السؤال

إن لم ينفق الزوج على زوجته ، فهو لا يعمل ، ولا يكسب المال بسبب كسله، فهل يحق لها الامتناع عن جماعه ؟ إذ أن واجب الزوج الرئيسي هو الإنفاق على زوجته في مقابل الاستمتاع بها ، وبناءً عليه إن امتنعت الزوجة عن جماعه ورفضت مبيته معها، فإنها تسقط حقها في النفقة ، فهل يجوز عكس الحالة ؛ أي امتناع الزوجة عن الفراش عندما يمتنع الزوج عن الإنفاق على زوجته ؟ أعلمُ أن للزوجة الحق في طلب الطلاق إن لم يقم زوجها بالإنفاق عليها، ولكن بدلاً من الإقدام على هذه الخطوة الأخيرة ، ألن يكون الحل الأفضل ، والأقل ضررًا هو الامتناع عن جماع الزوج قبل طلب الطلاق ؟ حتى يكون للزوج فرصةً للتغير، قبل الطلاق ؟


الجواب

الحمد لله
يلزم الزوج أن ينفق على زوجته بالمعروف ؛ لقوله تعالى : ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ) النساء/ 34 ، وقوله : ( لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا ) الطلاق/7 .
وعَنْ مُعَاوِيَةَ الْقُشَيْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : " قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا حَقُّ زَوْجَةِ أَحَدِنَا عَلَيْهِ ؟ قَالَ : ( أَنْ تُطْعِمَهَا إِذَا طَعِمْتَ ، وَتَكْسُوَهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ ، وَلَا تَضْرِبْ الْوَجْهَ ، وَلَا تُقَبِّحْ ، وَلَا تَهْجُرْ إِلَّا فِي الْبَيْتِ) رواه أبو داود ( 2142 ) ، وابن ماجه ( 1850 ) ، وصححه الألباني في " صحيح أبي داود ".
وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم : (145722).


وإذا ترك الزوج النفقة على زوجته فهي مخيرة بين أن تفارقه ، وبين أن تصبر عليه .
فإن اختارت أن تصبر عليه ، لعله يتغير إن كان ممسكا بخلا وشحا ، أو إلى حين ميسرته إن كان قد أعسر ، فإنه لا يلزمها أن تمكنه من نفسها ليستمتع بها .
قال الشيرازي الشافعي في " المهذب في فقه الإمام الشافعي " (3 / 155): "وإن اختارت المقام بعد الإعسار ، لم يلزمها التمكين من الاستمتاع، ولها أن تخرج من منزله ، لأن التمكين في مقابلة النفقة ، فلا يجب مع عدمها " انتهى .
قال الشيخ محمد نجيب المطيعي في شرحه (20/169) :
"إذا ثبت إعسار الزوج خيرت بين ثلاثة أشياء : بين أن تفسخ النكاح ، وبين أن تقيم معه وتمكنه من الاستمتاع بها ، ويثببت لها في ذمته ما يجب على المعسر من النفقة ، وبين أن تقيم على النكاح ، ولكن لا يلزمها أن تمكنه من نفسها ، بل تخرج من منزله ، لأن التمكين إنما يجب عليها ببذل النفقة ، ولا نفقة هناك ، ولا تستحق في ذمته نفقة في وقت انفرادها عنه ، لأن النفقة إنما تجب في مقابلة التمكين من الاستمتاع ، ولا تمكين منها له" انتهى .
وقال البهوتي رحمه الله في "كشاف القناع" (5/477) :
" (وَلَهَا الْمَقَامُ) عَلَى النِّكَاحِ (وَمَنْعُهُ مِنْ نَفْسِهَا فَلَا يَلْزَمُهَا تَمْكِينُهُ وَلَا الْإِقَامَةُ فِي مَنْزِلِهِ وَعَلَيْهِ أَنْ لَا يَحْبِسَهَا بَلْ يَدَعَهَا تَكْتَسِبُ وَلَوْ كَانَتْ مُوسِرَةً) لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْ إلَيْهَا عِوَضَ الِاسْتِمْتَاعِ " انتهى .
هذا ، مع أننا نلفت نظر الزوجة إلى أن الامتناع عن الزوج بغرض إصلاحه ، أو تقويم سلوكه ، ونحو ذلك من الوسائل الإصلاحية والتقويمية ، ينبغي النظر فيها إلى حال الزوج ، وخلقه ، وما قد يترتب على ذلك من مفاسد ، وما يرجى من ورائه من مصلحة ؛ فإن بعض الأزواج قد يحمله اللجج في الخصام ، والعناد ، والغضب من زوجته إذا فعلت مثل ذلك ، إلى أن يصعد الأمر ، وينسى ما هو فيه من تقصير ، وما رغبت فيه الزوجة من إصلاح ، حتى ليوشك أن يهدم البيت كله !!
فحذار ، حذار ، يا أمة الله ، أن تزيدي الخرق بينك وبين زوجك ، من حيث تريدين الإصلاح ، وانظري في حال زوجك ، وما تظنين أنه يصلحه ؛ وإن كان لك حق ؛ فكوني حكيمة عاقلة في استخدام حقك ، ووضعه في موضعه .
والله أعلم.
https://islamqa.info/ar/245408