ملخص السؤال:
فتاة في الثلاثين مِن عمرها طلَب منها شابٌّ مِن غير دولتِها الزواجَ منها، فوافقتْ، وتريد بعضَ النصائح لكي ينجحَ زواجها، وتسأل عن كيفيَّة اختِلاف الثَّقافات والعادات والتَّقاليد.
تفاصيل السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.أنا فتاةٌ في الثلاثين مِن عمري، طلب مني شابٌّ من غير دولتي يصغرني بعامين الزواجَ مني فوافقتُ، وطلبتُ منه أن أعيشَ في بلَدي فوافَق، أريد منكم بعض النصائح لكي ينجحَ زواجي إذا قُدِّر لهذا الزواج أن يتمَّ.كيف نتجاوز مشكلات اختلاف الثقافات والعادات والتقاليد؟ وكيف أتجاوَز مشكلة أنه أصغر مني بعامين؟ كما أني أتلعثَم في الكلام، فكيف أتخطى هذه المشكلة أيضًا؟
وجزاكم الله خيرًا

الجواب

وعليكِ السلام ورحمة الله وبركاته.أيتها السائلة الفاضلة، حياكِ الله.
لم يكنْ بكِ حاجةٌ لإهمال مشكلةٍ كالتلعثُم في الكلام حتى يأتيَ الزواج، وليس حُسن الحديث وإتقانُ النُّطق وإحكامُ الكلمات حِكرًا على الزوج - مع عظيم حقِّه - فتَلَعْثُمكِ مشكلةٌ مُنفصلةٌ عليكِ بالبحث عنْ علاج لها، سواء قدَّر الله لهذا الزواج أو غيره أن يتمَّ أو لا.ويبدأ العلاج بإدراك السبب، هل هو نفسي أو عضوي، ولن يستطيعَ تحديد ذلك غير الطبيب المختصّ، ولديكم - بفضل الله - في بلدكم أطباء مختصون في علاج التلَعْثُم ومراكز غير قليلة؛ فاستعيني بأحَدِها.وهذه بعضُ النصائح أو التمارين اليسيرة حتى ييسر الله لكِ زيارة الطبيب: تدربي على الحديث ببُطْءٍ، واعلمي أن ذلك ليس مما يعيب المرء في شيءٍ؛ فقد سمعتُ أكثر من عالمٍ يُشار له بالبَنان يتحدث على هذا النحو. مارسي تمارين التنفُّس والاسترخاء، وما أكثر المقاطع التي تشْرَح كيفية تطبيقها على الإنترنت! تدرَّبي على التحدُّث أمام بعض أطفال العائلة مثلاً، أو مَن لا يعنيكِ شأنهم، وتدرَّجي في ذلك، حتى يتسنى لكِ الحديث أمام كل الطوائف.أيتها العزيزة، لعل الحديث عن الزوج والحياة الزوجية لا تكفيه استشارةٌ، ولا يسد بابَه الواسع حديثٌ عابرٌ، ولو حُشي نصائح وعُبئ توجيهات، ولكن على كلِّ فتاةٍ أو شابٍّ أن يُدْرِكَ أن نجاحه في الحياة بوجهٍ عام أساسه ضبط النفس والتحكُّم في ردود الأفعال والتفكير جيدًا في الكلمة قبل أن تمرَّ عبر تلك البوابة التي هُدِّمت بسببها البيوتُ، وخُرِّبت العلاقات، وأوغرت الصدور، ومُلئت الأنفُس بالأحقاد، وما أكثر ما يدعو إلى التحكُّم في اللسان في القرآن والسنة؛ ((مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلْيَقُلْ خيرًا أو ليصمت))؛ متفق عليه، ((مَن يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة))؛ متفق عليه.وكم مِن مشكلات أُرسلتْ وشرارات اتقدتْ بسبب كلمةٍ لَم يُفكِّرْ فيها صاحبها بها قبل أن يُمرها بين لحييه!اختلافُ الثقافات قد يبدو مُقلقًا؛ لكن تقوى الله والمحبَّة بين الزوجين وحُسنَ التدبير واطلاع كل واحد على أسلوب وبيئة صاحبه - كفيلٌ بهدْم الكثير مِن الحواجز التي قد تكون بذرة نِزاع أو شرارة خِلاف.اعلمي أن: الزوج ليس نِدًّا لكِ، ورغم أنكما شريكان في هذا البيت، وملكان في مملكة واحدةٍ، إلا أنَّ له الحق الأول في الطاعة بالمعروف، وأرجو ألا تكوني ممن تأثرتْ بدعوات تحرير المرأة - لستُ أدري من أي شيء يُحَرِّرونها - والتي تدعو إلى التمرُّد على معظم تعاليم الإسلام باسم العدْل، الذي ليس فيه إلا ظُلم للمرأة، ويرافقه في التأثير نصائح أورثتْها النساء مِن ثقافة المسلسلات والتي تُحرِّض بكلِّ وُضُوح المرأة على زوجها، وتُنفرها من الطاعة، وتزين لها الزوج وكأنه ما جاء إلا ليسلُبَها حقها في الحياة الكريمة. الحياة الزوجية في الإسلام - والتي تدعو لطاعة الزوج - تمنع الرجلَ تمامًا من التعدي على حقوق المرأة، والمساس بكرامتها، فدعي كل ذلك، وارجعي إلى شرع الله لتَسْتَمِدِّي منه النصح والإرشاد. الزوج رجل كأي رجل، وإنسان يخطئ ويُصيب، فتغافلي عن بعض الأخطاء، وقوِّمي ما يحتاج لتقويم بفنٍّ وذكاءٍ ومحبةٍ. عليكِ أن تكوني متوازنةً بين طاعة زوجكِ واهتمامكِ بنفسكِ وعدم إغفال حقِّها؛ فكثير من الزوجات تلغي شخصيتها، وتُهدر حقها، مِن أجل أن تعتني بزوجها، والله تعالى لم يأمرنا إلا بإعطاء كل ذي حق حقه.أخيرًا: لا أحسب أن الفارق العمري سيكون عقبةً في وجه سعادتكما بإذن الله، خاصة أنه لا يتجاوز العامين، إلا أن تُهملي نفسكِ، وتَظهري بمظهر أكبر مِن عمركِ، سواء في الشكل أو القول الذي يوحي لزوجكِ أنكِ تكبرينه؛ كإبداء النصائح بأسلوب استخفاف له، أو تذكيره بأشياء فعلتِها وهو صغير ونحو ذلك، بل عليكِ أن تحترمي وجهة نَظره، وأن تُقَدِّري رأيه في كل أمرٍ، وأن تستشيريه فيما يُشعره بحاجتكِ إليه وإلى خِبرته.
ولا تنسَيْ صلاة الاستِخارة والدُّعاء بالتوفيق وصلاح الحالوالله الموفِّق، وهو الهادي إلى سَواء السبيل