ملخص السؤال:
شاب يحب فتاةً لديها إعاقة، لكن والدَه يرفُض الزواج بها، ويريد أن يختارَ له فتاة أفضل، لكن الشاب يرفُض، ويريد أن يتزوجَ مِن هذه الفتاة.
تفاصيل السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.أنا شابٌّ عمري 25 عامًا، تعرفتُ إلى زميلةٍ لي في الدراسة وأعجبَتْني، أعجبني فيها أخلاقُها ودينُها وعقلُها وجمالُها، وعلى توافُق كبير معها في التفكير والطموح، واتفقتُ معها على كلِّ شيء، وبعد انتهاء الدراسة أخبرتُ والدي عن الفتاة، لكنه رفض رفضًا قاطعًا، والسببُ أنَّ الفتاة لديها إعاقة في يدها!أخبرتُه أن هذا ليس ذنبها، ولا يمنعها مِن القيام بمهامِّها على أكمل وجْهٍ، لكنه مُصِرٌّ، حاولتُ أن أقنعَه لكنه رفَض!أنا أُحبُّها، ولا أتخيَّل حياتي بدونها، وهو قرارٌ اتخذتُه وأثق به واستخرتُ الله فيه، وأحسب التوفيق الذي نالني بسبب رغبتي الكبيرة في الزواج أولاً ثم مِن هذه الفتاة.تعبتُ مِن والدي ولا أستطيع أن أقنعَه، حتى تسلَّل إلى قلبي شعورُ الكراهية تجاهه بأنه لا يملك الرحمة ولا يُفكِّر في سعادتي!
فأرجو أن تشيروا عليَّ بالصواب، وأريد رأيكم فضلاً وجزاكم الله خيرًا

الجواب

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:فشكر الله لك أيها الابنُ الكريم رحمتَك بهذه الفتاة، وإصرارك على الزواج منها، فالفتاةُ المعاقةُ كغيرها مِن الفتيات تحلم أن يكونَ لها بيتٌ وأولادٌ وزوجٌ، ولكنها مع الأسف تعيش تحدياتٍ أكثر مِن الرجل المعاق، ففُرَصُه للزواج أكثرُ منها بكثيرٍ، والمجتمعُ يظْلِمُها، وينظُر إليها نظرةً دُونيةً ظالمةً، والكثيرُ منهنَّ مهمَّشات، وإعاقتُها تُقَلِّل فُرَصَها في الزواج، فأغلبُ الرجالِ يريدون الفتاةَ الكاملة، والجميع يتهرَّب مِن مَسؤوليتهنَّ في العمل على توفير حياة كريمة وآمنة لهنَّ ومع زوج ترتضيه.نعم هذا أمرٌ يَتَطَلَّب تضافُر الجهود لنصلَ إلى الهدف المطلوب، ولكن هذا لا يمنع أن تكونَ أنت وأمثالك من الشباب النُّبَلاء ذوي الشهامة والنجدة مَن يسنُّ تلك السنة الحسنة.أمَّا رفْضُ والديك فهذا أمرٌ مُتَوَقَّعٌ، فشدةُ حبِّهما لك تجعلهما دائمًا يبحثان عن الأفضل والأكمل، فضلاً عن مراعاتهما لكلام الناسِ، فاستمِرَّ في إقناعهما، ولا تيئسْ منهما، بل واصِلِ الجهود، واستخدمْ كافة الأساليب الحسنة والطرُق الحكيمة لكَسْب رضاهما وموافقتهما، خاصة إن كانت الفتاةُ ذات خُلُق ودينٍ، وبَيِّن لهما أن مسألةَ الإعاقة ستعتاد عليها مع مرور الزمن كحال جميع الأزواج، فسواء كانت الزوجةُ سليمةً أو مُعاقةً، فالزوجُ يتناغَم معها كلما مرَّت الأيامُ، حتى يشعرَ أنه يعيش مع الرُّوح، وسينسى مسألةَ الإعاقة نهائيًّا.فهل سيكون الوالدان سعيدين إن تزوجتَ بامرأة كاملةٍ وغاية في الجمال، غير أنها دون فتاتك في الخُلُق، أو قبيحة النفس؟ وكيف لو عشتَ معها بدون حبٍّ ولا تفاهُمٍ ولا مودة ولا رحمة، وما أشبه ذلك من الكلام العقلي والواقعي؟فإن أصرَّا على الرفض بعدما استخدمتَ كافَّة الأساليب الحسَنة والطرُق الحكيمة لكَسْب رضاهما، وبيان تعلُّقك بالفتاة وحبِّك لها، فلك أن تتزوَّجها بغير رضاهما، وليس هذا من العقوق؛ لأنه صحَّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لَمْ نَرَ - يُرَ - لِلْمُتَحَابَّي ْنِ مِثْلُ النِّكَاحِ)).وطاعةُ الوالدين وإن كانتْ مِن أوْجب الواجبات بعد الإيمان بالله، إلا أنها ليستْ مُطْلَقَةً، وإنما هي في المعروفِ فقط، وفيما لا ضررَ ولا مشقَّة فيه ولا تعنُّت في استخدام الحق، ومَعلومٌ أنَّ عدمَ زواج الشاب ممن ملكت عليه قلبه غاية في المشقَّة، وفي "الصحيحين" عن عليٍّ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((إنما الطاعةُ في المعروف)).
وأسأل الله أن يُقَدِّر لك الخير حيث كان