السلف و الخلف مختلفون في مسألة بيع جلود الأضاحي أو بعض الأضحية ، و حديث" من باع جلد أضحيته فلا أضحية له " لا يكون دليلا في الباب متينا ، لأسباب مُشكلة ، أولا هذا الحديث تفرد في روايته عبد الله بن عياش المصري عن عبد الرحمن الأعرج عن ابي هريرة ، يريه عنه البيهقي و الحاكم في المستدرك و الطحاوي في مشكل الآثار و غيرهم كلهم عن عبد الله بن عياش ، و عبد الله بن عياش هذا ضعفه أبو داوود و النسائي و قال فيه أبو حاتم ليس بالمتين صدوق يُكتب حديثه و هو قريب من ابن لهيعة ، يعني لا بد من رواية تعضض طريق عبد الله بن عياش كما هي طريقة المحدثين في جبر حديث ابن لهيعة قبل حرق كتبه ، و لو أن تكون الرواية في المعنى ، لكن الرواية تفرد بها ابن عياش ، ثانيا : معارضته لحديث رسول الله صلى الله عليه و سلم الصحيح الذي رواه مسلم عن أبي الزبير عن جابر و من طريق أخرى عن أم المؤمنين عائشة عليها السلام و البخاري و مسلم في الصحيح عن سلمة بن الأكوع و أبو داوود عن نبيشة الهذلي ، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم و اللفظ للبخاري " كلوا ، واطعموا ، و ادخروا " ، و الإدخار يجعل الشيء المدخور محازا داخلا في ملك الشخص ،ينتفع فيه و يتصرف فيه كيف شاء و لو بالبيع ، ثالثا " قوله سبحانه و تعالى " لن ينال الله لحومها و لا دماءها و لكن ينالها التقوى منكم " فالشاهد من الآية النص على أن الذي يريده الله من عبده في ذبح الأُضحية التقوى و أن يُريد بذبحه إياها و جه الله سبحانه و تعالى ، أما دماءها و لحومها فإن الله لا يُريد بها شيئا لأن مقصود الذبح هو الطاعة ، و بتالي يبطل إسدلال تحريم بيعها على أساس أنها لله ، رابعا أن كثيرا من السلف أباح بيع المدخر من الأضحية و جلودها بل و حتى لحومها ، ومنها ترخيص ابن عمر رضي الله عنه لعقبة بن صهبان أن يبع جلد بقرته التي ذبحها ، و فرق عطاء بين الهدي إن كان واجبا فلا يحل بيعه و إن تطوعا فيحل بيعه ،و سُئل الشعبي عن بيع الأضاحي فقال " لن ينال الله لحومتها و لا دماءها " إن شئت بع و إن شئت أمسك ،و عن أبي العالية فيما صححه عنه أبن حزم في المحلى " لا بأس ببيع جلود الأضاحي ، نعم الغنيمة تأكل اللحم و تقضي النسك ، و تأخذ الثمن " ، وروى عبد الرزاق بسنده عن أبي ظبيان قلت لإبن عباس: كيف يُصنع بإهاب البُدن ؟؟ قال يُتصدق به و يُنتفع به "، و هناك آثار أخرى يطول بها المقام ، رابعا حتى لو صححنا حديث عبد الله بن عياش في نهي النبي ببيع جلد الأضحية ، فهل هذا النهي قبل الإدخارالأضحية أم بعد إدخارها ؟؟ أما قبل إدخارها فلا دليل عليه إلا عموم الآية و هي قوله تعالى " لن ينال الله لحومها و لا دماءها و لكن ينالها التقوى منكم "، و أما بعد إدخارها فللحديث حديث بالأمر بالإدخار ، لكون المُدخر يصير ملكا لصاحبه يتصرف فيه كيف شاء و لا دليل على أن المُدخر ليس ملكا لصاحبه لأن الحديث أثبت حق المدخر في الإنتفاع فيما إدخره ،و كذلك هذا يُقال في حديث بن أبي ليلى عن علي في نهي النبي له أن يُعطي الجزار منها شيئا ، رغم النهي ظاهره إختصاصه بالجزار وحده ، و كذلك هل إعطاء الجزار يكون قبل الإدخار فلذلك نهى عنه النبي أم أنه بعد الإدخار فيجوز له ذلك ، و هل نهي النبي للتأديب و زيادة الإحسان في الأضحية أم نهي للتحريم ؟؟مسألتان ، فمن إستدل بعموم قوله تعالى " لن ينال الله لحومها و لادماءها " قال بأن يُعطي جلد الأضحية و يبعها الإنسان وهو في سعة من أمره ..و الله أعلم