الشهاب الخفاجي


بقلم د فالح الحجية

هو شهاب الدين أحمد بن محمد بن عمر الخفاجي المصري
ولد في (سرياقوس) وهي قرية في نواحي القاهرة سنة \977 هجرية – 1569 ميلادية وقيل من مواليد ( شنوان) احدى قرى (سبك الأحد) بمحافظة ( المنوفية) بمصر.
نشأ الشهاب في حجر أبيه ورعايته، يعلمه ويؤدبه، وكان ابوه احد العلماء الكبار في عصره فتلقن منه علومه الأولى، وعليه تخرج في الإنشاء والكتابة. ولما استوى يافعاً درس النحو وعلوم العربية على خاله (أبي بكر بن إسماعيل الشنواني)، ثم درس المعاني والمنطق وبقية علوم الأدب، وأجازه بجميع مؤلفاته ومروياته ودرس على يد شيخ الإسلام القاضي زكريا الأنصاري. وجملة علماء اخرين منهم نور الدين علي بن يحيى الزيادي الذي انتهت إليه رئاسة الشافعية في مصر، وقد حضر الشهاب دروسه، ومنهم علي بن غانم المقدسي الخزرجي رأس الحنفية في عصره، قرأ عليه الحديث، وكتب له إجازة بخطه، وجمال الدين إبراهيم العلقمي، فأخذ عنه الأدب والشعر، ومحمد المغربي المعروف بـ (ركروك )، أخذ عنه علمي العروض والقوافي، وداود الأنطاكي أخذ عنه الطب.
سافر مع والده في مطلع حياته الى الحجازلاداء فريضة الحج وللدراسة في الحرمين إذ تلقى العلم عن شيوخ مكة، ومنهم علي بن جار الله ( العصام الاسفراييني) وحفظ شيئاً من الأشعار التي سمعها هناك.
ثم سافرالى القطنطينية واخذ العلم عن شيخها ابن عبد الغني
ثم ارتحل إلى بلاد الروم الى استانبول و اتصل بالسلطان العثماني مراد، فولاه قضاء (سلانيك) ثم قضاء مصر، لكنه عزل عن هذا المنصب، فارتحل ثانية إلى الروم ماراً بمدينة (دمشق ) فأقام بها أياماً لقي فيها الكثير من الاحتفاء حيث أكرمه أهلها وعلماؤها وامتدحوه، ثم اتجه الى ( حلب) ، والتقى مفتيها (يحيى بن زكريا) الرومي، وحدثت جفوة حدثت بين الرجلين كانت سبباً في نفي ( شهاب الدين ) وإعادته إلى مصر حيث أعطي قضاء يتعيش به . وكان يلقب ب (قاضي القضاة ).
وكان شهاب الدين احمد الخفاجي في عصره بدر سماء العلم ونير أفق النثر والنظم، رأس المؤلفين ورئيس المصنفين، سار ذكره سير المثل، وطلعت أخباره طلوع الشهب في الفلك، وكل العلماء والادباء ممن أدرك وقته معترفون له بالتفرد في التقرير والتحرير وحسن الانشاء، وليس فيهم من يلحق شأوه ولا يدعى ذلك،
جمع شعره في ديوان فشعره شعر العلماء، وقد ذكرت كتب التراجم أن له مقصورة عارض بها مقصورة ابن دريد، وقصيدة عارض بها معلقة كعب بن زهير التي جعلها في مدح الرسول الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم .
يقول عنه المحبي صاحب الخلاصة :
(وأشعاره ومنشآته مسلَّمة لا مجال للخدش فيها، وكل شعره مفروع في قالب الإجادة، ومن أجوده قصيدته الدالية المشهورة )
توفي في (القاهرة ) بمصر سنة 1069هجرية – 1658 ميلادية وقد رثاه الشاعر احمد الحموي ورثى معه صاحبهما العالم ( الشوبري) فقال :

مضى الإمامان في فقه وفي أدب

الشوبري والخفاجي زينة العرب

وكنت أبكي لفقد الفقه منفرداً

فصرت أبكي لفقد الفقه والأدب

ومن أجود شعره قصيدته الدالية المشهورة وقد ذكرها المحبي في خلاصته وذكر معها عنينية له ايضا وهي قصيدة طويلة منها قوله:

قدَحتْ رعودُ البرق زنَدا
أضْرَمْنَ أشجاناً ووجدا

في فحمة الظلماء إذ
مدَّت على الخضراء بُردا

وأتى الشقيق بمجمرٍ
للروض أوقد فيه ندّا

وعلى الغدير مُفاضة
سردتْ له النسماتُ سردا


من أشهر كتبه :

* ريحانة الألبا ترجم به معاصريه على نسق اليتيمة
* شفاء العليل فيما في كلام العرب من الدخيل
* شرح درة الغواص في أوهام الخواص للحريري
* طراز المجالس
* نسيم الرياض في شرح شفاء القاضي عياض -أربع مجلدات
* خبايا الزوايا بما في الرجال من البقايا
* ريحانة الندمان
* عناية القاضي وكفاية الراضي
* حاشية على تفسير البيضاوي، ثماني مجلدات
* ديوان الأدب في ذكر شعراء العرب
* السوانح -
* قلائد النحور من جواهر البحور - في العروض
* ديوا ن شعر رقيق

واختم بحثي بهذه الرباعيات من شعره :

ولى زمان الصبا مع الاحباب
والشيب يقول – اذ دعا او صابي

صني واحفظ امانة لي بقيت
اني – والله- اخر الاحباب

----------------------


كم عاتبني وكم جفاني حبي
والذنب له - حماه ربي

ما اطيب ما الذه من ذنب
اذ صار وسيلة لطول العتب

------------------------

ياغصن نقا مهفهف الغصن رطيب
ان مال علي كان لي غير قريب

في وجهك للنداء حسن نادى
ابشر بالخير قاصدي ليس يخيب

--------------------------

المرء يظن دهره قد غيرا
لما افنى حياته والعمرا

كطالراكب مركبا يبحر زخرا
يجري فيظن ساحل البر جرى

-----------------------

تبا لزمان ذلة لم ينصف
في المنع لمن بعز نفس مسرف

ان اضماءه فمن سراب يروي
او اطعم من فارغ قدر يعرف

----------------------

طه المختار من كريم الاصل
في الفضل له افتخار كل الرسل

نور سنا بقربه من ادب
لم يمش مدانيا رقيق الظل

-----------------------------

لامشرب في الوجود ان راق حلا
الا بمذاق ضامىء قد جهلا

دار لبلوى وكم بها من محن
من عهد أليست قال الناس بلى



اميرالبيان العربي
د.فالح نصيف الكيلاني
العراق- ديالى - بلدروز

****************