قال شيخ الإسلام في جواب الاعتراضات: "وكذلك المتأولون إذا رأيتَ ما يَصرِفون إليه الكلامَ من المعاني، وما يُقدِّرونه لذلك من المباني، وما يَحمِلون عليه أحسنَ الكلام المتشابهِ المثاني = تجدُ من أنواع الهُراء التي هي فوق مطلق الكذب والافتراء، ما يليقُ أن يُقْرَن بحكايات السُّؤَّال، ولو ذكره المَساخِرُ لمن يضحك منه لأخذوا به الأموال، لكن هو عند المؤمن بالله ورسوله مما يُعَدُّ صاحبُه من أهل الافتراء على الله ورسوله. وقد يكون العيبُ لهم والهجاءُ لهم من نوع الجهاد في سبيله، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم حسان بن ثابت أن يهجو المشركين، وقال: «هو أَنْكأُ فيهم من وَخْزِ الإبَر»، وقال: «اهْجُهم وهَاجِهمْ وجبريلُ معك»، وقال: «اللهم أيِّدْهُ بروحِ القُدُسِ»، وقال: «إنّ روحَ القُدُس معك ما دُمتَ تُنافِحُ عن رسول الله». وفيذلك حيث يقول:
فإنَّ أبي ووالدَه وعِرْضِي ... لِعِرْضِ محمدٍ منكم وِقاءُ
وأكثرُ هذه التأويلات المخالفة لمذهب السلف وأهل الحديث تتضمن من عيب كلام الله ورسوله والطعن فيه ما هو من جنس الذين يَلمِزُون النبيَّ من المنافقين، لما فيها من دعوى أن ظاهرَ كلامه إفكٌ ومحالٌ وكفرٌ وضلالٌ، ثم صرفها إلى معانٍ يُعلم أن إرادتها بتلك الألفاظ من الفهاهة والعِيِّ وسبيل أهل الضلال والغَيِّ. فالمدافعةُ عن الله ورسوله من سبيل المؤمنين والمجاهدين، كما قال: «جاهدوا المشركين بألسنتكم وأيديكم وأموالكم»


قال ابن القيم: "كشف عورات هؤلاء وبيان فضائحهم وفساد قواعدهم من أفضل الجهاد في سبيل الله وقد قال النبي لحسان بن ثابت إن روح القدس معك ما دمت تنافح عن رسوله وقال أهجهم أو هاجهم وجبريل معك وقال اللهم أيده بروح القدس ما دام ينافح عن رسولك وقال عن هجائه لهم والذي نفسي بيده لهو أشد فيهم من النبل

وكيف لا يكون بيان ذلك من الجهاد في سبيل الله وأكثر هذه التأويلات المخالفة للسلف الصالح من الصحابة والتابعين وأهل الحديث قاطبة وأئمه الإسلام الذين لهم في الأمة لسان صدق يتضمن من عبث المتكلم بالنصوص وسوء الظن بها من جنس ما تضمنه طعن الذين يلمزون الرسول ودينه وأهل النفاق والإلحاد لما فيه من دعوى أن ظاهر كلامه إفك ومحال وكفر وضلال وتشبيه وتمثيل أو تخييل ثم صرفها إلى معان يعلم أن إرادتها بتلك الألفاظ من نوع الأحاجي والألغاز لا يصدر ممن قصده نصح وبيان فالمدافعة عن كلام الله ورسوله والذب عنه من أفضل الأعمال وأحبها إلى الله وأنفعها للعبد ومن رزقه الله بصيرة نافذة علم سخافة عقول هؤلاء المحرفين وأنهم من أهل الضلال المبين وأنهم إخوان الذين ذمهم الله بأنهم يحرفون الكلم عن مواضعه الذين لا يفقهون ولا يتدبرون القول وشبههم بالحمر المستنفرة تارة وبالحمار الذي يحمل أسفارا تارة ومن قبل التأويلات المفتراة على الله ورسوله التي هي تحريف لكلام الله ورسوله عن مواضعه فهو من جنس الذين قبلوا قرآن مسيلمة المختلق المفترى"