تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: ما أشبه اليوم بالأمس.

  1. #1

    افتراضي ما أشبه اليوم بالأمس.

    بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد :إلى كل من تدبر في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم إلى كل عاقل نصح نفسه فخلع كل قيد يبقيه في الأوحال وشمر ليلحق بالركب والصحبة محمد وحزبه صلى الله عليه وسلم . قال: الشيخ محمد بن عبد الوهاب، رحمه الله تعالى: تأمل رحمك الله ستة مواضع من السيرة، وافهمها فهماً جيداً حسناً، لعل الله أن يفهمك دين الأنبياء لتتبعه، ودين المشركين لتتركه؛ فإن أكثر من يدعي الدين، ويعد من الموحدين، لا يفهم معنى هذه السنة كما ينبغي.
    الموضع الأول: قصة نزول الوحي، وفيها: أن أول آية أرسله الله بها: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ} [سورة المدثر آية: 1-2] إلى قوله: {وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ} [سورة المدثر آية: 7] . فإذا فهمت أنهم يفعلون أشياء كثيرة، يعرفون أنها من الظلم والعدوان، مثل الزنى وغيره، وعرفت أيضاً أنهم يفعلون أشياء كثيرة من العبادات، يتقربون بها إلى الله، مثل الحج والعمرة، والصدقة على المساكين، والإحسان إليهم، وغير ذلك؛ وأجلها عندهم: الشرك، فهو أجل ما يتقربون به إلى الله عندهم، كما ذكر الله عنهم أنهم قالوا: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [سورة الزمر آية: 3] ، {وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} [سورة يونس آية: 18] ، وقال: {إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ} [سورة الأعراف آية: 30] ؛ فأول ما أمره به: الإنذار عنه، قبل الإنذار عن الزنى والسرقة وغيرهما. وعرفت: أن منهم من تعلق على الأصنام، ومنهم من تعلق على الملائكة، وعلى الأولياء من بني آدم، ويقولون: ما نريد منهم إلا شفاعتهم، ومع هذا بدأ بالإنذار عنه في أول آية أرسله الله بها، فإن أحكمت هذه المسألة، فيا بشراك!خصوصاً إذا عرفت أن ما بعدها أعظم من صلاة الخمس، ولم تفرض إلا في ليلة الإسراء، سنة عشر، بعد حصار الشعب وموت أبي طالب، وبعد هجرة الحبشة بسنتين. فإذا عرفت أن تلك الأمور الكثيرة، والعداوة البالغة، كل ذلك عند هذه المسألة، قبل فرض الصلاة، رجوت أن تعرف المسألة.
    الموضع الثاني: أنه صلى الله عليه وسلم لما قام ينذرهم عن الشرك، ويأمرهم بضده، وهو التوحيد، لم يكرهوا ذلك واستحسنوه، وحدثوا أنفسهم بالدخول فيه، إلى أن صرح بسب دينهم، وتجهيل علمائهم، فحينئذ شمروا له ولأصحابه عن ساق العداوة، وقالوا: سفه أحلامنا، وعاب ديننا، وشتم آلهتنا; ومعلوم أنه صلى الله عليه وسلم لم يشتم عيسى وأمه، ولا الملائكة، ولا الصالحين; لكن لما ذكر أنهم لا يُدعون، ولا ينفعون ولا يضرون، جعلوا ذلك شتماً. فإذا عرفت هذه المسألة، عرفت أن الإنسان لا يستقيم له دين ولا إسلام، ولو وحد الله وترك الشرك، إلا بعداوة المشركين، والتصريح لهم بالعداوة والبغضاء، كما قال تعالى: {لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} الآية [سورة المجادلة آية: 22] ؛ فإذا فهمت هذا فهماً حسناً جيداً، عرفت أن كثيرًا من الذين يدّعون الدين لا يعرفونها، وإلا فما الذي حمل المسلمين على الصبر على ذلك العذاب، والأسر والضرب، والهجرة إلى الحبشة، مع أنه صلى الله عليه وسلم أرحم الناس، ولم يجد لهم رخصة، ولو وجد لهم رخصة لأرخص لهم، كيف وقد أنزل الله عليه {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ} الآية [سورة العنكبوت آية: 10] ؛ فإذا كانت هذه الآية فيمن وافقهم بلسانه، فكيف بغير ذلك؟
    الموضع الثالث: قصة قراءته صلى الله عليه وسلم سورة النجم بحضرتهم، فلما بلغ {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى} [سورة النجم آية: 19] ، ألقى الشيطان في تلاوته: "تلك الغرانيق العلى، وإن شفاعتها لترتجى"، فظنوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قالها، ففرحوا بذلك فرحاً شديداً، وقالوا كلاماً معناه: هذا الذي نريد، ونحن نعرف أن الله هو النافع الضار وحده لا شريك له، ولكن هؤلاء يشفعون لنا عنده، فلما بلغ السجدة سجد وسجدوا معه، فشاع الخبر أنهم صافوه، وسمع بذلك من بالحبشة فرجعوا، فلما أنكر ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، عادوا إلى شر ما كانوا عليه. ولما قالوا له: إنك قلت ذلك، خاف من الله خوفاً عظيماً، حتى أنزل الله عليه: { (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ} الآية [سورة الحج آية: 52] . فمن فهم هذه القصة ثم شك بعدها في دين النبي صلى الله عليه وسلم ولم يفرق بينه وبين دين المشركين، فأبعده الله، خصوصاً إن عرف أن قولهم: تلك الغرانيق الملائكة.
    لا يتعصب الا غبي او عصبي او حزبي

  2. #2

    افتراضي

    الموضع الرابع: قصة أبي طالب، فمن فهمها فهماً حسناً، وتأمل إقراره بالتوحيد، وحث الناس عليه، وتسفيه عقول المشركين، ومحبته لمن أسلم وخلع الشرك، ثم بذل عمره وماله وأولاده وعشيرته، في نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن مات، ثم صبر على المشقة العظيمة، والعداوة البالغة، لكن لم يدخل فيه، ولم يتبرأ من دينه الأول، لم يصر مسلماً، مع أنه يعتذر عن ذلك بأن فيه مسبة لأبيه عبد المطلب، ولهاشم وغيرهما من مشائخهم; ثم مع قرابته ونصرته، استغفر له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله عليه: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى} الآية [سورة التوبة آية: 113] . والذي يبين هذا: أنه إذا عرف رجل من أهل البصرة أو الأحساء، يحب الدين ويحب المسلمين، ظن أكثر الناس أنه مع المسلمين، مع أنه لم ينصر الدين بيد ولا مال، ولا له من الأعذار مثل ما لأبي طالب; فمن فهم قصة أبي طالب، وفهم الواقع من أكثر من يدعي الدين، تبين له الهدى من الضلال، وعرف سوء الأفهام، والله المستعان.
    الموضع الخامس: قصة الهجرة، وفيها من الفوائد والعبر ما لا يعرفه أكثر من قرأها، ولكن مرادنا الآن مسألة من مسائلها، وهي: أن من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم يهاجر من غير شك في الدين، وفي تزيين دين المشركين، ولكن محبة الأهل والمال والوطن، فلما خرجوا إلى بدر، خرجوا مع المشركين كارهين، فقتل بعضهم بالرمي، والرامي لا يعرفه; فلما سمع الصحابة من القتلى فلان وفلان شق عليهم، وقالوا: قتلنا إخواننا، فأنزل الله: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} إلى قوله: {وَكَانَ اللَّهُ عَفُوّاً غَفُوراً} [سورة النساء آية:97-99] . فمن تأمل قصتهم، وتأمل قول الصحابة: قتلنا إخواننا، لأنه لم يبلغهم عنهم كلام في الدين، أو كلام في تزيين دين المشركين، ولو بلغهم شيء من ذلك لم يقولوا: قتلنا إخواننا; فإن الله قد بين لهم وهم بمكة قبل الهجرة، أن ذلك كفر بعد الإيمان، بقوله تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ} [سورة النحل آية: 106] . وأبلغ من هذا: ما تقدم من كلام الله فيهم، فإن الملائكة تقول: {فِيمَ كُنْتُمْ} ، ولم يقولوا: كيف تصديقكم؟ {قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ} [سورة النساء آية: 97] ، ولم يقولوا: كذبتم، مثل ما يقول الله والملائكة للمجاهد الذي يقول: جاهدت في سبيلك حتى قتلت، فيقول الله: كذبت، وتقول الملائكة: كذبت، بل قاتلتَ ليقال جريء; وكذلك يقولون للعالم والمتصدق: كذبت، بل تعلمت ليقال عالم، وتصدقت ليقال جواد.
    لا يتعصب الا غبي او عصبي او حزبي

  3. #3

    افتراضي

    وأما هؤلاء، فلم يكذبوهم، بل أجابوهم بقولهم: {أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا} [سورة النساء آية: 97] . ويزيد ذلك إيضاحاً للعارف والجاهل: الآية التي بعدها، وهي قوله تعالى: {إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِ ينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً} [سورة النساء آية: 98] ، فهذا أوضح واضح جداً، أن هؤلاء خرجوا من الوعيد، فلم يبق شبهة، لكن لمن طلب العلم، بخلاف من لم يطلبه، بل قال الله فيهم: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ} [سورة البقرة آية: 18] . ومن فهم هذا الموضع والذي قبله، فهم كلام الحسن البصري، قال: "ليس الإيمان بالتحلي ولا بالتمني، ولكن ما وقر في القلوب، وصدقته الأعمال، وذلك أن الله يقول: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [سورة فاطر آية: 10] ".
    الموضع السادس: قصة الردة بعد موته صلى الله عليه وسلم، فمن سمعها ثم بقي في قلبه مثقال ذرة من شبهة الشياطين - الذين يسمون العلماء - وهي قولهم: هذا هو الشرك، لكن يقولون: لا إله إلا الله، ومن قالها لا يكفر بشيء. وأعظم من ذلك وأكبر: تصريحهم بأن البوادي ليس معهم من الإسلام شعرة، ولكن يقولون: لا إله إلا الله، وهم بهذه اللفظة إسلام، وحرم الإسلام مالهم ودمهم، مع إقرارهم أنهم تركوا الإسلام كله، ومع علمهم بإنكارهم البعث، واستهزائهم بمن أقر به، واستهزائهم بالشرائع، وتفضيلهم دين آبائهم مخالفاً لدين النبي صلى الله عليه وسلم. ومع هذا كله، يصرح هؤلاء الشياطين، المردة الجهلة، أن البدو إسلام، ولو جرى منهم ذلك كله، لأنهم يقولون: لا إله إلا الله أيضاً؛ ولازم قولهم: أن اليهود إسلام، لأنهم يقولونها. وأيضاً، كفر هؤلاء أغلظ من كفر اليهود بأضعاف مضاعفة، أعني البوادي المتصفين بما ذكرنا. والذي يبين ذلك من قصة الردة، أن المرتدين افترقوا في ردتهم: فمنهم من كذب النبي صلى الله عليه وسلم ورجعوا إلى عبادة الأوثان، وقالوا: لو كان نبياً ما مات; ومنهم من ثبت على الشهادتين، ولكن أقر بنبوة مسيلمة، ظناً أن النبي صلى الله عليه وسلم أشركه في النبوة، لأن مسيلمة أقام شهود زور شهدوا له بذلك، فصدقهم كثير من الناس; ومع هذا، أجمع العلماء أنهم مرتدون ولو جهلوا ذلك، ومن شك في ردتهم فهو كافر. فإذا عرفت أن العلماء أجمعوا: أن الذين كذبوا النبي صلى الله عليه وسلم ورجعوا إلى عبادة الأوثان، وشتموا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنهم من أقر بنبوة مسيلمة في حال واحد، ولو ثبت على الإسلام كله. ومنهم من أقر بالشهادتين، وصدق طليحة في دعواه النبوة. ومنهم من صدق العنسي صاحب صنعاء؛ وكل هؤلاء أجمع العلماء أنهم مرتدون. ومنهم أنواع أخر، منهم الفجاءة السلمي لما وفد على أبي بكر، وذكر له أنه يريد قتال المرتدين، ويطلب من أبي بكر أن يمده، فأعطاه سلاحاً ورواحل، فاستعرض السلمي المسلم والكافر يأخذ أموالهم، فجهز أبو بكر جيشاً لقتاله. فلما أحس بالجيش، قال لأميرهم: أنت أمير أبي بكر، وأنا أميره، ولم أكفر، فقال: إن كنت صادقاً فألق السلاح، فألقاه، فبعث به إلى أبي بكر، فأمر بتحريقه بالنار وهو حي.
    لا يتعصب الا غبي او عصبي او حزبي

  4. #4

    افتراضي

    فإذا كان هذا حكم الصحابة في هذا الرجل، مع إقراره بأركان الإسلام الخمسة، فما ظنك بمن لم يقر من الإسلام بكلمة واحدة، إلا أنه يقول: "لا إله إلا الله" بلسانه، مع تصريحه بتكذيب معناها، وتصريحه بالبراءة من دين محمد صلى الله عليه وسلم ومن كتاب الله؟ ويقولون: هذا دين الحضر، وديننا دين آبائنا.
    ثم يفتي هؤلاء المردة الجهال أن هؤلاء مسلمون، ولو صرحوا بذلك كله، إذا قالوا: لا إله إلا الله. سبحانك هذا بهتان عظيم! وما أحسن ما قاله واحد من البوادي، لما قدم علينا وسمع شيئاً من الإسلام، قال: أشهد أننا كفار - يعني هو وجميع البوادي -، وأشهد أن المطوع الذي يسمينا إسلاماً أنه كافر. وصلى الله على سيدنا محمد.
    لا يتعصب الا غبي او عصبي او حزبي

  5. #5

    افتراضي

    ملاحظة: قصة الغرانيق ضعيفة وشكرا.
    لا يتعصب الا غبي او عصبي او حزبي

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •