بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده، نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

أما بعد، فقد استمعت إلى تسجيل في شبكة المعلومات بصوت شيخ أشاد فيه بدعاء لكعب الأحبار رحمه الله وهو: «أعوذ بوجه الله العظيم الذي ليس شيء أعظم منه وبكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر وبأسماء الله الحسنى كلها ما علمت منها وما لم أعلم من شر ما خلق وذرأ وبرأ ومن شر كل دابة هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم»


ذكر أنه يُدعى به في الصباح والمساء، وأنه لا يتركه يومياً، وأنه وجد أثر ذلك عليه وعلى أهله، وأن الله يحفظ بمثل هذا الدعاء، وأن كعب الأحبار يحافظ عليه قبل طلوع الشمس وقبل غروبها، واستمعت أيضا إلى تسجيل من شبكة المعلومات لشيخ آخر اعتدى عليه مجرم يريد قتله وأصابه بإصابات بالغة في مواضع من جسده شفاه الله وجمع له بين الأجر والعافية، ذكر أنه دعا قبيل هذا الحادث وأن من جملة ما دعا به دعاء كعب الأحبار، وقال إنه في «حصن المسلم»!

فإن كان يريد «حصن المسلم» للشيخ سعيد بن وهف القحطاني حفظه الله فقد اطلعت على الطبعة الحادية والثلاثين فلم أجده فيها، وطلبت من أحد الإخوة الاطلاع على الطبعة الثانية والأربعين المطبوعة في رمضان سنة 1436هـ فذكر أنه لم يجده فيها.
وأنبه حول إشادة هذين الشيخين بهذا الدعاء لكعب الأحبار إلى أمرين:

أحدهما: دعاء كعب الأحبار رحمه الله ثابت عنه أخرجه الإمام مالك في الموطأ (2/951) بإسناد صحيح عن سمي (وهو مولى أبي بكر بن عبدالرحمن بن الحارث بن هشام) عن القعقاع بن حكيم أن كعب الأحبار قال: «لولا كلمات أقولهن لجعلتني يهود حماراً، فقيل له: وما هن؟ فقال: أعوذ بوجه الله العظيم الذي ليس شيء أعظم منه، وبكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر، وبأسماء الله الحسنى كلها ما علمت منها وما لم أعلم، من شر ما خلق وبرأ وذرأ».

والثاني: دعاء كعب الأحبار هذا جميل المعنى ولا إشكال فيه، لكن الأصل أن تكون الإشادة والتنويه بما ثبتت فيه السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأدعية لجلب المنافع ودفع الشرور، ومما ثبت في ذلك من أدعية الصباح والمساء ما يلي:

1- قال صلى الله عليه وسلم: «سيد الاستغفار أن تقول: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء بذنبي، فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، قال: ومن قالها من النهار موقنا بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة، ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة» رواه البخاري (6306).

2- قال عبد الله بن خبيب رضي الله عنه: خرجنا في ليلة مطيرة وظلمة شديدة نطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي لنا، قال: فأدركته، فقال: «قل» فلم أقل شيئا، ثم قال: «قل»، فلم أقل شيئا، قال: «قل»، فقلت، ما أقول؟ قال: «قل: قل هو الله أحد، والمعوذتين حين تمسي وتصبح ثلاث مرات تكفيك من كل شيء» رواه أبو داود (5082) والنسائي (5427) والترمذي (3575) ــ واللفظ له ــ بإسناد حسن.

3- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من عبد يقول في صباح كل يوم ومساء كل ليلة: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو السميع العليم ثلاث مرات، فيضره شيء»، رواه الترمذي (3388) وابن ماجه (3869) بإسناد حسن.

4- قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : «من قال: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، من قالها عشر مرات حين يصبح كتب له بها مائة حسنة ومحي عنه بها مائة سيئة، وكانت له عدل رقبة، وحفظ بها يومئذ حتى يمسي، ومن قال مثل ذلك حين يمسي كان له مثل ذلك»، رواه أحمد (8719) بإسناد على شرط البخاري ومسلم.

5- قال صلى الله عليه وسلم: «من قال حين يمسي ثلاث مرات: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، لم يضره حمة تلك الليلة» رواه الترمذي (3604) بإسناد على شرط مسلم، والحمة: سم ذوات السموم كالحية والعقرب ونحوهما.

6- قال صلى الله عليه وسلم: «من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه» رواه البخاري (5009) ومسلم (1878).
7- قال صلى الله عليه وسلم: «إذا نزل أحدكم منزلاً فليقل: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق؛ فإنه لا يضره شيء حتى يرتحل منه» رواه مسلم (6879).

وهذه الأدعية أوردها شيخنا الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله في كتابه: «تحفة الأخيار ببيان جملة نافعة مما ورد في الكتاب والسنة من الأدعية والأذكار»، وأنا أوصي باقتنائه والاستفادة منه.
وأسأل الله عز وجل أن يوفق المسلمين جميعا لمعرفة الحق واتباعه والثبات عليه ولما تحمد عاقبته في الدنيا والآخرة.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.