سلسلة سبيل المؤمنين وسبل الشياطين

منهجي

وَمَنْ أَحَالَكَ عَلَى غَيْرِ «أَخْبَرَنَا» وَ«حَدَّثَنا» فَقَدْ أَحَالَكَ: إِمَّا عَلَى خَيَالٍ

صُوفِيٍّ أَوْ قِيَاسٍ فَلْسَفِيٍّ، أَوْ رَأْيٍ نَفْسِيٍّ، فَلَيْسَ بَعْدَ القُرْآنِ وَ«أَخْبَرَنَا»

وَ«حَدَّثَنَا» إِلاَّ شُبُهَاتُ المُتَكَلِّمِين َ، وَآرَاءُ المُنْحَرِفِينَ وَخَيَالاَتُ المُتَصَوِّفِين َ

وَقِيَاسُ المُتَفَلْسِفِي نَ، وَمَنْ فَارَقَ الدَّلِيلَ ضَلَََّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ» انتهى

ففهم الكتاب والسنة يكون بفهم سلف الأمة

المقال الخامس
ضوابط تبديع المعين

هل يشترط في المبتدع سوء القصد؟

قال البربهاري :(واعلم أن الخروج من الطريق على وجهين؛ أما أحدهما: فرجل زل عن الطريق، وهو لا يريد إلا الخير، فلا يقتدى بزلته،فٱنه هالك)


فحكم بهلاكه رغم اقراره بأنه يريد الحق.


عن عمرو بن سلمة : (كنا نجلس على باب عبد الله بن مسعود قبل الغداة ، فإذا خرج مشينا معه إلى المسجد ، فجاءنا أبو موسى الأشعري، فقال أَخَرَجَ إليكم أبو عبد الرحمن بعد ؟ قلنا : لا . فجلس معنا حتى خرج ، فلما خرج قمنا إليه جميعًا ، فقال له أبو موسى : يا أبا عبد الرحمن ، إني رأيت في المسجد آنفًا أمرًا أنكرته ، ولم أر - والحمد لله - إلا خيرًا. قال : فما هو ؟ فقال : إن عشت فستراه. قال : رأيت في المسجد قومًا حِلَقًا جلوسًا ينتظرون الصلاة ، في كل حلقة رجل ، وفي أيديهم حَصَى ، فيقول : كبروا مائة ، فيكبرون مائة ، فيقول : هللوا مائة ، فيهللون مائة ، ويقول : سبحوا مائة ، فيسبحون مائة .قال : فماذا قلت لهم ؟ قال : ما قلت لهم شيئًا انتظار رأيك وانتظار أمرك .قال : أفلا أمرتهم أن يعدوا سيئاتهم ، وضمنت لهم أن لا يضيع من حسناتهم شيء ؟ ثم مضى ومضينا معه ، حتى أتى حلقة من تلك الحلق ، فوقف عليهم ، فقال : ما هذا الذي أراكم تصنعون ؟ قالوا : يا أبا عبد الرحمن ، حَصَى نعد به التكبير والتهليل والتسبيح .قال : فعدّوا سيئاتكم ، فأنا ضامن أن لا يضيع من حسناتكم شيء . ويحكم يا أمة محمد، ما أسرع هلكتكم ! هؤلاء صحابة نبيكم صلى الله عليه وسلم متوافرون ، وهذه ثيابه لم تبل ، وآنيته لم تكسر ، والذي نفسي بيده، إنكم لعلى ملَّة أهدى من ملَّة محمد ، أو مفتتحوا باب ضلالة. قالوا : والله يا أبا عبد الرحمن ، ما أردنا إلا الخير . قال : وكم من مريد للخير لن يصيبه .إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حدثنا أن قومًا يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم. وأيم الله ما أدري ، لعل أكثرهم منكم ، ثم تولى عنهم . فقال عمرو بن سلمة : رأينا عامة أولئك الحلق يطاعنونا يوم النهروان مع الخوارج.) {أخرجه الدارمي وصححه الألباني، انظر السلسلة الصحيحة 5-12}


ما معنى كم من مريد للخير لم يدركه ؟أن المبتدع ليس شرطا فيه إن يكون سيئ القصد بل ممكن أن يكون حسن القصد وهذا يدخل في باب النيات والبدعة تدخل في باب الاتباع والعمل المقبول يلزمه حسن نية وحسن قصد ويلزمه أيضا اتباع فإن تخلف الاتباع هو الابتداع وخلط باب النيات بباب الاتباع من اللبس وسوء الفهم فالخوارج مثلا معظمين للكتاب والسنة جدا وعندهم خوف شديد من الله فتأولوا فابتدعوا فالسنة ليست تقديم الكتاب والسنة على العقل وإنما السنة تقديم الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة على العقل وغيره




وقد شهد الرسول للخوارج بحسن القصد وكان ضلالهم بعدم الأخذ بفهم الصحابة في تفسير النصوص(يقرؤون القرآن يحسبون أنه لهم وهو عليهم) وغالب الفرق الضالة هكذا نسأله سبحانه العصمة بمنته ورحمته وفضله.


هل العذر بالجهل من موانع تعيين المبتدع؟

عن العرباض بن سارية قال: وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب، فقلنا يا رسول الله إن هذه لموعظة مودع فماذا تعهد إلينا؟ قال: " قد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك، من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ، وعليكم بالطاعة وإن عبدا حبشيا، فإنما المؤمن كالجمل الأنف حيثما قيد انقاد." صحيح.


وهنا أخبرنا رسولنا أنه تركنا على بيضاء نقية واضحة بينة ليلها كنهارها أوضح من نور الشمس وسط الظهيرة فقد أقام علينا الحجة فمن ضل وجهل فلاعذر فقد قصر في الطلب ومنع التوفيق
فالحديث عام لايزيغ إلا هالك


قال رسول الله (من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا )أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي قوله: أو من سن سنة سيئة كذلك ورد حديث أخرجه مسلم عن جرير بن عبد الله البجلي، وهو حديث طويل وفيه قال رسول الله(من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شيئا، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من غير أن ينقص من أوزارهم شيئا)فلم يعذر التابعين المقلدين قال الله تعالى: {ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا سآء ما يزرون} قال مجاهد: حملهم ذنوب أنفسهم وذنوب من أطاعهم ولا يخفف ذلك عمن أطاعهم شيئا.
رغم أنهم كانوا على غير علم كما دلت الآية.

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (لا عذر لأحد في ضلالة ركبها حسبها هدى، ولا في هدى تركه حسبه ضلالة، فقد بينت الأمور، وثبتت الحجة، وانقطع العذر )


لاعذر لأحد جاهل أو متأول فالحجة ثابتة بينه ومن قصر في الطلب لايعذر لأنه فرط في الواجب الذي أوجبه الله ورسوله بسلوك طريق الرسول وسبيل المؤمنين.


قال البربهاري(واعلم أن الخروج من الطريق على وجهين؛ أما أحدهما: فرجل زل عن الطريق، وهو لا يريد إلا الخير، فلا يقتدى بزلته،فإنه هالك)الأصل السابع
فهذا رجل حسن القصد وضل بسبب جهل أو تأويل وحكم بهلاكه لعموم الحديث(لايزيغ عنها إلا هالك)


قال ابن زمنين في مقدمة أصول السنة:( ولاعذر لجاهل في ترك السؤال والبحث عن أصول الإيمان والدين وشرائع المسلمين)فقد أوجب الله على المسلمين معرفة أصول الاعتقاد وشرائع الدين فلاعذر له بالجهل فيما أوجبه الله عليه لأنه مفرط متجاهل معرض عن تعلم الواجب.وإنما ألعذر فيما لم يوجبه الله عليه من دقائق الاعتقاد وتفاصيل الواجبات.


قال الإمام اللالكائي في مقدمة كتابه أصول الاعتقاد(ولم يزل من لدن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى يومنا هذا قوم يحفظون هذه الطريقة ويتدينون بها، وإنما هلك من حاد عن هذه الطريقة لجهله طرق الاتباع. )فجعل سبب هلاكه وابتداعه جهله


وقال الخلال في السنة فصل ذكر المقام المحمود(وليس ينبغي لأهل العلم والمعرفة بالله أن يكونوا كلما تكلم جاهل بجهله أن يجيبوه، ويحاجوه، ويناظروه، فيشركوه في مأثمه، ويخوضوا معه في بحر خطاياه، ولو شاء عمر بن الخطاب أن يناظر صبيغا، ويجمع له أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يناظروه، ويحاجوه، ويبينوا عليه لفعل، ولكنه قمع جهله، وأوجع ضربه، ونفاه في جلده، وتركه يتغصص بريقه، وينقطع قلبه حسرة بين ظهراني الناس مطرودا، منفيا، مشردا، لا يكلم ولا يجالس، ولا يشفى بالحجة والنظر، بل تركه يختنق على حرته، ولم يبلعه ريقه، ومنع الناس من كلامه ومجالسته، فهكذا حكم كل من شرع في دين الله بما لم يأذن به الله، أن يخبر أنه على بدعة وضلالة، فيحذر منه وينهى عن كلامه ومجالسته، فاسترشدوا العلم، واستحضوا العلماء، واقبلوا نصحهم) ص
٢٢٩


بل إن غالب المبتدعة أوتوا من جهلهم جاء في كتاب الحجة في بيان المحجة ( قد تمسك أهل القدر بآيات جهلوا معانيها وحملوها على غير وجوهها وجعلوها ذريعة لبدعتهم، وأهوائهم، )
٢\٦٢

هل في العقيدة تأويل وقياس واجتهاد وهل من طرائق أهل العلم الاجتهاد في المسائل الاعتقادية؟


يقول البعض أن المجتهد في ألأصول مغفور له خطؤه اعتمادا على حديث(من اجتهد فأخطأ فله أجر)وهذا غير صحيح إنما
هذا في الخلافات الفقهية الفرعية السائغة فلا اجتهاد في الاعتقاد
فلو أخذنا هذا الحديث على عمومه لأصبح الدين مرتعا لأي أحد بدعوى الاجتهاد وكلأ مباحا

قال ابن بطة في الإبانة الكبرى (فأما الاختلاف فهو ينقسم على وجهين: أحدهما اختلاف الإقرار به إيمان ورحمة وصواب , وهو الاختلاف المحمود الذي نطق به الكتاب , ومضت به السنة , ورضيت به الأمة , وذلك في الفروع والأحكام التي أصولها ترجع إلى الإجماع , والائتلاف. واختلاف هو كفر وفرقة وسخطة وعذاب يئول بأهله إلى الشتات والتضاغن والتباين والعداوة واستحلال الدم والمال , وهو اختلاف أهل الزيغ في الأصول والاعتقاد والديانة ) ٥٥٧


ثم أكمل بحثه فقال( «إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران , وإن اجتهد فأخطأ فله أجر واحد قال: فحدثت بهذا الحديث أبا بكر بن عمر بن حزم , فقال: هكذا حدثني أبو سلمة , عن أبي هريرة قال الشيخ: وكذلك اختلف الفقهاء من التابعين , ومن بعدهم من أئمة المسلمين في فروع الأحكام , وأجمعوا على أصولها , وتركت الاستقصاء على شرحها لطولها , فكل احتج بآية من الكتاب تأول باطنها , واحتج من خالفه بظاهرها , أو بسنة عن الرسول صلى الله عليه وسلم , كان صواب المصيب منهم رحمة ورضوانا , وخطأه عفوا وغفرانا , لأن الذي اختاره كل واحد منهم ليس بشريعة شرعها ولا سنة سنها , وإنما هو فرع اتفق هو ومن خالفه فيه على الأصل كإجماعهم على وجوب غسل أعضاء الوضوء في الطهارة , كما سماها الله في القرآن , واختلافهم في المضمضة والاستنشاق , فبعضهم ألحقها بالفرائض , وألحقها الآخرون بالسنة)
٥٥٩

وفي الحقيقة أن أهل الكلام هم من اخترعوا بدعة جواز الاجتهاد في العقيدة وأن المخطئ مأجور و غير آثم وأنه استفرغ جهده وقد رفع الله عن الأمة الخطأ رغم شدة تقليدهم وتمذهبهم في الفقه أما العقيدة فيحرم على المجتهد التقليد فما قيمة العقل والفكر إن لم يجتهد ليصل لصحيح الاعتقاد؟

وهذا مخالف لمنهج السلف تماما لذلك تعمد شيخ الإسلام الإمام البربهاري وغيره استعمال كلمة التقليد محل الاتباع لينبه أن التقليد في مسائل الاعتقاد محتم وأنه لايسع المؤمن السني إلا التقليد للصحابه والفهم بفهمهم فلامجال للاجتهاد في الاعتقاد.

أما من تأول الكتاب والسنة على غير طريقة السلف
فيدخل تحت قوله تعالى(فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله)لأن التقيد بفهم السلف ملزم ومخالفة فهمهم جرأة على الله.قال الإمام أحمد (... فأما من تأوله على ظاهر بلا دلالة من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أحد من أصحابه، فهذا تأويل أهل البدع...)السنة للخلال جامع الإيمان والتسليم ٣\٢٢

قال ابن بطة في الإبانة(من عمل لله في الجماعة فأصاب تقبل الله منه , وإن أخطأ غفر الله له , ومن عمل لله في الفرقة فأصاب لم يقبل الله منه , وإن أخطأ فليتبوأ مقعده من النار )قال الشيخ: فالإصابة في الجماعة توفيق ورضوان , والخطأ في الاجتهاد عفو وغفران , وأهل الأهواء اختلفوا في الله وفي الكيفية , وفي الأبنية , وفي الصفات , وفي الأسماء , وفي القرآن , وفي قدرة الله , وفي عظمة الله وفي علم الله , تعالى الله عما يقول الملحدون علوا كبيرا.الإبانة لابن بطة ص
٥٦٧

فالاختلاف الذي هو رحمة هو اختلاف العلماء في الفروع التي اختلف فيها الصحابة والاجتهاد المغفور هو الاجتهاد في الفروع التي اختلف فيها الصحابة وتنزيل الأحكام على الواقع وليس الاجتهاد في الأصول فإن الأصول ليس فيها اجتهاد والعقيدة ليس فيها رأي إنما هو التسليم والاذعان والاتباع والاقتداء .

حدثنا سعيد بن تليد حدثني ابن وهب حدثني عبد الرحمن بن شريح وغيره عن أبي الأسود عن عروة قال حج علينا عبد الله بن عمرو فسمعته يقول سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول إن الله لا ينزع العلم بعد أن أعطاكموه انتزاعا ولكن ينتزعه منهم مع قبض العلماء بعلمهم فيبقى ناس جهال يستفتون فيفتون برأيهم فيضلون ويضلون


فجعل علامة ضلالهم الافتاء برأيهم


قال البربهاري:(واعلم رحمك الله! أن الدين إنما جاء من قبل الله تبارك وتعالى، لم يوضع على أقوال الرجال وآرائهم، وعلمه عند الله وعند رسوله)الأصل الخامس


قال البربهاري:(واعلم رحمك الله أنه لا يتم إسلام عبد حتى يكون متبعا مصدقا مسلما، فمن زعم أنه بقي شيء من أمر الإسلام لم يكفوناه أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فقد كذبهم، وكفى به فرقة وطعنا عليهم، وهو مبتدع ضال مضل، محدث في الإسلام ما ليس منه. واعلم رحمك الله أنه ليس في السنة قياس، ولا يضرب لها الأمثال، ولا تتبع فيها الأهواء، وهو التصديق بآثار رسول الله صلى الله عليه وسلم بلا كيف ولا شرح، ولا يقال: لم ولا كيف؟ .)الأصل الثامن والتاسع من كتاب أصول السنة


قال: [قال عبد الله بن مسعود : إنا نقتدي ولا نبتدي، ونتبع ولا نبتدع، ولا نضل ما تمسكنا بالأثر].فعليك بالاقتداء وإياك والابتداء والاجتهاد فاقتصاد في سنة خير من اجتهاد في بدعة


العقيدة توقفية
قال الأوزاعي (اصبر نفسك على السنة ، وقف حيث وقف القوم ، وقل بما قالوا ، وكف عما كفوا ، واسلك سبيل سلفك الصالح ، فإنه يسعك ما وسعهم . )


قال أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز ـ رحمه الله ـ : « سَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وولاة الأمر من بعده سننـًا، الأخذ بها تصديق لكتاب الله، واستكمال لطاعة الله، وقوة على دين الله، ليس لأحد تغييرها، ولا تبديلها، ولا النظر في شيء خالفها. من عمل بها مهتد، ومن انتصر بها منصور، ومن خالفها اتبع غير سبيل المؤمنين، وولاه الله ما تولى، وأصلاه جهنم وساءت مصيرًا . [اعتقاد أهل السنة لللالكائي (134) ، الإبانة لابن بطه (239) ،
الشريعة للآجري (90


قال البربهاري:(واعلم – رحمك الله - أن من قال في دين الله برأيه وقياسه وتأويله من غير حجة من السنة والجماعة فقد قال على الله ما لا يعلم، ومن قال على الله ما لا
يعلم، فهو من المتكلفين)الأصل الرابع بعد المائة


وقال(واعلم رحمك الله أنه ليس في السنة قياس ولا يضرب لها الأمثال ولا تتبع فيها الأهواء بل هو التصديق بآثار رسول الله صلى الله عليه وسلم بلا كيف ولا شرح لا يقال لم وكيف؟ )
[شرح السنة للبربهاري: 70]


جاء في كتاب الحجة في بيان المحجة( إن الدين بدأ غريبا وسيعود كما بدأ فطوبى للغرباء)قال: فنحن اليوم في ذلك الزمان وبين أهله، فلا تنكر ما تشاهده منه، وسل الله العافية من البلاء، واحمده على ما وهب لك من السلامة ثم إني تدبرت هذا الشأن فوجدت عظم السبب فيه أن الشيطان صار بلطيف حيلته يسول لكل من أحس من نفسه بفضل ذكاء وذهن، يوهمه أنه إن رضي في عمله ومذهبه بظاهر من السنة، واقتصر على واضح بيان منها كان أسوة العامة، وعد واحدا من الجمهور والكافة، فحركهم بذلك على التنطع في النظر، والتبدع بمخالفة السنة والأثر، ليبينوا بذلك عن طبقة الدهماء، ويتميزوا في الرتبة عمن يرونه دونهم في الفهم والذكاء، واختدعهم بهذه المقدمة حتى استزلهم عن واضح المحجة، وأورطهم في شبهات تعلقوا بزخارفها، وتاهوا في حقائقها، ولم يخلصموا منها إلى شفاء نفس، ولا قبلوها بيقين علم، ولما رأوا كتاب الله تعالى ينطق بخلاف ما انتحلوه، ويشهد عليهم بباطل ما اعتقدوه، ضربوا بعض آياته ببعض وتأولوها على ما سنح لهم في عقولهم، واستوى عندهم على ما وضعوه من أصولهم، ونصبوا العداوة لأخبار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولسننه المأثورة عنه، وردوها على وجوهها وأساءوا في نقلتها القالة، ووجهوا عليهم الظنون، ورموهم بالتزيد، ونسبوهم إلى ضعف المنة، وسوء المعرفة بمعاني ما يروونه من الحديث، والجهل بتأويله، ولو سلكوا سبيل القصد ووقفوا عندما انتهى بهم التوقيف، لوجدوا برد اليقين)١\٤٠٤


ونتعرف المرة القادمة على واجبنا تجاه العلماء الذين وقعوا في بعض البدع هل نسقطهم أم نحترمهم ونتغافل عنهم إكراما للعلم الذي معهم؟