تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 8 من 8

الموضوع: إذا أمر الوالد ابنه بماهو جائز عنده وحرام عند ابنه !؟

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    May 2012
    المشاركات
    1,052

    افتراضي إذا أمر الوالد ابنه بماهو جائز عنده وحرام عند ابنه !؟

    بسم الله الرحمن الرحيم
    أب أو أم يأمر ابنه مثلاً بشراء شيء يجوز عند الأب ولايجوز عند الإبن ... إن كان معاملة أو عين ... وهي مما اختلف فيها العلماء !
    فهل يقدم طاعة الوالد أم لا على اعتبار أنه في فعله هذا هو عاص لله فلايجوز له فعله ... و" لاطاعة لمخلوق في معصية الخالق " الحديث

    وكذلك في الأخذ بالرخصة هل يطيع والديه أم لا حيث يريد الإبن أن يأخذ بالعزيمة ... كأن يكون خطيبا فيريد أن يتكلم بكلام ما يمكن أن يتسبب له بأذى
    أو الهدي الظاهر كما في بعض البلاد فيه خطورة فالوالد يريد من ابنه الرخصة والإبن لايرضى ...
    الأب يأمره بهذا محبة له وخوفا عليه والإبن لقوة إيمانه لايرضى أن يخالف في هذا ؟!
    انفعونا بعلم جزاكم الله خيرا

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,563

    افتراضي

    والدتي طلبت مني عدم الذهاب إلى مسجد معين والذهاب إلى مسجد غيره وأنا لم أطع أمرها وذهبت إلى هذا المسجد فهل هذا عقوق لوالدتي ؟ وإذا كان كذلك كيف أتوب؟
    وشكرا


    الإجابــة

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

    فإن طاعة الوالدين واجبة مالم يأمرا بمعصية، قال تقي الدين السبكي: ويجب امتثال أمرهما واجتناب نهيهما مالم تكن معصية على الإطلاق وإنما يكون معصية إذا كان فيه مخالف لأمر الله الواجب أو لشرعه المقرر وهما في ذلك مع الإمام سواء، ويزيد فيهما بتحريم ما يؤذيهما بأي شيء كان، وإن كان مباحا وبوجوب طاعتهما وإن كان ما يأمران به لحظ أنفسهما ويحرم إيذاؤهما مطلقا إلا أن يكون بما هو حق واجب لله فحق الله أولى. وقد ذكرنا الأدلة الدالة على ذلك في الفتوى رقم: 19479، 21304، وحيث إن أمك قد نهتك عن الصلاة في مسجد معين وأمرتك بالذهاب إلى غيره فيجب عليك طاعتها في ذلك بما تستطيع وتحرم عليك معصيتها. فلتذهب إلى غيره فتطيع ربك وتبر أمك" وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَي ْنِ إِحْسَانا {الاسراء: 23}. وعليك أن تتوب إلى الله سبحانه وتعالى من ذلك الفعل وتترضى أمك وتعدها بطاعة أمرها في ذلك، وإن كان يشق عليك فلتحاورها بأسلوب هين لين لا جدال فيه ولا رفع صوت، فإذا امتنعت وعدلت عن رأيها فبها ونعمت، وإن أصرت على ذلك فتجب عليك طاعتها وامتثال أمرها قدر طاقتك، ولتحتسب في ذلك الأجر والمثوبة عند الله، وإذا كان المسجد قريبا منك وضاق عليك الوقت وخشيت فوات الجماعة لو ذهبت إلى غيره فلتصل فيه، ولكن لا تخبرها بذلك، وحاول أن لا تعلم به، وانظر الفتوى رقم:11649. نسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد إنه سميع مجيب.
    والله أعلم.

    http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Optio n=FatwaId&Id=65580



    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,563

    افتراضي

    متى تجب طاعة الوالدين؟


    إن الحمد لله نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله.
    أما بعد:
    فكلامي في هذه الدقائق عن طاعة الولد لأبويه والمراد بالولد الذكر والأنثى.
    فمتى تجب طاعة الأبوين أو أحدهما؟ ومتى لا تجب طاعتهما؟
    وقبل أن أبدأ أذكركم أن المقام مقام تقرير علمي، وبيان الحكم الذي أعتقده، وليس مقام حث على الفضائل.إذا حصل خلاف بين الولد وأحد أبويه فله رفع الأمر للقضاء وليس ذلك من العقوق فعن مَعْن بْنَ يَزِيدَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: كَانَ أَبِي يَزِيدُ أَخْرَجَ دَنَانِيرَ يَتَصَدَّقُ بِهَا فَوَضَعَهَا عِنْدَ رَجُلٍ فِي الْمَسْجِدِ فَجِئْتُ فَأَخَذْتُهَا فَأَتَيْتُهُ بِهَا فَقَالَ وَاللَّهِ مَا إِيَّاكَ أَرَدْتُ فَخَاصَمْتُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَكَ مَا نَوَيْتَ يَا يَزِيدُ وَلَكَ مَا أَخَذْتَ يَا مَعْنُ " رواه البخاري (1420).قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (3 /292): "فيه جواز التحاكم بين الأب والابن، وأن ذلك بمجرده لا يكون عقوقا. وقد اشتكى بعض الصحابة من الرجال والنساء آباءهم للنبي صلى الله عليه وسلم، ولو كان رفع الأب للقاضي معصية؛ لأنكر النبي صلى الله علي وسلم ذلك".

    تجب طاعة الأب إذا طلب مالا من ولده، ولو مع عدم حاجته؛ فعن جابر بن عبد الله، أن رجلا قال: يا رسول الله إن لي مالا وولدا، وإن أبي يريد أن يجتاح مالي، فقال: «أنت ومالك لأبيك» رواه ابن ماجه (2291) بإسناد صحيح والحديث ورد في الأب والأم كذلك، فحقها آكد من حق الأب، لكن هذا مشروط بأمرين:الأول أن لا يتضرر الولد بأخذ والده من ماله، فحاجة الولد مقدمة على حاجة غيره؛ ففي حديث جابر -رضي الله عنه-: "ابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَتَصَدَّقْ عَلَيْهَا، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلِأَهْلِكَ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ أَهْلِكَ شَيْءٌ فَلِذِي قَرَابَتِكَ، فَإِنْ فَضَلَ عَنْ ذِي قَرَابَتِكَ شَيْءٌ فَهَكَذَا وَهَكَذَا" رواه مسلم (997).
    الثاني: أن لا يعطيه الأب لولد آخر فإذا كان يحرم على الأب أن يفضل بغير سبب أحد أولاده بعطية من ماله الخاص فمنعه أن يفضله من مال أخيه من باب أولى لكن لو كان الأب لا يجد النفقة وأعطى ولده من مال أخيه من باب النفقة جاز لأنَّ هذا واجب على الأب وليس من باب التفضيل في العطية.

    لا يجب على الابن طاعة أبويه أو أحدهما في طلاق زوجته و هذا مذهب جمهور أهل العلم [1]وكذلك البنت لا يجب عليها مفارقة زوجها بطلب أبويها أو أحدهما.

    فعن علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا طاعة في معصية الله إنما الطاعة في المعروف رواه البخاري (1840) و مسلم (7252).
    فليس من المعروف أن يطلق الابن زوجته بدون سبب يوجب الفرقة وكذلك البنت فإذا أمر الأبوان بما لا يوافق الشرع فلا طاعة لهما. وصح عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال " لا ضرر ولا ضرار " والطلاق من غير بأس ضرر من غير أن ينتفع الأبوان بذلك إلا التشفي فلا يكلف الولد به فإلزامهما للولد بالطلاق حمق لا يلتفت إليه.
    وطلاق الزوجة ليس من البر الواجب على الابن قال الحسن البصري ليس الطلاق من برها في شيء رواه المروزي في البر والصلة ص: 32 بإسناد صحيح.
    ويشكل على ما تقدم حديث عبد الله بن عمر قال كانت تحتي امرأة كان عمر يكرهها فقال طلقها فأبيت فأتى عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أطع أباك" رواه الإمام أحمد (4697) وغيره بإسناد حسن وقد أجاب الإمام أحمد عن هذا الإشكال فسأله رجل ـ الآداب الشرعية (1/475) ـ فقال إن أبي يأمرني أن أطلق امرأتي فقال لا تطلقها قال أليس عمر أمر ابنه عبد الله أن يطلق امرأته قال حتى يكون أبوك مثل عمر رضي الله عنه.

    وليتق الله الوالدان ولا يكونان سببا في فراق الزوجين حتى لا يتشبها بالسحرة الذين يتعلمون من الشياطين ما يفرقون به بين المرء وزوجه.

    وكما لا تجب طاعة الأبوين في طلاق الزوجة فكذلك لا تجب طاعتهما في الزواج من امرأة أو زوج لا يريده الولد. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (32/30) ليس لأحد الأبوين أن يلزم الولد بنكاح من لا يريد وأنه إذا امتنع لا يكون عاقا وإذا لم يكن لأحد أن يلزمه بأكل ما ينفر عنه مع قدرته على أكل ما تشتهيه نفسه كان النكاح كذلك وأولى؛ فإن أكل المكروه مرارة ساعة وعشرة المكروه من الزوجين على طول يؤذي صاحبه كذلك.
    فسق الأبوين أو أحدهما أو كفره لا يسقط حقهما من إحسان وبر ﴿ وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ (15) سورة لقمان فحتى حينما يكونان كافرين ويطلبان من ولدهما موافقتهم على الكفر يبقى حقهما ولا يسقط بذلك.ويؤخذ من الآية أنه لا تجب طاعة الأبوين إذا أمرا بمعصية ففي حديث علي «لا طاعة في معصية».
    إذا طلب الأبوان أو أحدهما ما يستخدم في المحرم وغيره فإن كان الولد يعلم أنه سيستخدمه في المحرم فتحرم الطاعة وإن كان يعلم أنه يستخدمه في غير المعصية فيطيعه كمن طلب من ولده أن يشتري له موسى حلاقة. ومع عدم علم الولد هل الوالد سيستخدمه لأمر محرم أو غيره يطيعه.
    قال الإمام أحمد ـ الآداب الشرعية (2/ 42) ـ في رجل تسأله أمه أن يشتري لها ملحفة للخروج قال: إن كان خروجها في باب من أبواب البر كعيادة مريض أو جار أو قرابة أو لأمر واجب لا بأس، وإن كان غير ذلك فلا يعينها على الخروج.

    يحرم على الوالدين أو أحدهما أمر الولد بترك سنة لا يتضرران بفعله لها كأمرهما له بترك السنة الراتبة، وعدم حلق الشعر في الحج والعمرة، ولا تجب طاعتهما "إنما الطاعة في المعروف"، وهذا من المنكر وليس من المعروف.
    قال الشيح محمد العثيمين في الفتاوى (24/149) لا تطعه في ترك الطاعة إلا إذا كان هناك ضرر عليه هو، وهنا [في حلق الشعر في العمرة] لا ضرر عليه، فالطاعات إما واجبة أو مستحبة... والمستحبة انظر الذي ترى أنه أصلح ولكن لا يلزمك أن تطيع والديك في ترك المستحب إذا لم يكن عليه ضرر.
    الخطبة الثانية

    تجب طاعة الوالدين في ترك السفر الذي فيه خشية عليه من وفاة أو تلف عضو ونحو ذلك فتجب طاعة الوالدين في ترك الجهاد إذا لم يكن واجبا فعن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَأْذَنَهُ فِي الْجِهَادِ فَقَالَ أَحَيٌّ وَالِدَاكَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ " رواه البخاري (3004) ومسلم (2529).قال البلقيني ـ الزواجر (2/72ـ74): [يحرم أن] يخالف أمره أو نهيه فيما يدخل فيه الخوف على الولد فوات نفسه أو عضو من أعضائه... كالسفر للجهاد ونحوه من الأسفار الخطرة لما يخاف من فوات نفس الولد أو عضو من أعضائه لشدة تفجع الوالدين على ذلك.... وأما مخالفة أمره أو نهيه فيما لا يدخل على الولد فيه ضرر بالكلية، وإنما هو مجرد إرشاد للولد، فإذا فعل ما يخالف ذلك لم يكن عقوقا وعدم مخالفة الوالد أولى.وقال ابن مفلح في الآداب الشرعية: ظاهر هذا التعليل أن التطوع يعتبر فيه إذن الوالدين كما يقوله في الجهاد وهو غريب والمعروف اختصاص الجهاد بهذا الحكم... وأما ما يفعله في الحضر كالصلاة النافلة ونحو ذلك فلا يعتبر فيه إذنه ولا أظن أحدا يعتبره ولا وجه له والعمل على خلافه والله أعلم.ويتوجه أن يراد بالسفر ما فيه خوف كالجهاد انتهى. أما إذا كان السفر لا خوف فيه ولا يتضرر الوالدان بذلك فلا تجب طاعتهما إذا أمر الأبوان ولدهما بترك مباح أو بفعله كترك سفر لا خوف فيه أو ترك طعام معين أو لباس معين أو سيارة معينة وغير ذلك فلا يخلو الأمر من أحوال:الأول: أن يكون فيه نفع لهما ولا يتضرر الولد فتجب طاعتهما وتحرم مخالفتهما.الثاني: أن يكون فيه نفع لهما و يتضرر الولد فلا تجب طاعتهما.الثالث: أن لا يكون فيه نفع لهما فلا تجب طاعتهما.قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ الآداب الشرعية (1/464) ـ الذي ينتفعان به ولا يستضر هو بطاعتهما فيه قسمان: قسم يضرهما تركه فهذا لا يستراب في وجوب طاعتهما فيه، بل عندنا هذا يجب للجار.وقسم ينتفعان به ولا يضره أيضا يجب طاعتهما فيه على مقتضى كلامه، فأما ما كان يضره طاعتهما فيه لم تجب طاعتهما فيه لكن إن شق عليه ولم يضره وجب... لأن فرائض الله من الطهارة وأركان الصلاة والصوم تسقط بالضرر فبر الوالدين لا يتعدى ذلك.وقال ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الفقهية الكبرى (2/ 104) لم يكن للأب منعه من السعي فيما ينفعه دينا أو دنيا... ولا نظر لكراهة الوالد له حيث لا حامل عليها إلا مجرد فراق الولد لأن ذلك حمق منه وحيث نشأ أمر الوالد أو نهيه عن مجرد الحمق لم يلتفت... وأمره لولده بفعل مباح لا مشقة على الولد فيه يتعين على الولد امتثال أمره إن تأذى أذى ليس بالهين إن لم يمتثل أمره.وقال الشيخ محمد العثيمين في لقاء الباب المفتوح (3/70) لو قالا له:... لا تأكل الشيء المعين، وهو مما يشتهيه، فلا يلزمه طاعتهما في ذلك؛ لأنه لا مصلحة لهما في ذلك، وفيه ضررٌ عليه لفوات محبوبه.أخي الولد في الختام كلامي السابق هو في تقرير مسائل علمية وبعضها محل خلاف واعلم أنك مهما قدمت لوالديك وخالفت هواك وآثرت رضاهما وإن لم يكن واجبا عليك فإنك لن تبلغ كمال برهما فعن أبى هريرة قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم لَا يَجْزِي وَلَدٌ وَالِدًا إِلَّا أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ "رواه مسلم (1510).ومهما تبلغ من البر فلن تبلغ بر إسماعيل بأبيه الخليل صلى الله عليهما و سلم حيث بلغ به البر منتهاه فجاد بنفسه براً بأبيه لتنفيذ وحي الله في المنام.وأختم مقالي بقول ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الفقهية الكبرى (2/ 104) حينما فرغ من الكلام على المسألة فقال: مع ذلك كله فليحترز الولد من مخالفة والده فلا يقدم عليها اغترارا بظواهر ما ذكرنا بل عليه التحري التام في ذلك والرجوع لمن يثق بدينهم وكمال عقلهم فإن رأوا للوالد عذرا صحيحا في الأمر أو النهي وجبت عليه طاعته وإن لم يروا له عذرا صحيحا لم يلزمه طاعته لكنها تتأكد عليه حيث لم يترتب عليها نقص دين الولد وعلمه أو تعلمه والحاصل أن مخالفة الوالد خطيرة جدا فلا يقدم عليها إلا بعد إيضاح السبب المجوز لها عند ذوي الكمال.

    [1] انظر : البر والصلة للمروزي ص : 31 والآداب الشرعية (1/475) و غذاء الألباب (1/384) و كشاف القناع (5/233) و مطالب أولي النهى (7/322) الفتاوى الكبرى الفقهية لابن حجر الهيتمي (2/104) و فتاوى ورسائل محمد بن إبراهيم (11/6) وفتاوى اللجنة الدائمة (20/29ـ32) و مجموع فتاوى ابن باز (21/289) ولقاءت الباب المفتوح (3/70).


    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,563

    افتراضي

    هل يطيع والديه إذا أمراه بترك السنن ؟



    السؤال : ما حكم طاعة الوالدين لو منعا ابنهما من عمل بعض السنن ؟ فوالدتي مثلاً تغضب إذا رأتني أذهب لصلاة الجماعة باستمرار، أو إذا حافظت على النوافل أو قرأت القرآن في أوقات فراغي .. الخ ، فهل أطيعها إذا منعتني من ذلك ؟ .
    تم النشر بتاريخ: 2011-12-27
    الجواب :
    الحمد لله
    أولاً:
    أوجب الشرع على الولد بر والديه وحرَّم عليه عقوقهما ، وهذا مما لم يقع فيه خلاف بين أحد من أهل العلم للنصوص الشرعية قطعية الثبوت وقطعية الدلالة على ذلك .
    ونحن نشكر للأخ السائل حرصه على الخير حيث يريد بر والديه ، مع محافظته على أبواب الخير والسنن ؛ فنسأل الله أن يوفقه لما يحب ويرضى وأن يرزقه العلم النافع والعمل الصالح .

    ثانياً:
    نحب أن ننبِّه الأخ السائل – وغيره ممن يقرأ هذا الجواب – على ضرورة التفريق بين الطاعات الواجبة والطاعات المستحبة ؛ حيث إن ترك الواجبات يوقع فاعله في المعصية ويوجب استحقاق الإثم ، وليس لهذا الأمر تعلق بطاعة الوالدين ولا غيرهما ؛ إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق عز وجل .
    وصلاة الجماعة في المسجد من الواجبات لا المستحبات ، وعليه : فلا تجب طاعة الوالدين اللذين يمنعان ابنَهما البالغ العاقل القادر على الذهاب للمسجد من غير خوف ولا ضرر ، من الذهاب إلى بيت الله تعالى ليقيم فرائض الله تعالى فيها ، وقد روى الإمام البخاري في صحيحه - ( 1 / 230 ) – معلَّقاً عن الحسن البصري رحمه الله قوله " إن منعتْه أمُّه عن العشاء في الجماعة شفقة : لم يطعها " ، وقد سئل الإمام أحمد رحمه الله عن الرجل ينهاه أبوه عن الصلاة في جماعة ، قال : " ليس له طاعته في الفرض " .
    انظر " غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب " للسفاريني ( 1 / 385 ) .
    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :
    نصوص أحمد تدل على أنه لا طاعة لهما في ترك الفرض ، وهي صريحة في عدم ترك الجماعة وعدم تأخير الحج .
    " المستدرك على مجموع الفتاوى " ( 3 / 217 ) .
    ثالثاً:
    أما المستحبات والنوافل فلا شك أن فعلها مما يزيد في إيمان المسلم ، وهو يحتاج لفعلها ليتقرب من ربِّه عز وجل فيثيبه عليها ، وفعل المستحبات التي من جنس الفرائض مما يجبر نقصها ، فأداء نوافل الصلوات والمستحبات منها يجبر نقص الصلوات الخمس ، والصدقة النافلة تجبر النقص في الزكاة ، وهكذا الأمر في بقية الفرائض ، ولذا فلا يستغني المسلم عن فعل المستحبات والنوافل لتلك الأمور كلها .
    فهل يجب على الولد طاعة والديه إذا أمراه بترك المستحبات والنوافل ؟
    للجواب على ذلك نقول : إن ضابط بر الوالدين في الطاعة يمكن إجماله في أمور :
    1. أن يكون أمرهما في مباح لا في ترك واجب ولا فعل محرَّم .
    2. أن يكون لهما فيما يأمران به نفع لهما أو مسوِّغ شرعي .
    3. أن لا يكون فيما يأمران به ضرر على ولدهما ، وأما إن كان فيه مشقة عليه فتجب الطاعة .
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :
    ويلزم الإنسان طاعة والديه في غير المعصية وإن كانا فاسقين ، وهو ظاهر إطلاق أحمد ، وهذا فيما فيه منفعة لهما ولا ضرر ، فإن شق عليه ولم يضره : وجب ، وإلا فلا .
    " الفتاوى الكبرى " ( 5 / 381 ) .
    وعليه فيقال : بماذا ستنتفع الأم من أمرها ولدها بعدم صلاة السنن والامتناع عن قراءة القرآن ؟! نعم ؛ لو كانت محتاجة له لخدمتها أو رعايتها ، أو طلبت منه عونا ما ، أو نادت عليه ، وتعارض ذلك مع قيامه بنافلة أو أمر مستحب : فحينها يقال له فلتقدِّم الواجب – وهو بر أمك – على المستحب والنافلة ، أما عندما لا توجد حاجة أو منفعة للأم أو للأب في ترك ولدهما لشيء من النوافل والمستحبات ولا يوجد مسوغ شرعي لهذا الأمر : فحينها يقال له : لا تطعهما ودارِهما وقل لهما قولا معروفاً ، وحاول أن لا تظهر أنك تفعل شيئاً من النوافل والمستحبات أمامهما ، مع ضرورة دوام النصح والتذكير لهما بأهمية فعل الطاعات والتقرب إلى الله تعالى بها وحاجة المسلم لتكثير حسناته ليلقى بها ربه تعالى .
    والخلاصة في طاعة الوالدين في المستحبات والنوافل :
    1. إذا كان أمر الوالدين لولدهما أن لا يصلي النوافل ولا يفعل الطاعات المستحبة بالكلية : فلا يطاعان ؛ لأن في هذا إماتة لتلك الشعائر مع عدم انتفاعهما بذلك الترك .
    سئل الإمام أحمد رحمه الله عن رجل أمره أبواه أن لا يصلي إلا المكتوبة فقال " يداريهما ويصلي" .
    انظر " غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب " ( 1 / 384 ) .
    قال ابن مفلح الحنبلي – رحمه الله - :
    وذكر أبو البركات – وهو جد شيخ الإسلام ابن تيمية - أن الوالد لا يجوز له منع ولده من السنن الراتبة ، وكذا الزوج والسيد ، ومقتضى كلام صاحب " المحرر " – وهو نفسه أبو البركات - هذا : أن كل ما تأكد شرعاً ، لا يجوز له منع ولده ؛ فلا يطيعه فيه .
    " الآداب الشرعية " ( 2 / 42 ) باختصار .
    2. إذا كان أمر الوالدين ولدهما بترك طاعة مستحبة لنفع لهما ، أو لخوف عليه حقيقي غير موهوم : فتجب طاعتهما ، كمن تأمر ابنها بعدم السفر لطلب العلم لصغر سنه وعدم قدرته على تدبير أمره ، أو كمن يأمره أبوه أن لا يصوم التطوع لضعف في بدنه أو لرغبته أن يشاركهم في دعوة على طعام لقريب أو صديق أو جار ، أو كمن يحتاج له والداه ليوصلهما لحاجة لهما أو ليبقى بجانبهما للعناية بهما .
    3. إذا كان منع الوالدين ولدهما من فعل المستحبات والنوافل لهوى في نفوسهما ، أو لقلة دين منهما ، أو لضعف في العقل والتمييز : فلا طاعة لهما ، ومع ذلك فليحسن لهما القول ويصاحبهما بالمعروف .
    قال ابن حجر الهيتمي – رحمه الله - :
    وحيث نشأ أمر الوالد أو نهيه عن مجرد الحمق : لم يلتفت إليه ؛ أخذاً مما ذكره الأئمة في أمره لولده بطلاق زوجته ، وكذا يقال في إرادة الولد لنحو الزهد ومنع الوالد له : أن ذلك إن كان لمجرد شفقة الأبوة فهو حمق وغباوة ، فلا يلتفت له الولد في ذلك .
    " الفتاوى الفقهية الكبرى " ( 2 / 104 ) .
    وقال – رحمه الله – أيضاً - :
    إذا ثبت رشد الولد الذي هو صلاح الدين والمال معاً : لم يكن للأب منعه من السعي فيما ينفعه ديناً أو دنيا ، ولا عبرة بريبة يتخيلها الأب ، مع العلم بصلاح دين ولده وكمال عقله .
    " الفتاوى الفقهية الكبرى " ( 2 / 104 ) .
    وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :
    ما الحكم إذا لم يسمح الوالد لولده بالاعتكاف وبأسباب غير مقنعة ؟ .
    فأجاب :
    الاعتكاف سنَّة ، وبر الوالدين واجب ، والسنة لا يسقط بها الواجب ولا تعارض الواجب أصلاً ؛ لأن الواجب مقدم عليها ، وقد قال تعالى في الحديث القدسي ( ما تقرب إليَّ عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضت عليه ) – رواه البخاري - فإذا كان أبوك يأمرك بترك الاعتكاف ويذكر أشياء تقتضي أن لا تعتكف لأنه محتاج إليك فيها : فإن ميزان ذلك عنده وليس عندك ؛ لأنه قد يكون الميزان عندك غير مستقيم وغير عدل ، لأنك تهوى الاعتكاف فتظن أن هذه المبررات ليست مبرراً ، وأبوك يرى أنها مبرر : فالذي أنصحك به أن لا تعتكف .
    لكن لو لم يذكر مبررات لذلك : فإنه لا يلزمك طاعته في هذه الحال ؛ لأنه لا يلزمك أن تطيعه في أمر ليس فيه منفعة له ، وفيه تفويت منفعة لك .
    " مجموع فتاوى الشيخ العثيمين " ( 20 / 159 ) .
    وسئل الشيخ - رحمه الله – أيضاً :
    عن طالب علم يريد أن يذهب مع إخوانه في الله لطلب العلم ، وكان الحائل بينه وبين الذهاب معهم هو أهله ، والده وأمه ، فما الحكم في خروج هذا الطالب ؟ .
    فأجاب :
    هذا الطالب إن كان هناك ضرورة لبقائه عندهم : فهذا أفضل ، مع أنه يمكنه أن يبقى عندهم مع طلب العلم ؛ لأن بر الوالدين مقدم على الجهاد في سبيل الله ، والعلم من الجهاد ، وبالتالي فيكون بر الوالدين مقدماً عليه إذا كانا في حاجة إليه ، أما إذا لم يكونا في حاجة إليه ويتمكن من طلب العلم أكثر إذا خرج : فلا حرج عليه أن يخرج في طلب العلم في هذه الحال ، ولكنه مع هذا لا ينسى حق الوالدين في الرجوع إليهما وإقناعهما إذا رجع .
    وأما إذا علم كراهة الوالدين للعلم الشرعي : فهؤلاء لا طاعة لهما ، ولا ينبغي له أن يستأذن منهما إذا خرج ؛ لأن الحامل لهما كراهة العلم الشرعي .
    " مجموع فتاوى الشيخ العثيمين " ( 26 / 58 ، 59 ) .
    والله أعلم




    https://islamqa.info/ar/174831
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,356

    افتراضي

    لا بد هنا من تأصيل قاعدة؛ وهي أن ليس كل خلاف جاء معتبرًا إلا خلاف له حظ من النظر.
    فإن أمراه بشيء فيه خلاف شاذ يخالف الدليل مخالفة صريحة؛ كالخلاف في حكم الغناء، فلا طاعة لهما في مثل هذا، وإن أمراه بشيء فيه خلاف قوي؛ كنبيذ التمر والعنب إذا مكث ثلاثة أيام ولم يتخمر، ففيه روايتان عن أحمد؛ الأولى التحريم والثانية التحليل، فإن كان الأمر فيه خلافًا قويًّا، فعليه بترك رأيه وطاعتهما فيما أمراه به.
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    May 2012
    المشاركات
    1,052

    افتراضي

    جزاكم الله خيرا وبارك الله فيكم وشكر الله لكم إجابتكم

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,356

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابراهيم العليوي مشاهدة المشاركة
    جزاكم الله خيرا وبارك الله فيكم وشكر الله لكم إجابتكم
    ولك بمثل.
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,563

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابراهيم العليوي مشاهدة المشاركة
    جزاكم الله خيرا وبارك الله فيكم وشكر الله لكم إجابتكم
    وجزاك
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •