تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: هل هناك فرق بين "عن" و "أن" ؟

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي هل هناك فرق بين "عن" و "أن" ؟

    اختلف العلماء في ذلك على قولين:
    - القول الأول :
    ذهب أحمد وأبو حاتم وأبو زرعة والبرديجي ويعقوب بن شيبة إلى أنهما مختلفان .
    - القول الثاني :
    ذهب مالك وغيره إلى أنهما شيء واحد .
    كما ذكر ذلك ابن الصلاح في مقدمته، والنووي في التقريب - وانظر تدريب الراوي - فقد ذكرا عن يعقوب بن شيبة أنه لما ذكر حديث أبي الزبير عن ابن الحنفية عن عمار قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فسلمت عليه فرد علي السلام .
    وجعله مسندا موصولا ، وذكر رواية قيس بن سعد لذلك عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن الحنفية: أن عمارا مر بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي .
    فجعله مرسلا من حيث كونه قال : إن عمارا فعل . ولم يقل: عن عمار.

    ولكن تعقب العراقي - بعد حكايته لمذاهب العلماء في المسألة - ابن الصلاح في هذا وقال :
    وما حكاه المصنف عن أحمد بن حنبل وعن يعقوب بن شيبة من تفرقتهما بين " عن " و " أن " ليس الأمر فيه على ما فهمه من كلامهما، ولم يفرق أحمد ويعقوب بين "عن" و "أن" لصيغة "أن" ولكن لمعنى آخر أذكره وهو أن يعقوب إنما جعله مرسلا من حيث إن ابن الحنفية لم يسند حكاية القصة إلى عمار وإلا فلو قال ابن الحنفية: إن عمارا قال: مررت بالنبى صلى الله عليه وسلم، لما جعله يعقوب بن شيبة مرسلا، فلما أتى به بلفظ: أن عمارا مر، كان محمد ابن الحنفية هو الحاكي لقصة لم يدركها؛ لأنه لم يدرك مرور عمار بالنبى صلى الله عليه وسلم، فكان نقله لذلك مرسلا، وهذا أمر واضح، ولا فرق بين أن يقول ابن الحنفية: إن عمارا مر بالنبى صلى الله عليه وسلم، أو : أن النبى صلى الله عليه وسلم مر به عمار، فكلاهما مرسل بالاتفاق، بخلاف ما إذا قال: عن عمار قال: مررت، أو أن عمارا قال: مررت.
    فإن هاتين العبارتين متصلتان لكونهما أسندتا إلى عمار.
    وكذلك ما حكاه المصنف عن أحمد بن حنبل من تفرقته بين "عن" و "أن" فهو على هذا النحو، ويوضح لك ذلك حكاية كلام أحمد - وقد رواه الخطيب في الكفاية - بإسناده إلى أبي داود قال: سمعت أحمد قيل له: إن رجلا قال: قال عروة: إن عائشة قالت: يا رسول الله. وعن عروة عن عائشة سواء.
    قال: كيف هذا سواء ليس هذا سواء انتهى كلام أحمد.
    وإنما فرق بين اللفظين؛ لأن عروة في اللفظ الأول لم يسند ذلك إلى عائشة، ولا أدرك القصة، وإلا فلو قال عروة: إن عائشة قالت: قلت: يا رسول الله. لكان ذلك متصلا؛ لأنه أسند ذلك إليها.
    وأما اللفظ الثانى فأسنده عروة إليها بالعنعنة فكان ذلك متصلا، فما فعله أحمد ويعقوب بن شيبة صواب سواء ليس مخالفا لقول مالك ولا لقول غيره، وليس في ذلك خلاف بين أهل النقل .

    ثم قال رحمه الله ( ويمكن أن نجعل ذلك على شكل نقاط حتى يسهل الأمر) :
    وجملة القول فيه:
    1 - أن الراوي إذا روى قصة أو واقعة فإن كان أدرك ما رواه بأن حكى قصة وقعت بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم وبين بعض أصحابه والراوي لذلك صحابي قد أدرك تلك الواقعة حكمنا لها بإلاتصال وإن لم نعلم أن الصحابي شهد تلك القصة، وإن علمنا أنه لم يدرك الواقعة فهو مرسل صحابى.
    2 - وإن كان الراوي كذلك تابعيا كمحمد ابن الحنفية مثلا فهي منقطعة.
    3 - وإن روى التابعي عن الصحابي قصة أدرك وقوعها كان متصلا ولو لم يصرح بما يقتضي الاتصال وأسندها إلى الصحابي بلفظ: أن فلانا قال، أو بلفظ قال: قال فلان . فهى متصلة أيضا كرواية ابن الحنفية الاولى عن عمار بشرط سلامة التابعي من التدليس .
    4 - وإن لم يدركها ولا أسند حكايتها إلى الصحابي فهي منقطعة كرواية ابن الحنفية الثانية ، فهذا تحقيق القول فيه .اهــ

    وانظر النكت للحافظ ابن حجر ، فقد ذكر ذلك أيضا .

    وأما مالك رحمه لله فإنه سئل عن قول الرواي : عن فلان أنه قال كذا ، وأن فلانا قال كذا ؟ فقال : هما سواء .

    قلت : ونجد ابن أبي حاتم لما نقل عن أبيه في العلل حديث خالد بن دريك عن عائشة . أي في حديث الوجه والكفين المشهور قال :
    1463- وسألتُ أبِي عَن حدِيثٍ ؛ رواهُ سعِيدُ بنُ بشِيرٍ ، عن قتادة ، عن خالِدِ بنِ دُريكٍ ، عن عائِشة : أنَّ أسماء دخلت على النّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، وعليها ثِيابٌ شامِيّةٌ رِقاقٌ ، فأعرض عنها النّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ، وقال : إِنَّ المرأة إِذا حاضت لم يصلُح أن يُرى عِنها إِلاَّ هذِهِ وأشار بِيدِهِ إِلى كفِّهِ ، ووجهِهِ.قال أبِي : هذا وهمٌ ، إِنّما هُو : قتادةُ ، عن خالِدِ بنِ دُريكٍ : أنَّ عائِشة مُرسلاً.اهــ

    لأن "عن" توهم سماعا إذا لم يكن الراوي مدلسا ؛ لكن في حقيقة الأمر أن خالد بن دريك لم يدرك عائشة أصلا ؛ فأنى له أن يقول: "عن" ، وحقه أن يقول "أن".

    وعلى ما تقدم من نقل قول مالك وأحمد وكلام العراقي وغيره في ذلك ، نجد أن مالكا وأحمد ليسا مختلفين كما ذكر ابن الصلاح والنووي.
    والله أعلم .

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Sep 2014
    المشاركات
    1,412

    افتراضي

    كلام نافع ، نفع الله بعلمكم .
    إذن لا فرق بين كلام الإمام أحمد والإمام مالك على قول الإمام العراقي ، لكن ماذا عن مثال ابن أبي حاتم ؟

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    آمين ، بورك فيكم أختنا الفاضلة أم أروى .
    مثال ابن أبي حاتم الذي ذكرناه إنما يدل على أن الإمام أبا حاتم الرازي رحمه الله يستنكر هذه الصيغة التي فيها إيهام سماع وأخذ خالد بن دريك الحديث من عائشة ، فهو يفرق بين ما ذكر في الحديث بصيغة "عن" التي توهم سماعا من خالد بن دريك الذي لم يدرك عائشة أصلا ، ومع ذلك فكيف وهو لم يدركها يقول: عن ، التي توهم السماع مباشرة، فالصواب أنه لم يدركها فحقه أن يقول: أن عائشة ، لأنه لم يسمع الحديث من عائشة بل لم يدركها أصلا كما قل آنفا ، وهذا هو صنيع علماء العلل الذين ينتبهون لما خفي .

  4. #4

    افتراضي

    الحمد لله رب العالمين .. والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
    أمَّا بعد :
    فإنَّ أفضل من فصل في هذه المسألة الدقيقة الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى في كتابه الفذ : " شرح علل الترمذي " . والكتاب ليس بين يدي حتى أنقل كلامه يُرجى مراجعة كلامه فإنَّه من نفائس العلم .. بارك الله فيكم جميعا .
    أخوكم من الداخل السوري
    أبو محمد السوري
    قال سفيان الثوري :
    الملائكة حرَّاس السماء , وأصحاب الحديث حراس الأرض0

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    جزاكم الله خيرا .
    وممن ذكر ذلك بالتفصيل ابن حجر أيضا في النكت 2 / 590.

    وقال الخطيب البغدادي في الكفاية 2 / 217 :
    ( باب ذكر الفرق بين قول الراوي عن فلان وأن فلانا فيما يوجب الإتصال والإرسال )
    أخبرنا محمد بن الحسين بن محمد المتوثي قال أنا عثمان بن أحمد الدقاق قال ثنا حامد بن سهل الثغري أبو جعفر قال ثنا معلى بن أسد قال ثنا وهيب عن أيوب عن نافع عن بن عمر عن عمر أنه سأل النبي صلى الله عليه و سلم أينام أحدنا وهو جنب قال : "ليتوضأ ثم لينم".
    وأخبرنا عبد الله بن يحيى بن عبد الجبار السكري قال أنا جعفر بن محمد بن أحمد بن الحكم الواسطي قال ثنا موسى بن هارون قال ثنا ابن نمير قال ثنا أبي قال ثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر: أن عمر قال: يا رسول الله صلى الله عليك، أيرقد أحدنا وهو جنب قال نعم إذا توضأ.
    ظاهر الرواية الأولى يوجب ان يكون من مسند عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم من مسند عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم، والثانية : ظاهرها يوجب أن يكون من مسند عبد الله بن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم .
    ونظير ما ذكرناه حديث جابر في دخول سليك المسجد والنبي النبي صلى الله عليه وسلم يخطب فأمره ان يصلي ركعتين.
    أخبرنا القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن بن أحمد الحيري قال ثنا أبو محمد حاجب بن أحمد الطوسي قال ثنا محمد بن حماد قال ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال: جاء سليك الغطفاني يوم الجمعة وهو يخطب - يعني النبي صلى الله عليه وسلم - فجلس فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليصل ركعتين خفيفتين ثم ليجلس .
    وأخبرني أبو محمد عبد الله بن أبي الحسين بن بشران المعدل قال أنا محمد بن الحسن بن علي اليقطبني قال حدثني أبو محمد عبد الله بن إبراهيم بن إسماعيل البجلي برأس العين قال ثنا إسحاق بن زريق حدثنا إبراهيم بن خالد المؤذن قال ثنا الثوري عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر عن السليك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليصل ركعتين خفيفتين ثم ليجلس.
    حدثت عن عبد العزيز بن جعفر قال ثنا أبو بكر الخلال قال أنا سليمان بن الأشعث قال سمعت أبا عبد الله - يعني أحمد بن حنبل - قال: كان مالك زعموا يرى عن فلان وان فلانا سواء .
    وذكر أحمد مثل حديث جابر أن سليكا جاء والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب وعن جابر عن سليك انه جاء والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب .
    قال وسمعت أحمد قيل له ان رجلا قال عروة ان عائشة قالت: يا رسول الله، وعن عروة عن عائشة سواء. قال :كيف هذا سواء ؟! ليس هذا بسواء.

    قلت: وتأثير الخلاف بين اللفظين انما يتبين في رواية التابعي عن الصحابي مثل ما ذكره أحمد من رواية عروة عن عائشة وان عائشة، ومثله أيضا ما:
    أخبرنا أبو سعد أحمد بن محمد الماليني قال ثنا أبو الحسن محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن عبدة السليطي بنيسابور قال ثنا أبو الفضل جعفر بن محمد بن الحسين بن الترك قال ثنا يحيى بن يحيى قال ثنا سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد عن القاسم عن عائشة قالت: قلت: وارأساه وارأساه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ذاك لو كان وأنا حي فأستغفر لك وأدعو لك . فقالت عائشة : واثكلاه والله اني لاظنك تحب موتي، ولو كان ذلك لظللت آخر يومك معرسا ببعض أزواجك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بل أنا وارأساه، لقد هممت - أو أردت - أن أرسل الى أبي بكر وابنه فأعهد أن يقول القائلون أو يتمنى المتمنون. ثم قال: يأبى الله ويدفع المؤمنون، أو يدفع الله ويأبى المؤمنون .
    وأخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله السراج بنيسابور قال أنا بشر بن أحمد بن بشر الإسفرائيني قال ثنا أبو إسحاق إبراهيم بن علي الذهلي ، وأبو زكريا يحيى بن محمد بن غالب النسوي قالا : ثنا يحيى بن يحيى قال ثنا سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد قال سمعت القاسم بن محمد يقول: قالت عائشة: وارأساه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ذاك لو كان وأنا حي. ثم ساق الحديث مثل ما تقدم سواء الا أن فيه: ثم قلت: يا يأبى الله . وذكر بشر أن الحديث على لفظ إبراهيم بن علي، فلفظ الحديث الأول يوجب لاسناده الإتصال، والثاني يوجب الإرسال .اهــ

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •