تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: هل يوجد كائنات فضائيّة عاقلة؟

  1. #1

    افتراضي هل يوجد كائنات فضائيّة عاقلة؟


    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أمّا بعد:
    فقد انتشر بين النّاس الحديث في بعض المسائل المسمات بمسائل ما وراء الطبيعة، ومن هذه المسائل مسألة: هل يوجد كائنات فضائيّة عاقلة؟
    وهذه محالة للإجابة على هذا السؤال:

    قال تعالى: {تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلَائِكَة ُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُو نَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (5)} [الشورى: 5] أي: يستغفرون للمؤمنين من البشر والجنّ ممن هو ممكن حصول المعصيّة والخطأ منهم لعدم عصمتهم، فينتفي بهذا وجود مؤمن عاقل غير معصوم يعيش خارج الأرض لأنّ الملائكة ممنوعة من الإستغفار لغير المؤمنين، فخُص إستغفارهم لأهل الأرض ميّتهم وحيّهم دون غيرهم لأنّ المغفرة لا تكون لغيرهم إمّا لعدم إستحقاق كالكفّار أو لعدم الحاجة إليها كالملائكة.
    فإن قيل فماذا لو كانوا ولكن على الكفر، ولذلك لا تستغفر لهم الملائكة؟
    لو كان وجود عاقل كافر من غير الأرض لجاز حصول الفتنة به ولأمرنا الله عزّ وجل بالتعوّذ منه ولما حصر الأمم التي تدخل النار في الإنس والجن، قال تعالى: {قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ (38)} [الأعراف: 38] فحصر الداخلين للنار بالجن والإنس ولو كان غيرهم وجاز حصول الكفر منهم لذكرهم سبحانه في الداخلين لإستحقاقهم العذاب.
    وفي تحدّي الله للإنس والجنّ بأنّ يأتوا بمثل هذا القرآن لبيان عجز غير الله عن الإتيان بمثله دون ذكر غيرهما ممن يصلح منهم التحدّي بيان لعدم وجود غيرهما ولو كان موجودا لتحداه الله مع من تحداهم، وإلا عُدّ التحدّي ناقصًا فلا يأتي بمُراده فيُقال بوجود من هو أهل لذلك، ولم يذكر سبحانه الملائكة لأنّ الملائكة لا يصلح منها تحدٍ لأنّها لا تفعل شيءًا إلا بأمر الله وخُلقت ليستحيل منها وقوع العداوة لله.
    قال تعالى: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (88)} [الإسراء:88]


    وحصر الله عزّ وجل أعداء الأنبياء في الإنس والجنّ لأنّه لا يُتصوّر عداوة من غيرهما إمّا لإيمانه كالملائكة أو لكونه غير عاقل كالحيوان والجماد، قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112)} [الأنعام: 112]

    وهذا كافٍ لنعلم إنتفاء وجود مخلوق عاقل ساكن للسماوات من غير الملائكة، فكيف إذا علمنا مقدار المباينة بين مدّة خلق الله للأرض وتجهيزها وبين مدّة خلقه سبحانه للسماوات، قال جلّ في عُلاه: {قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (9) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ (10) ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (11) فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (12)} [فصلت 9 -12] إضافة إلى تمييز الله للأرض عن السماء وجودا وكيانًا بل وميّز السماء الدّنيا (ما يلى الأرض مُحيطًا بها) عن غيرها من السماوات بالزينة والحفظ.
    والله عزّ وجلّ قد خصّ في ملك الناس بما هو في الأرض دون السماء :{ هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (29) } [البقرة 29] أي أنّ ما في الأرض خُلق جميعه لكم لا غيره.

    بل وجعل الله الأرض مستقرا ومتاعا للإنس والجن دون غيرها كما في قوله عزّ وجلّ: { فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (36) } [البقرة 36] ولو صح وجود مكان غيرها يصلح أن يكون مستقرا ومتاعا للإنس والجن لذكره الله عزّ وجلّ، وبخاصة الجن الذين علمنا ذهابهم في السماء عميقا واتخذوا مقاعد للسمع فيها، فإن لم يصلح للجن مستقرٌ غير الأرض مع مالهم من قدرات لن يصلح لمن هو دونهم قوّة. ويؤكد ذلك أيضا قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (168) } [البقرة 168] فأمر بالأكل مما في الأرض دون غيرها.

    بل إنّ التمييز بين السماوات والأرض عند التكوين دليل إخصاص الأرض بأوصاف قد خلت في السماوات، { أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَ ا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ (30) } [الأنبياء 30] وذكر الماء والحياة هنا صفة تمييزيّة للأرض دون السماء، ودليل التميّز هو شمول الكلام لكل حيّ، فإن قلت لكل حيّ في السماوات والأرض لزم دخول الملائكة في هذا الشمول، وقد علمنا عدم حاجة الملائكة للماء والغذاء، فلزم التخصيص هنا فيصبح معنى الكلام هو "كلّ شيء حيّ في الأرض".
    وقد منّ الله عزّ وجلّ النّاس بأن جعل لهم الأرض فراشا وجعل السماء بناءً { الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (22) } [البقرة 22] فالسماء بالنسبة للناس متاع مكمّل لمتاع الأرض لا يصلح الاستمتاع به اكتفاءً.
    وحصر الله التكليف بالعبادة في الثقلين دون غيرهما: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)}[الذاريات 56]
    وأرسل سُبحانه خير خلقه عليه الصلاة والسلام ليكون رحمة للعالمين، فنال من رحمته الإنس والجن دون غيرهما ممن يَحسُن منه تفكير، فلم يُعلم عنه عليه الصلاة والسلام دعوة لغير هذين الجنسين.

    فإذا إتضح أنّ في الأمر مُباينة في التكوين والخلق بين المواطن، وحصر للاستقرار والاستمتاع والدعوة والإنذار وحصرٌ للغاية من الخلق والتكليف، وحصر لموطن الإستغفار والرسالة، تبيّن عدم وجود ما يسمى بالمخلوقات الفضائية العاقلة.

    أما استدلال البعض بما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: { اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ } [الطَّلَاق 12]. قال: "سبع أرضين في كل أرض نبي كنبيكم، وآدم كآدم، ونوح كنوح، وإبراهيم كإبراهيم، وعيسى كعيسى." فلا حجّة فيه، فمن صحّح اسناده حكم بشذوذ متنه، وإن كان الأرجح ضعف الإسناد، قال العلامة المعلمي اليماني: "ليس سنده صحيحا، لأنه من طريق شريك عن عطاء بن السائب عن أبي الضحى عن ابن عباس، وشريك يخطئ كثيراً ويدلس، وعطاء بن السائب اختلط قبل موته بمدة، وسماع شريك منه بعد الاختلاط". (الأنوار الكاشفة ص 127).
    بل هو مخالف لظاهر القرآن، قال عزّ وجلّ: { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (28) } [سبأ 28] فكيف يكون النبيّ صلى الله عليه وسلّم مرسلا لكافة النّاس ويوجد غيرهم في غير هذه الأرض؟

    وأما استدلالهم بوجود سبعة أراضين، فلا يعني أيضا وجود كائنات عاقلة في باقي الأراضين، على أنّ القول بأنّ الأراضين السبع مشابهة لأرضنا فيه خلاف، والظاهر والله أعلم أنّه ليس المقصود بـ"وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ" وجود سبع أراض مثل الأرض عامة، بل وجود سبع أراض تنتمي إلى الأرض، فـ "من" هي للتبعيض لا غير، ولذلك لم يقل "وسبع أراضين"، فغاير الأسلوب للدلالة على مغايرة المقصود، فالأولى سبع في العدد والثانية سبع في القسائم، فكل أرض قسيمة ستة أخرى لتشكلّ في مجموعها أرضنا.
    أما الاستشهاد بورود آلاف المشاهدات والشهادات فلا دليل فيه، فقد خلت الأزمان من غير زماننا من مثل هذه المشاهدات، وكمفال على ذلك فمع عظم تراثنا الإسلامي فلا أعلم أحدا أثبت رؤيةً أوشهادةً.
    والقول بوجود هذه الكائنات تأصيل ماسوني، لما يسمى بأسطورة الأنوناكي، ونظريّة التطوّر، ولعلي أتحدّث عن هذا في غير هذا الموضع.

    والله أعلم.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2013
    المشاركات
    153

    افتراضي

    (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُم ْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً)
    هذه الآية الكريمة تحيرني، لماذا لم يقل تعالى وفضلهم على العالمين؟ هل يوجد كائنات أخرى مفضلة؟؟؟؟؟

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,757

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هناء الشنواني مشاهدة المشاركة
    (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُم ْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً)
    هذه الآية الكريمة تحيرني، لماذا لم يقل تعالى وفضلهم على العالمين؟ هل يوجد كائنات أخرى مفضلة؟؟؟؟؟
    نفع الله بكم .
    جوابا عن سؤالكم أو تحيركم ، اختلف المفسرون في أيهم أفضل الإنسان أم الملائكة ؟
    قال الحافظ ابن كثير في تفسيره 5 / 97 :
    { وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُم ْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلا (70) } .
    يخبر تعالى عن تشريفه لبني آدم، وتكريمه إياهم، في خلقه لهم على أحسن الهيئات وأكملها (4) كما قال: { لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ } [ التين: 4 ] أي: يمشي قائمًا منتصبًا على رجليه، ويأكل بيديه -وغيره من الحيوانات يمشي على أربع ويأكل بفمه - وجعل له سمعًا وبصرًا وفؤادًا، يفقه بذلك كله وينتفع به، ويفرق بين الأشياء، ويعرف منافعها وخواصها ومضارها في الأمور الدنيوية والدينية.
    { وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ } أي: على الدواب من الأنعام والخيل والبغال، وفي "البحر" أيضًا على السفن الكبار والصغار.
    { وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ } أي: من زروع وثمار، ولحوم وألبان، من سائر أنواع الطعوم والألوان، المشتهاة اللذيذة، والمناظر الحسنة، والملابس الرفيعة من سائر الأنواع، على اختلاف أصنافها وألوانها وأشكالها، مما يصنعونه لأنفسهم، ويجلبه إليهم غيرهم من أقطار الأقاليم والنواحي.
    { وَفَضَّلْنَاهُم ْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلا } أي: من سائر الحيوانات وأصناف المخلوقات.
    وقد استُدل بهذه الآية على أفضلية جنس البشر على جنس الملائكة، قال عبد الرزاق: أخبرنا مَعْمَر، عن زيد بن أسلم قال: قالت الملائكة: يا ربنا، إنك أعطيت بني آدم الدنيا، يأكلون منها ويتنعمون، ولم تعطنا ذلك فأعطناه في الآخرة. فقال الله: "وعزتي وجلالي لا أجعل صالح ذرية من خلقت بيدي، كمن قلت له: كن فكان" .
    وهذا الحديث مرسل من هذا الوجه، وقد روي من وجه آخر متصلا.... اهــ

    وقال الرازي في تفسيره مفاتيح الغيب 21 / 13 :
    البحث الثاني:
    أنه تعالى لم يقل وفضلناهم على الكل، بل قال: ( وَفَضَّلْنَاهُم ْ عَلَى كَثِيرٍ مّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً ) فهذا يدل على أنه حصل في مخلوقات الله تعالى شيء لا يكون الإنسان مفضلاً عليه وكل من أثبت هذا القسم قال: إنه هو الملائكة فلزم القول بأن الإنسان ليس أفضل من الملائكة بل الملك أفضل من الإنسان وهذا القول مذهب ابن عباس واختيار الزجاج على ما رواه الواحدي في البسيط واعلم أن هذا الكلام مشتمل على بحثين :البحث الأول: أن الأنبياء عليهم السلام أفضل أم الملائكة؟
    وقد سبق ذكر هذه المسألة بالاستقصاء في سورة البقرة في تفسير قوله تعالى: ( وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَة ِ اسْجُدُواْ لاِدَمَ ) ( البقرة 34 )
    والبحث الثاني: أن عوام الملائكة وعوام المؤمنين أيهما أفضل ؟
    منهم من قال بتفضيل المؤمنين على الملائكة واحتجوا عليه بما روي عن زيد بن أسلم أنه قال: قالت الملائكة ربنا إنك أعطيت بني آدم الدنيا يأكلون فيها ويتنعمون ولم تعطنا ذلك فأعطنا ذاك في الآخرة فقال وعزتي وجلالي لا أجعل ذرية من خلقت بيدي كما قلت له كُنَّ فكان.
    وقال أبو هريرة رضي الله عنه: المؤمن أكرم على الله من الملائكة الذين عنده.
    هكذا أورده الواحدي في ( البسيط )
    وأما القائلون بأن الملك أفضل من البشر على الإطلاق فقد عولوا على هذه الآية وهو في الحقيقة تمسك بدليل الخطاب؛ لأن تقرير الدليل أن يقال: إن تخصيص الكثير بالذكر يدل على أن الحال في القليل بالضد وذلك تمسك بدليل الخطاب، والله أعلم ..اهــ

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    المشاركات
    454

    افتراضي

    بسم الله وبعد :
    هذا جزء من بحث :
    الدليل ...:
    قال تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍوَمِن َ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُواأَن َّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّشَيْءٍ عِلْمًا (12)} [الطلاق]،
    والمعنى: أنه تبارك وتعالى خلقَ من الأرضِ مثل ما خلق منالسماوات في العددِ، وهن سبع سماوات، والأرضين مثلهن سبع أرضين، وقد اختلف السلففي المراد من الأرضين السبع على أقوال: .....

    القول الثالث: وذهب جماهير السلف والخلف إلى أنهن سبعأرضين منفصلة بعضهن عن بعض، في كلّ أرض مخلوقاتٌ من خلق الله تعالى، فكما توجد سبعسماوات متطابقات متعاليات، فكذلك مثلهن سبع أرضين متطابقات متسافلات، بين كل أرضوأرض مسافات كبيرة جدا، ثم اختلفوا في تحديد تلك المسافات كما سيأتي: ....
    وعليه فتكون المثلية هنا في العدد، كما قال الشيخ ابنعثيمين:" أي مثلهن في العدد لا في الصفة، لأن التماثل في الصفة بين الأرضوالسماء بعيد جداً، لكن مثلهن في العدد، وصرحت بذلك السنة"،
    وقال القرطبي في المفهم :"لأن الكيفية والصفةمختلفة بالمشاهدة والأخبار، فتعيَّن العدد "، ....
    وقال الإمام الطبري في تفسير الآية: "يقول: وخلق منالأرض مثلهنّ لما في كلّ واحدة منهنّ مثل ما في السموات من الخلق"، وقال ابنكثير في البداية (1/ 21):"والظاهر أن بين كل واحدة منهن وبين الأخرى مسافةلظاهر الآية "، وقال ابن كثير في التفسير:" من حمل ذلك على سبعة أقاليمفقد أبعد النَّجْعَة، وأغرق في النزع، وخالف القرآن والحديث بلا مستند، وقد تقدمفي سورة الحديد عند قوله: {هُوَ الأوَّلُ والآخِرُ والظَّاهِرُ والْبَاطِنُ}[الآية: 3] ذكر الأرضين السبع، وبعد ما بينهن وكثافة كل واحدة منهن خمسمائة عاموهكذا قال ابن مسعود وغيره"،
    وقال ابن طاهر في البدء والتاريخ (2/ 41) والحموي فيمعجم البلدان:" روي في بعض الأخبار أن بعضها فوق بعض غلظ كل أرض مسيرة خمسمائة عام وما بين أرض وأرض مسيرة خمس مائة عام وحتى عد بعضهم لكل أرض أهلاً علىصفة وهيئة عجيبة وسمى كل أرض باسم خاص كما سما كل سماء باسم خاص وزعم بعضهم أن فيالأرض الرابعة حيات أهل النار وفي الأرض السادسة حجار أهل النار "،
    وقال الإمام القرطبي في الأحكام: هذا القول أصحُّ لأنَّالأخبارَ دالةٌ عليهِ"،
    وقال أبو السعود في إرشاد العقل السليم:" وذهبالجمهورُ على أنها سبعُ أرضينَ طباقاً بعضُها فوقَ بعضٍ بين كلِّ أرضٍ وأرضٍمسافةٌ كما بينَ السماءِ والأرضِ وفي كلِّ أرضٍ سكانٌ من خلقِ الله تعالَى"،ومما يؤكد أن هذا العدد له مفهوم الحصر ما رواه ابن فضيل .....كان من حجج الجمهور ما يلي:
    الأثر الأول: خرجه عبد الرزاق في التفسير عن معمر عنقتادة في قوله تعالى: {خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن} قال: «في كل سماء، وفي كلأرض خلق من خلقه، وأمر من أمره وقضاء من قضائه تبارك وتعالى».....
    لدليل الثاني: قال البيهقي في الأسماء والصفات (2/ 370):أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أنا أحمد بن يعقوب الثقفي ثنا عبيد بن غنام النخعي ناعلي بن حكيم ثنا شريك عن عطاء بن السائب عن أبي الضحى عن ابن عباس رضي الله عنهماأنه قال: (الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن) قال: سبع أرضين في كل أرضنبي كنبيكم، وآدم كآدم، ونوح كنوح، وإبراهيم كإبراهيم، وعيسى كعيسى"،
    وقد حكم عليه البيهقي بالصحة مع الشذوذ ولم يبين سببذلك إلا أن يكون غرابة هذا المتن .
    وقد قال الخلال في علله (125) أخبرني أحمد بن أصرمالمزني أن أبا عبد الله سئل عن حديث شريك عن عطاء بن السائب عن أبي الضحى عن ابنعباس في قوله تعالى: {ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن} قال:"بينهن نبيكنبيكم، ونوح كنوحكم، وآدم كآدمكم"، قال أبو عبد الله: هذا رواه شعبة عن عمروبن مرة عن أبي الضحى عن ابن عباس لا يذكر هذا، إنما يقول:"يتنزل العلم والأمربينهن"، وعطاء بن السائب اختلط، وأنكر أبو عبد الله الحديث"،
    نعم أنكر أحمد طريق عطاء لاختلاطه، لكنه قد توبع، وأماقوله عن رواية شعبة بأنها بذلك اللفظ، فهذا فيما وقع لديه من طريق شعبة ...
    وقد وقع لغيره متن حديث شعبة مثل متن حديث عطاءٍ سواءًاكما في:الدليل الثالث: قال ابن جرير الطبري في تفسير الآية:حدثنا عمرو بن علي ومحمد بن المثنى قالا حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن عمرو بنمُرَّة عن أبي الضُّحى عن ابن عباس في هذه الآية {اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَسَمَاوَات ٍ وَمِنَ الأرْضِ مِثْلَهُنّ} قال عمرو: قال:" في كل أرض مثلإبراهيم ونحو ما على الأرض من الخلق"، وقال ابن المثنى:" في كلّ سماءإبراهيم"، توبع محمد بن جعفر:فخرج أبو عبد الله الحاكم في مستدركه (2/ 535) ومن طريقهالبيهقيّ في الصفات (2/ 371) قال وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ أنا عبد الرحمن بنالحسن القاضي ثنا إبراهيم بن الحسين ثنا آدم بن أبي إياس ثنا شعبة عن عمرو بن مرةعن أبي الضحى عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله عز وجل: (الله الذي خلق سبعسماوات ومن الأرض مثلهن) قال: في كل أرض نحو إبراهيم عليه السلام"، قالالبيهقي:" إسناد هذا عن ابن عباس رضي الله عنهما صحيح، وهو شاذ بمرة، لا أعلملأبي الضحى عليه متابعا والله أعلم"، لكن لا يضر هذا التفرد، لأن الحديث صحيحمسلسل بالأئمة الثقات الأثبات، كيف وللحديث متابعات كثيرة جدا تدفع هذه الدعوى،
    ولئن كان البيهقي يقصد بالشذوذ مخالفة الثقة لمن هو أولىمنه، فلا يوجد ههنا أحدٌ أبدا قد خالفه أحد هؤلاء الثقات، لا أبو الضحى ولا غيره،ولئن رده بسبب الغرابة والتفرد فليس هذا مما يرد به أهل السنة، لأنهم يقبلون أحديثالثقات الآحاد في العقيدة وفي غيرها، لذلك قال الحاكم عن الحديث الأول:" هذاحديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه ووافقه الذهبي"، وقال عن الثاني:" هذاحديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي"، وقال ابن حجر في فتحالباري 293/ 6):" إسناده صحيح"، ومع ذلك فلم يتفرد به أبو الضحى علىثقته وجلالته، ولئن رده رادون بسبب شدة غرابته وعجيب أمره وأنه قد يكون من الإسرائيليات،فه ذا يرده نسبةُ ابن عباس للكفرِ إلى كل من خالف هذا الحديث، ويستحيل أن ينسبَصحابيٌّ شيئا إلى الكفر من عند نفسه، فضلا من أن يكون من عند اليهود كما في:
    الدليل الرابع: قال ابن جرير الطبري في تفسير الآية:حدثنا عمرو بن علي حدثنا وَكِيع حدثنا الأعمش عن إبراهيم بن مُهَاجِر عن مجاهد عنابن عباس في قوله: {سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأرْضِ مِثْلَهُنَّ} قال:" لوحدثتكم بتفسيرها لكفرتم وكفركم تكذيبكم بها"، تابعه ابن نمير وغيره عن وكيع،...الخطاب بن جعفر بن أبي المغيرة عن أبيه عن سعيد بن جبيرعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رجلا أتاه فسأله عن هذه الآية: (الله الذي خلق سبعسموات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن)، يسأله ثلاث مرات، فلم يرد عليه شيئا،حتى إذا خف عنه الناس، قال له الرجل: ما يمنعك أن تجيبني؟ قال: ما يؤمنك إن أخبرتكأن تكفر؟ قال: أخبرني، قال: «سماء تحت أرض، وأرض فوق سماء، مطويات بعضها فوق بعض،يدور الأمر بينهن، كما يدور هذا الجردناب الذي يدور بالغزل عليه»، توبع عليه عامربن إبراهيم أيضا:
    فقال أبو الشيخ في طبقاته من ترجمة خطاب: ثنا محمد بنيحيى ثني عبد الله ثنا الحسين ثنا خطاب عن أبيه عن سعيد بن جبير قال: جاء رجل إلىابن عباس، فسأله عن قول الله: (الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن) ما هو؟فسكت عنه ابن عباس حتى إذا وقف الناس، قال له الرجل: ما يمنعك أن تجيبني؟ قال:«وما يؤمنك أن لو أخبرتك أن تكفر؟» قال: فأخبرني فأخبره قال «سماء تحت أرض، وأرضفوق سماء، مطويات بعضها فوق بعض، يدور الأمر بينهن، كما يدور بهذا الكردنا الذيعليه الغزل»....
    وقال إمام التابعين ورأس أصحاب ابن عباس : مجاهد : «إنهذا الحرم حرم ما حذاءه من السموات السبع والأرضين السبع، وإن هذا البيت رابعأربعة عشر بيتا، في كل سماء بيت، وفي كل أرض بيت، ولو وقعن وقع بعضهن على بعض»،
    وأعلم يقينا بأنه سيأتي من يتعجب من هذا! وقد ينكره أويُكَذّب به لغرابته، لكن قد صح من طريق مجاهد عن ابن عباس أنه قال:" لوحدثتكم بتفسير هذه الآية لكفرتم، وكفركم تكذيبكم بها"، ومن المحال أن يرميابن عباس بالتكفير لشيء ليس له حكم الرفع!.وهذا الحديث وأمثاله يُثْبِتُ وجودَ مخلوقات أخرى فيكواكب الأرض الأخرى، وأن رسالة الأنبياء تأتهيها، أن رسالة محمد عليه السلام قدبلغتها،
    وأغلب ظني أن تلك المخلوقات هي من الإنس ومن بني آدم،لأن آدم عليه السلام كان في جنّة الدنيا وهي في أحد كواكب الأرض السبعة تلك ثمأُهبط منها،

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •