سُورَةُ السَّجْدَةِ مَكِّيَّةٌ وَآيَاتُهَا ثَلَاثُونَ
{الم}[السجدة: 1]
{الم}[السجدة: 1] قَدْ مَضَى البَيَانُ عَنْ تَأْوِيْلِهِ.
{تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[السجدة: 2]
{تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ} تَنْزِيلُ الْكِتَابِ الَّذِي نَزَلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَا شَكَّ فِي أَنَّهُ..
{مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[السجدة: 2] مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، مَنْ رَبِّ الثَّقَلَيْنِ: الْجِنِّ وَالْإِنْسِ، وَلَيْسَ بِشَعْرٍ وَلَا سَجْعِ كَاهِنٍ، وَلَا هُوَ مِمَّا تَخَرَّصَهُ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنَّمَا كَذَّبَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِذَلِكَ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا: «أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بَكْرَةً وَأَصِيلًا»[الفرقان: 5]، وَقَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا: «إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ»[الفرقان: 4].
{أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ}[السجدة: 3]

{أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ} يَقُولُ الْمُشْرِكُونَ بِاللَّهِ: اخْتَلَقَ هَذَا الْكِتَابَ مُحَمَّدٌ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ وَتَكَذَّبَهُ، ثُمَّ أَكْذَبَهُمْ تَعَالَى ذِكْرُهُ فَقَالَ..
{بَلْ} مَا هُوَ كَمَا تَزْعُمُونَ وَتَقُولُونَ، مِنْ أَنَّ مُحَمَّدًا افْتَرَاهُ، بَلْ..
{هُوَ الْحَقُّ} وَالصِّدْقُ..
{مِنْ رَبِّكَ} مِنْ عِنْدِ رَبِّكَ يَا مُحَمَّدُ، أَنْزَلَهُ إِلَيْكَ..
{لِتُنْذِرَ قَوْمًا} بَأْسَ اللَّهِ وَسَطْوَتَهُ، أَنْ يَحِلَّ بِهِمْ عَلَى كُفْرِهِمْ بِهِ..
{مَا أَتَاهُمْ} لَمْ يَأْتِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ الَّذِينَ أَرْسَلَكَ رَبُّكَ يَا مُحَمَّدُ إِلَيْهِمْ، وَهُمْ قَوْمُهُ مِنْ قُرَيْشٍ..
{مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ} يُنْذِرُهُمْ بَأْسَ اللَّهِ عَلَى كُفْرِهِمْ..
{لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ}[السجدة: 3] لِيَتَبَيَّنُوا سَبِيلَ الْحَقِّ فَيَعْرِفُوهُ وَيُؤْمِنُوا بِهِ.
{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ}[السجدة: 4]

{اللَّهُ} الْمَعْبُودُ الَّذِي لَا تَصْلُحُ الْعِبَادَةُ إِلَّا لَهُ أَيُّهَا النَّاسُ..
{الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا} مِنْ خَلْقٍ..
{فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ بَعْدَ خَلْقِهِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا..
{مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ} مَا لَكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ دُونَهُ وَلِيٌّ يَلِي أَمْرَكُمْ وَيَنْصُرُكُمْ مِنْهُ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا..
{وَلَا شَفِيعٍ} يَشْفَعُ لَكُمْ عِنْدَهُ، إِنْ هُوَ عَاقَبَكُمْ عَلَى مَعْصِيَتِكُمْ إِيَّاهُ، يَقُولُ: فَإِيَّاهُ فَاتَّخِذُوا وَلِيًّا، وَبِهِ وَبِطَاعَتِهِ فَاسْتَعِينُوا عَلَى أُمُورِكُمْ، فَإِنَّهُ يَمْنَعُكُمْ إِذَا أَرَادَ مَنْعَكُمْ مِمَّنْ أَرَادَكُمْ بِسُوءٍ، وَلَا يَقْدِرُ أَحَدٌ عَلَى دَفْعِهِ عَمَّا أَرَادَ بِكُمْ هُوَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْهَرُهُ قَاهِرٌ، وَلَا يَغْلِبُهُ غَالِبٌ..
{أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ}[السجدة: 4] أَفَلَا تَعْتَبِرُونَ وَتَتَفَكَّرُون َ أَيُّهَا النَّاسُ، فَتَعْلَمُوا أَنَّهُ لَيْسَ لَكُمْ دُونَهُ وَلِيُّ وَلَا شَفِيعٌ، فَتُفْرِدُوا لَهُ الْأُلُوهَةَ، وَتُخْلِصُوا لَهُ الْعِبَادَةَ، وَتَخْلَعُوا مَا دُونَهُ مِنَ الْأَنْدَادِ وَالْآلِهَةِ.
{يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ}[السجدة: 5]

{يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ} اللَّهُ هُوَ الَّذِي يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنْ أَمْرِ خَلْقِهِ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ..
{ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ} كَانَ مِقْدَارُ ذَلِكَ الْيَوْمِ فِي عُرُوجِ ذَلِكَ الْأَمْرِ إِلَيْهِ وَنُزُولِهِ إِلَى الْأَرْضِ..
{أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ}[السجدة: 5] مِنْ أَيَّامِكُمْ، خَمْسُ مِائَةٍ فِي النُّزُولِ، وَخَمْسُ مِائَةٍ فِي الصَّعُودِ.