بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد :قال الشيخ الفوزان: من مناهج أهل الجاهلية كذلك: أنهم لا يكتفون بالشكوى إلى أصحاب القوة، والانتقام؛ بل يصفون أهل الإيمان بالمفسدين في الأرض، كما قالوا لفرعون: {أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ} [الأعراف: 127] سموا الإصلاح إفساداً. والحق هو العكس؛ أن الإيمان والتوحيد: إصلاح في الأرض، وأن الكفر والمعاصي والفسوق والظلم والطغيان: إفساد في الأرض، فالذي عليه موسى وقومه إصلاح، والذي عليه فرعون وقومه إفساد، لكنهم عكسوا الأمر، فسموا الإصلاح إفساداً، وهذا دأب الكفار والمشركين والمنافقين دائماً، يسمون المصلحين والدعاة إلى الله على بصيرة،ويسمون المؤمنين الموحدين الذين يدعون إلى توحيد الله وعبادته، يسمونهم بالمفسدين في الأرض.
وهذا شيء مستمر في الناس إلى يوم القيامة، أهل الكفر والظلم والطغيان يسمون المصلحين بالمفسدين، وهذا منحدر من القرون الأولى من وقت فرعون وقومه، وهذا لا يضر أهل الإيمان، ولا يضر أهل الإصلاح، وإن لُقِّبوا بما لُقِّبوا، فكم لقبوا أهل الحق والدعاة إلى الله بالشناعات، لقبوا شيخ الإسلام ابن تيمية بألقاب شنيعة، ولقبوا الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب بألقاب شنيعة، وأنه خارجي، وأنه يريد أن يغيّر عقيدة الناس، ويكفّر الناس، إلى آخر ما يقولون، مما هو موجود في كتبهم من الاتهامات والتزوير والشر وهذا موقفهم من كل مصلح.انتهى كلام الفوزان.
ورحم الله من قال:
وأصبح أهل الحق بين معاقب ... وبين طريدٍ في القبائل صائر
فقل للغوي المستجير بظلمهم ... ستحشر يوم الدين بين الأصاغرِ
ويكشف للمرتاب أي بضاعة ... أضاع وهل ينجو مجير امِّ عامرِ
ويعلم يوم الجمع أي جناية ... جناها وما يلقاه من مكر ماكرِ
فيا أمة ضلت سبيل نبيها ... وآثاره يوم اقتحام الكبائرِ
يعز بكم دين الصليب وآله ... وأنتم بهم ما بين راض وآمرِ
وتهجر آيات الهدى ومصاحف ... ويحكم بالقانون وسط الدساكرِ
هوت بكمو نحو الجحيم هوادة ... ولذات عيش ناعم غير شاكرِ
سيبدو لكم من مالك الملك غير ما ... تظنون أن لاقى مزير المقابرِ
يقول لكم ماذا فعلتم بأمة ... على ناهج مثل النجوم الزواهرِ
سللتم سيوف البغي فيهم وعطلت ... مساجدهم من كل داع وذاكرِ
وواليتمو أهل الجحيم سفاهة ... وكنتم بدين الله أول كافرِ
نسيتم لنا عهدا أتاكم رسولنا ... به صارخا فوق الذرى والمنابرِ
فهاجر إلى رب البرية طالباً ... رضاه وراغم بالهدى كل جائرِ
وجانب سبيل العادلين بربهم ... ذوي الشرك والتعطيل مع كل غادرِ
وبادر إلى رفع الشكاية ضارعاً ... إلى كاشف البلوى عليم السرائرِ
وكابد إلى أن تبلغ النفس عذرها ... وترفع في ثوب من العفو ساترِ
ولا تيأسنْ من صنع ربك إنه ... مجيب وإن الله أقرب ناصرِ
ألم تر أن الله يبدي بلطفه ... ويعقب بعد العسر يسراً لصابرِ
وأن الديار الهامدات يمدها ... بوبل من الوسمي هام وماطرِ
فتصبح في رغد من العيش ناعم ... وتهتز في ثوب من الحسن فاخرِ