تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 3 من 3 الأولىالأولى 123
النتائج 41 إلى 60 من 60

الموضوع: كتاب: (العلم الخالص في معرفة بعض الخصائص).

  1. #41
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    6 – عموم رسالته للثقلَيْن (الإنس والجن):
    كان الأنبياءُ من قبله-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- يُرسَلُ كلُّ نبيٍّ إلى قومِهِ خاصَّة، وأُرسِلَ رسولُنا مُحمَّد -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- إلى الثَّقلينِ (الجنِّ والإنس)، وهذه من خصائصِهِ التي اختصَّه اللهُ -عَزَّ وجَلَّ- بها قالَ اللهُ تعالى-لنبينا مُحمَّدٍ- عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: (قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)
    الأعراف : ١٥٨
    وقال تعالى: (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا) الفرقان : ١
    قال القرطبي: (والمراد بالعالمين هنا الإِنس والجن؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد كان رسولًا إليهما ونذيرًا لهما وأنه خاتم الأنبياء، ولم يكن غيره عامّ الرسالة إلا نوحًا، فإنه عمَّ برسالته جميع الإِنس بعد الطوفان؛ لأنه بدأ به الخلق، واختلف في عموم رسالته قبل الطوفان على قولين:
    أحدهما: عامة لعموم العقاب بالطوفان على مخالفته في الرسالة.
    الثاني: خاصة بقومه؛ لأنه ما تجاوزهم بدعائه).([1])
    قلت: كما في قوله تعالى:
    (وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (26) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا) نوح: 26 - 27



    ([1]) الجامع لأحكام القرآن (2/13) .
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  2. #42
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    7 – خاتم النبيين والمرسلين:
    قد أخبر الله تبارك وتعالى في كتابه ورسوله صلى الله عليه وسلم في السنة المتواترة عنه أنه لا نبي بعده ليعلم العباد أن كل من ادعى هذا المقام بعده فهو كذاب أفاك دجال، قال تعالى: (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا)
    الأحزاب : ٤٠
    ففي حديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (فُضِّلْتُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ بِسِتٍّ: أُعْطِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ، وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ طَهُورًا وَمَسْجِدًا، وَأُرْسِلْتُ إِلَى الْخَلْقِ كَافَّةً، وَخُتِمَ بِيَ النَّبِيُّونَ).([1])
    وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:
    (إِنَّ مَثَلِي وَمَثَلَ الأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي، كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى بَيْتًا فَأَحْسَنَهُ وَأَجْمَلَهُ، إِلَّا مَوْضِعَ لَبِنَةٍ مِنْ زَاوِيَةٍ ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَطُوفُونَ بِهِ، وَيَعْجَبُونَ لَهُ، وَيَقُولُونَ هَلَّا وُضِعَتْ هَذِهِ اللَّبِنَةُ؟ قَالَ: فَأَنَا اللَّبِنَةُ وَأَنَا خَاتِمُ النَّبِيِّينَ) .([2])
    وعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
    (إِنَّ لِي أَسْمَاءً، أَنَا مُحَمَّدٌ، وَأَنَا أَحْمَد ُ وَأَنَا الْمَاحِي الَّذِي يَمْحُو اللهُ بِيَ الْكُفْرَ، وَأَنَا الْحَاشِرُ الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمَيَّ، وَأَنَا الْعَاقِبُ الَّذِي لَيْسَ بَعْدَهُ أَحَدٌ، وَقَدْ سَمَّاهُ اللهُ رَءُوفًا رَحِيمًا).([3])
    وهذه المسألة من قواعد دين الإسلام،
    قال ابن الملقن: (وَلَا يُعَارضهُ مَا ورد من نزُول عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام آخر الزَّمَان فَإِنَّهُ لَا يَأْتِي بشريعة ناسخة بل مقررًا لَهَا عَاملًا بهَا).([4])
    ولهذه النصوص أجمعت الأمة سلفًا وخلفًا على هذه العقيدة، كما أجمعت على تكفير من ادعى النبوة بعده صلى الله عليه وسلم ووجوب قتل مدعيها إن أصر على ذلك،
    قال الألوسي: (وكونه صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين مما نطق به الكتاب، وصدعت به السنة، وأجمعت عليه الأمة، فيكفر مدعي خلافه ويقتل إن أصر).([5])
    وقال ابن كثير: (وقد أخبر الله تبارك وتعالى في كتابه ورسوله صلى الله عليه وسلم في السنة المتواترة عنه أنه لا نبي بعده، ليعلموا أن كل من ادعى هذا المقام بعده فهو كذاب أفاك دجال ضال مضل).([6])
    فهذه النصوص تؤكد أنه صلى الله عليه وسلم خُتِمَ به النبيون لا كما يزعم الشيعة أن خاتم النبيين، أي: أنه زينتهم كالخاتم الذي يكون زينة في الإصبع، وأن النبوة لم تُختم بعدُ، ويكذب هؤلاء ما ورد من نصوص كما تقدم، وما ثبت عن ثوبان رضي الله عنه مرفوعًا:
    (وَإِنَّهُ سَيَكُونُ فِي أُمَّتِي كَذَّابُونَ ثَلَاثُونَ، كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، وَأَنَا خَاتَمُ النَّبِيِّينَ لَا نَبِيَّ بَعْدِي).([7])





    ([1]) البخاري (7013) ، ومسلم (523) واللفظ له.

    ([2]) البخاري (3535).

    ([3]) مسلم (2354).

    ([4]) غاية السُّول (256).

    ([5]) تفسير الألوسي المسمى بروح المعاني (22/ 41).

    ([6]) تفسير ابن كثير (2/ 100).

    ([7]) أبو داود (4252)، والترمذي (2219)، وقال هذا حديث حسن صحيح، وصححه الألباني .
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  3. #43
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    8 – بقاء معجزته (القرآن) ليوم الدين:([1])
    قال تعالى: (
    إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)
    الحجر: ٩
    قال تعالى: (وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) فصلت: ٤٢
    قال قتادة وثابت البناني: (حفظه الله تعالى من أن تزيد الشياطين فيه باطلًا أو: أن تنقص منه حقًا).([2])
    وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
    (مَا مِنَ الأَنْبِيَاءِ نَبِيٌّ إِلَّا أُعْطِيَ مَا مِثْلهُ آمَنَ عَلَيْهِ البَشَرُ، وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُ وَحْيًا أَوْحَاهُ اللَّهُ إِلَيَّ، فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ القِيَامَةِ).([3])([4])
    فالقرآن معجزته العظمى التي اختص بها دون غيره فهو الحجة المستمرة الدائمة القائمة في زمانه وبعده إلى يوم القيامة، كتاب خالد لا ينضب معينه، ولا تنقضي عجائبه ولا تنتهي فوائده محفوظ بحفظ الله من التغيير والتبديل والتحريف.
    قال ابنُ حَجَرٍ: (المراد أنه المعجزة العظمى التي اختص بها دون غيره؛ لأن كل نبي أعطى معجزة خاصة به لم يعطها بعينها غيره تحدي بها قومه، وكانت معجزة كل نبي تقع مناسبة لحال قومه، كما كان السحر فاشيًا عند فرعون فجاءه موسى بالعصا على صورة ما يصنع السحرة لكنها تلقفت ما صنعوا ولم يقع ذلك بعينه لغيره، وكذلك إحياء عيسى الموتى وإبراء الأكمه والأبرص لكون الأطباء والحكماء كانوا في ذلك الزمان في غاية الظهور فأتاهم من جنس عملهم بمالم تصل قدرتهم إليه؛ ولهذا لما كان العرب الذين بعث فيهم النبي صلى الله عليه وسلم في الغاية من البلاغة جاءهم بالقرآن الذي تحداهم أن يأتوا بسورة مثله، فلم يقدروا على ذلك).([5])
    لذا فالقرآن أخص معجزات النبي صلى الله عليه وسلم،
    قال الماوردي: (والقرآن أوّلُ مُعْجزٍ دعا به مُحمَّدٌ-صَلَّى اللهُ عليهِ فصدعَ فيه برسالتِهِ، وخُصَّ بإعجازِهِ من جميعِ رُسُلِه).([6])
    ومن جملة حفظ الله لكتابه سهولة حفظه في الصدور(
    [7]) وحفظه من التلاعب والتغاير في ألفاظه ومعانيه بالزياة والنقصان، ومن حفظه صيانته من المعارضة، ومن حفظه تقييد الله له العلماء الراسخين يذبون ويدفعون عنه شبه الملحدين إلى آخر الدهر، قال القاضي عياض: (لا يكاد يُعدُّ من سعى في تغييره وتبديل محكمه من الملحدة والمعطلة لا سيِّما القرامطة، فأجمعوا كيدهم، وحولهم وقوتهم فما قدروا على إطفاء شيء من نوره، ولا تغير كلمة من كلامه، ولا تشكيك المسلمين في حرف من حروفه والحمد لله).([8])
    ولا شك أن حفظ القرآن حفظ لدعوته صلى الله عليه وسلم، ولذلك كان أكثر الناس تبعًا لما ورد في الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: (مَا مِنَ الأَنْبِيَاءِ نَبِيٌّ إِلَّا أُعْطِيَ مِنَ الآيَاتِ مَا مِثْلُهُ أُومِنَ، أَوْ آمَنَ ، عَلَيْهِ البَشَرُ، وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُ وَحْيًا أَوْحَاهُ اللَّهُ إِلَيَّ، فَأَرْجُو أَنِّي أَكْثَرُهُمْ تَابِعًا يَوْمَ القِيَامَةِ).(
    [9])



    ([1]) الله أنْزَلَهُ عَلَى مُخْتَـاره ... لِيقود جمعَ الناس نحو رحابـه
    هو معجزٌ بلسانه وبيانه ... يا سَعْدَ من قد سار تحت ركابه

    ([2]) عبد الرزاق في تفسيره (2/345).

    ([3]) البخاري (4981).

