تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 12 من 12

الموضوع: هل الشوكاني أوجب الاجتهاد على العامي؟ للنقاش

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    في نقاش مع بعض الأفاضل على إثر نقلي لكلام الشوكاني في مقدمة سيله الجرار الذي نقله عن القرافي، وهو: (مذهب مالك وجمهور العلماء وجوب الاجتهاد وإبطال التقليد، وادعى ابن حزم الإجماع على النهي عن التقليد، ورواه مالك وأبو حنيفة والشافعي، وروى المروزي عن الشافعي في أول مختصرة: أنه لم يزل ينهى عن تقليده وتقليد غيره).

    فأجاب قائلًا: (ما نقله الشوكاني عن القرافي فيه مغالطة كبيرة، حيث أن تمام كلام القرافي فيه تفصيل مهم لم ينقله الشوكاني وهو يغير المعنى والحكم تماماً، حيث قال القرافي في بيانه لحكم الاجتهاد: "مذهب مالك وجمهور العلماء رضي الله عنهم وجوبه وإبطال التقليد لقوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ، وقد استثنى مالك رحمه الله من ذلك أربع عشرة صورة لأجل الضرورة. الأولى: قال ابن القصار: قال مالك: يجب على العوام تقليد المجتهدين في الأحكام كما يجب على المجتهدين الاجتهاد في أعيان الأدلة، وهو قول جمهور العلماء خلافاً لمعتزلة بغداد، الذخيرة للقرافي 1/140، ط دار الغرب الإسلامي، بيروت، ط أولى، 1994 م، وينظر: شرح تنقيح الفصول للقرافي ص 337.
    فقلت: (ما فهمته من كلام الشوكاني وهو أن الأصل الاجتهاد وعدم التقليد لمن تأهل لذلك، وتتمت الكلام الذي تفضلت بنقله يستثني بعض الصور منها العامي، ولا نعلم أحد أوجب على العوام التقليد لا الشوكاني ولا غيره).

    ثم دار النقاش سجالًا إلى أن قلت: (وقال الشوكاني عند تعريفه للتقليد: (التقليد هو العمل بقول الغير من غير حجة. فيخرج العمل بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، والعمل بالإجماع، ورجوع العامي إلى المفتي، ورجوع القاضي إلى شهادة العدول. فإنه قد قامت الحجة في ذلك. _إلى أن قال- (وأما رجوع العامي إلى قول المفتي فللإجماع على ذلك).

    وانهيت كلامي: (ولا يخفى على علمكم اختلاف العلماء في حق العامي هل يجب عليه قبول قول المفتي بغير حجة؟ أو أنه يستفسر عن الحجة؟ وعلَّ الشوكاني أوجب القول الثاني، والله أعلم، وقد فصل في ذلك الخطيب حيث قال: (وأما الجواب عن تقليد العامي، فهو أن فرضه تقليد مَن هو مِن أهل الاجتهاد، وقال أبو علي الطبري: فرضه اتباع عالمه بشرط أن يكون عالمه مصيباً، كما يتبع عالمه بشرط أن لايكون مخالفا للنص. وقد قيل إن العامي يقلد أوثق المجتهدين في نفسه، ولايُكلف أكثر من ذلك لأنه لاسبيل له إلى معرفة الحق والوقوف على طريقه) (الفقيه والمتفقه) 2/65

    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,532

    افتراضي


    كيف للعامي أن يجتهد حيث أنه لا يملك العلم الشرعي حتى يتمكن من الترجيح بين الأقوال، قال تعالى:{ فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  3. #3

    افتراضي

    بسم الله الرحمن الرحيم :أيها الناس المشكلة هي في تحديد معنى الاجتهاد وهل الاجتهاد على مرتبة واحدة وهل اجتهاد البخاري رحمه الله كاجتهاد بعض من ينتسب إلى العلم اليوم الذي ربما عد في تلك العصور من العامة وماهي شروط المجتهد وهل هي الشروط التي شاعت في عصور الجمود والانحطاط والتى قال فيها بعضهم أنه لم يستوفها صديق اللأمة الأكبر وهل يجوز للعامي أن يسأل أي شخص أليس هذا نوعا من الاجتهاد قال ابن حزم رحمه الله:فإن قال قائل فكيف يصنع العامي إذا نزلت به النازلة قال أبو محمد فالجواب وبالله تعالى التوفيق إنا قد بينا تحريم الله تعالى للتقليد جملة ولم يخص الله تعالى بذلك عاميا من عالم ولا عالما من عامي وخطاب الله تعالى متوجه إلى كل أحد فالتقليد حرام على العبد المجلوب من بلده والعامي والعذراء المخدرة والراعي في شعف الجبال كما هو حرام على العالم المتبحر ولا فرق والاجتهاد في طلب حكم الله تعالى ورسولهصلى الله عليه وسلم في كل ما خص المرء من دينه لازم لكل من ذكرنا كلزومه للعالم المتبحر ولا فرق فمن قلد من كل من ذكرنا فقد عصى الله عز وجل وأثم ولكن يختلفون في كيفية الاجتهاد فلا يلزم المرء منه إلا مقدار ما يستطيع عليه لقوله تعالى {لا يكلف لله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما كتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينآ أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينآ إصرا
    كما حملته على لذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به وعف عنا وغفر لنا ورحمنآ أنت مولانا فنصرنا على لقوم لكافرين} ولقوله تعالى {فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا وأنفقوا خيرا لأنفسكم ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون} والتقوى كله هو العمل في الدين بما أوجبه الله تعالى فيه ولم يكلفنا تعالى منه إلا ما نستطيع فقط ويسقط عنا ما لا نستطيع وهذا نص جلي على أنه لا يلزم أحدا من البحث على ما نزل به في الديانة إلا بقدر ما يستطيع فقط فعلى كل أحد حظه من الاجتهاد ومقدار طاقته منه فاجتهاد العامي إذا سأل العالم على أمور دينه فأفتاه أن يقول له هكذا أمر الله ورسوله فإن قال له نعم أخذ بقوله ولم يلزمه أكثر من هذا.
    وقال رحمه الله: وبينا في هذا الباب وجه اجتهاد العامي وأما من أباح للعامي أن يقلد فقد أخطأ بالبراهين التي قدمنا من نهي الله تعالى عن التقليد جملة ومع خطئه فقد تناقض لأن القائل بما ذكرنا قد أوجب على العامي البحث عن أفقه أهل بلده وهذا النوع من أنواع الاجتهاد فقد فارق التقليد وتركه ولم يقل أحد أن العامي يقلد كل من خرج إلى يده فقد صح معنى ترك التقليد من العامي وغيره بإجماع.
    وقال ابن القيم رحمه الله:وَأَيْضًا فَإِنَّا نَعْلَمُ بِالضَّرُورَةِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي عَصْرِ الصَّحَابَةِ رَجُلٌ وَاحِدٌ اتَّخَذَ رَجُلًا مِنْهُمْ يُقَلِّدُهُ فِي جَمِيعِ أَقْوَالِهِ فَلَمْ يُسْقِطْ مِنْهَا شَيْئًا، وَأَسْقَطَ أَقْوَالَ غَيْرِهِ فَلَمْ يَأْخُذْ مِنْهَا شَيْئًا. وَنَعْلَمُ بِالضَّرُورَةِ أَنَّ هَذَا لَمْ يَكُنْ فِي عَصْرِ التَّابِعِينَ وَلَا تَابِعِي التَّابِعِينَ، فَلْيَكْذِبْنَا الْمُقَلَّدُونَ بِرَجُلٍ وَاحِدٍ سَلَكَ سَبِيلَهُمْ الْوَخِيمَةَ فِي الْقُرُونِ الْفَضِيلَةِ عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَإِنَّمَا حَدَثَتْ هَذِهِ الْبِدْعَةُ فِي الْقَرْنِ الرَّابِعِ الْمَذْمُومِ عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ فَالْمُقَلَّدُو نَ لِمَتْبُوعِهِمْ فِي جَمِيعِ مَا قَالُوهُ يُبِيحُونَ بِهِ الْفُرُوجَ وَالدِّمَاءَ وَالْأَمْوَالَ، وَيُحَرِّمُونَه َا، وَلَا يَدْرُونَ أَذَلِكَ صَوَابٌ أَمْ خَطَأٌ، عَلَى خَطَرٍ عَظِيمٍ، وَلَهُمْ بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ مَوْقِفٌ شَدِيدٌ يَعْلَمُ فِيهِ مَنْ قَالَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَى شَيْءٍ. وَأَيْضًا فَنَقُولُ لِكُلِّ مَنْ قَلَّدَ وَاحِدًا مِنْ النَّاسِ دُونَ غَيْرِهِ: مَا الَّذِي خَصَّ صَاحِبَك أَنْ يَكُونَ أَوْلَى بِالتَّقْلِيدِ مِنْ غَيْرِهِ؟ فَإِنْ قَالَ: " لِأَنَّهُ أَعْلَمُ أَهْلِ عَصْرِهِ "
    وَرُبَّمَا فَضَّلَهُ عَلَى مَنْ قَبْلَهُ مَعَ جَزْمِهِ الْبَاطِلِ أَنَّهُ لَمْ يَجِئْ بَعْدَهُ أَعْلَمُ مِنْهُ، قِيلَ لَهُ: وَمَا يُدْرِيك وَلَسْت مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِشَهَادَتِك عَلَى نَفْسِك أَنَّهُ أَعْلَمُ الْأُمَّةِ فِي وَقْتِهِ؟ فَإِنَّ هَذَا إنَّمَا يَعْرِفُهُ مَنْ عَرَفَ الْمَذَاهِبَ وَأَدِلَّتَهَا وَرَاجِحَهَا مِنْ مَرْجُوحِهَا فَمَا لِلْأَعْمَى وَنَقْدِ الدَّرَاهِمِ؟
    وقال رحمه الله :إذَا عَرَفْت هَذَا فَنَحْنُ إنَّمَا قُلْنَا وَنَقُولُ: إنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يَتَّقُوهُ بِحَسَبِ اسْتِطَاعَتِهِم ْ، وَأَصْلُ التَّقْوَى مَعْرِفَةُ مَا يُتَّقَى ثُمَّ الْعَمَلُ بِهِ؛ فَالْوَاجِبُ عَلَى كُلِّ عَبْدٍ أَنْ يَبْذُلَ جَهْدَهُ فِي مَعْرِفَةِ مَا يَتَّقِيهِ مِمَّا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ وَنَهَاهُ عَنْهُ، ثُمَّ يَلْتَزِمَ طَاعَةَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَا خَفِيَ عَلَيْهِ فَهُوَ فِيهِ أُسْوَةُ أَمْثَالِهِ مِمَّنْ عَدَا الرَّسُولِ؛ فَكُلُّ أَحَدٍ سِوَاهُ قَدْ خَفِيَ عَلَيْهِ بَعْضُ مَا جَاءَ بِهِ، وَلَمْ يُخْرِجْهُ ذَلِكَ عَنْ كَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَلَمْ يُكَلِّفْهُ اللَّهُ مَا لَا يُطِيقُ مِنْ مَعْرِفَةِ الْحَقِّ وَاتِّبَاعِهِ.
    قَالَ أَبُو عُمَرَ: وَلَيْسَ أَحَدٌ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا وَقَدْ خَفِيَ عَلَيْهِ بَعْضُ أَمْرِهِ، فَإِذَا أَوْجَبَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ مَا اسْتَطَاعَهُ وَبَلَغَتْهُ قُوَاهُ مِنْ مَعْرِفَةِ الْحَقِّ وَعَذَرَهُ فِيمَا خَفِيَ عَلَيْهِ مِنْهُ.
    فَأَخْطَأَ أَوْ قَلَّدَ فِيهِ غَيْرَهُ كَانَ ذَلِكَ هُوَ مُقْتَضَى حِكْمَتِهِ وَعَدْلِهِ وَرَحْمَتِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ فَرَضَ عَلَى الْعِبَادِ تَقْلِيدَ مَنْ شَاءُوا مِنْ الْعُلَمَاءِ، وَأَنْ يَخْتَارَ كُلٌّ مِنْهُمْ رَجُلًا يَنْصِبُهُ مِعْيَارًا عَلَى وَحْيِهِ، وَيُعْرِضُ عَنْ أَخْذِ الْأَحْكَامِ وَاقْتِبَاسِهَا مِنْ مِشْكَاةِ الْوَحْيِ؛ فَإِنَّ هَذَا يُنَافِي حِكْمَتَهُ وَرَحْمَتَهُ وَإِحْسَانَهُ، وَيُؤَدِّي إلَى ضَيَاعِ وَهَجْرِ كِتَابِهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ كَمَا وَقَعَ فِيهِ مَنْ وَقَعَ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.
    لا يتعصب الا غبي او عصبي او حزبي

  4. #4

    افتراضي

    وقال رحمه الله :الْوَجْهُ الثَّانِي وَالسِّتُّونَ: قَوْلُكُمْ: " لَوْ كُلِّفَ النَّاسُ كُلُّهُمْ الِاجْتِهَادَ وَأَنْ يَكُونُوا عُلَمَاءَ ضَاعَتْ مَصَالِحُ الْعِبَادِ وَتَعَطَّلَتْ الصَّنَائِعُ وَالْمَتَاجِرُ وَهَذَا مِمَّا لَا سَبِيلَ إلَيْهِ شَرْعًا وَقَدَرًا " فَجَوَابُهُ مِنْ وُجُوهٍ؛ أَحَدُهَا: أَنَّ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ بِنَا وَرَأْفَتِهِ أَنَّهُ لَمْ يُكَلِّفْنَا بِالتَّقْلِيدِ، فَلَوْ كَلَّفَنَا بِهِ لَضَاعَتْ أُمُورُنَا، وَفَسَدَتْ مَصَالِحُنَا، لِأَنَّا لَمْ نَكُنْ نَدْرِي مَنْ نُقَلِّدُ مِنْ الْمُفْتِينَ وَالْفُقَهَاءِ، وَهُمْ عَدَدٌ فَوْقَ الْمِئَتَيْنِ، وَلَا يَدْرِي عَدَدَهُمْ فِي الْحَقِيقَةِ إلَّا اللَّهُ، فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ قَدْ مَلَئُوا الْأَرْضَ شَرْقًا وَغَرْبًا وَجَنُوبًا وَشَمَالًا، وَانْتَشَرَ الْإِسْلَامُ بِحَمْدِ اللَّهِ وَفَضْلِهِ وَبَلَغَ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ، فَلَوْ كُلِّفْنَا بِالتَّقْلِيدِ لَوَقَعْنَا فِي أَعْظَمِ الْعَنَتِ وَالْفَسَادِ، وَلَكُلِّفْنَا بِتَحْلِيلِ الشَّيْءِ وَتَحْرِيمِهِ وَإِيجَابِ الشَّيْءِ وَإِسْقَاطِهِ مَعًا إنْ كُلِّفْنَا بِتَقْلِيدِ كُلِّ عَالِمٍ، وَإِنْ كُلِّفْنَا بِتَقْلِيدِ الْأَعْلَمِ فَالْأَعْلَمِ فَمَعْرِفَةُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ وَالسُّنَنُ مِنْ الْأَحْكَامِ أَسْهَلُ بِكَثِيرٍ مِنْ مَعْرِفَةِ الْأَعْلَمِ الَّذِي اجْتَمَعَتْ فِيهِ شُرُوطُ التَّقْلِيدِ، وَمَعْرِفَةُ ذَلِكَ مَشَقَّةٌ عَلَى الْعَالِمِ الرَّاسِخِ فَضْلًا عَنْ الْمُقَلِّدِ الَّذِي هُوَ كَالْأَعْمَى.
    وَإِنْ كُلِّفْنَا بِتَقْلِيدِ الْبَعْضِ وَكَانَ جَعَلَ ذَلِكَ إلَى تَشَهِّينَا وَاخْتِيَارِنَا صَارَ دِينُ اللَّهِ تَبَعًا لِإِرَادَتِنَا وَاخْتِيَارِنَا وَشَهَوَاتِنَا، وَهُوَ عَيْنُ الْمُحَالِ؛ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ رَاجِعًا إلَى مَنْ أَمَرَ اللَّهُ بِاتِّبَاعِ قَوْلِهِ وَتَلَقِّي الدِّينِ مِنْ بَيْنِ شَفَتَيْهِ، وَذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَسُولُ اللَّهِ وَأَمِينُهُ عَلَى وَحَيِّهِ وَحُجَّتُهُ عَلَى خَلْقِهِ، وَلَمْ يَجْعَلْ اللَّهُ هَذَا الْمَنْصِبَ لِسِوَاهُ بَعْدَهُ أَبَدًا.
    الثَّانِي: أَنَّ بِالنَّظَرِ وَالِاسْتِدْلَا لِ صَلَاحَ الْأُمُورِ لَا ضَيَاعَهَا، وَبِإِهْمَالِهِ وَتَقْلِيدِ مَنْ يُخْطِئُ وَيُصِيبُ إضَاعَتُهَا وَفَسَادُهَا كَمَا الْوَاقِعُ شَاهِدٌ بِهِ.
    وَالثَّالِثُ: أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَّا مَأْمُورٌ بِأَنْ يُصَدِّقَ الرَّسُولَ فِيمَا أَخْبَرَ بِهِ، وَيُطِيعَهُ فِيمَا أَمَرَ، وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ مَعْرِفَةِ أَمْرِهِ وَخَبَرِهِ.
    وَلَمْ يُوجِبْ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى الْأُمَّةِ إلَّا مَا فِيهِ حِفْظُ دِينِهَا وَدُنْيَاهَا وَصَلَاحُهَا فِي مَعَاشِهَا وَمَعَادِهَا، وَبِإِهْمَالِ ذَلِكَ تَضِيعُ مَصَالِحُهَا وَتَفْسُدُ أُمُورُهَا، فَمَا خَرَابُ الْعَالِمِ إلَّا بِالْجَهْلِ، وَلَا عِمَارَتُهُ إلَّا بِالْعِلْمِ، وَإِذَا ظَهَرَ الْعِلْمُ فِي بَلَدٍ أَوْ مَحَلَّةٍ قَلَّ الشَّرُّ فِي أَهْلِهَا، وَإِذَا خَفَى الْعِلْمُ هُنَاكَ ظَهَرَ الشَّرُّ وَالْفَسَادُ. وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْ هَذَا فَهُوَ مِمَّنْ لَمْ يَجْعَلْ اللَّهُ لَهُ نُورًا.
    قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: وَلَوْلَا الْعِلْمُ كَانَ النَّاسُ كَالْبَهَائِمِ، وَقَالَ: النَّاسُ أَحْوَجُ إلَى الْعِلْمِ مِنْهُمْ إلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ؛ لِأَنَّ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْيَوْمِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، وَالْعِلْمُ يُحْتَاجُ إلَيْهِ كُلَّ وَقْتٍ.
    الرَّابِعُ: أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى كُلِّ عَبْدٍ أَنْ يَعْرِفَ مَا يَخُصُّهُ مِنْ الْأَحْكَامِ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَعْرِفَ مَا لَا تَدْعُوهُ الْحَاجَةُ إلَى مَعْرِفَتِهِ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ إضَاعَةٌ لِمَصَالِحِ الْخَلْقِ وَلَا تَعْطِيلٌ لِمَعَاشِهِمْ؛ فَقَدْ كَانَ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - قَائِمِينَ بِمَصَالِحِهِمْ وَمَعَاشِهِمْ وَعِمَارَةِ حُرُوثِهِمْ وَالْقِيَامِ عَلَى مَوَاشِيهِمْ وَالضَّرْبِ فِي الْأَرْضِ لِمَتَاجِرِهِمْ وَالصَّفْقِ بِالْأَسْوَاقِ، وَهُمْ أَهْدَى الْعُلَمَاءِ الَّذِي لَا يَشُقُّ فِي الْعِلْمِ غُبَارُهُمْ.
    الْخَامِسُ: أَنَّ الْعِلْمَ النَّافِعَ هُوَ الَّذِي جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ دُونَ مُقَدَّرَاتِ الْأَذْهَانِ وَمَسَائِلِ الْخَرْصِ وَالْأَلْغَازِ، وَذَلِكَ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى أَيْسَرُ شَيْءٍ عَلَى النُّفُوسِ تَحْصِيلُهُ وَحِفْظُهُ وَفَهْمُهُ، فَإِنَّهُ كِتَابُ اللَّهِ الَّذِي يَسَّرَهُ لِلذِّكْرِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر: 17] قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ: قَالَ مَطَرٌ الْوَرَّاقُ: هَلْ مِنْ طَالِبِ عِلْمٍ فَيُعَانُ عَلَيْهِ؟ وَلَمْ يَقُلْ: فَتَضِيعُ عَلَيْهِ مَصَالِحُهُ وَتَتَعَطَّلُ مَعَايِشُهُ عَلَيْهِ، وَسُنَّةُ رَسُولِهِ وَهِيَ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى مَضْبُوطَةٌ مَحْفُوظَةٌ، وَأُصُولُ الْأَحْكَامِ الَّتِي تَدُورُ عَلَيْهَا نَحْوُ خَمْسِمِائَةِ حَدِيثٍ، وَفُرُشُهَا وَتَفَاصِيلُهَا نَحْوُ أَرْبَعَةِ آلَافِ حَدِيثٍ وَإِنَّمَا الَّذِي هُوَ فِي غَايَةِ الصُّعُوبَةِ وَالْمَشَقَّةِ مُقَدَّرَاتِ الْأَذْهَانِ وَأُغْلُوطَاتِ الْمَسَائِلِ وَالْفُرُوعِ وَالْأُصُولِ الَّتِي مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ الَّتِي كُلُّ مَا لَهَا فِي نُمُوٍّ وَزِيَادَةٍ وَتَوْلِيدٍ، وَالدِّينُ كُلُّ مَا لَهُ فِي غُرْبَةٍ وَنُقْصَانٍ، وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.
    لا يتعصب الا غبي او عصبي او حزبي

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    اجتهاد العامي في من يقلده، وابن حزم وكذا الشوكاني يميلون إلى أن العامي يسأل العالم عن قوله هل هو قول النبي صلى الله عليه وسلم أو هو قول من اجتهاده هو: قال ابن حزم: (فاجتهاد العامي إذا سأل العالم عن أمور دينه فأفتاه ــ: أن يقول له: هكذا أمر الله ورسوله: فإن قال له: نعم، أخذ بقوله، ولم يلزمه أكثر من هذا البحث، وإن قال له: لا، أو قال له: هذا قولي، أو قال له: هذا قول مالك أو ابن القاسم أو أبي حنيفة أو أبي يوسف أو الشافعي أو أحمد أو داود أو سمى له أحداً من صاحب أو تابع فمن دونهما غير النبي صلى الله عليه وسلم، أو انتهره أو سكت عنه، فحرام على السائل أن يأخذ بفتياه، وفرض عليه أن يسأل غيره من العلماء، وأن يطلبه حيث كان، إذ إنما يسأل المسلم من سأل من العلماء عن نازلة تنزل به ليخبره بحكم الله تعالى وحكم محمد صلى الله عليه وسلم في ذلك، ومايجب في دين الإسلام في تلك المسألة.) (الإحكام) 6 / 151 ــ 152.
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    نفع الله بكم .
    هذه المسألة لا بد فيها من تحرير أكثر .
    وذلك باعتبار أن العامي يختلف حاله في الاجتهاد والتقليد ، فإن كان العامي يستطيع أن ينظر فيما ذكره العلماء بالأدلة فلابد من الاجتهاد في ذلك ، وإن لم يستطع ذلك، لكنه يستطيع أن يقول للعالم الذي أفتاه : هذا حكم الله بالدليل ؟ فإن قال نعم ، فعليه أن يأخذ بكلامه وإلا فلا ، فهذا اجتهاد بالنسبة إليه ، وهناك أمور ظاهرة وأصول شرعية ومسائل معروفة فهذه لا يحتاج العامي إلى أن يقلد فيها أحدا ؛ لأن النصوص فيها ظاهرة واضحة ، أما إن كان المقصود أن يجتهد العامي بالنظر في النصوص الشرعية لا سيما في المسائل الفرعية التي لا يوجد فيها نص واضح وصريح ، بل فيها إشكالات واجتهادات فأنى للعامي أن يجتهد فيها ، بل لا يسعه إلا التقليد وسؤال أهل بلده ممن يوثق به في علمه ودينه .
    قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "لقاءات الباب المفتوح" 19 / 32:
    "الناس يختلفون، فمنهم من يصل إلى درجة الاجتهاد ومنهم دون ذلك، ومنهم من يكون مجتهداً في مسألة من المسائل، يحققها ويبحث فيها ويعرف الحق فيها دون غيره، ومن الناس من لا يعرف شيئاً. فالعامة مذهبهم مذهب علمائهم، ولهذا لو قال لنا قائل: إنني أشرب الدخان؛ لأن في البلاد الإسلامية الأخرى من يقول: إنه جائز، وأنا لي حرية التقليد، قلنا: لا يسوغ لك هذا؛ لأن فرضك أنت هو التقليد، وأحق من تقلد علماؤك، ولو قلدت من كان خارج بلادك أدى ذلك إلى الفوضى في أمر ليس عليه دليل شرعي.
    ولو قال: إنه سيحلق لحيته؛ لأن من علماء الأمصار من قال: لا بأس بذلك، نقول له: لا يمكن، أنت فرضك التقليد، لا تخالف علماءك، ولو قال: أنا أريد أن أطوف على قبور الصالحين؛ لأن من علماء الأمصار من قال: لا بأس بذلك، أو قال: أريد أن أتوسل بهم إلى الله، وما أشبه ذلك، قلنا: لا يمكن هذا. فالعامي يجب عليه أن يقلد علماء بلده الذين يثق بهم، وقد ذكر هذا شيخنا عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله، وقال: العامة لا يمكن أن يقلدوا علماء من خارج بلدهم؛ لأن هذا يؤدي إلى الفوضى والنزاع، ولو قال: أنا لا أتوضأ من لحم الإبل؛ لأنه يوجد من علماء الأمصار من يقول: لا يجب الوضوء منه لقلنا: لا يمكن، يجب عليك أن تتوضأ ، لأن هذا مذهب علمائك وأنت مقلد لهم" .


    وقال أيضا رحمه الله : "أما عامة الناس فإنهم يلزمون بما عليه علماء بلدهم؛ لئلا ينفلت العامة؛ لأننا لو قلنا للعامي: أي قول يمر عليك لك أن تأخذ به، لم تكن الأمة أمة واحدة، ولهذا قال شيخنا عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله: العوام على مذهب علمائهم. فمثلاً: عندنا هنا في المملكة العربية السعودية أنه يجب على المرأة أن تغطي وجهها، فنحن نلزم نساءنا بذلك، حتى لو قالت لنا امرأة: أنا سأتبع المذهب الفلاني وكشف الوجه فيه جائز، قلنا: ليس لكِ ذلك؛ لأنكِ عامية ما وصلتِ إلى درجة الاجتهاد، وإنما تريدين اتباع هذا المذهب لأنه رخصة، وتتبع الرخص حرام.
    أما لو ذهب عالم من العلماء الذي أداه اجتهاده إلى أن المرأة لا حرج عليها في كشف الوجه، ويقول: إن امرأتي سوف أجعلها تكشف وجهها. قلنا: لا بأس، لكن لا يجعلها تكشف الوجه في بلاد يسترون الوجوه، يمنع من هذا؛ لأنه يفسد غيره، ولأن المسألة فيها اتفاق على أن ستر الوجه أولى، فإذا كان ستر الوجه أولى فنحن إذا ألزمناه بذلك لم نكن ألزمناه بما هو حرام على مذهبه، إنما ألزمناه بالأولى على مذهبه، ولأمر آخر وهو ألا يقلده غيره من أهل هذه البلاد المحافظة، فيحصل من ذلك تفرق وتفتيت للكلمة. أما إذا ذهب إلى بلاده فلا نلزمه برأينا، ما دامت المسألة اجتهادية وتخضع لشيء من النظر في الأدلة والترجيح بينها".

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    ثم وقفت على هذا وسأنقله للفائدة :
    السؤال

    إذا اختلف أهل العلم في مسألة ما وكان الخلاف معتبرا عندهم وكلا القولين له وجاهة، والذي أعلمه - ولتصححوا لي إن كان خطأ- أن المسلم يستمع إلى أدلة الطرفين، وله أن يأخذ بما اطمأن إليه قلبه.
    والسؤال :


    1- ماذا إذا احتار المسلم في أي الرأيين أصح وقد استمع إلى الأدلة الشرعية ولم يستقر له رأي في أيهما أصح فهل له أن يأخذ بالأيسر طالما لم يتثبت عنده الراجح.
    2-إذا حاسبه الله سبحانه في الآخرة ماذا إذا كان الرأي الذي عمل به مرجوحا وليس بصحيح فهل عليه من عقوبة؟


    وقد جاءت الإجابة بناء على فتوى سابقة في الموقع ليست لها علاقة بسؤالي نهائيا، وإن تشابه السؤالان للوهلة الاولى. الرجاء الإجابة عن سؤالي تفصيليا وآسف للازعاج. وجزاكم الله خيرا.


    الإجابــة
    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:


    فمن كان متأهلا للاجتهاد والنظر في الأدلة ففرضه أن يجتهد حسب استطاعته ويعمل بما أداه إليه اجتهاده، ومن كان عاميا غير قادر على الاجتهاد فاختلف العلماء في الواجب عليه، والمرجح عندنا أنه يقلد أوثق الناس في نفسه، وانظر لما يفعله العامي إذا اختلفت عليه الفتيا الفتوى رقم: 120640، فإذا تكافأت الأدلة لدى المجتهد أو استوى العلماء عند العامي فقد اختلف العلماء في الواجب عليه حينئذ، فقيل يتبع الأشد لكونه أحوط ولحصول براءة الذمة به بيقين، وقيل يأخذ بأي الأقوال شاء ما لم يقصد تتبع الرخص، وقيل يأخذ بالأيسر لكون الشريعة مبنية على التخفيف.


    قال الطوفي رحمه الله في شرح مختصر الروضة: قَوْلُهُ: «فَإِنِ اسْتَوَيَا عِنْدَهُ» ، أَيْ: إِنِ اسْتَوَى الْمُجْتَهِدَان ِ عِنْدَ الْمُسْتَفْتِي فِي الْفَضِيلَةِ، وَاخْتَلَفَا عَلَيْهِ فِي الْجَوَابِ، فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: يَتَّبِعُ «أَيَّهُمَا شَاءَ» مُخَيَّرًا لِعَدَمِ الْمُرَجِّحِ. الثَّانِي: يَأْخُذُ بِأَشَدِّ الْقَوْلَيْنِ، لِأَنَّ «الْحَقَّ ثَقِيلٌ مَرِيٌّ وَالْبَاطِلَ خَفِيفٌ وَبِيٌّ» ، كَمَا يُرْوَى فِي الْأَثَرِ. وَفِي الْحِكْمَةِ: إِذَا تَرَدَّدْتَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ، فَاجْتَنِبْ أَقْرَبَهُمَا مِنْ هَوَاكَ. وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَا خُيِّرَ عَمَّارٌ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلَّا اخْتَارَ أَشَدَّهُمَا وَفِي لَفْظٍ: أَرْشَدَهُمَا. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ، وَرَوَاهُ أَيْضًا النَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ. فَثَبَتَ بِهَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ لِلْحَدِيثِ أَنَّ الرُّشْدَ فِي الْأَخْذِ بِالْأَشَدِّ. الثَّالِثُ: يَأْخُذُ بِأَخَفِّ الْقَوْلَيْنِ لِعُمُومِ النُّصُوصِ الدَّالَّةِ عَلَى التَّخْفِيفِ فِي الشَّرِيعَةِ، كَقَوْلِهِ - عَزَّ وَجَلَّ -: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ. انتهى.


    وحكى العلامة ابن عثيمين هذه الأقوال ورجح أنه يأخذ بالأيسر في هذه الحال.


    قال رحمه الله: مسائل العلم يجب على الإنسان أن يتبع من يرى أنه أقرب إلى الصواب إما لغزارة علمه وإما لثقته وأمانته ودينه. فإن لم يعلم أيهما أرجح في ذلك فقد قال بعض أهل العلم إنه يخير إن شاء أخذ بقول هذا وإن شاء أخذ بقول هذا، وقال بعض العلماء يأخذ بما هو أحوط أي بالأشد احتياطاً وإبراءً للذمة، وقال بعض العلماء يأخذ بما هو أيسر لأن ذلك أوفق للشريعة إذ أن الدين الإسلامي يسر كما قال الله تبارك تعالى: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ) وكما قال تعالى (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) وكما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إن الدين يسر) وكما قال وهو يبعث البعوث: (يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين) أي أنه إذا اختلفت آراء العلماء عندك وليس عندك ترجيح فإنك تأخذ بالأيسر لهذه الأدلة ولأن الأصل براءة الذمة، ولو ألزمنا الإنسان بالأشد للزم من ذلك إشغال ذمته والأصل عدم ذلك وهذا القول أرجح عندي أي أن العلماء إذا اختلفوا على قولين وتكافأت الأدلة عندك في ترجيح أحد القولين فإنك تأخذ بالأيسر منهما، وهذا أعني القول بالأخذ بالأيسر فيما يتعلق بنفس الإنسان أما إذا كان يترتب على ذلك مفسدة فإنه يمتنع من إظهار ذلك وإعلانه... وعلى هذا فنقول: القول الصحيح أن نأخذ بالأيسر ما لم يتضمن ذلك مفسدة فإن تضمن ذلك مفسدة فليأخذ بالأيسر في حق نفسه فقط. انتهى.


    وإذا اتبع الإنسان هذا القول وهو اتباع الأيسر عند عدم وضوح الأدلة وتكافئها أو اختلاف المفتين الثقات عليه فإنه لا حرج عليه في ذلك ولا يكون مؤاخذا يوم القيامة وذلك لأنه فعل ما يقدر عليه واتقى الله ما استطاع. ولو فرض أن القول الذي اتبعه كان خطأ في نفس الأمر فإن المخطئ معذور غير مؤاخذ، قال تعالى: ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا. قال الله في جوابها: قد فعلت. رواه مسلم. وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن المجتهد المصيب له أجران والمخطئ له أجر. فمن اتبع ما أداه إليه اجتهاده إن كان من أهل الاجتهاد أو قلد العلماء الثقات إن كان عاميا فقد برئت ذمته وفعل ما يلزمه شرعا فلا تبعة عليه يوم القيامة.


    والله أعلم.
    http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Optio n=FatwaId&Id=169801

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    الشيخ عبدالكريم الخضير حفظه الله ( من موقعه الرسمي ) :
    سؤال:


    هل للعامي أو الجاهل أن يجتهد ويبحث ويقرأ في مسألة ليصل إلى القول الصحيح؟

    الجواب:



    كيف يجتهد العامي وليست عنده الأهلية! فالعامي جاهل، والجاهل عامي، وفي حكمهم المبتدئ الذي لم يتأهل لمعرفة النصوص والتعامل معها على الجادة التي عرفت عند أهل العلم، فمثل هذا لا يجوز له أن يتطاول على النصوص ويستنبط منها أو يبني عليها أحكامًا ويرد بها أقوال أهل العلم؛ لأنه ليست لديه الأهلية، وإنما فرضه سؤال أهل العلم كما قال تعالى: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} [النحل: 43]، وفرضه –أيضًا- بناء على ذلك وما يترتب عليه أنه يقلد أهل العلم.
    http://shkhudheir.com/fatawa/1538191788

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    العامي يجتهد في من يقلده
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو مالك المديني مشاهدة المشاركة
    نفع الله بكم .
    هذه المسألة لا بد فيها من تحرير أكثر .
    وذلك باعتبار أن العامي يختلف حاله في الاجتهاد والتقليد ، فإن كان العامي يستطيع أن ينظر فيما ذكره العلماء بالأدلة فلابد من الاجتهاد في ذلك ، وإن لم يستطع ذلك، لكنه يستطيع أن يقول للعالم الذي أفتاه : هذا حكم الله بالدليل ؟ فإن قال نعم ، فعليه أن يأخذ بكلامه وإلا فلا ، فهذا اجتهاد بالنسبة إليه ، وهناك أمور ظاهرة وأصول شرعية ومسائل معروفة فهذه لا يحتاج العامي إلى أن يقلد فيها أحدا ؛ لأن النصوص فيها ظاهرة واضحة ، أما إن كان المقصود أن يجتهد العامي بالنظر في النصوص الشرعية لا سيما في المسائل الفرعية التي لا يوجد فيها نص واضح وصريح ، بل فيها إشكالات واجتهادات فأنى للعامي أن يجتهد فيها ، بل لا يسعه إلا التقليد وسؤال أهل بلده ممن يوثق به في علمه ودينه .
    بارك الله في شيخنا، ما أحسن تفصيلك، أصبت كبد الحقيقة.
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    وفيك بارك الله حبيبنا الغالي.

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو مالك المديني مشاهدة المشاركة
    وفيك بارك الله حبيبنا الغالي.
    آمين
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •