل وهذا مخالف للمشاهد فالمخلوقات فيها من الأحكام والإتقان ما يستلزم علم الفاعل لها، لأن الفعل المحكم المتقن يمتنع صدوره عن غير علم.
    قال تعالى: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (2) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى (3) فالذي قدر فهدى هو الذي خلق فسوى وهو الرب الأعلى
    وكما ثبت في صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "قدر الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء"
    وفي البخاري عن عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كان الله ولم يكن شيء قبله وكان عرشه على الماء وكتب في الذكر كل شيء وخلق السموات والأرض وفي رواية ثم خلق السموات والأرض "

    ومصداق ذلك أيضا في كتاب الله قال تعالى: وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَه َا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (6) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (7)
    فأثبت أولا سبحانه علمه بمقادير الخلائق كلها ووجودها في كتاب مبين ثم أخبرنا بخلقه للسماوات والأرض بعد أن كان عرشه على الماء ثم اخبرنا الغاية التي خلقنا لها فقال :" لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا "
    وهذا يشبه الحديث من حيث ترتيب الأخبار

    وفي آية أخرى قال : تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2)
    وقال تعالى :وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (165)
    وقال تعالى: وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48)
    فالغاية هي ليبلونا أينا أحسن عملا بما أتانا من كتب وهذه هي العبادة إذ العبادة هي طاعة الله بغاية التذلل والمحبة قال تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56(

    2- اذا عرضنا على العقل السليم ملكا قادرا على ضبط رعيته بارادته فلا يحصل في ملكه الا ما يشاء وملكا غير قادر على ضبط رعيته بارادته فيقع في ملكه ما لا يشاء كان الأول أكمل. ويبين هذا المعنى محاورة جرت بين عبد الجبار الهمداني وأبي إسحاق الإسفراييني، دخل عبد الجبار الهمداني أحد شيوخ المعتزلة - على الصاحب ابن عباد، وعنده أبو إسحاق الإسفراييني أحد أئمة السنة، فلما رأى الأستاذ قال: سبحان من تنزه عن الفحشاء. فقال الأستاذ فوراً: سبحان من لا يقع في ملكه إلا من يشاء. فقال القاضي: أيشاء ربنا أن يُعْصَى؟ فقال الأستاذ: أيُعْصَى ربنا قهراً؟ فقال القاضي: أرأيت إن منعني الهدى، وقضى عَليَّ بالردى، أحسن إليّ أم أساء؟ فقال الأستاذ: إن منعك ما هو لك فقد أساء، وإن منعك ما هو له فهو يختص برحمته من يشاء فبهت القاضي.
    قال تعالى: إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا (29) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (30) يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (31)
    وقال تعالى: وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (29(

    فاثبت لعباده مشيئة وعلقها بمشيئته فلا يحصل في ملكه الا ما يشاء.
    وقال تعالى: اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (35)
    فهو نوره يهدي لنوره من يشاء وقد جعل لنيله أسبابا.
    وعن ابن الديلمي قال: أتيت أبي بن كعب فقلت له: قد وقع في نفسي شيء من القدر فحدثني بشيء لعل الله أن يذهبه من قلبي قال لو أن الله عذب أهل سماواته وأهل أرضه عذبهم وهو غير ظالم لهم ولو رحمهم كانت رحمته خيرا لهم من أعمالهم ولو أنفقت مثل أحد ذهبا في سبيل الله ما قبله الله منك حتى تؤمن بالقدر وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك ولو مت على غير هذا لدخلت النار قال ثم أتيت عبد الله بن مسعود فقال مثل ذلك قال ثم أتيت حذيفة بن اليمان فقال مثل ذلك قال ثم أتيت زيد بن ثابت فحدثني عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك. (رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه وصححه الألباني)
    فثبت عقلا ونقلا ان الله قدر سبحانه ما يريد أن يخلقه من هذا العالم حين كان عرشه على الماء إلى يوم القيامة كما في السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: {أول ما خلق الله القلم فقال: اكتب. فقال ما أكتب؟ فقال: اكتب ما يكون إلى يوم القيامة} . وأحاديث تقديره سبحانه وكتابته لما يريد أن يخلقه كثيرة جدا.

    والحكمة في اخبارنا عن القدر هو لكي لا نأسى على ما فاتنا ولا نفرح أي لا نفخر على الناس بما أتانا قال تعالى: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (23)
    فما أصابنا لم يكن ليخطؤنا وما أخطأنا لم يكن ليصيبنا.
    والله خالق الخير برحمته وخالق الشر بعدله وحكمته والشر ليس اليه.

    وقد ترد هنا شبهة وهي هل الإنسان مخير أم مسير والجواب في الوسط الإنسان ميسر لما خلق له.

    أما كونه مخيراً فلأن الله تعالى أعطاه عقلاً وسمعاً و إدراكاً وإرادةً فهو يعرف الخير من الشر والضار من النافع وما يلائمه وما لا يلائمه، فيختار لنفسه المناسب ويدع غيره، وبذلك تعلقت التكاليف الشرعية به من الأمر والنهي، واستحق العبد الثواب على الطاعة، والعقاب على المعصية. قال تعالى: إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (2) إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (3)

    وأما كونه مسيراً فلأنه لا يخرج بشيء من أعماله كلها عن قدرة الله تعالى ومشيئته، قال عز وجل: وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ رَبُّ العَالَمِينَ {التَّكوير:29}. والآيات والأحاديث في ذلك كثيرة جداً.

    ولذلك الإنسان ميسر لما خلق له، ففي صحيح مسلم أن سراقة بن مالك قال: يا رسول الله؛ بين لنا ديننا كأنا خلقنا الآن، فيما العمل اليوم؟ أفيما جفت به الأقلام وجرت به المقادير أم فيما نستقبل؟ قال: لا، بل فيما جفت به الأقلام وجرت به المقادير. قال: ففيم العمل؟ قال: اعملوا، فكل ميسر، وفي رواية: كل عامل ميسر لعمله.

    وهذا موافق للحس والعقل فلو كانت الخلائق مستقلة بأفعلها وأراد خالقها ان ينفعها او يضرها وهي لم ترده لم يكن ليحصل شيئا.

    فهو سبحانه القادر القدير المقتدر لا يحصل في ملكه الا ما يشاء والقدر من قدرته.

    ومن الفروق بين اسم الله القادر والقدير أن صيغة (فعيل ) فيها زيادة في معنى المدح على صيغة فاعل , مثل عليم على عالم وقدير على قادر , ورحيم على راحم وما دامت هي صيغة مبالغة فلا بد أن تتضمن زيادة تحقق تلك الصفة في الموصوف .
    وقال لي اخ مكرم أنه يوجد فرق بين استعمال هذين الاسمين الكريمين في القرآن
    فقادر يجيء ذكره في القرآن اذا كانت القدرة متعلقة بشيء مخصوص من الأفعال
    أما اذا تعلق الأمر بالعموم والاطلاق ذكر اسم (القدير )
    فالأول مثل قوله عز وجل :وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (37) فهم طلبوا الاتيان بآية دالة على صدقه , فأخبر الله تعالى أنه قادر على ذلك الأمر المخصوص
    وقال تعالى: وَقَالُوا أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا (98) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلًا لَا رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلَّا كُفُورًا (99) فهذه قدرة على خلقهم واعادة بعثهم كما كانوا أول مرة
    وقال تعالى: قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ (65)
    وايضا هذه القدرة خاصة , وهي انزال العذاب على المكذبين
    وقد اجتمع الاسمان في قوله تعالى: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (33)
    فالأول قدرة خاصة والثاني قدرة عامة
    فهو انتقال من الخاص الى العام , فصيغة (كل شيء ) تدل على العموم فناسب أن تقترن باسم القدير
    والفرق بين اسم الله القدير واسم الله المقتدر ذكرته في شرح اسم الله المالك الملك المليك.

    قال تعالى: {وما قدروا الله حق قدره} [الأنعام: 91] ، قال المفسرون: ما عظموا الله حق عظمته. وهذا صحيح، وتلخيصه أنهم لم يصفوه بصفته التي تنبغي له تعالى فلم يبلغوا التعظيم الذي يجب أن يبلغوه .

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jul 2016
    المشاركات
    173

    افتراضي

    14- هو الرب قال تعالى: سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (58)
    والرب اسم فاعل مشتق من فعل رب وهو يرجع الى ثلاثة اصول على الراجح
    يكون الرب: المالك الصاحب للشيء تقول فلان رب الدار أي صاحبها ومالكها ورب الدابة كذلك، وكل من ملك شيئًا فهو ربه.
    ويكون الرب: السيد المطاع ومن ذلك قول لَبيد بن ربيعه:
    وأهلِكنْ يوما رب كِندة وابنه ... ورب معدٌّ بين خبت وعَرْعَرِ
    ويكون الرب: المصلح للشيء المدبر له، القائم على تربيته، حتى أن بعض العلماء قال بأن كلمة رب مشتقة من التربية؛ لأنه سبحانه مدبر الخلق ومربيهم.
    قال أحمد بن فارس: "والرب المصلح للشيء، يقال: ربَّ فلانٌ ضيعته: إذا قام على إصلاحها"انتهى بلفظه.
    وقال القرطبي: "والرب المصلح والمدبر والجابر والقائم، قال الهروي وغيره: يقال لمن قام بإصلاح شيء وإتمامه: قد ربه يرُّبه فهو ربٌّ له ورابٌّ، ومنه سمي الربانيون لقيامهم بالكتب"انتهى بلفظه.
    واجل من ذلك تعريفا تعريف موسى عليه السلام في قوله تعالى عن فرعون: قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَامُوسَى (49) قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (50)

    فالرب هو الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى.

    أي هو المنفرد بخلق الأشياء وتسويتها ثم بتقدير وظائفها وهدايتها
    لأن الرب لغة هو الذي يربي غيره فينشئه شيئا فشيئا فهو الذي له الخلق والأمر.
    ولا ريب انه رب واحد لأنه لو كان هناك ربان أو أكثر اذا لاختل نظام الكون وتقوضت أركانه فإنهما يتمانعان ويتعارضان. وإذا أراد أحدهما تدبير شيء، وأراد الآخر عدمه، فإنه محال وجود مرادهما معا. ووجود مراد أحدهما دون الآخر، يدل على عجز الآخر وتنازله أو عدم إقتداره .واتفاقهما على مراد واحد في جميع الأمور غير ممكن لأن الأول ليس كالآخر. فتعين اذا انه رب كل شيء رب العالمين رب السماوات والأرض وما بينهما رب المشارق والمغارب ورب المشرق والمغرب ربكم ورب ابائكم الأولين فلذلك هو الله إله من في السماوات ومن في الأرض .ومن ربوبيته أنه يربي الأجساد فينزل لعباده من السماء رزقا وكذلك من ربوبيته انه يربي الأرواح فينزل لعباده من السماء روحا

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Jul 2016
    المشاركات
    173

    افتراضي

    15-16- هو الواحد الأحد
    قال تعالى: قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنْذِرٌ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (65)
    وقال تعالى: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)
    وهما اسمان مشتقان من فعل وحد قال ابن فارس: (وَحَدَ) الْوَاوُ وَالْحَاءُ وَالدَّالُ: أَصْلٌ وَاحِدٌ يَدُلُّ عَلَى الِانْفِرَادِ. (مقاييس) وقال بعض أهل اللغة العربية الأحد من وحد إلا أن الواو قلبت همزة وهذا نادر في اللغة العربية. فالإسمان يدلان على الإنفرد واسم الله الأحد أعم بالوحدانية من الواحد وبينهما فروق كما سيتبين.
    قال تعالى: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) فأدخل اللام في الصمد ولم يدخلها في أحد؛ لأنه ليس في الموجودات ما يسمى أحدا في الإثبات مفردا غير مضاف إلاّ الله تعالى بخلاف:
    النفي كقولك ما جائني أحد أو لا أحد في الدار..
    والشرط كقولك إن جاءني أحد من جهتك أكرمته
    والاستفهام كقولك: هل عندك أحد؟
    و العدد المطلق كقولك: أحد اثنان أو أحد عشر وفي أول الأيام يوم الأحد.
    وفي الإضافة كقوله: {فابعثوا أحدكم} {جعلنا لأحدهما جنتين}
    فإذا هذا الإسم لم يسمى به احد إلا الله بخلاف اسم الصمد..
    .. فمعنى الأحد أن الله منفرد بالوحدانية في جميع أسمائه وصفاته وأفعاله فلا مثيل له.
    ولا شك أن العلماء قد فرقوا بين اسم الله الواحد والأحد من وجوه:
    الأول: أن الواحد اسم لمفتتح العدد، فيقال: واحد واثنان وثلاثة. أما أحد فينقطع معه العدد فلا يقال: أحد اثنان ثلاثة.
    الثاني: أن أحداً في النفي أعم من الواحد. يقال: ما في الدار واحد، ويجوز أن يكون هناك اثنان أو ثلاثة أو أكثر. أما لو قال: ما في الدار أحد فهو نفي وجود الجنس بالمرة، فليس فيها أحد ولا اثنان ولا ثلاثة ولا أكثر ولا أقل.
    الثالث: لفظ الواحد يمكن جعله وصفاً لأي شيء أريد، فيصح القول: رجل واحد، وثوب واحد، ولا يصح وصف شيء في جانب الإثبات بأحد إلا الله الأحد: (قل هو الله أحد) فلا يقال: رجل أحد ولا ثوب أحد فكأن الله عز وجل استأثر بهذا الوصف.
    وهناك وجه آخر والحمدلله لاحظ أخي الكريم أن اسم الله الواحد لا يأتي الا كنعت ووصف كما في قوله تعالى : وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (163 البقرة) وفي قوله تعالى: يَاصَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (39) وكذلك في جميع الأيات ولن تجد اسم الله الواحد الا في نفي الألوهية أو نفي الربوبية عما سوى الله
    أما في سورة الإخلاص فقد أتى اسم الله الأحد بمعنى الخبر عن المبتدأ الذي هو لفظ الجلالة "الله".
    ومن الفروق بين النعت والخبر أن الخبر هو الجزء المتم للكلام أما الصفة فلا يشترط فيها ذلك بل تأتي للتمييز ونفي الإشتراكية .كقولك زيد قائم فالكلام واضح أما اذا قلنا زيد ابن فلان قائم فقد زدنا في الوصف وميزنا زيد عن باقي الزيدين فإن حذفنا ابن فلان لم يزل الكلام تاما فالخبر يأتي دائما في الكلام لإسناد أمر ما إلى المبتدأ أما الصفة فتأتي لتخصيص الموصوف ونفي الإشتراكية ويجوز حذفها لأنها فاضلة.
    ففي سورة الإخلاص اخبار أن الله ليس من جنسه أحد ولا يماثله احد ولا يتم الكلام الا بهذا. وهذا فيه الرد على من سأل مما الله كما سأل المشركون أمن ذهبٍ هو، أم من فضّةٍ، أم من حديدٍ، أم من خشبٍ؟
    فالذي نستفيد من هذه النكتة هو تعريف اسم الله الواحد والأحد
    فنقول
    الواحد هو المنفرد بوصفه بلا مشاركة.
    والأحد هو المنفرد بوصفه بلا مماثلة.

    فاسم الله الواحد يدخل في الأحد والعكس غير صحيح.
    وقد بينت بعض الأدلة العقلية النقلية على انفراده بالربوبية والألوهية في شرح اسم الله الإله واسمه الرب
    أما الأدلة العقلية النقلية على أحديته منها
    قوله تعالى: "..ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.."
    وهذه الأية من أهم المسائل في كتاب الله
    وكما تعلمون أن الأيات اما مسائل أو دلائل على هذه المسائل
    والذي يقرأ كتب العقيدة يجد ان العلماء رحمهم الله يستدلون بها كدليل سمعي على نفي المثلية عن الله عز وجل
    ثم يأتون بأدلة عقلية خارج هذه الأية لإثبات هذه المسألة
    ولو تأملنا قليلا الأية التي ذكرت فيها هذه المسألة لوجدنا أنها هي بنفسها في سياق دليل عقلي على نفي المثلية عن الله ثم أتي قوله تعالى : "ليس كمثله شيء وهو السميع البصير" كحكم عام لتأكيد الدليل المذكور.
    قال تعالى: فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11)
    واسم الله الفاطر هو بمعنى الذي بدأ خلق السماوات والأرض بابداع ففتق السماء من الأرض بعد أن كانتا رتقا وكما أنه فتق السماء من الأرض كذلك فتق لكم من أنفسكم أزواجا ومن الأنعام ازواجا وكثركم في الأرض...
    فقوله تعالى : فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ دليل على أنه ليس كمثله شيء لأن الذي خلق هذا الخلق بإبداع اي على غير مثال سابق هو بنفسه ليس له مثال سابق
    وبالتفصيل ان الذي جعل ذات كل جنس من الخلائق على غير مثال سابق كالإنسان فإنه لا يماثله أحدا في الخليقة كذلك الملائكة والجن هو بنفسه أولى أن لا يماثله أحدا في ذاته
    فلذلك قال تعالى في نهاية الأية : لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11)
    فنفى عن نفسه المثلية ثم أثبت لنفسه صفات أزلية لكي لا ينخدع الإنسان ويشبه الله بالعدم وخصص ذلك بالسمع والبصر لحكمة فليحذر الإنسان مما يتكلم به عن الله بغير علم

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Jul 2016
    المشاركات
    173

    افتراضي

    17- هو الوتر ففي صحيح مسلم من حديث أَبِى هُرَيْرَةَ أنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( لِلَّهِ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ اسْمًا مَنْ حَفِظَهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ وَإِنَّ اللَّهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ )
    والوتر من فعل وتر وهو خلاف فعل شفع الذي يدل على الإقتران كما ذكره ابن فارس.

    فالوتر هو الفرد الذي انفرد عن خلقه فجعلهم شفعا

    فالله عز وجل خلق المخلوقات بحيث لا تعتدل ولا تستقر إلا بالزوجية ولا تهنأ على الفردية والأحدية ، يقول تعالى : ( وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) (الذاريات:49) كالذكر والأنثى والأرض والسماء والليل والنهار والشمس والقمر... وهو ايضا الوتر الذي انفرد بصفاته فهو العزيز بلا ذل ، والقدير بلا عجز ، والقوي بلا ضعف ، والعليم بلا جهل ، وهو الحي الذي لا يموت ، القيوم الذي لا ينعس ولا ينام ...

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Jul 2016
    المشاركات
    173

    افتراضي

    18-19-20- هو العلي الأعلى المتعالي.
    قال تعالى: لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (4)
    وقال تعالى: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)
    وقال تعالى: عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ (9)
    وهي اسماء مشتقة من فعل علو وعلي على وزن فعيل زيادة في المدح والتوكيد والأعلى على وزن أفعل مما يدل على التفضيل والمتعالي على وزن متفاعل ويدل على المقابلة قال ابن فارس: (عَلَوَ) الْعَيْنُ وَاللَّامُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ يَاءً كَانَ أَوْ وَاوًا أَوْ أَلِفًا، أَصْلٌ وَاحِدٌ يَدُلُّ عَلَى السُّمُوِّ وَالِارْتِفَاعِ ، لَا يَشِذُّ عَنْهُ شَيْءٌ. (مقاييس)

    واعلم أن العلو في القرآن والسنة ثلاثة أنواع : علو الذات وعلو الشأن وعلو القهر، واسماء الله العلي والأعلى والمتعال دل كل واحد منهم على نوع من أنواع العلو بالتضمن والباقي بالتلازم. فالعلي دل على علو الذات ، والأعلى دل على علو الشأن ، والمتعال دل على علو القهر.

    فهو العلي الذي علا بذاته فسما وارتفع ارتفاعا مطلقا فوق جميع خلقه

    وهو بائن عنهم أي هو منفصل عن المخلوقات، فليس في ذاته شيء من مخلوقاته، ولا في مخلوقاته شيء من ذاته. ولا يحويه أو يُحيط به شيء من خلقه. هو الذي استوى اي علا وارتفع فوق عرشه العظيم وعرشه فوق كرسيه وكرسيه وسع السماوات والأرض وما السماوات السبع في الكرسي إلا كحلقة في أرض فلاة وفضل العرش على الكرسي كفضل تلك الفلاة على تلك الحلقة وكما قال حبر الأمة ابن عباس ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم :ما السموات السبع والأرضون السبع في يد الله إلا كخردلة في يد أحدكم (أخرجه ابن جرير بسند صحيح) ولله المثل الأعلى. وقال تعالى: وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (67) . أما الأدلة على علوه فلا تحصى منها:
    قوله سبحانه وتعالى في كتابه: أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (16) أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ (17) .
    وثبت في الصحيح عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال للجارية: "أين الله؟ "، قالت: في السماء، قال: "من أنا؟ "، قالت: أنت رسول الله. قال: "أَعتِقْها فإنها مؤمنة". وهذا الحديث رواه مالك والشافعي وأحمد بن حنبل ومسلم في صحيحه وغيرهم.
    وقال النبي صلى الله عليه وسلم : "أَلاَ تَأْمَنُونِي وَأَنَا أَمِينُ مَنْ فِى السَّمَاءِ ، يَأْتِينِي خَبَرُ السَّمَاءِ صَبَاحًا وَمَسَاءً " (صحيح البخاري ومسلم )
    وقال أيضا : " ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ "(صحيح الترمذي)
    وليس معنى في السماء أن الله في جوف السماء، وأن السماوات تَحصُره وتَحوِيه، سبحانه فإن هذا لم يَقُلْه أحدٌ من سلف الأمة وأئمتها، بل هم متفقون على أن الله فوق سماواته على عرشه بائن من خلقه، ليس في مخلوقاته شيء من ذاته، ولا في ذاتِه شيء من مخلوقاته. بل معنى في السماء اي في العلو لأن السماء من سما يسمو أي علا يعلو وأيضا في تأتي بمعنى على كما قال تعالى عن فرعون : ..وَلَأُصَلِّبَن َّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ..(71) أي على جذوع النخل.
    وقال الله تعالى أيضا: (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) ، وقال: (يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ) ، وقال: (بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ) وقال: (وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ) ، وقال: (تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) ،
    والله قد فَطَر العباد عَرَبَهم وعَجَمَهم على أنهم إذا دَعَوا الله توجهتْ قلوبهم إلى العلوّ، لا يقصدونَه تحت أرجلهم. ولهذا قال بعض العارفين: ما قال عارفٌ قَطُّ "يا الله" إلاّ وجد في قلبه قبلَ أن يتحرك لسانه معنىً يطلب العلوَّ، ولا يلتفت يمنة ولا يسرةً.
    أما الدليل العقلي على علوه أيضا فنقول كان الله ولا شيء معه، ثمّ خلق العالم، فلا يخلو: إما أن يكون خَلَقَه في نفسه واتصل به، وهذا محالٌ، لتعالي الله عز وجل عن مماسّةِ الأقذار والنجاسات والشياطين والاتصال بها.
    وإمّا أن يكون خَلَقَه خارجًا عنه ثم دخل فيه، وهذا محالٌ أيضًا، لتعالي الله عز وجل عن الحلول في المخلوقات. وهاتان الصورتان مما لا نزاعَ فيها بين المسلمين.
    وإما أن يكون خَلَقَه خارجًا عن نفسِه ولم يحل فيه، فهذا هو الحق الذي لا يجوز غيره، ولا يقبل الله منا ما يخالفه، بل حرَّم علينا ما يناقضه.
    وأما إن قال قائل: إنه لا داخلَ العالم ولا خارجَه، ولا مباين له ولا محايث له. فقد رفع النقيضين ولم يبقي أحدهما أي فقد أنكر وجود الخالق وبالتلازم الخلق وهل يُعقَل إثباتُ خالقٍ للعالم ليس في العالم ولا مباينًا للعالم؟ فلا شك ان الله سبحانه مباين عن خلقه.

    أما من اعتقد أن الله في جوف السماء محصور مُحاط به، أو أنه مفتقر إلى العرش أو غيرِ العرش من المخلوقات، أو أن استواءه على عرشه كاستواء المخلوق على كرسيه فهو ضال مبتدع جاهل.
    ومن اعتقد أنه ليس فوق السماوات إله يُعبَد، ولا على العرش ربٌّ يُصلَّى له ويُسجَد، وأن محمداً لم يُعرَج به إلى ربه، ولا نزلَ القرآن من عنده فهو معطِّلٌ فرعوني ضالٌّ مبتاع. فإن فرعون كذَّب موسى في أن ربه فوق السماوات، وقال: (يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (36) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِباً..)
    ومحمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صدَّق موسى في أن ربَّه في السماوات، فلمّا كان ليلة المعراج وعُرِجَ به إلى الله تعالى وفرضَ عليه ربُّه خمسين صلاةً، ذكر أنه لما رجَع إلى موسى قال له: ارجعْ إلى ربك فاسألْه التخفيف لأمتك، فإن أمتك لا تُطيق ذلك، فرجع إلى ربه فخفَّف عنه عشرًا، ثم رجع إلى موسى فأخبره بذلك، فقال: ارجعْ إلى ربّك فاسألْه التخفيفَ لأمتك. وهذا الحديث في الصحاح .
    فمن وافقَ فرعونَ وخالفَ موسى ومحمدًا فهو ضالٌ، ومن مَثَّل اللهَ بخلقِه فهو ضالٌّ. قال نعيم بن حماد: من شبَّه الله بخلقِه فقد كَفر، ومن جَحَد ما وصف الله به نفسه فقد كفر. وليس ما وصف الله به نفسَه ولا رسولُه تشبيهًا.

    ومنشأ الضلال أن يظنّ أن صفاتِ الربّ كصفاتِ خلقِه، فيظنّ أن الله سبحانه على عرشه كالملك المخلوق على سريره، فهذا تمثيل وضلال. وذلك أن الملك مفتقر إلى سريره، ولو زال سريرُه لسقَط، والله غني عن العرشِ وعن كلِّ شيء، والعرشُ وكلُّ ما سواه فقير إلى الله، وهو حامل العرش وحملة العرش، وعلوُّه عليه لا يُوجب افتقارَه إليه، فإنّ الله قد جَعَلَ المخلوقاتِ عاليًا وسافلاً، وجَعَلَ اَلعاليَ غنيًّا عن السافل، كما جعل الهواء فوق الأرض، وليس هو مفتقرًا إليها، وجعل السماء فوق الهواء، وليست محتاجةً إليه. فالعليُّ الأعلى ربُّ السماوات والأرض وما بينهما أولى أن يكون غنيًّا عن العرشِ وسائرِ المخلوقات وإن كان عاليًا عليها، سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوًّا كبيرًا.
    أما من ظن ان الله فوق بعض خلقه وتحت بعضهم فقد أخطأ وضل لأنه من المعلوم أن السماوات والأرض مستديرة كروية الشكل وأن الجهة العليا هي جهة المحيط وهي المحدب وأن الجهة السفلى هو المركز وليس للسماوات إلا جهتان العلو والسفل فقط. والله تعالى فوق سماواته فهو فوق كل شيء وهو بائن عن خلقه. وأما الجهات الست فهي للحيوان فإن له ست جوانب يؤم جهة فتكون أمامه ويخلف أخرى فتكون خلفه وجهة تحاذي يمينه وجهة تحاذي شماله وجهة تحاذي رأسه؛ وجهة تحاذي رجليه وليس لهذه الجهات الست في نفسها صفة لازمة؛ بل هي بحسب النسبة والإضافة فيكون يمين هذا ما يكون شمال هذا ويكون أمام هذا ما يكون خلف هذا ويكون فوق هذا ما يكون تحت هذا. لكن جهة العلو والسفل للأفلاك لا تتغير فالمحيط هو العلو والمركز هو السفل فإذا قصد الإنسان بدعائه السفل بلا علو كان ينتهي قصده إلى المركز ثم يصعد الى العلو وإن قصد أمامه أو وراءه أو يمينه أو يساره من غير قصد العلو كان منتهى قصده أجزاء الهواء فلا بد من العلو ضرورة سواء قصد مع ذلك هذه الجهات أو لم يقصدها.
    وبعد هذا البيان يقول قائلهم فان كانت السماوات والأرض كروية والله بكل شيء محيط كان الله كرويا سبحانه وتعالى عما يقولون بل ما السماوات والأرض في يده إلا كخردلة في يد أحدنا ولله المثل الأعلى كما قال حبر الأمة ابن عباس ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم :ما السموات السبع والأرضون السبع في يد الله إلا كخردلة في يد أحدكم (أخرجه ابن جرير بسند صحيح) وقال الله تعالى: وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (67) . وفي الحديث المجموع برواياته الصحيحة عن عبيد الله بن مقسم قال: (نظرت إلى عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - كيف يحكي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) (قال: " قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه الآية ذات يوم على المنبر: {وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه , سبحانه وتعالى عما يشركون} (ثم قال: يطوي الله - عز وجل - السماوات يوم القيامة ثم يأخذهن بيده اليمنى , ثم يطوي الأرضين) (ثم يأخذهن بيده الأخرى) وفي رواية: (بشماله ثم يقول: أنا الله) (أنا العزيز, أنا الجبار, أنا المتكبر) (أنا المتعالي) (أنا الكريم) (أنا الملك, أين ملوك الأرض؟) (أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟) (ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول هكذا بيده) (يقبض أصابعه ويبسطها) (ويحركها , يقبل بها ويدبر) (قال: ويتمايل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن يمينه وعن شماله) (فرجف المنبر برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ") (حتى نظرت إلى المنبر يتحرك من أسفل شيء منه , حتى إني لأقول: أساقط هو برسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ ) (الجامع الصحيح للسنن والمسانيد). فالله تعالى محيط بالمخلوقات كلها إحاطة تليق بجلاله لا يماثله فيها أحد.

    ومن الألفاظ المبتدعة قول القائل: هو في جهة أو ليس هو في جهة، وهو متحيز أو ليس بمتحيز، ونحو ذلك من الألفاظ التي تنازع فيها الناس، وليس مع أحدهم نصٌّ، لا عن الرسول ولا عن الصحابة والتابعين لهم بإحسان ولا أئمة المسلمين، فإن هؤلاء لم يقل أحدٌ منهم: إنّ الله في جهة، ولا قال: ليس هو في جهة؟ ولا قال: هو متحيز، ولا قال: ليس بمتحيز؟ ولا قال: هو جسم أو جوهرٌ، ولا قال: ليس بجسم ولا جوهر. فهذه الألفاظ ليست منصوصة في الكتاب ولا في السنة ولا الإجماع. والناطقون بها قد يُرِيدون معنى صحيحًا، وقد يريدون معنًى فاسدًا، فمن أراد معنًى صحيحًا يوافق الكتابَ والسنة كان ذلك المعنى مقبولاً منه، وإن أراد معنًى فاسدًا يخالفُ الكتابَ والسنة كان ذلك المعنى مردودًا عليه.

    فإذا قال القائل: إن الله في جهةٍ، قيل له: ما تُريد بذلك؟
    أتريدُ بذلك أنه في جهة موجودة تحصرُه وتُحِيط به، مثل أن يكون في جوف السماء؟
    أم تريد الجهةَ أمرًا عدميًّا؟ وهو ما فوق العالم، فإنه ليس فوق العالم شيء من المخلوقات.
    فإن أردتَ الجهةَ الوجوديةَ وجعلتَ اللهَ محصورًا في المخلوقات فهذا باطل،
    وإن أردتَ الجهةَ العدمية وأردتَ أن الله وحدَه فوقَ المخلوقات بائن منها فهذا حق، وليس في ذلك شيء من المخلوقات حَصرَه ولا أحاطَ به ولا عَلاَ عليه، بل هو العالي عليها المحيط بها
    ومن قال: إنَّ الله ليس في جهة، قيل له: ما تُريد بذلك؟
    فإن أراد بذلك أنه ليس فوق السماوات ربٌّ يُعبَد، ولا على العرش إلهٌ، ومحمدٌ لم يُعرَج به إلى الله تعالى، والأيدي لا تُرفَع إلى الله تعالى في الدعاء، ولا تتوجه القلوبُ إليه فهذا فرعوني معطِّلٌ جاحدٌ لربِّ العالمين.
    وإن كان معتقدًا أنَّه مُقِرٌّ به، فهو جاهل متناقضٌ في كلامه. ومن هنا دَخَل أهل الحلول والاتحاد كابن عربي، وقالوا: إنّ الله بذاته في كل مكان، وأن وجود المخلوقات هو وجودُ الخالق.
    وإن قال: مرادي بقولي "ليس في جهة" أنه لا تُحيط به المخلوقات، بل هو بائن عن المخلوقات فقد أصاب في هذا المعنى.
    وكذلك من قال: إن الله متحيز، أو قال: ليس بمتحيز، إن أراد بقوله "متحيز" أن المخلوقات تَحُوزُه وتُحِيط به فقد أخطأ. وإن أراد أنه منحازٌ عن المخلوقات لا تَحوِيه فقد أصاب. وإن أراد: ليس ببائنٍ عنها، بل هو لا داخلٌ فيها ولا خارجٌ عنها فقد أخطأ.
    فلا ريب أن الله هو العلي العظيم الذي استوى على عرشه وهو بائن عن خلقه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.

    - هو الأعلى أي هو الذي تعالى بصفاته عن جميع النقائص والعيوب
    فهو الذي تعالى بأحديته عن الأمثال ، وتعالى بوحدانيته عن الشركاء وتعالى بصمديته عن الأصل والفروع والأكفاء وتعالى بعلوه عن الحلول والإتحاد وتعالى بحياته عن الموت وتعالى بقيوميته عن السنة والنوم والزوال وتعالى بعلمه عن الغفلة والنسيان.... وتعالى بحكمته عن العبث وعن ترك الخلق سدى دون غاية قال تعالى: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (2) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى (3) فالله عز وجل كما خلق كل شيء وسواه في أحسن صورة قدر له وظيفته ثم هداه إليها فان الشيء اذا تم خلقه ثم لم يهدى الى ما خلق له فسد وهذا مخالف لربوبية الله لأنه كما ان الناس خلق من خلق الله فلا بد لهم من وظيفة تناسب خلقهم وبما ان كل شيء مسخر لهم فهم اولى بمعرفة وظيفتهم من غيرهم ولا بد ان تكون هذه المعرفة من جنس ما يفهمه الإنسان ولذلك ارسل الله الرسل وانزل الكتب لكيلا لا يفسد الناس قال تعالى: لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ ينَصُرُهُ وَرُسُلهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ(25) ليقوموا بالقسط اي بالعدل. واصل العدل هو التوحيد لأن الرسل لم يُرسلوا الا بلا اله الا الله فاعبدوه قال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (25) وهي الغاية التي خلق لها الإنس والجن قال تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ والْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ(56) واصل الظلم هو الشرك قال تعالى اخبارا عن عبده لقمان: وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَابنُيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13). فمن وحد الله وعبده وحد الناس وعدل ومن اشرك بالله وترك عبادته فرق الناس وافسد. وهذا موضوع سورة الأعلى أن الله تعالى بربوبيته أن يترك عباده بلا وظيفة ولا هداية بعد أن خلقهم وسواهم فإن ذلك يناقض ما نراه في خلقه ولذلك أرسل الرسل وأنزل الكتب ليتذكر ويتزكى من يخشى ولتقوم الحجة على الأشقى وهذا ما تواتر عن الرسل.

    - هو المتعال اي هو المستعلي على كل شيء بقدرتهأي اسمه المتعال جامع لصفة القدرة والفوقية معا ويدل على ذلك سياق الآية التي ذكر فيه اسمه سبحانه قال تعالى: عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ (9) سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ (10) لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ (11) فعالم الغيب والشهادة يدل على إحاطته بالأقوال والافعال الظاهرة والباطنة والكبير يدل على أنه لا شيء اكبر منه والمتعال يدل على قهره فوق عباده بإرساله عليهم حفظة يحفظونهم من أمره تبارك وتعالى قال سبحانه: وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ (61). واسمه المتعالي دال على ألوهيته قال تعالى: مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُون (المؤمنون:91) فلو فرضنا وجود إلهين اثنين متنازعين متشاكسين ، مختلفين ومتضادين ، وإراد أحدهما شيئا خالفه الآخر ، فلا بد عند التنازع من غالب وخاسر ، فالذي لا تنفذ إرادته فهو المغلوب العاجز ، والذي نفذت إرادته هو المتعالي القادر.

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Jul 2016
    المشاركات
    173

    افتراضي

    21- هو القريب قال تعالى: وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُ مْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوه ُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ (61)
    والقريب اسم فاعل على وزن فعيل زيادة في المدح والتوكيد مشتق من فعل قرب يقرب قربا والقرب خلاف البعد وهو بمعنى الدنو.

    فالقريب هو الذي دنا من عباده دنوا لا ينافي علوه فوقهم

    والله تعالى قرب من عباده قربا يليق بجلاله وأحديته ولا ينافي علوه فوق عرشه ومباينته لخلقه ولا يقتضي مماسته وحلوله فيهم تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا بل هو القريب من كل شيء في علوه والعلي فوق كل شيء في دنوه سبحانه هو اقرب الى احدنا من عنق راحلته كما في الصحيح وهو فوق جميع خلقه.
    وهو القريب الذي يقرب من عباده كل يوم في ثلث الأخير من الليل بنزوله الى السماء الدنيا ويقول كما اخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم: أنا الملك , أنا الملك , هل من داع يدعوني فأستجيب له؟ , هل من سائل يسألني فأعطيه؟ , هل من مستغفر يستغفرني فأغفر له؟) (هل من مذنب يتوب) (فأتوب عليه؟) (من ذا الذي يسترزقني فأرزقه؟ , من ذا الذي يستكشف الضر فأكشفه عنه؟ (الجامع الصحيح للسنن والمسانيد) ومع هذا نزوله لا ينافي علوه فانه لا يقاس على خلقه سبحانه
    وهو القريب الذي يقرب اليه أوليائه وعباده بتقريبه أرواحهم وقلوبهم إليه فهذه الروح قد تعرج من النائم إلى السماء وهي لم تفارق البدن، كما قال تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفي الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إلى أَجَلٍ مُسَمًّى} [الزمر: 24] وكذلك الساجد، قال النبي صلى الله عليه وسلم: " أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد ". وكذلك تقرب الروح إلى الله في غير حال السجود مع أنها في بدنه ولهذا يقول بعض السلف: القلوب جوّالة: قلب يجول حول العرش، وقلب يجول حول الحش.
    ومتى قرب أحد الشيئين من الآخر صار الآخر إليه قريبًا بالضرورة.
    وإن قدر أنه لم يصدر من الآخر تحرك بذاته، كما أن من قرب من مكة قربت مكة منه.
    وهو القريب من عباده بعلمه وقدرته وسمعه وبصره وبقرب ملائكته منهم الذين منهم من هو أقرب الى العبد من حبل الوريد قال تعالى: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16) إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَا نِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18)
    فهو القريب هو العلي وليس كمثله شيء.

    22-هو المجيب قال تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُ وا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186)
    والمجيب اسم الفاعل من أجاب يجيب فهو مجيب

    فالمجيب هو الذي يؤتي الداعي مسألته.
    والله سبحانه ان لم يُسأل يغضب وذلك خلاف البشر.

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Jul 2016
    المشاركات
    173

    افتراضي

    23- هو البر قال تعالى عن الأبرار: إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ (28)
    والبر اسم فاعل مشتق من بر يبر فهو بار قال ابن فارس: (بَرَّ) الْبَاءُ وَالرَّاءُ فِي الْمُضَاعَفِ أَرْبَعَةُ أُصُولٍ: الصِّدْقُ، وَحِكَايَةُ صَوْتٍ، وَخِلَافُ الْبَحْرِ، وَنَبْتٌ. فَأَمَّا الصِّدْقُ فَقَوْلُهُمْ: صَدَقَ فُلَانٌ وَبَرَّ، وَبَرَّتْ يَمِينُهُ صَدَقَتْ، وَأَبَرَّهَا أَمْضَاهَا عَلَى الصِّدْقِ.
    وَتَقُولُ: بَرَّ اللَّهُ حَجَّكَ وَأَبَرَّهُ، وَحِجَّةٌ مَبْرُورَةٌ، أَيْ: قُبِلَتْ قَبُولَ الْعَمَلِ الصَّادِقِ. وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ يَبَرُّ رَبَّهُ، أَيْ: يُطيِعُهُ. وَهُوَ مِنَ الصِّدْقِ. قَالَ:
    لَاهُمَّ لَوْلَا أَنَّ بَكْرًا دُونَكَا ... يَبَرُّكَ النَّاسُ وَيَفْجُرُونَكَ ا
    وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ} [البقرة: 177] . وَ [أَمَّا] قَوْلُ النَّابِغَةِ:
    عَلَيْهِنَّ شُعْثٌ عَامِدُونَ لِبَرِّهِمْ
    فَقَالُوا: أَرَادَ الطَّاعَةَ، وَقِيلَ أَرَادَ الْحَجَّ. وَقَوْلُهُمْ لِلسَّابِقِ الْجَوَادِ " الْمُبِرُّ " هُوَ مِنْ هَذَا; لِأَنَّهُ إِذَا جَرَى صَدَقَ، وَإِذَا حَمَلَ صَدَقَ....
    وَمِنْ هَذَا الْبَابِ قَوْلُهُمْ: هُوَ يَبَرُّ ذَا قَرَابَتِهِ، وَأَصْلُهُ الصِّدْقُ فِي الْمَحَبَّةِ. يُقَالُ: رَجُلٌ بَرٌّ وَبَارٌّ. وَبَرِرْتُ وَالِدِي وبرِرْتُ فِي يَمِينِي. وَأَبَرَّ الرَّجُلُ وَلَدَ أَوْلَادًا أبْرَارًا....(مقا يس)
    وبرّ والديه اي أحسن بطاعتهما
    وقال تعالى عن الأبرار: إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ (28) فأجاب دعائهم وصدق ما وعدهم لأنه البر الرحيم
    وقال النبي صلى الله عليه وسلم "وإن الصدق يهدي الى البر" فأصل البر الصدق وهو يدل على الخير

    فالبر هو الصادق الوعد ذو الخير والإحسان

    24- هو السميع قال تعالى: مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (28)
    والسميع اسم فاعل على وزن فعيل زيادة في المدح والتوكيد وهو مشتق من فعل سمع وخلافه الصم والطرش
    فالسميع هو الذي ليس بأصم سبحانه فلا يخفى عليه شيء من المسموعات
    بل هو الذي أحاط سمعه بجميع المسموعات، فكل ما في العالم العلوي، والسفلي من الأصوات يسمعها سرها وعلنها وكأنها لديه صوت واحد، لا تختلف عليه الأصوات، ولا تخفى عليه جميع اللغات.

    25- البصير قال تعالى: مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (28) والبصير اسم فاعل على وزن فعيل زيادة في المدح والتوكيد وهو مشتق من فعل بصر خلاف عمي
    فالبصير هو الذي ليس بأعمى سبحانه فلا يخفى عليه شيء من المبصرات
    بل هو الذي أحاط بصره بجميع المبصرات فكل ما في العالم العلوي والسفلي من الموجودات يراها وكأنها رؤية واحدة، لا تختلف عليه الأشكال، ولا تخفى عليه ظواهرهم ولا بواطنهم.

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Jul 2016
    المشاركات
    173

    افتراضي

    مقاييس)
    وبرّ والديه اي أحسن بطاعتهما
    وقال تعالى عن الأبرار: إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ (28) فأجاب دعائهم وصدق ما وعدهم لأنه البر الرحيم
    وقال النبي صلى الله عليه وسلم "وإن الصدق يهدي الى البر" فأصل البر الصدق وهو يدل على الخير

    فالبر هو الصادق الوعد ذو الخير والإحسان

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Jul 2016
    المشاركات
    173

    افتراضي


    24- هو السميع قال تعالى: مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (28)
    والسميع اسم فاعل على وزن فعيل زيادة في المدح والتوكيد وهو مشتق من فعل سمع وخلافه الصم والطرش
    فالسميع هو الذي ليس بأصم سبحانه فلا يخفى عليه شيئ من المسموعات
    بل هو الذي أحاط سمعه بجميع المسموعات، فكل ما في العالم العلوي، والسفلي من الأصوات يسمعها سرها وعلنها وكأنها لديه صوت واحد، لا تختلف عليه الأصوات، ولا تخفى عليه جميع اللغات.

    25- البصير قال تعالى: مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (28) والبصير اسم فاعل على وزن فعيل زيادة في المدح والتوكيد وهو مشتق من فعل بصر خلاف عمي
    فالبصير هو الذي ليس بأعمى سبحانه فلا يخفى عليه شيئا من المبصرات
    بل هو الذي أحاط بصره بجميع المبصرات فكل ما في العالم العلوي والسفلي من الموجودات يراها وكأنها رؤية واحدة، لا تختلف عليه الأشكال، ولا تخفى عليه ظواهرهم ولا بواطنهم.

  16. #16
    تاريخ التسجيل
    Jul 2016
    المشاركات
    173

    افتراضي

    26-27-هو الصمد السيد
    قال تعالى: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2)
    وفي حديث أَبي نَضْرَةَ عن مطرف بنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ قالَ قالَ أَبِي : انْطَلَقْتُ في وَفْدِ بَنِي عَامِرٍ إِلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فَقُلنا أَنْتَ سَيِّدُنا فقَالَ : السَّيِّدُ الله...( سنن أبي داود وصححه الشيخ الألباني)
    الصمد هو اولا بمعنى المصمد اي المصمت الذي لا جوف له
    وهو قول أكثر السلف من الصحابة والتابعين وطائفة من أهل اللغة
    وقال يحيى بن أبي كثير الملائكة صمد والآدميون جوف
    وفي حديث آدم أن إبليس قال عنه أنه أجوف ليس بصمد أي لا يتمالك
    وقال الجوهري: المصمد لغة في المصمت وهو الذي لا جوف له
    قال والصماد عفاص القارورة
    وقال: الصمْد المكان المرتفع الغليظ قال أبو النجم:
    يغادر الصمد كظهر الأجزل
    وقال أبو عبيد: المصمت الذي لا جوف له وقد أصمته أنا وباب مصمت قد أبهم إغلاقه. والمصمت من الخيل البهيم أي لا يخالط لونه لون آخر ومنه قول ابن عباس: إنما حرم من الحرير المصمت..
    فالمصمد والمصمت متفقان في الاشتقاق الأكبر والاشتقاق الأكبر هو ما يكون فيه الكلمتان قد اشتركت في جنس الحرف
    فإن التاء والدال أخوان متقاربان في المخرج وليست الدال منقلبة عن التاء بل الدال أقوى والمصمد أكمل في معناه من المصمت وكلما قوي الحرف كان معناه أقوى فإن لغة الرب في غاية الإحكام والتناسب
    ولفظ ص م د يدل على الاجتماع والإنضمام المنافي للتفرق والتركيب والخلو والتجويف كما يقال صمد المال وصمده تصمدًا إذا جمعه وضم بعضه إلى بعض. ولهذا يقال للعظام ونحوها من الأجسام منها أجوف ومنها مصمت.
    وكون الصمد يتضمن معنى الاجتماع وأنه مصمت ونحو ذلك يقتضي تعدد الصفات
    إذ الاجتماع لا يكون إلاَّ فيما له عدد فلو لم يكن منه وله صفات تقتضي التعدد لامتنع أن يقال له صمد أو مصمت أو يكون التصمد يقتضي معنى الاجتماع
    فاسم الصمد بأي شيء فُسر يوجب وجود صفات واجتماعها له والدليل على ذلك أن غاية ما يفسرونه به من نفي الصفات أنه هو المصمود إليه كما قال القرطبي الخلق كلهم متوجهون إلى الله ومجتمعون بجملتهم في قضاء حوائجهم وطلبها من الله فهو الصمد على الإطلاق والقائم بسد مفاقر الخلق فيقال كون الخلق يقصدونه ويسألونه هذا أمر حسي إذ القصد والسؤال قائم بهم فهو لا يستحق الاسم بمجرد فعل غيره بحيث لو قدر أنهم لم يسألوه لم يكن صمدًا بل لابد أن يقال هو المستحق لذلك في نفسه كما ذكر ذلك الحليمي وغيره وأيضًا فإن كونهم يقصدونه ويحتاجون إليه يقتضي أمرًا ثبوتيًّا في ذاته لأن الأمور العدمية تمتنع أن تكون مقصودة أو قاضية للحوائج فعلم أن كونه صمدًا بمعنى مقصود مصمود إليه يقتضي ثبوت أمور وجودية بها يستحق أن يكون صمدًا وبها أمكن أن يكون مقصودًا معطيًا
    وليس ذلك لـمجرد موجود وإلاَّ لوجب أن يكون كل موجود هو الصمد
    ولا لمجرد أمر يتصف به المخلوق لأنه لو كان هو الصمد لمعنى يقوم بالمخلوق لكان المخلوق هو الصمد أيضًا
    وقد بينا أن قوله هو الصمد يبين أنه المستحق لهذا الاسم على الكمال والحقيقة
    وأيضًا فلو فرض أنه صمد وغيره صمد فغيره لم يكن صمدًا إلاَّ بأمور وجودية أيضًا فهو أحق بأن لا يكون صمدًا إلاَّ بأمور وجودية لا عدمية إذ هو أحق بالكمال من كل موجود
    فعلم أن الصمدية توجب أمورًا وجودية على غاية الكمال ولهذا فسر الصمد بأنه الكامل في كل شيء

    فاسمه الصمد بهذا الوجه يوجب اثبات نفسا لله متصفة بصفات الكمال وتنزيهه عن الانقسام والتفرق والتمزق وما يتبع ذلك من تركيب ونحو ذلك مما ينافي كمال صمديته سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوًّا كبيرًا . وهذا الوجه هو الموجب لوجود الوجه الثاني

    وهو أنه السيد الذي يصمد اليه في الحوائج
    وهو قول طائفة من السلف والخلف وجمهور اللغويين
    ولفظ السيد يدل على الجمع والقوة ولهذا يقال السواد هو اللون الجامع للبصر والبياض اللون المفرق للبصر ويقال للحليم السيد لأن نفسه تجتمع فلا تتفرق ولا تتميز من الغيظ والواردات عليها وكذلك هو الذي يصبر على الأمور والصبر يقتضي الجمع والحبس والضم وضده الجزع الذي يقتضي التفرق وكذلك التعزي والتعزز وعززته فتعزى أو هو لا يتعزى هو ضد الجزوع فإن التعزز والتعزي يقتضي الاجتماع والقوة والجزع يقتضي التفرق والضعف والإنسان له في سؤدده وعزته حالان أحدهما أن يستغني بنفسه عن غيره ويعز نفسه عن غيره فلا يحتاج إلى الغير الذي يحتاج إليه غيره لغناه ولايخاف منه لعزته والثاني أن يكون هو قد احتاج إليه غيره ويكون قد أعز غيره فغلبه وأعزه فمنعه فيكون الناس قد صمدوا له أي قصدوه وأجمعوا له وهذا هو الصمد السيد وذلك إنما يكون من كمال سؤدده وصمديته التي تنافي تفرقه وتمزقه وضعفه

    فبالخلاصة الصمد هو الكمال في صفاته والمنزه عن الانقسام والتفرق والتمزق وما يتبع ذلك من تركيب ونحو ذلك مما ينافي كمال صمديته
    ولذلك هو السيد الذي تصمد اليه جميع الخلائق بحوائجها.


    واذا اضفنا اسمه الأحد مع اسمه الصمد اللذان لم يذكرهما الله إلا في سورة الإخلاص أثبتنا بهما نفسا لله متصفة بصفات الكمال ونفينا بهما عن الله ما هو منزه عنه من التشبيه والتمثيل ومن التركيب والانقسام والتجسيم .

    قال ابن القيم: هو الذي اجتمعت فيه صفات الكمال ولا جوف له فإنما لم يكن أحد كفوا له لما كان صمدا كاملا في صمديته فلو لم تكن له صفات كمال ونعوت الجلال ولم يكن له علم ولا قدرة ولا حياة ولا إرادة ولا كلام ولا وجه ولا يد ولا سمع ولا بصر ولا فعل يقوم به ولا يفعل شيئا البتة ولا هو داخل العالم ولا خارجه ولا فوق عرشه ولا يرضى ولا يغضب ولا يحب ولا يبغض ولا هو فعال لما يريد ولا يرى ولا يمكن أن يرى ولا يشار إليه ولا يمكن أن يشار إليه لكان العدم المحض كفوا فإن هذه الصفات منطبقة على المعدوم فلو كان ما يقوله المعطلون هو الحق لم يكن صمدا وكان العدم كفوا له.( الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة)

  17. #17
    تاريخ التسجيل
    Jul 2016
    المشاركات
    173

    افتراضي

    28-29- هو الرحمن الرحيم
    قال تعالى: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3)
    الرحمن الرحيم اسمان فاعل مشتقان من رحم يرحم فهو راحم فهو رحيم ورحمن والرحمن على وزن فعلان يدل على الإمتلاء. والرحيم على وزن فعيل زيادة في المدح والتوكيد.
    والرحمة في حق العبد هي رقة وعطف أما في حق الله تعالى الرحمة هي لين وعطف وحنان وما قارب ذلك بلا تمثيل ولا تكييف تقتضي دفع غضبه وعذابه عن عباده وتستلزم إحسانه اليهم بإنعامه وعطائه .
    والرقة هي اللين والعطف تقول رق فلان لفلان اي لان وعطف وحن عليه
    ولا تعني الرقة أن الشيء قد ينكسر لأنه ضعيف بل العكس لأنها صفة محمودة كما بينه شيخ الإسلام ردا على من ظن أن الرقة التي تكون في الراحم هي ضعف وخَوَر في الطبيعة، وتألم على المرحوم. وعلى كل اجتنابا للفتنة نفسر الرحمة بما فسرناه سابقا وهو ليس تأويل بل تفصيل.
    واسم الله الرحمن الذي هو من اسمائه الخاصة التي لا يسمى بها غيره وهو أشد مبالغة في الرحمة من اسمه الرحيم لأن فعلان في اللغة العربية تدل على السعة والامتلاء ، كما يقال : رجل غضبان ، إذا امتلأ غضبا .والرحيم : اسم يدل على الفعل لأنه فعيل بمعنى فاعل ، فهو دال على الفعل وإذا أرَدْتَ فهمَ هذا، فتأمَّل قولَه: ..إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (65) ولم يقل رءوف رحمن.
    والله عز وجل استوى على عرشه فوق جميع خلقه باسمه الرحمن كما قال تعالى: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5) وكتب في ذلك كتاب وهو عنده فوق العرش والعرش يدل على الملك والملك هو المتصرف بفعله وأمره فكل ما يحصل في ملكه هو برحمته ولذلك كان كل شيء من أثار رحمته فاسمه الرحمن من الأسماء الجامعة لأسمائه الحسنى التي تعرف بها الينا لأن أفعاله صادرت عن اسمائه وهي مستلزمة لرحمته قال تعالى: قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (110).
    وهذه الرحمة يشترك فيها كل الخلق ولكنهم يتفاوتون فيها فمنهم من أصابته رحمة ايمانية ورحمة حسية (كالصحة والمال..) ومنهم من أصابته الواحدة دون الأخرى ومنهم من نزعت منه كلتيهما فهلك وهم مع ذلك في هذه الرحمات درجات. وهذا في الدنيا أما يوم القيامة فهذه الرحمة هي فقط للمؤمنين كما قال تعالى: قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (156)
    فالرحمن الرحيم هو ذو الرحمة الواسعة بدأت من الرحمن ووصلت الى كل شيء باسمه الرحيم. والرحمة هي لين وعطف وحنان وما قارب ذلك بلا تمثيل ولا تكييف تقتضي دفع غضبه وعذابه عن عباده وتستلزم إحسانه اليهم بإنعامه وعطائه .

  18. #18
    تاريخ التسجيل
    Jul 2016
    المشاركات
    173

    افتراضي

    30-هو الرفيق فمن حديث عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم قَالَ لها : " يَا عَائِشَةُ إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ وَيُعْطِي عَلَي الرِّفْقِ مَا لاَ يُعْطِي عَلَي الْعُنْفِ وَمَا لاَ يُعْطِي عَلَي مَا سِوَاهُ "( صحيح مسلم)
    والرفيق اسم فاعل على وزن فعيل زيادة في المدح والتوكيد وهو مشتق من فعل (رَفَقَ) الرَّاءُ وَالْفَاءُ وَالْقَافُ أَصْلٌ وَاحِدٌ يَدُلُّ عَلَى مُوَافَقَةٍ وَمُقَارَبَةٍ بِلَا عُنْفٍ. فَالرِّفْقُ: خِلَافُ الْعُنْفِ; يُقَالُ رَفَقْتُ أَرْفُقُ. وَفِي الْحَدِيثِ: " «إِنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ» ".
    هَذَا هُوَ الْأَصْلُ ثُمَّ يُشْتَقُّ مِنْهُ كُلُّ شَيْءٍ يَدْعُو إِلَى رَاحَةٍ وَمُوَافَقَةٍ. وَالْمِرْفَقُ مِرْفَقُ الْإِنْسَانِ; لِأَنَّهُ يَسْتَرِيحُ فِي الِاتِّكَاءِ عَلَيْهِ. يُقَالُ ارْتَفَقَ الرَّجُلُ: إِذَا اتَّكَأَ عَلَى مِرْفَقِهِ فِي جُلُوسِهِ. وَمِنْ ذَلِكَ الْحَدِيثُ لَمَّا سَأَلَ الْأَعْرَابِيُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قِيلَ لَهُ: " «هُوَ ذَاكَ الْأَمْغَرُ الْمُرْتَفِقُ» "، أَيِ الْمُتَّكِئُ عَلَى مِرْفَقِهِ. وَيُقَالُ فِيهِ مَرْفِقٌ وَمِرْفَقٌ، حَكَاهُمَا ثَعْلَبٌ. وَالرُّفْقَةُ: الْجَمَاعَةُ تُرَافِقُهُمْ فِي سَفَرِكَ; وَاشْتِقَاقُهُ مِنَ الْبَابِ، لِلْمُوَافَقَةِ ، وَلِأَنَّهُمْ إِذَا تَمَاشَوْا تَحَاذَوْا بِمَرَافِقِهِمْ . قَالَ الْخَلِيلُ: الرُّفْقَةُ فِي السَّفَرِ: الْجَمَاعَةُ الَّذِينَ يُرَافِقُونَكَ، فَإِذَا تَفَرَّقْتُمْ ذَهَبَ اسْمُ الرُّفْقَةِ. قَالَ: وَالرَّفِيقُ: الَّذِي يُرَافِقُكَ، وَهُوَ أَنْ يَجْمَعَكَ وَإِيَّاهُ رُفْقَةٌ; وَلَيْسَ يَذْهَبُ اسْمُهُ إِذَا تَفَرَّقْتُمَا. وَالْمُرْفِقُ: الْأَمْرُ الرَّافِقُ بِكَ. وَالرِّفَاقُ: حَبْلٌ يُشَدُّ بِهِ مِرْفَقُ الْبَعِيرِ إِلَى وَظِيفِهِ. وَهُوَ قَوْلُهُ:
    كَذَاتِ الضِّغْنِ تَمْشِي فِي الرِّفَاقِ
    وَالْمِرْفَقُ: الْمِرْحَاضُ، وَالْجَمْعُ مَرَافِقُ. وَيُقَالُ ارْتَفَقَ الرَّجُلُ سَاهِرًا، إِذَا بَاتَ عَلَى مِرْفَقِهِ لَا يَنَامُ. وَشَاةٌ مُرَفَّقَةٌ: يَدَاهَا بَيْضَاوَانِ إِلَى الْمَرْفِقَيْنِ . وَالرَّفَقُ: انْفِتَالٌ عَنِ الْجَنْبِ; نَاقَةٌ رَفْقَاءُ، وَجَمَلٌ أَرْفَقُ. وَيُقَالُ مَاءٌ رَفَقٌ وَمَرْتَعٌ رَفَقٌ، أَيْ سَهْلُ الْمَطْلَبِ. (مقاييس)
    وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ..ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف ..(صحيح مسلم)
    فالرفيق هو الذي لا يستعجل ولا يعنف على أحد فيكرهه بل كل ما يفعله هو بأناة ولين مما يشعر المفعول به بالراحة والطمأنينة.

    31- هو اللطيف قال تعالى: لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (103)
    واللطيف اسم فاعل على وزن فعيل زيادة في المدح والتوكيد وهو مشتق من فعل لطف قال ابن فارس: (لَطَفَ) اللَّامُ وَالطَّاءُ وَالْفَاءُ أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى رِفْقٍ وَيَدُلُّ عَلَى صِغَرٍ فِي الشَّيْءِ. فَاللُّطْفُ: الرِّفْقُ فِي الْعَمَلِ ; يُقَالُ: هُوَ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ، أَيْ رَءُوفٌ رَفِيقٌ. وَمِنَ الْبَابِ الْإِلْطَافُ لِلْبَعِيرِ، إِذَا لَمْ يَهْتَدِ لِمَوْضِعِ الضِّرَابِ فَأُلْطِفَ لَهُ. (مقاييس)
    وقال الزجاج: اللَّطِيف أصل اللطف فِي الْكَلَام خَفَاء المسلك ودقة الْمَذْهَب واستعماله فِي الْكَلَام على وَجْهَيْن يُقَال فلَان لطيف إِذا وصف بصغر الجرم وَفُلَان لطيف إِذا وصف بِأَنَّهُ محتال متوصل إِلَى أغراضه فِي خَفَاء مَسْلَك وَفُلَان لطيف فِي علمه يُرَاد بِهِ أَنه دَقِيق الفطنة حسن الاستخراج لَهُ فَهَذَا الَّذِي يسْتَعْمل مِنْهُ وَهُوَ فِي وصف الله يُفِيد أَنه المحسن إِلَى عباده فِي خَفَاء وَستر من حَيْثُ لَا يعلمُونَ (تفسير اسماء الله )
    قال تعالى عن عبده لقمان: يَابُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (16)
    وقال تعالى: لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (103)

    فاللطيف هو الذي خفي بنفسه وبتدبيره عن إدراك عباده له ورفق بهم فأوصل اليهم أرزاقهم بخبرته

    32- هو الحليم قال تعالى: إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ (17)
    والحليم اسم فاعل على وزن فعيل زيادة في المدح والتوكيد وهو مشتق من فعل حلم قال ابن فارس: (حَلَمَ) الْحَاءُ وَاللَّامُ وَالْمِيمُ، أُصُولٌ ثَلَاثَةٌ: الْأَوَّلُ تَرْكُ الْعَجَلَةَ، وَالثَّانِي تَثَقُّبُ الشَّيْءِ، وَالثَّالِثُ رُؤْيَةُ الشَّيْءِ فِي الْمَنَامِ. وَهِيَ مُتَبَايِنَةٌ جِدًّا، تَدُلُّ عَلَى أَنَّ بَعْضَ اللُّغَةِ لَيْسَ قِيَاسًا، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُهُ مُنْقَاسًا.
    فَالْأَوَّلُ: الْحِلْمُ خِلَافُ الطَّيْشِ. يُقَالُ حَلُمْتُ عَنْهُ أَحْلُمُ، فَأَنَا حَلِيمٌ... (مقاييس)
    قال تعالى: لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (225)

    فالحليم هو ذو الصفح والأناة الَّذِي لَا يعاجل العصاة بالعقوبة بل يمهلهم بعد المعصية ليتوبوا او يتجاوز عنهم.
    وقال الخطابي :ولا يستحق الصافح مع العجز اسم الحليم إنما الحليم هو الصفوح مع القدرة والمتأني الذي لا يعجل بالعقوبة.

  19. #19
    تاريخ التسجيل
    Jul 2016
    المشاركات
    173

    افتراضي

    33- هو العفو قال تعالى: ..إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا (43)
    والعفو اسم فاعل على وزن فعول مما يدل على المداومة والكثرة وهو مشتق من فعل عفا قال ابن فارس : (عَفَو) الْعَيْنُ وَالْفَاءُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ أَصْلَانِ يَدُلُّ أَحَدُهُمَا عَلَى تَرْكِ الشَّيْءِ، وَالْآخَرُ عَلَى طَلَبِهِ. ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِ فُرُوعٌ كَثِيرَةٌ لَا تَتَفَاوَتُ فِي الْمَعْنَى.
    فَالْأَوَّلُ: الْعَفْوُ: عَفْوُ اللَّهِ - تَعَالَى - عَنْ خَلْقِهِ، وَذَلِكَ تَرْكُهُ إِيَّاهُمْ فَلَا يُعَاقِبُهُمْ، فَضْلًا مِنْهُ. قَالَ الْخَلِيلُ: وَكُلُّ مَنِ اسْتَحَقَّ عُقُوبَةً فَتَرَكْتَهُ فَقَدْ عَفَوْتَ عَنْهُ. يُقَالُ: عَفَا عَنْهُ يَعْفُو عَفْوًا. وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْخَلِيلُ صَحِيحٌ، وَقَدْ يَكُونُ أَنْ يَعْفُوَ الْإِنْسَانُ عَنِ الشَّيْءِ بِمَعْنَى التَّرْكِ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ عَنِ اسْتِحْقَاقٍ. أَلَا تَرَى أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ: «عَفَوْتُ عَنْكُمْ عَنْ صَدَقَةِ الْخَيْلِ» فَلَيْسَ الْعَفْوُ هَاهُنَا عَنِ اسْتِحْقَاقٍ، وَيَكُونُ مَعْنَاهُ تَرَكْتُ أَنْ أُوجِبَ عَلَيْكُمُ الصَّدَقَةَ فِي الْخَيْلِ.
    وَمِنَ الْبَابِ الْعَافِيَةُ: دِفَاعُ اللَّهِ - تَعَالَى - عَنِ الْعَبْدِ، تَقُولُ عَافَاهُ اللَّهُ - تَعَالَى - مِنْ مَكْرُوهَةٍ، وَهُوَ يُعَافِيهِ مُعَافَاةً. وَأَعْفَاهُ اللَّهُ بِمَعْنَى عَافَاهُ...(مقايي س)

    فالعفو هو المداوم والمكثر من ترك عقوبة المذنبين

    34-35- هو الغفور الغفار
    قال تعالى: ..إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا (43)
    وقال تعالى: رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (66)
    وهما اسمان فاعل أحدهما على وزن فعول مما يدل على المداومة والكثرة في الفعل والآخر على وزن فاعل مما يدل على المعاودة والتكرار وهما مشتقان من فعل غفر قال ابن فارس: (غَفَرَ) الْغَيْنُ وَالْفَاءُ وَالرَّاءُ عُظْمُ بَابِهِ السَّتْرُ، ثُمَّ يَشِذُّ عَنْهُ مَا يُذْكَرُ. فَالْغَفْرُ: السَّتْرُ. وَالْغُفْرَانُ وَالْغَفْرُ بِمَعْنًى. يُقَالُ: غَفَرَ اللَّهُ ذَنْبَهُ غَفْرًا وَمَغْفِرَةً وَغُفْرَانًا. قَالَ فِي الْغَفْرِ:
    فِي ظِلِّ مَنْ عَنَتِ الْوُجُوهُ لَهُ ... مَلِكِ الْمُلُوكِ وَمَالِكِ الْغَفْرِ
    وَيُقَالُ: غَفِرَ الثَّوْبُ، إِذَا ثَارَ زِئْبِرُهُ. وَهُوَ مِنَ الْبَابِ، لِأَنَّ الزِّئْبِرُ يُغَطِّي وَجْهَ الثَّوْبِ. وَالْمِغْفَرُ مَعْرُوفٌ. وَالْغِفَارَةُ: خِرْقَةٌ يَضَعُهَا الْمُدَّهِنُ عَلَى هَامَتِهِ. وَيُقَالُ الْغَفِيرُ: الشَّعْرُ السَّائِلُ فِي الْقَفَا. وَذُكِرَ عَنِ امْرَأَةٍ مِنَ الْعَرَبِ أَنَّهَا قَالَتْ لِابْنَتِهَا: " اغْفِرِي غَفِيرَكِ "، تُرِيدُ: غَطِّيهِ. وَالْغَفِيرَةُ: الْغُفْرَانُ أَيْضًا. قَالَ: يَا قَوْمُ لَيْسَتْ فِيهِمُ غَفِيرَهْ... (مقاييس)
    وقال الزجاج: يقال: غفرت الشيء أغفره غفرًا إذا سترته فأنا غافر وهو مغفور أي مستور، ومنه سمي جنة الرأس المغفر لأنه يستر الرأس.(اشتقاق)
    وعن ابي امامة مرفوعا :" إن صاحب الشمال ليرفع القلم ست ساعات عن العبد المسلم المخطئ أو المسيء ، فإن ندم و استغفر الله منها ألقاها و إلا كتب واحدة" (السلسلة الصحيحة)

    فالغفور هو المداوم والمكثر من ستر ومحي ذنوب المستغفرين
    والغفار هو المكثر والعواد بالمغفرة.


    36- هو التواب قال تعالى: وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ (10)
    والتواب اسم فاعل على وزن فعال مما يدل على كثرة المعاودة والتكرار وهو مشتق من فعل تاب يتوب فهو تائب والتائب يقال لباذل التوبة ولقابل التوبة والفارق هو حرف التعدي تبت اليه او تبت عليه قال ابن فارس: (تَوَبَ) التَّاءُ وَالْوَاوُ وَالْبَاءُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ تَدُلُّ عَلَى الرُّجُوعِ. يُقَالُ تَابَ مِنْ ذَنْبِهِ، أَيْ رَجَعَ عَنْهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً وَمَتَابًا، فَهُوَ تَائِبٌ. وَالتَّوْبُ التَّوْبَةُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَقَابِلِ التَّوْبِ} [غافر: 3] .(مقاييس)
    ومعنى التوبة في حق العبد: عود العبد إلى الطاعة بعد المعصية.
    والتوبة في الشرع : ترك الذنب لقبحه ، والندم علي ما فرط في حق الناس وحق ربه ، والعزم علي ترك المعاودة لذنبه ، وتدارك ما أمكنه أن يتدارك من صالح عمله ، فمتى اجتمعت هذه الأربع ، فقد كملت شرائط التوبة

    المهم التواب هو العواد والمكثر من قبول عودة عباده الى طاعته

  20. #20

    افتراضي

    السلام عليكم ورحمته وبركاته
    سؤال من أي كتاب تنقل يا أخي ؟

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •