تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: تسمية المولود

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي تسمية المولود

    تسمية المولود
    ( رؤية تربوية )
    الحمد لله الذي لا إله غيره، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.
    توارثت البشرية ظاهرة تضمين الأشياء والأغراض أسماء تعرف بها، وتتميز بها عما سواها، لا سيما الإنسان، وكان هذا الإرث البشري هو أحد أهم المميزات التي أودعها الله تعالى في هذا المخلوق.
    أخبر الله الملائكة بخلق آدم، فاستفهمت؛ استعلامًا واستكشافًا عن الحكمة من خلقه: ﴿ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ ﴾ [البقرة: 30]، ظنًّا منهم، فأراد الله تعالى أن يبين لهم من فضل آدم ما يعرفون به فضله، فتحداهم الله بخاصية من أهم خصائص البشر: ﴿ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴾ [البقرة: 31، 32].
    وهنا تبدو أهمية وفضل التسمية؛ فقد ميَّز الله تعالى الإنسان الأول على الملائكة المعصومين بهذه الظاهرة، لقد وهبَه الله سر تمييز الأشياء بأسماء، فتحدَّى الله ملائكته بهذا السر الذي أودعه الإنسان.
    وتوارثت البشرية هذه الخاصية جيلًا بعد جيل، واهتمُّوا بتسمية مواليدهم ذكورًا وإناثًا اهتمامًا بالغًا، يتأثرون في اختيارهم بالعادات الاجتماعية السائدة، وبالولاء للآباء والأجداد، كما يحرصون على أن يتمتع الاسم بالدلالات العصرية السائدة، وبما يتمنونه في أبنائهم.
    أما الإسلام، فقد أولى هذه الخاصيَّة من العناية والاهتمام ما يفوق جميع الديانات والأيديولوجيات التي مرَّت بها البشرية؛ لما أدركه الإسلام دون غيره من أهمية هذه الظاهرة، ومدى تأثيرها على الفرد والجماعة، فوضعت لها الشريعة الإسلامية الأحكام والتشريعات التي تضبطها وتيسِّرها، وتضمن نفعها، وتحُدُّ من خطورتها.
    فقد وضعت لها الأوقات، واستحسنت بعض الأسماء، وكرهت أخرى، وحرَّمت بعضها، وغيَّرت بعضًا آخرَ، وتفاءلت بمعانيها؛ لِتُعجزَ العلمَ الحديث بما يتفاخر به من توصُّلِه إلى نتائج أبحاث نفسية أبرزت وأكَّدَت على أهمية وخطورة هذه الظاهرة، وارتباطِها بسلوك الشخص مع المحيطين به، وتأثيرِه على خصائصه النفسيَّة؛ بما يستوجب ضبط هذه الخاصية البشرية.
    وقد حرص التشريع الإسلامي في مُجمَله على تميُّز الأمة الإسلامية عن غيرها من الأمم؛ لتتعالى بكونها خيرَ أمة، حتَّى في أحلك الظروف وأصعب الأوقات: ﴿ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ ﴾ [آل عمران: 139]، بما يضمن عدم وقوع الكارثة التي يدبِّر لها أعداء الإسلام، وهي ذوبان الأمة في غيرها؛ فيستشعر المسلمون الهزيمة النفسية، ويُقبلون على الأمم الأخرى إقبال المهزوم على المنتصر؛ فتتصدع حصونهم العقدية، ومن ثَمَّ يستحوذ عليهم أعداؤهم، فعمل على تمييز أسماء المسلمين عن أعدائهم، على ما سيأتي إن شاء الله.
    وقد ارتقى الإسلام بهذه الخاصية البشرية، وضمها إلى العبادات؛ يُثاب ويُؤجر فاعلُها، ويُلام تاركها؛ فقد جعلها حقًّا من حقوق الطفل على أبويه، روى أبو داود بإسناد حسن عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلَّمَ: ((إنكم تُدعَون يومَ القيامة بأسمائكم وبأسماء آبائكم؛ فأحسِنوا أسماءَكم))، ومن أكثر النصوص التي تُبيِّن مدى احتفاء الإسلام بهذه الظاهرة قوله تعالى: ﴿ يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا ﴾ [مريم: 7].
    ظاهرة مرَضية:
    لكن نبوءة النبيِّ صلى الله عليه وسلم في عودة الإسلام غريبًا كما بدأ، وفي التقليد الأعمى من خير الأمم لليهود والنصارى - قد تحقَّقَت في هذا الجيل.
    فهذا الصِّنف السائد من الآباء قد غَضَّ الطرف عن قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((وخالفوا اليهود والنصارى...))، وعن قوله: ((من تشبه بقوم حُشِر معهم))؛ فتسابقوا إلى التشبُّه بأعداء الله في تسميتهم، وصبَغوا مواليدَهم - الصفحة البيضاء - بأسماءٍ ما أنزل الله بها من سلطان، ذلَّت أنفسهم، وأضعفت أمتهم، فوضعوا أهم أسباب الوهَن في أجيالهم، الذي هو من خصائص الأمة المغلوبة.
    وقد ظهرت هذه النبوءة بوضوح ضمن هذه الظاهرة في آباء مُجوَّفين من ثقافتهم، ذهبت بهم التموُّجات الفكرية كلَّ مذهب؛ فتأثروا بالثقافة الوافدة، وكان أظهر هذه الآثار هو استيراد أسماء أجنبية عن لغتنا ودينِنا وقيَمِنا وأخلاقنا؛ فأصبحت فتنة عمياء، قلَّ من نجا منه.
    وفي المقابل تجد أمم الكفر تتَّخذ التدابيرَ والإجراءاتِ التي تحفظ بها هُويَّتها وثقافتها؛ فقد وضعت فرنسا وغيرُها قوانينَ صارمة؛ لضبط اختيار أسماء المواليد؛ حتى لا تخرج عن تاريخهم ولا تتعارض مع قيمهم الوطنية والاجتماعية، وألزمت بلغاريا المسلمين بتغيير أسمائهم، فهذه أمم الكفر على ما هم عليه من تحلُّل في التقاليد، وانحلال في الأخلاق، وماديَّة السلوك، ألسنا أحقَّ منهم؟! وحسبك أنك لم تر من أولاد الكافرين من يتسمى بأسماء المسلمين.
    تأثير التسمية:
    بعد العرض السابق يتضح لنا أهمية التسمية، وآثارها على الفرد والمجتمع، بل والأمةِ عامَّتِها، ولا ينبغي الاستهانة بتأثيرها.
    والاسم مأخوذ من الوسم؛ أي: العلامة، وقيل: من السموِّ والرفعة، وفي رأينا أنه مأخوذ من الاثنين معًا، فهو علامة على صاحبه، سمو ورفعة له، فهو سرٌّ من الأسرار التي حبا الله بها الإنسان.
    الاسم هو أول عطايا الأبوة، وأول ما يواجه به بني مجتمعه، وأوَّل وسيلة يدخل بها ديوان أمته.
    إن اختيارَ الاسم قد يكون سُنة حسنة وصدقة جارية، يمتدُّ أثرها ونفعها إلى أجيالٍ متعاقبة، وقد يكون سيئة جارية ينتقل أثرها السيئ إلى جيلٍ بعد جيل؛ لذلك كان الاسم هو أحب كلمة يسمعها صاحبه.
    والاسم هو عنوان صاحبه، وأول انطباع يؤخذ عنه بعد مظهره، ويؤخذ من خلاله انطباعٌ عن والده، فكل إناء ينضح بما فيه، إن كان من أهل السُّنة والمتمسكين بها، كان اسم ابنه اسمًا شرعيًّا عربيًّا، وإن كان يحمل ميوعة وتحلُّلًا، كان كذلك، وإن كان تقليدًا للغرب، كان أبوه مستغرِبًا منهزِمًا، وكما قيل: مِن اسمِك أعرِف أباك، فهو المعيار المعبِّر عن هويَّة وثقافة الأب.
    ولا شك أن هناك مناسبة قوية بين الاسم والمعنى، فالاسم دعاء وعنوان على صاحبه، وهو مرتبط به، وهذا الأمر قد قدَّره الله، وألهمه رسولَه الكريم صلى الله عليه وسلم؛ فكان واضحًا في مواقفه، وألهم الله تعالى هذه الحقيقة نفوسَ العباد، واليوم يصيح علماء النفس مؤكدين ذلك؛ فقلَّ أن يوجد لقب إلا وهو يناسب صاحبَه، وقيل: لكل مسمًّى من اسمه نصيب، وقيل:
    وقلَّ إن أبصرَتْ عيناك ذا لقَبٍ
    إلا ومعناه إن فكَّرت في لقبِه
    يقول ابن القيم: أكثر السِّفْلة أسماؤهم تناسبهم، وأكثر الشرفاء والعليَة أسماؤهم تناسبهم.
    والاسم السيئ الذي لم يُراعَ في اختياره الضوابطُ الشرعيةُ يؤثِّر سلبًا على نفسية المسمى، حين يشعر بالخجل من اسمه، ويتوارى ويتحاشى ذكره، مما قد يسبب له الانطواء وغيره من الأمراض النفسية؛ نتيجةً لسخرية الآخرين؛ فالإنسان كائن اجتماعي يتأثر ويؤثر في مَن حوله.
    أمَّا الاسم الذي روعيت فيه الضوابط الشرعية، فهو يُشعِر صاحبَه بالعزَّة والإشباع النفسي، وكذلك والده، لاسيما عند سؤال والده عن سبب تسميته بذلك الاسم.
    وللاسم الشرعي مردودٌ اجتماعي حين يكون اقتداءً بأسماء الأنبياء والصالحين؛ فتخلد أسماؤهم، وتستمر ذكراهم وما قدَّموه لأمتهم من خير ونفع للآخرين؛ فتستمر سلسلة الإصلاح في الأمة.
    يقول الشيخ بكر أبو زيد: للاسم تأثير على الأمة في سلوكها وأخلاقياتها على حد قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((من سنَّ في الإسلام سنة حسنة، فله أجرها وأجر مَن عمِل بها....))، ويعطي رؤية واضحة لمدى تأثير التموجات الفكرية والعقدية على الأمة، وانحسارها عن أخلاقياتها وآدابها، وماذا من استيلاء العجمة عليها ومداخلة الثقافات الوافدة لها؟
    وماذا من انقطاع حبل الاتصال في عمود النسب عند نكث اليد من الصبغة الإسلامية: الأسماء الشرعية؟
    ثم هو بعد من علائم الأمة المغلوبة بعقدة النقص والاستيلاء عليها؛ إذ النفس مولعة أبدًا بالاقتداء بالمتغلِّب عليها، كالعبد المملوك مع سيده، ثم هو أيضًا يدل على أن الأمة مُلقى حبلها على غاربها، وأن ليس فيها رجال يطفئون جذوة ما تعاظم في صدورهم من شأن ذلك الغالب الفاجر.
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jul 2010
    الدولة
    مصر المنصورة
    المشاركات
    5,230

    افتراضي

    جزاكم الله خيرا أبا يوسف

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابوخزيمةالمصرى مشاهدة المشاركة
    جزاكم الله خيرا أبا يوسف
    وجزاكم مثله أبا خزيمة.
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي

    مراتب الأسماء:
    1- أفضل الأسماء عبدالله وعبدالرحمن:
    وقد سمَّى النبي صلى الله عليه وسلم ابن عمه العباس: عبدالله رضي الله عنهما، وفي الصحابة رضوان الله عليهم نحو ثلاثمائة رجل بهذا الاسم، وبه سُمي أول مولود للمهاجرين بعد الهجرة إلى المدينة: عبدالله بن الزبير رضي الله عنهما.
    2- التسمية بالتعبيد:
    التسمية بالتعبيد لأي من أسماء الله الحسنى، مثل: عبدالعزيز وعبدالملك؛ قياسًا على عبدالله وعبدالرحمن، أمَّا ما رُوي: (خير الأسماء ما عبد وحمد)، فلا يصح إسناده؛ ولكن يصح معناه.
    وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - أن الهروي - رحمه الله تعالى - قد سمَّى أهل بلده بعامة أسماء الله الحسنى، قال: وكذلك أهل بيتنا.
    3- التسمية بأسماء أنبياء الله ورسله:
    يقول بكر أبو زيد: استحباب التسمية بأسماء الأنبياء والرسل؛ لأنهم سادات بني آدم، وأخلاقهم أشرف الأخلاق، وأعمالهم أزكى الأعمال؛ فالتسمية بأسمائهم تُذكِّر بهم وبأوصافهم وأحوالهم.
    ويذكر أن أول من سُمِّي أحمدَ بعد النبي صلى الله عليه وسلم هو: أحمد الفراهيدي البصري والد الخليل صاحب العروض، والخليل مولود سنة (100هـ).
    4- التسمية بأسماء الصالحين والمصلحين:
    فقد روى الإمام مسلم عن رسول الله: "أنهم كانوا يُسمُّون بأسماء أنبيائهم والصالحين من قبلهم".
    ولا شكَّ أن خير الصالحين هم خير الأجيال بعد الأنبياء، هم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويُذكر أن الزبير بن العوام رضي الله عنه سمى أولاده التسعة بأسماء شهداء بدر رضي الله عنهم.
    الأسماء المحرمة[1]:
    دلَّت الشريعة على تحريم تسمية المولود في واحد من الوجوه الآتية:
    1- اتفق المسلمون على أنه[2] يحرم كلُّ اسم مُعبد لغير الله تعالى، من شمس أو وثن أو بشر أو غير ذلك، وحكمة التحريم فيه واضحة، مثل: عبدالرسول، عبدالنبي، عبدعلي، عبدالحسين، عبدالصاحب (يعني: صاحب الزمان المهدي المنتظر)، وهي تسميات الروافض.
    فقد ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن أخنع اسم عند الله رجل تَسمَّى ملك الأملاك)).
    وقد غيَّر النبي صلى الله عليه وسلم كل اسم معبدلغير الله تعالى، مثل: عبدالعزى، عبدالكعبة، عبدشمس، عبدالحارث، وفَدَ على النبي صلى الله عليه وسلم قومٌ، فسمعهم يُسمُّون عبدالحجر، فقال له: ((ما اسمك؟))، فقال: عبدالحجر، فقال له رسول صلى الله عليه وسلم: ((إنما أنت عبدالله))؛ رواه البخاري في الأدب المفرد.
    ومن هذا الباب: غلام الرسول، غلام محمد؛ أي: عبدالرسول ... وهكذا.
    ويقاس على ما سبق التعبيد لأسماء يُظنُّ أنها من أسماء الله تعالى وليست كذلك؛ مثل: عبدالمقصود، عبدالستار، عبدالموجود، عبدالمعبود، عبدالهوه، عبدالمرسل، عبدالوحيد، عبدالطالب.
    2- التسمية باسم من أسماء الله - تبارك وتعالى -:
    فلا تجوز التسمية باسم يختص به الرب سبحانه، مثل: الرحمن، الرحيم، الخالق، البارئ ... وقد غيَّر النبي صلى الله عليه وسلم ما وقع من التسمية بذلك.
    وفي القرآن العظيم: ﴿ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ﴾ [مريم: 65]؛ أي: لا مثيل له يستحق مثل اسمه الذي هو الرحمن[3].
    3- التسمية بالأسماء الأعجمية المولدة للكافرين الخاصة بهم[4]:
    يقول بكر أبو زيد: وقد عظُمت الفتنة بها في زماننا، فيلتقط اسم الكافر من أوربا وأمريكا وغيرهما، وهذا من أشد مواطن الإثم وأسباب الخذلان، ومنها: بطرس، جرجس، جورج، ديانا، روز، سوزان ... وغيرها مما سبقت الإشارة إليه.
    وهذا التقليد للكافرين في التسمي بأسمائهم، إن كان عن مجرد هوى وبلادة ذهن، فهو معصية كبيرة وإثم، وإن كان عن اعتقاد أفضليتها على أسماء المسلمين، فهذا على خطر عظيم يزلزل أصل الإيمان، وفي كلتا الحالتين تجب المبادرة إلى التوبة منها، وتغييرُها شرط في التوبة منها.
    4- التسمي بأسماء الأصنام المعبودة من دون الله:
    ومنها: اللات، العزى، إساف، نائلة، هبل...
    5- التسمي بالأسماء الأعجمية، تركية، أو فارسية، أو بربرية، أو غيرها مما لا تتسع لغة العرب ولسانها، ومنها: ناريمان، شيريهان، نيفين، شادي - بمعنى القرد عندهم - جيهان.
    وأما ما ختم بالتاء، مثل: حكمت، عصمت، نجدت، هبت، مرفت، رأفت ... فهي عربية في أصلها، لكن ختمها بالتاء الطويلة المفتوحة - وقد تكون بالتاء المربوطة - تتريك لها، أخرجها عن عربيتها؛ لهذا لا يكون الوقف عليها بالهاء.
    والمختومة بالياء مثل: رمزي، حسني، رشدي، حقي، مجدي، رجائي - هي عربية في أصلها، لكن تركها بالياء في آخرها منع من عربيتها بهذا المبنى؛ إذ الياء هنا ليست ياء النسبة العربية مثل: ربعي، ووحشي، وسبتي (لمن ولدت يوم السبت)، ولا ياء المتكلم، مثل: كتابي، بل ياء الإمالة الفارسية والتركية[5].
    وأما لفظ (فقي) في مصر، فهو عندهم مختصر (فقيه).
    ومن الأسماء الفارسية ما ختم بلفظ (ويه)[6]، مثل: سيبويه، وقد أحصى بعضهم اثنين وتسعين اسمًا مختومة بلفظ (ويه)[7].

    وفي اللغة الأردية يُقحمون الياء في وسط الكلمة؛ علامةً للتأنيث؛ فيقولون في رحمن: (رحيمن)، وفي كريم: (كريمن).
    6- كل اسم فيه دعوى ما ليس للمسمى، فيحمل من الدعوى والتزكية والكذب ما لا يقبل بحال:
    ومنه ما ثبت في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن أخنع اسم عند الله رجل تسمى ملك الأملاك...)) الحديث؛ متفق عليه.
    ومثله قياسًا على ما حرَّمه الله ورسوله: سلطان السلاطين، حاكم الحكام، شاهنشاه[8]، قاضي القضاة.
    وكذلك تحريم التسمية بمثل: سيد الناس، سيد الكل، سيد السادات، ست النساء.
    ويحرم إطلاق (سيد ولد آدم) على غير رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    وفي حديث زينب بنت أبي سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تزكوا أنفسكم، الله أعلم بأهل البر منكم))؛ رواه مسلم.
    7- قال ابن القيم: "التسمية بأسماء الشياطين، كخنزب، والولهان، والأعور، والأجدع[9]، وقد وردت السنة بتغيير اسم من كان كذلك". ا.هـ
    الأسماء المكروهة:
    يقول بكر أبو زيد: يمكن تصنيفها على ما يلي:
    1- تُكره التسمية بما تنفر منه القلوب؛ لمعانيها، أو ألفاظها، أو لأحدهما؛ لما تثيره من سخرية وإحراج لأصحابها وتأثير عليهم، فضلًا عن مخالفة هدي النبي صلى الله عليه وسلم بتحسين الأسماء:
    ومنها: حرب، مرة، خَنجر، فاضح، فحيط، حطيحط، فدغوش ... وهذا في الأعراب كثير، ومن نظر في دليل الهواتف رأى في بعض الجهات عجبًا.
    ومنها: هيام وسهام، بضم أولهما: اسم لداء يصيب الإبل.
    ومنها: رحاب وعفلق، ولكلٍّ منهما معنًى قبيح.
    ومنها: نادية؛ أي: البعيدة عن الماء.
    2- ويُكره التسمِّي بأسماء فيها معانٍ رخوة شهوانية، وهذا في تسمية البنات كثير، ومنها: أحلام، أريج، عبير، غادة (وهي التي تتثنى تيهًا ودلالًا)، فتنة، نهاد، وصال، فاتن (أي: بجمالها)، شادية، شادي (وهما بمعنى المغنية)[10].
    3- ويُكره تعمُّد التسمي بأسماء الفُسَّاق الماجنين من الممثلين والمطربين وعُمَّار خشبات المسارح باللهو الباطل.
    ومن ظواهر فراغ بعض النفوس من عزَّة الإيمان أنهم إذا رأوا مسرحية فيها نسوة خليعات، سارعوا متهافتين إلى تسمية مواليدهم عليها، ومن رأى سجلَّات المواليد التي تُزامن العرض، شاهد مصداقية ذلك ... فإلى الله الشكوى.
    4- ويُكره التسمية بأسماء فيها معانٍ تدل على الإثم والمعصية، كمثل (ظالم بن سراق) فقد ورد أن عثمان بن أبي العاص امتنع عن تولية صاحب هذا الاسم لما علم أن اسمه هكذا، كما في "المعرفة والتاريخ" (3/201) للفسوي.
    5- وتُكره التسمية بأسماء الفراعنة والجن: ومنها: فرعون، قارون، هامان ...
    6- ومنه التسمية بأسماء فيها معانٍ غير مرغوبة، كمثل: (خبية بن كناز)، فقد ورد أن عمر رضي الله عنه قال عنه: "لا حاجة لنا فيه؛ فهو يخبئ وأبوه يكنز" كما في "المؤتلف والمختلف" (4/1965) للدارقطني.
    7- ويكره التسمِّي بأسماء الحيوانات المشهورة بالصفات المستهجَنة، ومنها التسمية بما يلي: حنش، حمار، قنفذ، قنيفذ، قردان، كلب، كليب… والعرب حين سمَّت أولادها بهذه؛ فإنما لما لحظته من معنًى حسن مُراد: فالكلب؛ لما فيه من اليقظة والكسب، والحمار؛ لما فيه من الصبر والجلد، وهكذا ... وبهذا بطَلَ غَمْز الشعوبية للعرب كما أوضحه ابن دريد وابن فارس وغيرهما.
    8- وتُكرَه التسمية بكل اسم مضاف من اسم أو مصدر أو صفة مشبهة مضافة إلى لفظ (الدين) ولفظ (الإسلام) مثل: نور الدين، ضياء الدين، سيف الإسلام، نور الإسلام ... وذلك لعظيم منزلة هذين اللفظين (الدين) و(الإسلام)[11]؛ فالإضافة إليهما على وجه التسمية فيها دعوى فجَّة تُطِلُّ على الكذب؛ ولهذا نص بعض العلماء على التحريم[12]، والأكثر على الكراهة؛ لأن منها ما يوهم معانيَ غير صحيحة مما لا يجوز إطلاقه، وكانت في أول حدوثها ألقابًا زائدة عن الاسم، ثم استُعمِلت أسماءً.
    وقد يكون الاسم من هذه الأسماء منهيًّا عنه من جهتين مثل: شهاب الدين؛ فإن الشهابَ الشُّعلةُ من النار، ثم إضافة ذلك إلى الدين، وقد بلغ الحال في إندونيسيا التسمية بنحو: ذهب الدين، ماس الدين!
    وكان النووي - رحمه الله تعالى - يَكره تلقيبه بمحيي الدين، وشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - يكره تلقيبه بتقيِّ الدين، ويقول: "لكن أهلي لقَّبوني بذلك فاشتهر"[13].
    وقد بيَّنت ذلك في "معجم المناهي" و"تغريب الألقاب".
    وأول من لقب في الإسلام بذلك هو بهاء الدولة بن بويه (ركن الدين) في القرن الرابع الهجري[14].
    ومن التغالي في نحو هذه الألقاب: زين العابدين، ويختصرونه بلفظ (زينل)، وقسام علي، ويختصرونه بلفظ (قسملي).
    وهكذا يقولون - وبخاصَّةٍ لدى البغاددة - في نحو: سعد الدين، عز الدين، علاء الدين: سعدي، عزي، علائي.
    والرافضة يذكرون أن النبي صلى الله عليه وسلم سمَّى علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب - رحمه الله تعالى -: سيد العابدين، وهذا لا أصل له، كما في: "منهاج السنة" (4/50)، و"الموضوعات" لابن الجوزي (2/44-45)، وعلي بن الحسين من التابعين، فكيف يسميه النبي صلى الله عليه وسلم بذلك؟!
    فقاتل الله الرافضة ما أكذَبَهم وأسخَفَ عقولهم!
    ومِن أسوأ ما رأيت منها التسمية بقولهم: جلب الله، يعني: كلب الله! كما في لهجة العراقيين، وعند الرافضة منهم يسمونه: جلب علي؛ أي: كلب علي! وهم يقصدون أن يكون أمينًا مثل أمانة الكلب لصاحبه.
    9- وتُكره التسمية بالأسماء المركبة، مثل: محمد أحمد، محمد سعيد، فأحمد مثلًا فهو الاسم، محمد للتبرك ... وهكذا.
    وهي مدعاة إلى الاشتباه والالتباس؛ ولذا لم تكن معروفةً في هدي السلف، وهي من تسميات القرون المُتأخِّرة، كما سبقت الإشارة إليه.
    ويُلحق بها المضافة إلى لفظ الجلالة (الله)، مثل: حسب الله، رحمة الله، جبر الله، حاشا: عبدالله، فهو من أحب الأسماء إلى الله.
    أو المضافة إلى لفظ الرسول، مثل: حسب الرسول، وغلام الرسول ... وبينتها في: "معجم المناهي"، و"تغريب الألقاب".
    10- وكَرِهَ جماعة من العلماء التسمي بأسماء الملائكة عليهم السلام؛ مثل: جبرائيل، ميكائيل، إسرافيل.
    أما تسمية النساء بأسماء الملائكة، فظاهر الحرمة؛ لأن فيها مضاهاة للمشركين في جعلهم للملائكة بنات الله، تعالى الله عن قولهم.
    وقريب من هذا تسمية البنت: ملاك، ملكة[15].

    11- وكره جماعة من العلماء التسمية بأسماء سور القرآن الكريم، مثل: طه، يس، حم ... "وأما ما يذكره العوام أن يس وطه من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم، فغير صحيح"[16].
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي

    [1] راجع: تسمية المولود؛ بكر أبو زيد، وابن القيم فى تحفته.


    [2] "مراتب الإجماع" (ص154)، "مجموع الفتاوى" (1/378-379).


    [3] انظر: "تفسير القرطبي" (11/130).


    [4] انظر: "أحكام أهل الذمة" (2/768-769) مهم.


    [5] "مجلة مجمع اللغة العربية بمصر" (18/54) و"أسماء الناس" (1/151)، "أسماؤنا" (ص35): "قطوف لغوية" (ص180).


    [6] ومن اللطائف هنا إيراد ما ذكره العلماء في ترجمة نفطويه الإمام اللغوي من أنه قيل فيه:
    أحرقه الله بنصف اسمه
    وصيَّر الباقي نواحًا عليه


    وفي "الوافي بالوفيات" (6/131) فوائد لطيفة متعلقة بـ (ويه) في الأسماء الفارسية وطريقة نطقها.


    [7] انظر كتاب "سيبويه إمام النحاة" (ص20-24) من مطبوعات المجمع العلمي العراقي عام 1398هـ.


    [8] انظر "معجم المناهي اللفظية" (ص260، 311) لراقمه.


    [9] "تحفة المودود" (ص117)، وبعض هذه الأسماء وردت بأحاديث ضعيفة.


    [10] انظر: "السلسلة الصحيحة" (رقم 216)، و"تربية الأولاد في الإسلام" (1/85-86) لعلوان.


    [11] "تحفة المودود" (ص136)، "السلسلة الصحيحة" (رقم 216)، "تغريب الألقاب العلمية".


    [12] انظر: "شرح ابن علان للأذكار" (6/130).


    [13] ومن هذا ما يذكر من كراهة التكني بـ (أبي عيسى)، فانظر: "الحطة" (ص453) لصديق حسن خان، وتعليق محققه عليه.


    [14] "الإسلام والحضارة الغربية"؛ لمحمد كرد علي، وفيه سياق مهم عن التغالي بهذه الألقاب، حتى كانت لا تصدر إلا بمراسيم سلطانية، وربما بذل مال طائل للحصول عليها، ثم ابتذلت حتى سمي بها من لا خلاق له في الإسلام، حتى قال الحسن بن رشيق القيرواني:
    مما يزهدني في أرض أندلس
    أسماء معتضد فيها ومعتمد
    أسماء مملكةٍ في غير موضعها
    كالهر يحكي انتفاخًا صولة الأسد





    [15] انظر: كتاب "الألفاظ والأساليب" (ص152-153) من أن اسم (ملاك) مأخوذ من (الملك).


    [16] قاله العلامة ابن القيم - رحمه الله - في "تحفة المودود" (ص109).


    [17] تسمية المولود؛ بكر أبو زيد.
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •