ملخص السؤال:
فتاة وقعت في كبيرة الزنا مع أحد مدرسيها، وندِمَتْ على ما حدَث، ووعَدَها هذا المدرسُ بالزواج، لكنه ملحدٌ وهي مُسلمة، وتقول: إنه يحترم دينها كثيرًا، وتسأل: ما نصيحتكم لي؟
تفاصيل السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.أنا فتاة عمري 18 عامًا، كانتْ بيني وبين أستاذي علاقةُ حبٍّ، ووَقَعَتْ للأسف بيننا علاقةٌ جنسية، وفَقَدْتُ عُذريتي، وكانتْ أول مرة أقيمُ فيها علاقة جنسيةً مع رجلٍ، وندمتُ كثيرًا على ما حدَث.هذا المدرسُ مُلحدٌ وأنا مسلمة، لكنه يَحترِم ديننا، وهذا لن يُسببَ لي مشكلةً ما دام يَحترم ديني (!!)اتفقنا على الزواج بسبب فقْدِي لعُذريتي؛ لأنني لن أستطيعَ أن أتزوَّجَ مِن أيِّ أحدٍ آخر بسببه، ندمتُ كثيرًا وضميري يُؤنبني على ما فعلتُ.
فما نصيحتكم لي؟

الجواب

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:فما يَجب عليك فِعلُه الآن وبدون تردُّدٍ أو تأخُّرٍ هو قَطْعُ أي علاقةٍ باقية مع ذلك الرجل، واحذري أن تتمادَي فيُحال بينك وبين التوبة، واحمدي الله الذي منَّ عليك بما تَشعرينَ به مِن ندَمٍ وحُرقة قلب على وُقوعك في تلك الكبيرة؛ فالندمُ توبةٌ كما أخبر الصادقُ المصدوقُ صلى الله عليه وسلم؛ فيما رواه أحمدُ في مُسندِه، وروى الطبرانيُّ: ((الندَم توبةٌ، والتائبُ مِن الذنب كمَن لا ذنب له))، فابتعدي عن هذا الرجل حتى لا تقَعي في تلك الفاحشةِ العظيمةِ، والخطيئة الكبيرة مرةً ثانيةً؛ قال الله تعالى: ﴿ وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا ﴾ [الإسراء: 32]، "يقول الله تعالى ناهيًا عباده عن الزنا وعن مُقاربته، ومخالطة أسبابه ودواعيه ﴿وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً ﴾؛ أي: ذنبًا عظيمًا، ﴿ وَسَاءَ سَبِيلًا ﴾؛ أي: وبئس طريقًا ومَسلكًا؛ قاله الحافظ ابن كثير.كما يَجب عليك التوبةُ النَّصوح مِن التفكير في الزواج مِن هذا المُلْحِد، فحتى لو تَمَّ الزواجُ بشروطه مِن وَلِيٍّ وشاهدي عدلٍ ومهرٍ فهو باطلٌ؛ قال الله تعالى: ﴿ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴾ [البقرة: 221]، والمُلْحِدُ أسوأُ حالًا مِن المُشرِك.وقال تعالى: ﴿ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنّ َ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ﴾ [الممتحنة: 10]، فالتكريرُ في الآية للتأكيدِ، والمُبالَغَةِ بالحرمة، وقَطْع العلاقة بين المؤمنةِ والكافر.وقد انعقد إجماعُ الأمة على أنَّ زواج الكافر بالمسلمة باطل لا يَنعقد أصلًا؛ لمُخالَفَتِه صريح القرآن الكريم؛ وقد حكى الإجماعَ ابنُ المُنذِر، وابن عبدالبر، وابن قُدامة، وغيرهم.بل إنَّ استحلال ذلك النكاح ردَّةٌ عن الإسلام، لإجماع العلماء على كُفرِ مَن لَم يعتقدْ تحريمَ المحرَّمات، والإقدام على الزواج مِن مُلحدٍ يلزم منه عدم اعتقاد تحريم ذلك، وهو كُفرٌ مُجردٌ؛ ولهذا المعنى أمَر النبي صلى الله عليه وسلم بقَتْلِ مَن تزوَّج زَوجة أبيه وتخميس ماله؛ كما قال البراءُ: "لَقِيَني عمي ومعه الراية، فقلت: أين تريد؟ فقال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل تزوَّجَ امرأة أبيه، فأَمَرَني أن أقتُلَه"؛ رواه أحمدُ، والترمذيُّ وحسنه، والنسائي في السُّنن الكبرى، وابن ماجه، وصححه الألبانيُّ في "الإرواء" (2351).فاحْذَري من التفكير في الارتباط بذلك الشخص، وأقبِلي على اللهِ تعالى بالتوبة الصادقةِ، واصدقي الالتجاء إليه سبحانه بالدعاء في أوقات الإجابةِ، واستقيمي على طاعته، والعمل بمقتضى كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، مُستعينة بالله تعالى، ثم بصُحبة أهل الخير الذين يَدُلُّونك على طاعة الله تعالى، ويرغبونك فيها، وكوني حذرةً مِن خطرات النفس والهوى، وإغواء الشيطان، وابتَعِدي عن قُرَناء السوء المنحرفين عن سبيل الهدى، واشغلي وقتك بتدبر القرآن الكريم، وحِفْظ ما تَيَسَّرَ منه، وتعلَّمي أمور دينك.وضَعي نصب عينيك توفيق الله لك بالتوبة، فافرحي بها، وحافظي عليها، وكوني على خوفٍ من زوالها أو عقوبة نكثها، وأكثري مِن الدعاء المأثور: اللهم اغفرْ ذنبي، وطَهِّرْ قلبي، وحَصِّنْ فَرْجي، اللهم إني أعوذ بك مِن شرِّ سَمعي، ومِن شرِّ بصَري، ومِن شرِّ لساني، ومِن شرِّ قلبي، ومِن شرِّ مَنِيِّي.ولمعرفة بقية استفساراتك راجعي على موقعنا الاستشارات الآتية:وقعتُ في الزنا وسأتزوج قريبًا.شُؤم الزنا.
هل أُخبِره أني كنتُ متزوجة عرفيًّا؟
والله أسأل أن يُلهمك رشدك، وأن يُعيذك مِن شرِّ نفسك ومِن شرِّ الشيطانِ وشركه


http://www.alukah.net/fatawa_counsels/0/99506/