بسم الله الرحمن الرحيم .

لما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم (( اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله )) قال عدي بن حاتم رضي الله عنه : يا رسول الله ، إنهم لم يكونوا يعبدونهم ...

وفي رواية : إنا لسنا نعبدهم ...

وفي رواية : ما عبدوهم...وللحديث روايات أخرى نقلت منها موضع الشاهد....وجواب النبي صلى الله عليه وسلم : تلك عبادتهم : أي الطاعة في التحليل والتحريم .


وهذا القول من عدي رضي الله عنه دليل على أن المرء قد يقع في الكفر الأكبر وهو لا يعلم أنه كفر أكبر...وقد يعبد غير الله ويشرك به وهو لا يعلم أنه أشرك شركا أكبر ... عافانا الله وإياكم ...فإن عديا ما كان يعلم أن الطاعة في تحليل الحرام وتحريم الحلال هي عبادة في نفسها .


والمرجئة يحرفون الكلم عن مواضعه ويزعمون أن ذلك كان منهم بسبب "اعتقادهم " أن للأحبار حق التشريع والتحليل والتحريم ...فيصرفون مناط الحكم عن مكانه الذي هو الكفر العلمي الأكبر إلى الكفر الاعتقادي الأكبر ...ولا يسعفهم النص القرآني بل ولا الشريعة كلها على هذا التحريف الآثم ...فنجيبهم : وكذلك نحن نقول : من دعا غير الله فهو كمن يعتقد ظاعة غير الله في التحليل والتحريم كلاهما مشرك ، فالأول يعتقد أن الدعاء يُشرعُ لغير الله ، فصرف عبادةً هي حق لله لغير الله ...وصاحبكم يعتقد أن التشريع قد يصرف لغير الله ...فالداعي اتخذ المقبورين أربابا من دون الله كما اتخذ المطيع في التشريع الأحبار والرهبان أربابا من دون الله ...فكلاهما صرف شيئا هو حق محض لله لغير الله ، الأول صرف حق التشريع والطاعة ، والثاني صرف حق الدعاء ...بل ذلك في الدعاء آكد فإن العاقل لا يدعو من يعتقد فيه العجز ولا الجهل ...

فإن قالوا : المطيع اعتقد حق التحليل والتحريم لغير الله.

عدنا فقلنا : والداعي غير الله اعتقد حق الدعاء لغير الله .

فإن قال : وما أدراك أن الداعي اعتقد ذلك ؟

قلنا : الذي أدراك أن المطيع في التحليل والتحريم اعتقد ذلك .

والله أعلم .

والأدلة القرآنية مستفيضة على إبطال هذه الشبهة الإرجائية الخبيثة ، وإنما هي خاطرة أحببت أن أشرك إخوتي فيها ، وحياكم الله.