    ([4]) (وقال الدكتور مصطفى مراد في كتابه: (ألف معجزة من معجزات رسول الله-صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم) (ص:260/رقم:496-القرآن معجزة المعجزات): (...حق لا ريب فيه ويقين لا شك فيه أن القرآن المجيد يحتوي على مليارات المعجزات، فإن كل آية منه-بل: كل كلمة-تمثل إعجازًا في موضوعها، وبيانها، وتارة إخبارها-إن كانت من آيات القصص، ومنها ما يتضمن إعجازًا علميًا.
    وإذا علمنا بأن عدد آيات القرآن (6236-آية)، وعرضنا وجوه الإعجاز السابقة على الآيات أيقنا أنها تحتوي على ملايين المعجزات)-.
    وللبيهقي في: (الدلائل) (1/10) كلام في الموضوع ينبغي أن يسجل بماء الذهب لنفاسته، ومثله لشيخ الإسلام ابن تيمية في: (النبوات) (ص:12/13/21)، لو قالوا: كل كرامة للولي فهي آية للنبي-صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم-المتبوع، وفيها تثبيت وكرامة وتأييد ونصر وإعانة لذلك الولي، لكان صحيحًا. انظر: (فتاوى المدنية) (ص:217) للمحدث الألباني.
    وقال الأستاذ محمود بغدادي في: (محمد-صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم) (ص:187-المبحث الثاني: معجزات الرسول-صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم): (لا شك أنه لا بد لكل نبي من الأنبياء من معجزة يؤيده الله تعالى بها، ولذا قال النبي-صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم-: "ما من الأنبياء نبي إلا أعطي ما مثله آمن عليه البشر"-رواه البخاري في: (صحيحه) (4/1905/65-كتاب فضائل القرآن، 1-باب: كيف نزول الوحي وأول ما نزل-أو: (6/224)، أو: (11/128/134/رقم:4981/طرفه:7274-التحفة:14313-الدار العالمية للنشر والتوزيع)...)، ومسلم في: (صحيحه) (1/92)، و(تخريج أحاديث مجموعة فتاوى) (2/470)، و(السيرة النبوية) (2/299-دار الفكر)، و(2/350/351) مؤسسة الرسالة.
    وقال الحافظ ابن حجر في: (الفتح) (9/6/7-السلفية)، (11/132/رقم:4981-الدار العالمية للنشر والتوزيع): (هذا دال على أن النبي-صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم-لا بد له من معجزة تقتضي إيمانَ مَن شاهدَهَا بصدقه، ولا يَضرُّه من أصرَّ على المعاندة).
    وقال شيخنا عبد العزيز بن باز-رحمه الله تعالى-في هامش: (الفتح) (11/128/رقم:4981): (الآيات المستمرة إلى يوم القيامة هذا القرآن، والآيات المعجزة التي انقطعت كثيرة، كتكثير الطعام، ونبع الماء إلى غير ذلك من الآيات الدالة على صدقه-عليه الصلاة والسلام).
    وجاء في: (آثار الإمام محمّد بن بشير بن عمر الإبراهيمي) (2/249- جمع وتقديم: نجله الدكتور أحمد طالب الإبراهيمي، الناشر: دار الغرب الإسلامي)، وعنه في: (مجلة الإصلاح) (4/428): (القرآن لا يأتي بمعجزاته، ولا يؤتي آثاره في إصلاح النفوس إلا إذا تولته بالفهم عقولٌ كعقول السلف، وتولته بالتطبيق العملي نفوسٌ سامية، وهمم بعيدة كنفوسهم وهممهم، أما انتشاره بين المسلمين بهذه الصورة الجافة من الحفظ المجرَّد، وبهذا النمط السخيف من الفهم السطحي، وبهذا الأسلوب التقليدي، من التفسير اللفظي، فإنه لا يفيدهم شيئاً، ولا يفيد بهم شيئاً!). انتهى من هامش كتاب: (العقيدة الصحيحة تسهيل وتوضيح) (87 – 88، 104 – 105).

    ([5]) فتح الباري (8/623).

    ([6]) أعلام النبوة (57 – 58).

    ([7]) وقد جعله سبحانه وتعالى ميسرًا للحفظ (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) القمر : ١٧ وهو الذي تكفل بحفظه فلا يطاله تحريف وتغيير: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) الحجر : ٩ فأخبر أنه هو الحافظ لذكره حتى قال الشافعي: (بإن الله تكفل بحفظ القرآن والسنة)، وأما باقي الكتب فقد أوكل حفظها لعلمائها:(بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ) المائدة : ٤٤ لهذا السبب وقع فيها تحريف وتبديل ويذكر أن أحد علماء اليهود ناظر أحد الخلفاء في زمن التابعين فوجده عالمًا فدعاه للإسلام على أن يشاطره ملكه فرفض فلما خرج قرر أن يمتحن (الأديان) فعمد إلى التوراة فحذف فيها وغيَّر وزاد فذهب بها إلى البيعة فشتريت منه بثمن باهظ فلم يفطنوا للتغيير والتبديل، وعمد إلى الإنجيل وحرَّف وزور في ورقات وذهب بها إلى الكنيسة فشتريت منه بثمن باهظ ولم يشعور بالتزوير، ثم عمد إلى القرآن فحذف منه بعض الآيات وزاد بعضها في ورقات، ثم ذهب بها إلى المسجد وأعطها للقراء ففطنوا لذلك، وقالوا: هذا محرَّف، فأعلن إسلامه ودخل على الخليفة وأشهر إسلامه وسأله عن سبب إسلامه فأخبره القصة، وفي ذلك العام حج الخليفة فلقي أحد الصحابة الذين عمروا كثيرًا فأخبره القصة، فقال له مصداق هذا في كتاب الله، فتلى عليه: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) الحجر : ٩
    ([8]) الشفا بتعريف حقوق المصطفى (1/519 – 520).

    ([9]) البخاري (7274)، ومسلم (152).
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  4. #44
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,532

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو البراء محمد علاوة مشاهدة المشاركة

    فهذه النصوص تؤكد أنه صلى الله عليه وسلم خُتِمَ به النبيون
    لا كما يزعم الشيعة أن خاتم النبيين، أي: أنه زينتهم كالخاتم الذي يكون زينة في الإصبع، وأن النبوة لم تُختم بعدُ، ويكذب هؤلاء ما ورد من نصوص كما تقدم، وما ثبت عن ثوبان رضي الله عنه مرفوعًا: (وَإِنَّهُ سَيَكُونُ فِي أُمَّتِي كَذَّابُونَ ثَلَاثُونَ، كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، وَأَنَا خَاتَمُ النَّبِيِّينَ لَا نَبِيَّ بَعْدِي).([7])


    أين ذكروا ذلك في كتبهم؟!!!
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  5. #45
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم علي طويلبة علم مشاهدة المشاركة
    أين ذكروا ذلك في كتبهم؟!!!
    الدليل القرآني على ختم النبوة
    من ضروريات الإسلام إنقطاع سلسلة الأنبياء عليهم السلام وختمها بنبي الإسلام، ولم ولن يبعث أي نبي بعده. وحتى غير المسلمين يعلمون بأن هذه الحقيقة من جملة المعتقدات الإسلامية، التي يلزم على كل مسلم الإعتقاد بها، ولذلك فهي كسائر ضروريات الدين لا تحتاج لإستدلال، ولكن مع ذلك يمكن إستفادتها من القرآن الكريم والروايات المتواترة.

    يقول القرآن الكريم: ﴿مَّا كَانَ مُحَمَّد أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلّ‏ِ شَيْ‏ءٍ عَلِيمًا﴾(الأحزاب:40).

    حيث عبرت بصراحة عن النبي صلى الله عليه وآله بأنه خاتم الأنبياء جميعا. وقد وجه بعض أعداء الإسلام إعتراضين على دلالة هذه الآية على ختم النبوة بالنبي صلى الله عليه وآله:

    أحدهما: إن لفظة الخاتم، وردت بمعنى آخر غير الإنتهاء، وهو خاتم اليد أي الحلقة التي في الإصبع للزينة، وان المراد من الخاتم في هذه الآية لعله هذا المعنى.

    ثانيهما: على تقدير أن معنى الخاتم هو المعنى المعروف، ولكن معناها أن سلسلة (الأنبياء) تختم بالنبي صلى الله عليه وآله، ولا تدل على خاتمية سلسلة (الرسل) به.

    والجواب عن الإعتراض الأول: إن معنى الخاتم (ما يختم به الشي‏ء) وخاتم الإصبع إنما سمي بذلك لهذا المعنى، لتختم وتوقع به الرسائل وأمثالها.

    والجواب عن الإعتراض الثاني: إن كل نبي يملك مقام الرسالة فله مقام النبوة أيضا، وبانتهاء سلسلة الأنبياء تنتهي سلسلة الرسل أيضا، فإن مفهوم (النبي) وإن لم يكن أعم من مفهوم الرسول، ولكن النبي من حيث المورد أعم من الرسول1.

    <span style="color: rgb(0, 0, 0); font-family: tahoma; font-size: 12px; line-height: 24px; text-align: justify;">http://alrasoul.almaaref.org/maqalet...m_alnobowa.htm
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  6. #46
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    وتحديدًا القاديانية
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  7. #47
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    قال الشيخ محمد حسن عبد الغفار في شرح لمعة الاعتقاد: (21/ 4، بترقيم الشاملة آليا):(إن البهائية والقاديانية من الفرق الضالة الكافرة التي ظهرت في عصورنا هذه يقولون: إن معنى خاتم الأنبياء أي: زينة الأنبياء، وأئمتهم في ذلك القادياني والبهائي من الذين يدعون النبوة، بل إن القادياني ادعى النبوة ثم ادعى الربوبية في الهند وباكستان وهذه البلاد، فهو من الذين بين النبي صلى الله عليه وسلم أنه من الكذابين.
    ولكنهم أولوا وشوشوا على أهل السنة والجماعة بشبهتين: الأولى: قالوا: معنى قول الله تعالى: {وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب:40] أي: زينة الأنبياء.


    والجواب على الشبهة الأولى: أولاً: أنهم خالفوا إجماع السلف.
    ثانياً: حتى لو افترضنا أن خاتم النبيين بمعنى الزينة -وهذا تنزل مع الخصم- فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم حاسماً للمادة: (لا نبي بعدي) ففسر معنى خاتم النبيين: أنه آخر الأنبياء، فهو خاتم الأنبياء، وهو زينة الأنبياء، وهو سيد الأنبياء صلى الله عليه وسلم).
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  8. #48
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,532

    افتراضي

    البهائية والقاديانية ليسوا شيعة
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  9. #49
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي

    البابية والبهائية حركة نبعت من فرقة من فرق الشيعة وهي الشيخية سنة 1260هـ /1844م تحت رعاية الاستعمار الروسي واليهودية العالمية والاستعمار الإنجليزي ، بهدف إفساد العقيدة الإسلامية وتفكيك وحدة المسلمين ، وصرفهم عن قضاياهم الأساسية .
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  10. #50
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد طه شعبان مشاهدة المشاركة
    البابية والبهائية حركة نبعت من فرقة من فرق الشيعة وهي الشيخية سنة 1260هـ /1844م تحت رعاية الاستعمار الروسي واليهودية العالمية والاستعمار الإنجليزي ، بهدف إفساد العقيدة الإسلامية وتفكيك وحدة المسلمين ، وصرفهم عن قضاياهم الأساسية .
    بارك الله فيك، وثالثتهم القاديانية من تلك الحركات الاستعمارية
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  11. #51
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي

    صحيح، بارك الله فيكم.
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  12. #52
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد طه شعبان مشاهدة المشاركة
    صحيح، بارك الله فيكم.
    وفيكم بارك الله.
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  13. #53
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    7,532

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد طه شعبان مشاهدة المشاركة
    البابية والبهائية حركة نبعت من فرقة من فرق الشيعة وهي الشيخية سنة 1260هـ /1844م تحت رعاية الاستعمار الروسي واليهودية العالمية والاستعمار الإنجليزي ، بهدف إفساد العقيدة الإسلامية وتفكيك وحدة المسلمين ، وصرفهم عن قضاياهم الأساسية .

    الله المستعان
    اللهم اغفر لأبي وارحمه وعافه واعف عنه اللهم اجعل ولدي عمر ذخرا لوالديه واجعله في كفالة إبراهيم عليه السلام

  14. #54
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم علي طويلبة علم مشاهدة المشاركة
    الله المستعان
    آمين
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  15. #55
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    9 – أن الله أقسم بحياته:
    قال تعالى:
    (لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ)
    الحجر : ٧٢
    ومعناه: أقسم بعمرك وحياتك يا محمد، وقد أقسم الله تبارك وتعالى بأشياء كثيرة من مخلوقاته الدالة على كماله وعظمته ليؤكد المعنى في نفوس المخاطبين، فأقسم تعالى بالشمس والقمر والسماء وغير ذلك، بينما نجده سبحانه وتعالى لم يقسم بأحد من البشر إلا بالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم والإقسام بحياة المُقْسَم يدل على شرف حياته وعزتها عند المُقْسِم بها، وأن حياته صلى الله عليه وسلم لجديرة أن يُقْسَم بها لما فيها من البركة العامة والخاصة، ولم يثبت هذا لغيره من الأنبياء صلى الله عليه وسلم.
    عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ:
    (مَا خَلَقَ اللَّهُ وَمَا ذَرَأَ وَمَا بَرَأَ نَفْسًا أَكْرَمَ عَلَيْهِ مِنْ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا سَمِعْتُ اللَّهَ أَقْسَمَ بِحَيَاةِ أَحَدٍ غَيْرِهِ).([1])
    ولقائل أن يقول كيف يحلف الله بمخلوقاته وقد نهانا عن ذلك؟
    والجواب أننا لابد أن نعلم أن الله تعالى فعال لما يريد، وهو سبحانه لا يُسأل عما يفعل وهم يسألون، وليس للعبد أن يسأل الرب عن فعله لم فعله؟ وإنما الواجب عليه أن يفعل ما يأمره الله به؛ لأن الله تعالى يقسم بما شاء من مخلوقاته تنبيهًا على شرفه، ولما اعترض إبليس على ربه لما أمره بالسجود لآدم عليه السلام:
    (
    قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا) الإسراء: ٦١
    طرده من رحمته.

    قال القرطبي: (لله أن يقسم بما شاء من مخلوقاته من حيوان وجماد، وإن لم يُعلم وجه الحكمة في ذلك).([2])
    قال ابن تيمية: (إِنَّ اللَّهَ يُقْسِمُ بِمَا يُقْسِمُ بِهِ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ؛ لِأَنَّهَا آيَاتُهُ وَمَخْلُوقَاتُه ُ، فَهِيَ دَلِيلٌ عَلَى رُبُوبِيَّتِهِ وَأُلُوهِيَّتِه ِ وَوَحْدَانِيِّت ِهِ وَعِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ وَرَحْمَتِهِ وَحِكْمَتِهِ وَعَظْمَتِهِ وَعِزَّتِهِ، فَهُوَ سُبْحَانَهُ يُقْسِمُ بِهَا؛ لِأَنَّ إقْسَامَهُ بِهَا تَعْظِيمٌ لَهُ سُبْحَانَهُ، وَنَحْنُ الْمَخْلُوقُونَ لَيْسَ لَنَا أَنْ نُقْسِمَ بِهَا بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ). ([3])
    وقال ابن عثيمين:) هذا من فعل الله، والله لا يسأل عما يفعل، وله أن يقسم سبحانه بما شاء من خلقه، وهو سائل غير مسئول، وحاكم غير محكوم عليه).([4])



    ([1]) تفسير ابن كثير (4/542).

    ([2]) من الجامع لأحكام القرآن (19 /237).

    ([3]) مجموع الفتاوى (1 /290).

    ([4]) مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين (10 /797).

    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  16. #56
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    10- أن الله ناداه في القرآن الكريم بصفته بخلاف غيره من الأنبياء:
    خاطب الله عز وجل رسوله صلى الله عليه وسلم في القرآن الكريم بالنبوة والرسالة ولم يناده باسمه، زيادة في التكريم والتشريف أما سائر الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام فخوطبوا بأسمائهم قال الله تعالى مخاطبًا نبيه صلى الله عليه وسلم: ﴿ يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [المائدة: 41].
    ﴿ يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴾ [المائدة: 67].
    ﴿ يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنفال: 64].
    بينما قال تعالى لأنبيائه: ﴿ قَالَ يَاآدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ ﴾ [البقرة: 33].
    ﴿ إِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ﴾ [آل عمران: 55].

    ﴿ قَالَ يَامُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ ﴾ [الأعراف: 144].
    ﴿ قَالَ يَانُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ ﴾ [هود: 46].
    ﴿ يَادَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ ﴾ [ص: 26].

    ﴿ يَاإِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ ﴾ [هود: 76].
    ﴿ يَايَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا ﴾ [مريم: 12].
    ﴿ يَازَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا ﴾ [مريم: 7].
    قال العز بن عبد السلام رحمه الله: (ولا يخفى على أحد أن السيد إذا دعى أحد عبيده بأفضل ما وجد فيهم من الأوصاف العلية والأخلاق السنية، ودعا الآخرين بأسمائهم الأعلام لا يشعر بوصف من الأوصاف ولا بخلق من الأخلاق، أن منزلة من دعاه بأفضل الأسماء والأوصاف أعز عليه وأقرب إليه ممن دعاه باسمه العلم .وهذا معلوم بالعرف أن من دعي بأفضل أوصافه وأخلاقه كان ذلك مبالغة في تعظيمه واحترامه ).[1]
    فإن قال قائل: ألم يقل الله: ﴿ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ ﴾ [آل عمران: 144].
    فذكره باسمه، وكذلك ﴿ مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 40].
    فالجواب: أنه إنما ذكره باسمه ليعرف به لذا قرنه بالرسالة، فقال: ﴿ مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 40].
    قال المؤلف: (كيف تصير عالمًا في زمن النت: (1274- 1277) (وناده بوصف كان يحبه صلى الله عليه وسلم وصف العبودية في مواضع تدل على التعظيم والتبجيل؛ لأن لفظة: (العبد) تطلق ويراد بها معان كثيرة، منها:
    1- العبودية العامة، وهي لجميع الناس، برهم وفاجرهم، ومؤمنهم وكافرهم وبرهان هذا ﴿ إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا ﴾ [مريم: 93].
    2- العبودية الخاصة-للمسلمين والمؤمنين بصفة عامة-، وهذه خاصة بالمؤمنين، وأمثلة هذا في القرآن كثيرة جداً، منها قوله تعالى: ﴿ لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَاعِبَادِ فَاتَّقُونِ ﴾ [الزمر: 16]
    وقال أيضًا: ﴿ قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الزمر: 53]، وقال أيضًا: ﴿ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ ﴾ [العنكبوت: 56].
    3- عبودية خاصة الخاصة - كما قال بعض العلماء، أو: نقول: عبودية خاصة بصفة خاصة-وهذه للأنبياء والمرسلين، وذلك إذا كانت لفظة: (عبده) مضافة إلى ضمير الجلالة، (كما هو مصطلح القرآن، فإنه لم يقع فيه لفظ العبد مضافًا إلى ضمير الغيبة الراجع إلى الله تعالى إلا مراداً به النبي- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم -والإضافة إضافة تشريف لا إضافة تعريف لأن وصف العبودية لله متحقق لسائر المخلوقات فلا تفيد في إضافته تعريفًا.﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [البقرة: 23].
    ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الإسراء: 1].
    ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا ﴾ [الكهف: 1].

    ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ﴾ [الفرقان: 1].

    ﴿ أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَك َ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ﴾ [الزمر: 36].

    ﴿ فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى ﴾ [النجم: 10].
    ﴿ وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا ﴾ [الجن: 19].
    وذِكرُ النبي - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم - بوصف العبودية لله تقريب لمنزلته وتنويه به بما في إنزال الكتاب عليه من رفعة قدره كما في قوله تعالى: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى ﴾ [الإسراء: 1] انظر: (التحرير والتنوير) (7/ 12/ 247).
    ولفظة: (العبد) جاءت هنا إثر مواضع وأماكن عظيمة فيراد بها نبينا - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - وقد ورد في خصوصها أحاديث كثيرة مثل: (لا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ وَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ فَقُولُوا: عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ) رواه البخاري في: (صحيحه) (59-كتاب أحاديث الأنبياء، 48-باب: (واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها) (6/ 490)، و(7/ 149/ رقم:3445)، و(12/ 144/ 145) من حديث عمر بن الخطاب، وأخرج جزءاً منهم مسلم في: (صحيحه) (11/ 191/ 192)، وأحمد في مواضع من (مسنده) (1/ 55/ 56)، وقال المحدث أحمد شاكر في تعليقه على: (المسند) (1/ 90/ 94/ 167/ 391/ رقم:154/ 164/ 331/ 191): (إسناده صحيح).
    4- عبودية الدرهم، والدينار، والخميصة، والخميلة، لقوله- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم -: (تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميلة، تعس عبد الخميصة، إن أعطي رضي وإن منع غضب، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش).
    الحديث بهذا اللفظ أخرجه الطبراني في: (المعجم الأوسط) (3/ 94/ رقم:2595)، وبنحوه أخرجه الإمام البخاري من حديث أبي هريرة، في: (صحيحه) في كتاب الجهاد والسير، باب: الحراسة في الغزو في سبيل الله، وفي كتاب الرقاق باب: ما يتقى من فتنة المال.وهذا تحذير من الرسول- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم -لأمته من الإيغال في هذه الدنيا وأن تكون أكبرَ همهم، فبيَّن أن العبد الذي يجمع الدنانير والدراهم ويرضى بذلك وهو أكبر همه ويصرف وقته وطاقته وجهده وشبابه في جمع الدراهم والدنانير أو: جمعِ الخمائل والخمائص-وهي أنواع الملابس-أو: ما يشبه ذلك من ضروب هذه الدنيا ومما فيها، فإنه قد تعس.
    قوله- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم -: (تعس): دعاءٌ عليه بالهلاك، عبد الدينار: (عبد الدرهم) هو الذي يتوقف رضاه على إعطائه الدينار والدرهم، وسخطه على عدم ذلك، وهذه منقصة تدل على أن الدنيا إنما هي معبر وليست بدار إقامة، ووسيلة وليست غاية؛ لكن من خالط قلبه الإيمان كان بخلاف ذلك فيستقل الدنيا ويستضعفها، ويزهد فيها إن لم تكن من طريق حلال، وما عطف على الدينار والدرهم فهم في حكمه كقوله: (تعس عبد الخميصة، تعس عبد الخميلة).
    والخميصة والخميلة نوعان من الثياب أي: الذي يرضى بوجودهما ويغضب عند فقدهما.
    وقوله- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم -: (انتكس)، معناه: رجع على عقبيه، وخُتم له بخاتمة السوء، ومعلوم أن: (العبرة بالخواتم).ثم بالغ في وصفه فقال- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم -: (إن أعطي رضي وإن لم يعط سخط)، وزاد دعاءً عليه فقال: (تعس وانتكس, وإذا شيك فلا انتقش)، ومعنى هذا: دعاء عليه إذا وقع في ورطة لا يخرج منها, أي: دعاء عليه بالبقاء فيها. وعدم الخلاص منها.
    وقوله- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم -: (وإذا شيك فلا انتقش) معناه: (إذا أصابته مصيبة دنيوية مثل الشوكة مثلاً فلا انتقش، معناه: لا أزيلت عنه ولا أخذت عنه بالمنقاش الذي يزال به الشوك، وقد حذَّر الرسول - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم - بهذا عن اتباع الدنيا).
    5- العبودية التي هي ضد الحرية، وهي محصورة على الجهاد.

    ([1])
    بداية السُّول في تفضيل الرسول (22).

    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  17. #57
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    11- أوتي جوامع الكلم:
    عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (فُضِّلْتُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ بِسِتٍّ: أُعْطِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ، وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ طَهُورًا وَمَسْجِدًا، وَأُرْسِلْتُ إِلَى الْخَلْقِ كَافَّةً، وَخُتِمَ بِيَ النَّبِيُّونَ).[1]
    وفي رواية البخاري زاد: (وَبَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِمَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الأَرْضِ فَوُضِعَتْ فِي يَدِي).
    ففضَّل الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم على غيره من الأنبياء عليهم السلام بأن أعطاه جوامع الكلم، فكان صلى الله عليه وسلم يتكلم بالقول الموجز القليل اللفظ، الكثير المعاني أعطاه مفاتيح الكلام وهو ما يسره له من البلاغة والفصاحة، والوصول إلى غوامض المعاني وبدائع الحكم ومحاسن العبارات والألفاظ التي أغلقت على غيره وتعذرت عليه، قال الهروي: (نعني بجوامع الكلم القرآن جمع الله تعالى في الألفاظ اليسيرة منه المعاني الكثيرة وكلامه صلى الله عليه وسلم كان بالجوامع قليل اللفظ كثير المعاني).[2]
    قال الزهري: (جوامع الكلم - فيما بلغنا - أن الله تعالى يجمع له الأمور الكثيرة التي كانت تكتب في الكتب قبله في الأمر الواحد والأمرين، ونحو ذلك).[43]
    قال ابن رجب الحنبلي: (فجوامع الكلم التي خص بها النبي - صلى الله عليه وسلم – نوعان:
    أحدهما: ما هو في القرآن، كقوله - عز وجل -: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 90].
    قال الحسن: لم تترك هذه الآية خيرًا إلا أمرت به، ولا شرًا إلا نهت عنه.[4]
    والثاني: ما هو في كلامه - صلى الله عليه وسلم -، وهو موجود منتشر في السنن المأثورة عنه - صلى الله عليه وسلم -).[5]
    [1] البخاري 7013، ومسلم 523، واللفظ له.

    [2] غاية السول في خصائص الرسول لابن الملقن 73.
    [3] البخاري تعليقًا عقب حديث 7013.
    [4] البيهقي في شعب الإيمان 140.
    [5] جامع العلوم والحكم 1/ 50.
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  18. #58
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    12- أُوتي مفاتيحَ خزائنِ الأرضِ:
    عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (بُعِثْتُ بِجَوَامِعِ الكَلِمِ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، فَبَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِمَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الأَرْضِ، فَوُضِعَتْ فِي يَدِي)، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَقَدْ ذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنْتُمْ تَنْتَثِلُونَهَ ا.[1]
    قوله: (تنتثلونها) قال النووي: (يعني تستخرجون ما فيها، يعني خزائن الأرض، وما فتح الله على المسلمين من الدُّنيا).[2]
    قوله: (أُتِيتُ بِمَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الأَرْضِ)، قال النووي: (هذا من أعلام النبوة فإنه إخبار بفتح هذه البلاد لأمته ووقع كما أخبر صلى الله عليه وسلم ولله الحمد والمنة).[3]
    قال الخطابي: (المراد بخزائن الأرض ما فتح على الأمة من الغنائم من ذخائر كسرى وقيصر وغيرهما، ويحتمل معادن الأرض التي فيها الذهب والفضة)، قال ابن حجر: (قال غيره بل يحمل على أعم من ذلك).[4]

    [1] البخاري 2977.

    [2] شرح النووي لمسلم 5/ 5.

    [3] شرح مسلم للنووي 5/ 5.

    [4] فتح الباري 12/ 424.
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  19. #59
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي رد: كتاب: (العلم الخالص في معرفة بعض الخصائص).

    13 – أُوتي أُواخر سورة البقرة:
    عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنِّي أُوتِيتُهُمَا مِنْ كَنْزٍ مِنْ بَيْتٍ تَحْتَ الْعَرْشِ، وَلَمْ يُؤْتَهُمَا نَبِيٌّ قَبْلِي)، يَعْنِي: الْآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ.([1])
    وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بَيْنَا جِبْرِيلُ قَاعِدٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ نَقِيضًا مِنْ فَوْقِهِ فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: (هَذَا بَابٌ مِنَ السَّمَاءِ فُتِحَ الْيَوْمَ لَمْ يُفْتَحْ قَطُّ إِلَّا الْيَوْمَ، فَنَزَلَ مِنْهُ مَلَكٌ)، فَقَالَ: (هَذَا مَلَكٌ نَزَلَ إِلَى الْأَرْضِ لَمْ يَنْزِلْ قَطُّ إِلَّا الْيَوْمَ فَسَلَّمَ)، وَقَالَ: (أَبْشِرْ بِنُورَيْنِ أُوتِيتَهُمَا لَمْ يُؤْتَهُمَا نَبِيٌّ قَبْلَكَ: فَاتِحَةُ الْكِتَابِ، وَخَوَاتِيمُ سُورَةِ الْبَقَرَةِ لَمْ تُقْرَأْ بِحَرْفٍ مِنْهَا إِلَّا أُعْطِيتَهُ).(
    [2])
    قوله: (أَعْطَيْت الْآيَتَيْنِ من آخر سُورَة الْبَقَرَة)، وَهِي الَّتِي أوّلها آمن الرَّسُول.
    قوله: (من كنز تَحت الْعَرْش)، يَعْنِي أَنَّهَا ادخرت وكنزت فَلم يؤتها أحد قبله ذكره الْحَافِظ الْعِرَاقِيّ، وَلذَا قَالَ (لم يُعْطهَا نَبِي قبلي).([3])
    فإذا قرأت هاتين الآيتين يؤتيك الله عز وجل أجرًا على كل حرف ويجيبك، ومن فضائل هاتين الآتين ما ثبت عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ قَرَأَ بِالْآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ).(
    [4])
    قال النووي: (كفتاه من قيام الليل، وقيل من الشيطان، وقيل من الآفات، ويحتمل من الجميع).([5])



    ([1]) أحمد (21343)، وصححه الألبانيُّ في سلسة الأحاديث الصحيحة (3/471) وقال : (صحيحٌ على شرطِ مُسلمٍ).

    ([2]) مسلم (806).

    ([3]) التيسير بشرح الجامع الصغير (1/172).

    ([4]) البخاري (5008) ، مسلم (807).

    ([5]) شرح مسلم للنووي (6 /92).
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  20. #60
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي رد: كتاب: (العلم الخالص في معرفة بعض الخصائص).

    14 – أُوتي فاتحة الكتاب:
    لما تقدم في حديث ابن عباس المذكور آنفًا، وفيه: وَقَالَ: (أَبْشِرْ بِنُورَيْنِ أُوتِيتَهُمَا لَمْ يُؤْتَهُمَا نَبِيٌّ قَبْلَكَ: فَاتِحَةُ الْكِتَابِ، وَخَوَاتِيمُ سُورَةِ الْبَقَرَةِ لَمْ تُقْرَأْ بِحَرْفٍ مِنْهَا إِلَّا أُعْطِيتَهُ).([1])
    وللفاتحة فضائل عظيمة غير التي ذكرت من كونها أحد النورين الذين أتاهم النبي صلى الله عليه وسلم،
    فمن تلك الفضائل:
    - أنها أعظم وأفضل سورة في القرآن:
    عَنْ أَبِى سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى قَالَ كُنْتُ أُصَلِّى فِى الْمَسْجِدِ فَدَعَانِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ أُجِبْهُ ، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى كُنْتُ أُصَلِّى، فَقَالَ: (أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ (اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ) ثُمَّ قَالَ لِى لأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِىَ أَعْظَمُ السُّوَرِ فِى الْقُرْآنِ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ مِنَ الْمَسْجِدِ)، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِى، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ قُلْتُ لَهُ أَلَمْ تَقُلْ (لأُعَلِّمَنَّك سُورَةً هِىَ أَعْظَمُ سُورَةٍ فِى الْقُرْآنِ)، قَالَ: ( الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) هِىَ السَّبْعُ الْمَثَانِى وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِى أُوتِيتُهُ).([2])
    - ما أُنزل مثلها في القرآن والتوراة والإنجيل والزبور:
    عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ :وَقَرَأَ عَلَيْهِ أُبَيٌّ أُمَّ الْقُرْآنِ، فَقَالَ: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا أُنْزِلَ فِي التَّوْرَاةِ، وَلَا فِي الْإِنْجِيلِ، وَلَا فِي الزَّبُورِ، وَلَا فِي الْفُرْقَانِ مِثْلُهَا، إِنَّهَا السَّبْعُ الْمَثَانِي، وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُعْطِيتُ).([3])
    – أنها رقية:
    عن أبي سعيد الخدري، في قصة اللديغ، وفيها فانطلق يتقل عليه ويقرأ: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)، فَكَأَنَّمَا نُشِطَ مِنْ عِقَالٍ، فَانْطَلَقَ يَمْشِى وَمَا بِهِ قَلَبَةٌ، قَالَ فَأَوْفَوْهُمْ جُعْلَهُمُ الَّذِى صَالَحُوهُمْ عَلَيْه، فَقَالَ بَعْضُهُمُ اقْسِمُوا، فَقَالَ الَّذِى رَقَى لاَ تَفْعَلُوا، حَتَّى نَأْتِىَ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- فَنَذْكُرَ لَهُ الَّذِى كَانَ، فَنَنْظُرَ مَا يَأْمُرُنَا، فَقَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَذَكَرُوا لَهُ ، فَقَالَ: (وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ -ثُمَّ قَالَ- قَدْ أَصَبْتُمُ اقْسِمُوا وَاضْرِبُوا لِى مَعَكُمْ سَهْمًا)، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-.([4])
    - أنها من أسباب محبة الله للعبد:
    عن أبي موسى الأشعري، وفيه: فَقَالَ أَبُو مُوسَى: أَمَا تَعْلَمُونَ كَيْفَ تَقُولُونَ فِي صَلَاتِكُمْ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَنَا، فَعَلَّمَنَا وَبَيَّنَ لَنَا سُنَّتَنَا، وَعَلَّمَنَا صَلَاتَنَا، فَقَالَ: (إِذَا صَلَّيْتُمْ فَأَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ، ثُمَّ لِيَؤُمَّكُمْ أَحَدُكُمْ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا قَرَأَ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ، فَقُولُوا: آمِينَ، يُحِبُّكُمُ اللَّهُ).([5])
    - هذه أصح الرويات التي وردت في فضل سورة الفاتحة، وقد وردت روايات في فضل الفاتحة، منها ما هو صحيح، ومنها ما هو ضعيف، وفيما ذكرنا غُنية عن التطويل، والله الموفق.



    ([1]) مسلم (806).

    ([2]) البخاري (4474)، وأبو داود (1458).

    ([3]) صحيح : الترمذي (2878)، وقال حديث حسن صحيح، وأحمد (9334)، وصححه الألباني في المشكاة (2142).

    ([4]) البخاري (2276)، ومسلم (2201)، ونحوه من حديث ابن عباس عند البخاري (5737).

    ([5]) مسلم (404)، وأبوداود (972)، واللفظ له.
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •