تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: مشكلة الإلحاد أسبابها وعلاجها [1 /2/ 3] - الشيخ احمد بن محمد الشحي

  1. #1

    افتراضي مشكلة الإلحاد أسبابها وعلاجها [1 /2/ 3] - الشيخ احمد بن محمد الشحي

    إن تناول قضية الإلحاد وخاصة في المجتمعات العربية والإسلامية لا بد أن يكون تناولا موضوعيا، بعيدا عن التضخيم والمبالغة وإظهار الإلحاد في مجتمعاتنا وكأنه سرطان مستشر أو كرة ثلج تتدحرج من فوق جبل لتهدد الجميع وتفتُّ من إيمانهم، وبعيدا أيضا عن التساهل والتهاون والجمود في الخطاب وترك استراتجيات الوقاية والعلاج، فهناك ملاحدة في العالم العربي والإسلامي، وهناك من يجاهر بذلك في مواقع التواصل وفي بعض القنوات، وهناك ملاحدة كثر في العالم الغربي، ينشرون إلحادهم، ويدعون الناس إليه.
    إن تشخيص أسباب الإلحاد من أهم الخطوات في طريق الوقاية والعلاج، ومن خلال دراسة هذا الملف ورصد بعض الحالات يتبين للباحث أن أسباب ودوافع الإلحاد متعددة، ومن أهم هذه الأسباب في نظرنا ما يلي:
    أولا: ضعف المناعة الإيمانية والجفاف الروحي، فيصادف الإلحاد قلبا خاويا فيتمكَّن منه، كما هو الحال عند نقص المناعة الجسدية، فإن الجسم يكون بسبب ذلك عرضة للإصابة بالفيروسات الموبوءة والأمراض الفتاكة، لضعف جهاز المناعة عن مقاومة هذه الأمراض.
    ثانيا: ضعف العلم والثقافة الإسلامية الصحيحة، فالأمية الدينية خطرٌ كبير، وخاصة في ظل الانفتاح الثقافي ووسائل العولمة وثورة التقنيات الحديثة والاتصالات السريعة، التي أدت إلى سرعة انتشار المعلومات والأخبار بغثها وسمينها، وقربها من متناول الأيدي، مع كثرة المواقع المشبوهة، وكثرة ما يبث من شبهات عبر مواقع تواصل عالمية، تساهلت حتى مع الشتم البذيء والازدراء الفاحش الذي يصدر من المتهجمين على الذات العلية وعلى ذوات الأنبياء والمرسلين، وكما أن الإلحاد قد يصادف قلبا خاويا فيتمكن منه فقد يصادف أيضا عقلا خاويا فيفتك به، وقد يقع الشاب بسبب ضعف المناعة العلمية ضحية لأفكار تمهد للإلحاد أو تقود إليه أو توقع فيه.
    ثالثا: المعلومات المغلوطة والتصورات الخاطئة التي ترتسم في ذهن الشخص حول قضايا معينة، سواء فيما يتعلق بالذات الإلهية أو مسائل القضاء والقدر ووجود الشرور والآلام أو مسائل الوعيد والعقاب الأخروي أو حقيقة الدين وأحكامه وتشريعاته أو الفهم الخاطئ لبعض جوانب العلم الحديث أو غير ذلك.
    رابعا: عوامل نفسية وشخصية، وهي كثيرة، مثل الإفراط في تقدير الذات، ومحاولة الشخص إشباع رغبته بالشعور بأنه الأفضل، وأنه فوق الناس في عقله وذكائه وعبقريته، وأن الناس دونه، فيجد في الإلحاد وسيلة لإشباع هذه الرغبة، محاولا إقناع نفسه بأن الإلحاد قمة العبقرية والنخبوية، وأنه لا يبلغه إلا أصحاب العقول الفريدة، وأنه منهم، وأن كل من حوله مساكين رجعيون، لأنهم يؤمنون بالقوى الغيبية، ويتعبون أنفسهم بالعبادات، ويحرمونها اللذائذ والمتع الجنسية وغيرها، ومثل هذا النوع يتصف بسلاطة اللسان وكثرة السخرية والاستهزاء والازدراء بالآخر والاستعلاء بالنفس، ومن هذه العوامل أيضا الإفراط في الحرية الفردية إلى درجة التكبر، ورفض مبدأ الأمر والنهي، والرغبة في التحلل من التكاليف الدينية والقيود الاجتماعية، والانسياق وراء الهوى واللامبالاة، واضطرابات الشخصية، والأمراض النفسية، والوسواس القهري، وغيرها.
    ومن العوامل النفسية أيضا محاولة التخلص من عقدة النقص والشعور بالدونية والتي تتسلل إلى الشخص نتيجة الهزيمة النفسية، وتنجم عن المقارنات الخاطئة بين بعض المجتمعات الإسلامية وغيرها، وخاصة في مضمار العلوم الحديثة، فتجده يربط كل نقص وتخلف يجده عند بعض المسلمين بالإسلام، ويربط كل نجاح وتطور يجده في الغرب أو الشرق بالإلحاد، وإذا وجد عند المسلمين تطورا وازدهارا حاول أن يوهم نفسه بأنه نتاج الليبرالية والعلمانية وغيرها، وليس نابعا من دينهم، ليقنع نفسه بأن الإسلام لا يمكن أن يُنتج تطورا وازدهارا.
    خامسا: التطرف أيًّا كان نوعه؛ دينيا أو اجتماعيا أو غير ذلك، والإفراط في جلد الذات، والتضييق على النفس، والانغلاق العقلي، بعيدا عن الشرع والعقل والفطرة، مما يوقع النفس في النفرة، فيأتي الإلحاد كردة فعل ساخطة، ومن فقد بوصلة الاعتدال فقد تودي به الرياح في أي اتجاه يكون، وفي الحديث: «هلك المتنطعون» أي: المتشددون.
    سادسا: أنماط التفكير السلبية، مثل الاندفاع والتسرع في تبني الآراء، والسطحية في التفكير، والغلو في الشك واضطراده في كل شيء، وإسقاط اليقينيات، والغلو في الحس والتجربة والمادة، إلى درجة تعطيل العقل، ومخالفة الضروريات والبديهيات، وهناك مواقف كثيرة لملاحدة تُظهر أثر الغلو الحسي في تعطيل العقل ومخالفة الضروريات التي لا يختلف فيها العقلاء، ومن ذلك أيضا تقديس علماء العلوم الطبيعية، والغلو فيهم، والاستعداد لقبول أي فكرة صادرة من أحد منهم ولو كانت محض فرضية تقارب الخرافة والخيال وتناقض العقل الصحيح وتصادم معطيات العلم الحديث.
    سابعا: طريقة التعامل مع الشبهات والتساؤلات الكبرى، وعدم التعامل السديد مع المستشكلين، وسنفصل ذلك عند الكلام على العلاج.
    ثامنا: المصالح والأغراض، كمن يرأى في الإلحاد وسيلة له لتحقيق مكاسب دنيوية ما.
    تاسعا: مؤثرات خارجية، مثل رفقاء السوء، وسلوكيات بعض المتدينين، والممارسات الإجرامية للإرهابيين، ونشاطات الملحدين، وضعف الأمة، والخطاب الديني المنحرف.
    عاشرا: الحرب النفسية التي تُشن لبث الإلحاد، مثل الإرهاب الفكري، والتشكيك في عقيدة المؤمنين، والسخرية منها، والازدراء بها، وتضخيم الإلحاد، والمبالغة في تكثير عدد الملحدين، وغير ذلك.
    هذا ما تيسر في هذه العجالة، ولنا لقاء آخر حول هذا الموضوع نتناول فيه علاج هذه المشكلة وآثارها.

    مشكلة الإلحاد أسبابها وعلاجها [2]

    الإلحاد، وسنخصص هذا المقال لبيان طرق العلاج والوقاية، وذلك من خلال الجوانب الآتية:

    أولا: على مستوى الأفراد والأسر: وذلك بالتحصين الإيماني والعلمي، والتمسك بالاعتدال والوسطية، وانتهاج التفكير الإيجابي، وتعزيز روح الحوار في الأسرة، ومعالجة المشكلات التي تمس هذه القضية، وأخذ العلم من مصادره الصحيحة.
    وننوه هنا إلى قضية مهمة، وهي أن الإسلام حينما عالج هذه القضية راعى الفرق بين نوعين مختلفين مما يرد على الأذهان،
    النوع الأول: الوساوس والخواطر العارضة، فعالجها بالإعراض عنها والاستعاذة منها،
    والنوع الثاني: التساؤلات النابعة من شبهات ومقدمات، فأمر بمعالجتها بالعلم والحجة والبرهان، فَجَعَلَ لكل نوع ما يناسبه، فعالج الأول علاجا إيمانيا واقعيا ميسورا، لأنه لا يكاد يسلم أحد من الوساوس في حين من الأحيان، وهي إذا وردت وعولجت هذا العلاج لم تستقر في القلوب، وعالج النوع الثاني علاجا علميا مبنيا على إزالة الشبهة بالدليل والبرهان، ومن خلط بين النوعين جاءه الإشكال، فقد يظنُّ أن الإسلام ينهى عن معالجة الشبهات حول التساؤلات الكبرى، ويقتصر على الاستعاذة والانتهاء، أو قد يظنُّ في المقابل أن الأسلوب الأمثل هو الاسترسال مع كل ما يخطر في الذهن من وساوس حول مسائل الدين أو غيرها، حتى يقع في الوساوس القهرية والاضطرابات النفسية وما هو أبعد من ذلك.

    ثانيا: على مستوى حملة الخطاب الديني: وذلك بالتزام الخطاب المعتدل، وتعزيز ركائز الإيمان والعقيدة السليمة، وإبراز محاسن الإسلام وكماله، والتصدي لمظاهر تشويهه من قبل المتطرفين والإرهابيين، وفك أي ارتباط يرمي إلى ربط الدين بأي ممارسة خاطئة، وتصحيح المفاهيم المغلوطة حول العلاقة بين الدين والعلوم الطبيعية وغيرها، والتصدي للشبهات بالحجة والتصور السليم، وبناء الجسور مع الأجيال الناشئة، وتجديد لغة الخطاب، وتقديم المادة العلمية والوعظية بأسلوب متميز ووفق معايير تراعي المعاصرة وتواكب التحديات.

    ثالثا: على مستوى المؤسسات الدينية الرسمية: وذلك بالتحصين من هذه المشكلة بالطرق المثلى عبر المحاضرات والندوات وخطب الجمعة وغيرها، والاستفادة من الإعلام التقليدي والحديث، وتأهيل الدعاة لحسن خوض هذا المضمار، وعمل الدراسات والبحوث والمؤلفات التي تخدم هذا الباب، ووضع الاستراتيجيات المثلى لمواجهة الإلحاد.

    رابعا: على مستوى الجامعات الشرعية: وذلك بتأهيل طلبة العلم الشرعي لمواجهة هذه المشكلة بالطرق السديدة، ووضع برامج لأطروحات الماجستير والدكتوراة تُعنى بجوانب هذا الموضوع من كافة أبعاده، وتواكب ما يستجد حوله؛ لإثراء المكتبة العربية والإسلامية وتزويد القرَّاء بالتصانيف الممميزة.

    خامسا: على مستوى المثقفين والإعلاميين: وذلك من خلال التوعية بخطورة هذه المشكلة، وبيان مفاسدها، وعمل البرامج والمبادرات التي تُعنى بهذا الأمر، والاستعانة بالمتخصصين فيه، والتزام الثقافة الإيجابية، والإعلام الهادف.
    سادسا: على مستوى الدول والقيادات: وذلك عبر مسارات عدة، منها نشر التنمية والازدهار ومكافحة الفقر والتخلف، وسن وتطبيق القوانين التي تكافح الإلحاد، ودعم الخطاب الديني المعتدل.

    سابعا: تضافر الجهود على مستوى المجامع الإسلامية الكبرى مثل منظمة التعاون الإسلامي، وإنشاء مجمع إسلامي دولي يُعنى بهذه المشكلة وغيرها، يجمع بين علماء الشريعة وعلماء التخصصات الأخرى، فهناك جهود فردية مبعثرة لعلماء مسلمين متخصصين في بعض المجالات الطبيعية للرد على شبهات الملحدين في هذه المجالات، يتخلل ذلك أحيانا استراتيجيات تضر أكثر مما تنفع، نتيجة عدم وجود رؤية صحيحة متكاملة. وبعد هذا التجوال أقول: إن القرآن الكريم أعظم كتاب يُعالج به الإلحاد، وهو مليء بأقوى الحجج والبراهين العقلية والعلمية والفطرية وأبلغ الكلمات والعبارات التي تدحض شبهات الملحدين، ومخطئٌ من ظن أن القرآن مجردُ آياتٍ تؤخذ بالإيمان الأعمى والتصديق المجرد، وما من ملحد مهما بلغ في إلحاده يفتح عقله ساعة ويتجرد من التعصب برهة ويطلب الحق بإنصاف وتجرد ويتدبر في آيات القرآن البليغة التي تخاطب العقول والقلوب إلا وينصاع لصوت الحق الدامغ، ومهما ذهب الملحد بعيدا في نظريات وفرضيات وظنون إلى أقصى أقاصي الكون ومهما أوغل في أعمق أعماق أدق الجسيمات ومهما تحدث عن أكوان متعددة أو متضخمة أو متوازية أو متذبذبة أو غير ذلك فإن قواعد الحقيقة لن تتغير أبدا، وسيبقى هذا الكون وتلك الأكوان تسبح بحمد الله جل جلاله، ويبقى النداء الذي يغمر أرجاء الكون الفسيح ويعمر أنحاءه: {ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه وهو على كل شيء وكيل}.

    وهذا أحد الملاحدة في قناة من القنوات، يجاهر بإلحاده، ويتمادى في جداله وجرأته واستهزائه، فيتصل متصل، ويتلو آيات من سورة الروم من الآية 17 إلى الآية 29 بصوت عذب ندي، لتأسر هذه الآيات لب هذا الملحد العنيد، وتزلزله زلزالا شديدا، وتذيب إلحاده ذوبانا سريعا، لينهار في لحظات، آيات لم تخاطب قلبه فقط، بل خاطبت قلبه وعقله، بكلماتٍ معجزةٍ لا مثيل لها، جابت به آفاق الكون والحياة، وذكَّرته بآيات الليل والنهار وخلق الإنسان واختلاف الألسنة والألوان والمطر والبرق والإنبات وغير ذلك، وضربت له الأمثلة على الإحياء والإماتة والقدرة الإلهية الباهرة، وهزته هزا بالدعوة المتكررة لإعمال العقل والفكر، فجاءت خواتيم الآيات متواليات: (إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) (إن في ذلك لآيات للعالِمين) (إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون) (إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون).
    وللحديث بقية.
    مشكلة الإلحاد أسبابها وعلاجها [3]

    الإلحاد مشكلة كبرى، تنخر في القيم والمبادئ والأطر الإنسانية وأسس المنطق والتفكير السليم، ومهما حاول الملحد أن يوهم نفسه بخلاف ذلك فالحقيقة كذلك، فكم ارتُكب باسم الإلحاد من جرائم وإرهاب وقتل وتعذيب واضطهاد للشعوب والأمم، والتاريخ القديم والحديث خير شاهد على ذلك، فظهور الإلحاد لا يبطل الحروب، ولا ينشر التسامح والسلام، بل هو على النقيض، فكم دُعي باسم الإلحاد إلى حتمية التصارع، وحتمية التناحر الاقتصادي، والتمييز العنصري، وتفضيل أعراق على أعراق، وألوان على ألوان، وتسويغ تصفية الضعفاء والعجزة والمعاقين، وتسويغ الاستعمار، وغير ذلك.

    وللإلحاد تأثيرات سلبية عديدة على الشخص من الناحية العقلية والفكرية، منها:
    أولا: وصول الشخص إلى حالة من التعصب الأعمى، ومقاومة الإيمان بضراوة، وعدم الاستعداد لتقبله مهما ظهرت دلائله، وقد أخبر الله عن هذا النوع من التعصب في آيات عدة، ونعى على أصحابه.

    ثانيا: الانغلاق العقلي، والجمود الفكري، فالملحد مهما توهم أنه منطلق في تفكيره فهو منغلق على إلحاده، فما وافق إلحاده أخذ به، وما خالفه رماه خلف ظهره، مهما كان ما أخذ به خطأ، وما رماه صوابا.

    ثالثا: تعطيل العقل، ومخالفة الضروريات والبديهيات، باسم الحس والمادة والتجربة وغيرها، وأمثلة ذلك كثيرة، فهذا ملحد عربي يسأله مذيع: الكأس الذي أمامك ألا يدل على صانع؟ فقال: بلى لأني أعرف المصنع الذي صنعه، فسأله المذيع: فإذا لم تعرف المصنع ألا يدل الكأس في حد ذاته على وجود صانع له؟ فأجاب: لا طبعا! فلا مانع عند هذا الملحد أن يكون الكأس الذي بين يديه وُجد ذاتيا، وأن تكون أجزاؤه تجمعت من تلقاء نفسها، ويقول هذا الملحد في ثنايا كلامه: إن الكون ليس كهذا الكأس الذي نصنعه، وهذا صحيح، فما الكأس بجانب الكون الرهيب المهيب العظيم المتقن، ولو تفكر هذا القائل لعلم أن دلالة الكون على صانع مبدع أعظم من دلالة الكأس على ذلك، ولكنَّ المشكلة مع هذه العينة ليست في إثبات صانع للكون بل في إثبات صانع للكوب، مما يدل على أن المشكلة في نوعية التفكير وفي تعطيل العقل.

    رابعا: الغلو في علماء الطبيعة وتقديسهم، والاستعداد لقبول أي شيء صادر من أحدهم ولو كان محض فرضية تقارب الخرافة والخيال.
    خامسا: قابلية الشخص لتقبل أي فكرة مهما كانت خرافية أو عنصرية أو لا أخلاقية تحت مسمى نظريات أو فرضيات أو أجندات فكرية أو سياسية أو غيرها، فلتذهب المساواة أدراج الرياح عند الملحد إذا ادَّعت النظرية الفلانية تفوُّق الأعراق البيضاء على السمراء، وزعمت أن العرق الأبيض يتفوق عقليا وذهنيا على غيره، وما المانع من الانتحار إذا كانت الحرية الشخصية بلا حدود من المنظور الإلحادي، وليس هذا الكلام افتراض، بل له مروجون وقائلون.

    سادسا: انقلاب الموازين في التصورات والرؤى، فتصبح دقة نظام الكون وكمال قوانينه وجمالها – صنع الله الذي أتقن كل شيء – دليلا عند الملحد على نفي الصانع لا على وجوده وكمال قدرته وحكمته، وتصبح أوجه التشابه في تكوين المخلوقات دليلا على نفي الصانع لا على وحدانيته وإتقانه، ويصبح جزاء المحسنين وعقاب المسيئين والانتصار للمظلومين في الآخرة دليلا على ظلم الخالق لا على كمال عدله.

    سابعا: الوقوع في التناقضات، فالإلحاد والتناقض قرينان، فتجد ملحدا يتهم الإسلام بالهمجية والبربرية، بينما يرى أن إلقاء القنبلة النووية على هيروشيما وناجازاكي والتي أودت بحياة آلاف المدنيين عملا صائبا حكيما، بينما يعتبر في الوقت نفسه أن الصراع والتقاتل وإفناء القوي للضعيف حتمية اجتماعية، فالطرفان متفقان على حتمية الصراع والإفناء، أولئك باسم الدين وهؤلاء باسم الإلحاد، ويرى الملحد أنه غنيٌّ عن الأمر والنهي، فهو لا يريد إلها يأمر وينهى، مع أنه في الوقت نفسه لو كان مدير مصنع صغير أو شركة صغيرة لما رضي إلا بأن يكون الآمر الناهي وصاحب الكلمة النافذة، ويزعم الملحد أن الآلام الموجودة في العالم تنفي الخالق أو توصمه بالظلم تعالى الله عن ذلك، بينما هو في الوقت نفسه يثبت وجود هذه الآلام، وينسبها إلى الطبيعة، ولا يؤمن بالحكمة الإلهية ولا بالآخرة، فلا عزاء للمتألمين، ومن قتل واغتصب وذبح وسرق ثم فلت أو انتحر فقد نجا، ولا عزاء لضحاياه، فأراد باسم العدالة نفي الخالق فوقع في نفي العدالة والتبشير بالظلم بأبشع صوره، ويرفض الملحد عقيدة المؤمنين في خلق الكون، ويشبِّه الخلق بعمل سحري تهكُّمًا واستهزاءً، بينما يؤمن بما سخر منه فيقرُّ مذعنًا بظهور الكون بفعلٍ جبَّارٍ خارج عن نطاق العقل وحدود العلم عبر الانفجار العظيم طالما أن مصدره علم الكونيات وقائلوه هم علماء الطبيعة.

    ثامنا: الانتقائية في القراءة والخطاب، فيزعم الملحد مثلا أن الإسلام دين قتل وإرهاب، في قراءة مغلوطة للتاريخ والواقع والنصوص، ويتجاهل المواقف الكثيرة الواضحة والنصوص العديدة الصريحة التي تخالف ذلك، من مثل العفو النبوي الشامل عن أهل مكة عام الفتح، وما أنزله الله من آيات تتلى إلى يوم الدين في الحض على هذا العفو والتسامح .
    هذه بعض الآثار الناجمة عن الإلحاد، فضلا عن أبعاده النفسية والاجتماعية وغيرها، والكلام حول هذا الموضوع كثير، وهذه كما يقال إضاءات على الطريق.
    حسابي على تويتر https://twitter.com/mourad_22_

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي

    الله المستعان ، على العلماء والدعاة وطلبة العلم الاجتهاد في نشر دعوة التوحيد؛ كي يعالجوا المرضى ممن ابتلي بداء الإلحاد، ولكي يحصنوا غير الملحدين ممن لم يقع فيه.
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •