مقال للشيخ محمد الفراج عن :

(الرد على من جزم بأن ليلة ٢٧ من رمضان هي ليلة القدر) ..


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

ليس من عادتي الكتابة والنشر في العشر ؛ كيف وأنا أوصي بالتفرغ وهجر الشواغل فيها ، والسلف يتركون حتى حلق العلم ويتفرغون لختام الشهر نسأل الله حسن الختام ..
لكن رأيت وحُدثت أن بعض المحبين للخير نشطوا في ترويج فتاوى ومقالات لخيار من الشيوخ وطلبة العلم فيها الجزم أو شبه الجزم بتسمية ليلة القدر بسبع وعشرين ؛ حرصا منهم على التشجيع على قيام هذه الليلة ؛ مستندين على آثار مستنبطين من أخبار..

ولي على هذا عدة ملحوظات :
- أن ما ذكروه وجمعوه ليس جديدا فهو بعض ما ذكر أهل العلم سلفا ، وأعرف أدلة لهم أقوى مما ذكروا تركوها إما ذهولا أو طلب الاختصار .
- أنهم أرادوا أمرا فوقعوا في نقيضه فهاهي المساجد كما كان الناس قبلُ تمتلئ ليلة سبع وعشرين ثم تفرغ بعدها .

- أن الجزم بالتخصيص يفوّت مقصود الشارع بالاجتهاد فيها كلها ؛ ولذلك أُريها رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك السنة ثم أُنسيها ؛ فكيف يبهمها اللطيف الخبير وأنت تعيّنها ؟!

- أن مذهب الجماهير - جمعا بين الأدلة - أنها تتنقل في العشر الأواخر قال الحافظ ابن كثير ( حكي عن أبي قلابة ونص عليه مالك والثوري وأحمد وإسحاق وأبو ثور والمزني وابن خزيمة وغيرهم وهو المحكي عن الشافعي نقله القاضي عنه وهو الأشبه والله أعلم ) وهو اختيار النووي وابن تيمية وابن حجر وابن باز وابن عثيمين وكثيرين من المتقدمين والمتأخرين .

- أن القائلين بالتنقل أسعد بالأدلة المرفوعة التي لا يجد مثلها القائلون بالتخصيص ، فمن أدلتهم المرفوعة حديث أبي سعيد في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر من اعتكف معه العشر الأوسط أن يعود ويعتكف العشر الأخير وأخبر أن ليلة القدر فيها وأنه يسجد صبيحتها على ماء وطين وأنه انصرف من صلاة الفجر يوم واحد وعشرين والماء والطين على روثة أنفه الشريف ) مع حديث عبد الله بن أنيس ( أنه أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه يكون في باديته وسأله أن يخصص له ليلة ينزل فيها ويصلي معه فخص ليلة ثلاث وعشرين وفي بعض سياقه أنه يسجد صبيحتها على ماء وطين كما في حديث أبي سعيد إلا أنها ليلة ثلاث وعشرين ) رواه أبو داود وأصله عند مسلم ، مع حديث واثلة بن الأسقع عند أحمد والطبراني والبيهقي وفيه ( وأنزل الفرقان لأربع وعشرين خلون من رمضان ) حسنه الألباني في السلسلة وصحيح الجامع ، قال البيهقي نقلا عن الحليمي تكون ليلة خمس وعشرين ، قلت ؛ فيه احتمال أنها ليلة أربع وعشرين ، وأظن لشيخ الإسلام استدلالا به على أنها تكون في الأشفاع ، واستدل كذلك بقوله صلى الله عليه وسلم ( التمسوها في تاسعة تبقى في سابعة تبقى في خامسة تبقى ) بناء على تمام الشهر فإن هذه الليالي تكون أشفاعا فالواحدة التي تبقى ليلة الثلاثين والتاسعة تبقى ليلة اثنتين وعشرين وهكذا ؛ فمجموع هذه الأحاديث المرفوعة أفاد التنقل ؛ إذ تستحيل المعارضة في أقوال المعصوم صلى الله عليه وسلم ..

- وأما حجج من قال بتعيين السابعة والعشرين فكلها موقوفات على أبيّ وبعض الصحابة رضي الله عنهم أو استنباط من مرفوعات غير صريح ، وما روي عن الصحابة متعارض فكل يحكي ما رأى وفهم ؛ فإن كان أبيٌّ يجزم بالسبع والعشرين فأبو سعيد يجزم بالحادية والعشرين وابن أنيس كما عند أبي داود يراها ثلاثا وعشرين وابن عباس كذلك أخبر أنه رصد الشمس سنين ليلة ثلاث وعشرين ؛ وبالجملة فما نقل عن الصحابة متعارض فلا يرجح أحد على أحد ويُصار إلى الاجتهاد فيها كلها على ما أمر به صلى الله عليه وسلم ولذلك أبهمت كساعة الجمعة ..

- هذه جمل عجلى كتبتها تعليقا على ما سئلت عنه وقرأت بعضه ، سائلا الله القبول والتوفيق للجميع والنصر لأمة الإسلام في كل مكان ..

- وصلى وسلم على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه أجمعين .
-------------

من قناة الشيخ محمد الفراج ..