المعنى الخاص والعام لحروف الجر
المعنى المزدوج لحروف الجر
تمايز معنى التراكيب في إطار الصيغة
تقوم اللغة على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، والإنسان يتحدث بمستويات متعددة وبلغات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس ليكون بعيدا عن اللبس والتناقض وهو غاية كل لغة من لغات العالم ، كما هو الحال في هذه التراكيب التي تتمايز من حيث المعنى في إطار الصيغة نظرا لتغير منزلة المعنى بين أجزاء التراكيب: نــقول: خرج محمدٌ بزيد - معنى الملاصقة . ونقول:خرج محمد بزيد - معنى التعدية والملاصقة . ونقول:خرج محمدٌ بالقطار- معنى الاستعانة والملاصقة . ونقول:خرج محمدٌ باليمين - بمعنى "عن" والملاصقة . ونقول:خرج محمد بالغَداة - معنى المعية والملاصقة . ونقول:خرج محمد بالصحراء-معنى انتهاء الغاية والملاصقة ونقول:خرج محمد بالسَّحَر- معنى الظرفية والملاصقة . ونقول:خرج محمد بدينار - معنى المقابلة والملاصقة . ونقول:خرج محمد بالذَّنب - معنى السببية والملاصقة . ونقول:خرج محمد بالجَبل - معنى الاستعلاء والملاصقة . ومن هذه التراكيب نستنتج كذلك أن معنى الملاصقة لا يفارق الباء تقريبا ، وأن ظرفية "الباء" تختلف عن ظرفية "في" مثلا لزيادة معنى الملاصقة فيها ، وكذلك غائية الباء ومعيتها ، واستعلاؤها ،...........إلخ ، فهي تفيد معاً المعنى الخاص والمعنى العام الذي قد تشترك فيه مع غيرها من حروف الجر ، وهو "معنى مزدوج" ، ومن هنا فإن لكل حرف جر معنى لا يماثله فيه غيره . نــقول: أقام في عمَّان . ونقول: أقام بــعمَّان . "في" تفيد الظرفية و"الباء" تفيد الظرفية والملاصقة معا ،فقد أقام في عمَّان والتصق بها ولا يتركها ، فقد أقام فيها وبها ، فهي تحتويه ويلتصق بها ، ونقول لأحدهم :أين أنت ؟ ولماذا لا نراك ؟ فيقول: أنا بالبيت ،لا أذهبُ ولا أجيءُ ،ونقول بالعاميَّة "أنا بالبيت ،لا بَروحْ ولا باجي " فهو مقيم في البيت وملتصق به ، وقال :"ولأصَلِّبنَّ م في جذوع النَّخل " فحرف الجر "في" يفيد الظرفية والاستعلاء معا ، فالمصلوبُ مصلوبٌ على جذع النخل وحالٌّ فيه ،لتمكنه من الجذع ،فهو عليه وحالٌّ فيه ، ومما يدل على ذلك السياق اللغوي الذي قاله فرعون عندما كان غاضبا ، عندما آمن أتباعه دون إذنه ، حيث قال :" قال آمنتم له قبل أن آذن لكم إنه لكبيركم الذي علمكم السِّحر فلأُقطِّعَنَّ أيدِيَكم وأرجلَكم من خلاف ولأُصلِّبنَّكم في جذوع النخل ولتعلمن أيُّنا أشدُّ عذابا وأبقى " فقد شدَّد الفعل "فلأقطعن" ثم لاحظ معي حالة التقطيع وهي قطع اليد اليمنى والرجل اليسرى أو العكس،من أجل شدة الإيذاء، ثم لاحظ معي اختياره لجذوع النخل لخشونتها وإيذائها، فالصَّلب سيكون على جذوع النخل الخشنه وفيها،فالمصلوب عليها وحالٌ فيها من أجل الإيذاء الشديد .
وبهذا يتضح أن اللغة تقوم على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، وأن الإنسان يتحدث بمستويات متعددة وبلغات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس ، وأن الإنسان يتحدث بحسب الأهمية المعنوية في الأصل وفي العدول عن الأصل ،وأن منزلة المعنى هي الضابط والمعيار في تمايز معنى وإعراب و نظم التراكيب ، وباختصار:الإنسا يتحدث تحت رعاية الأهمية المعنوية وعلامات أمن اللبس، ويكفي المتكلم أن يقول كلاما مفهوما بعيدا عن اللبس والتناقض .