القتلة !! القتلة .. المجرمون .. الآثمون .. المعتدون ! بأي وصف أصفهم ؟ وبأي صورة أصورهم ؟ وبأي ذكر أذكرهم ؟ والعجيب أن قتلاهم بغير أشلاء ، وضحاياهم من غير دماء ! والأعجب أن القانون لا يعاقبهم ، والنظام لا يطالهم ، والدستور لا يحاسبهم ! وأعجب العجب أن ضحاياهم يمشون على الأرض ، وما زالت تنبض في عروقهم بقايا الحياة ! والعجب العجاب أن المجتمع لا يجرمهم ، والناس لا يطالبون بنصب المشانق لهم ، وأولياء الضحايا لا يحرصون على إمضاء السيوف فوق رقابهم !فمن هؤلاء القتلة الذين يبؤون بإثم القتل دون جريمة عظيمة تستحق هذا الوصف المخيف ؟! أما المجرم الأول فهو من لعن أخاه المسلم بغير حقٍّ ، فكأنه من جرمه قتله ! وإليك الدليل على هذه الجريمة ...فعن ثابت بن الضحاك ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :" .. ومن لعن مؤمنا فهو كقتله .. " 3 لأنه دعا عليه بالطرد من رحمة الله تعالى ، فأي مصيبة أكبر من هذه المصيبة لو وقعت ؟! ومن أجل ذلك جاءت النصوص الشرعية الكثيرة محذرة من اللعن لإثمه وجرمه ، وهذه بعضها :فعن أبي الدرداء ـ رضي الله عنه ـ قال : قال النبيُّ ـ صلى الله عليه وسلم :" لا يكون اللعانون شفعاء ولا شهداء يوم القيامة " 2وعنه ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :" إن العبد إذا لعن شيئاً صعدت اللعنة إلى السماء ، فتغلق أبواب السماء دونها ، ثم تهبط إلى الأرض فتغلق أبوابها دونها ، ثم تأخذ يمينا وشمالا فإذا لم تجد مساغاً رجعت إلى الذي لعن ، فإن كان لذلك أهلا وإلا رجعت إلى قائلها " 6وعن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم:" إذا خرجت اللعنة من في صاحبها نظر ، فإن وجدت مسلكاً في الذي وجهت إليه ، وإلا عادت إلى الذي خرجت منه " 5 فأمسك عليك لسانك ، ولا يوقعك في هذه الجريمة العظيمة ..فعن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :" ليسَ المؤمِنُ بالطّعَّانِ ولا باللعَّانِ ولا الفاحِشِ ولا البذِيِّ " وعليك بالوصية الجامعة من معلم الناس الخير ،فعن جرموز بن أوس ـ رضي الله عنه ـ قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :" أوصيك أن تكون لعاناً " 4 أما المجرم الثاني : فهو من هجر أخاه المسلم أكثر من سنة بغير حقٍّ ، وإليك الدليل الدامغ على هذه الجريمة ...فعن أبي خراش السلمي ـ رضي الله عنه ـ أنه سمع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول :" مَن هجرَ أخاه سنة ، فهو كسفك دمه " وليت أن الأمر يبقى بإثم القتل ، لكان أيسر مما ستقرأ في هذا الخبر ،فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم: " لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ، فمن هجر فوق ثلاث فمات دخل النار "وعن هشام بن عامر الأنصاري ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :" لا يحل لمسلم أن يصارم مسلماً فوق ثلاث ، فإنهما ناكبان عن الحق ما داما على صرامهما ، وإن أولهما فيئاً يكون كفارته عند سبقه بالفيء ، وإن ماتا على صِرامهما لم يدخلا الجنة جميعاً أبداً ، وإن سلَّم عليه فأبى أن يقبل تسليمه وسلامه ، رد عليه الملك ، ورد على الآخر الشيطان "وعن فضالة بن عبيد ـ رضي الله عنه ـ أنَّ رسولَ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال :" من هَجَرَ أخاه فوقَ ثلاثٍ فهو في النارِ ، إلا أن يتداركَهُ الله برحمته "وعن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :" لو أنَّ رجلينِ دخلا في الإسلامِ فاهتجرا ؛ لكانَ أحدُهما خارجاً من الإسلامِ حتَّى يرجعَ " يعني : الظالم . فهل سيستمر ما وقع بينك وبين أخيك المسلم من هجران مستمر وقطيعة فظيعة بعد وقوفك على هذه النُّذر من خير البشر ـ صلى الله عليه وسلم ـ ؟! أما إني لا أظنُّ ذلك ، فإن كنت ما زلت عليها ، فأرجوك أن تسأل الله تعالى أن يهبك قلباً فإنه لا قلب لك !
للشيخ:
عبد اللطيف بن هاجس الغامدي