أحمد بن محمد الغزي


بقلم د فالح الكيلاني




هو شهاب الدين أحمد بن محمد بن محمد بن محمد بن أحمد، الغزي الشافعي.


ولد بدمشق في شوال سنة\931 هجرية – 1523 ميلادية وقرأ القرآن الكريم واشتغل في العلم على يد والده، ولازمه في الأصول، والفقه، والنحو، والمعاني، والبيان، والتفسير، والقراءات وتتلمذ ايضا على عدد من المشايخ والعلماء منهم بدر الدين ابن الطباخ المصري، و الشريف قطب الدين عيسى الإيجي وعلى شهاب الدين الرملي .


انتقل الى مصر في صحبة والده سنة 952 هجرية – 1544ميلادية ، وكان احب أهل زمانه وأرأفهم يذيع العلم وينشره، ويضوع كل مجلس جلس فيه ويعطره جمالا محضا، وبهاء صرفا، خاشعا لطيف المحاضرة، حسن المجاورة، حلو المذاكرة، لطيف الذات والصفات، حسن الأخلاق، حليما، حكيما، جوادا كريما، يؤثر إخوانه على نفسه ، ويوقر أقرانه، ويتودد إلى من يعاديه، كما يتودد إلى من يواليه، تنجذب إليه القلوب الأرواح، وتنشرح لجمال طلعته الصدور، فأجمع الناس على محبته .


كتب منظومة رائية في أسماء الكواكب الثابتة، ومنظومة أخرى لامية جمع فيها قراءة القران الكريم .


تولي إمامة الشافعية بالجامع الأموي ، وقال في كتاب احياء علوم الدين للغزالي يصفه :


إماتة نفسي في مطالعة الأحيا
وأحياء روحي في مشاهدة المحيا
فيا رب هذا دأب عبدك دائما
وديدنه ما دام في هذه الدنيا
ومن محاسنه في شعره قوله:


فطور التمر سنه رسول الله سنه


ينال الأجر شخص يحلي منه سنه


ومن لطائفه أنه كان يتردد إلى مسجد على عادته، فرآه قد اصبح خرابا فقال لمتوليه: عمره،
وتكرر منه هذا القول،
والمتولي يقول له: يا سيدي خنزرت الحائط
فقال:
ومانع مسجد ذكرا عليه الفعل أنكرت
إذا ما قلت: عمرت يقول الكلب: خنزرت


توفي بالجامع الاموي في دمشق يوم الجمعة مستهل ذي الحجة الحرام سنة\ 983 هجرية – 1576 ميلادية ودفن بمقبرة الشيخ رسلان بالقرب من ضريح جده شيخ الإسلام رضي الدين، ثم دفن والده بقربه بعد سنة من تاريخ وفاته .


يتميز شعره بالسهولة والعفوية ونجد فيه ماانعكس على الشعر والادب في تلك الايام وله باع في شعر الموشح و المواليا والدوبيت وقد قال الشعر في اغلب الفنون الشعرية فمن شعره في وصف الطبيعة يقول:


وروض جمال محبوب كريم
نزلت به وما منه معارض


وما منع العذار به نزولا
ولكن ما سلمت من العوارض


وفي الشتاء البارد يقول:


من سم هذا البرد أشكو الأذى
فابعد عن الشر ولا تقرب


فقارس البرد غما قارصا
من حر قرص الشمس في العقرب


وقال مخمسا في بيتين مرويين عن المتصوف العابد إبراهيم بن أدهم في قصة مشهورة :


عن جناياتك نعفو ومن التكدير نصفو


هات قل لي: كيف تجفو؟


كل شيء لك مغف وسوى الإعراض عنا


قد مضى العمر تلافا هب فؤادي لك صافا


وبما يرضيك وافا


قد غفرنا لك ما فات بقي ما فات منا


قال في نصح ولده :


لا تقطعن عادة بر ولا
تجعل عقاب المرء في رزقه


فإن أمر الإفك من مسطح
يحط قدر النجم من أفقه


وقد جرى منه الذي قد جرى
وعوقب الصديق في حقه


ويقول في الحكمة :


تبنا إلى الرحمن لا للدنا
وليس توب المرء من حذقه
وإنما الله تعالى إذا
أسعد ذا التوفيق من خلقه
تاب إليه وهدى قلبه
وأسند الفعل إلى صدقه


وقال من شعر المواليا:


شر الفتى الحر لا يكذب ولا يغتاب
ولا يطل على جاره ولو من باب


ولا يذم صديقه إن حضر أو غاب
ولا يدمدم، وإن ضاقت به الأسباب


وقال من المواليا أيضا:


عوذت حبي بطه والزمر مع قاف
وهود والأنبياء والنمل والأحقاف


والفجر والحجر مع حم عسق
والطور والنور والأنعام والأعراف


وقال من شعر الدوبيت :
يا مالك رقي رق مالي راقي
أنعم عجلا علي بالدرياق


إن مت جوى على غرام راقي
إني لكم من جملة العشاق
وقال منه ايضا :


إن كان على البعاد من نهواه
لا يذكرنا فنحن لا ننساه


قد طال تشوقي إلى لقياه
كم أصبر لا إله إلا الله
وقال واعظا ايضا :


إذا ما أراد الله تقريب مبعد
وساعده سعد، وسابقه الحسنى


تكلم توفيقا بخير لسانه
يصيب به من حيث يخطىء في المعنى


وقال في والده :


وقالوا: سما البدر فوق السماء
سموا وساماه في تمه


أعين المسمى هو أو غيره
فقلت: هو البدر عند اسمه


اما في الأمير عبد اللطيف بن منجك، وكان تلميذه وصديقه فقد قال :


الاسم عين المسمى دليل قول لمن شك


لطف وظرف حواه عبد اللطيف بن منجك


وقيل كتب (مامي الرومي) إليه يسأله غزلا وفيه عذوبة وملحة :


ما قولكم سادتي في أهيف خطرا
غصبته قبلة مذ صرت في خطر؟


فرام قتلي بلحظ للورى سحرا
وصرت منه أراعي النجم في السحر


هل جائز قتلتي أفتوا لمن حضرا
ببابكم يا رئيس البدو والحضر؟


فأجابه يقول:


لم يفت بالقتل من بالشرع قد شعرا
من أجل تقبيل خالي الخد من شعر


أو من غدا بعذار قد غدا خضرا
كان خضرته من لمسة الخضر


يرد سائله من وصله نهرا
ودمعه سائل يجري كما النهر


واختم بحثي بهذا الموشح الجميل من شعره :


لي من الحبش غزال ... لفؤادي قد سلب


وانثنى عني قليلا ... ولقتلي قد طلب


ورمى نحوي بسهم ... من لحاظو ونشب


قلت: لو يا حب صلني ... فاصطباري قد ذهب


يا حبوش أنتم حلاوه ... يا قناديل الذهب


قال لي: ة بالله دعني ... ما وصالي لك مباح


من يرم غالي وصالي ... ويريد عين الصلاح


لا يعير سمعه لواش ... ولعذال ولاح


قلت له: يا نور عيني ... في سواك ما لي أرب


يا حبوش أنتم حلاوه ... يا قناديل الذهب


قال: صف إن كنت تهوى ... مبسمي راعي الوشام


قلت فيه: عقد جوهر ... يسبي من غالي وسام


ما سلب عقلي ولبي ... غيركم يا ولاد حام


ما لهم يأبوا وصالي ... يا ترى ماذا السبب؟


يا حبوش أنتم حلاوه ... يا قناديل الذهب


ذا الغزيل في شبيكه ... صادني شعرو الجعيد


ذو ثغير من أقاح ... فيه من صافي البريد


راعي الجسم المنعم ... إن سلواني بعيد


أنعم أنعم لي بوصلي ... أو مدامه من شنب


يا حبوش أنتم حلاوة ... يا قناديل الذهب


ما يرى في الغيد مثله ... إن تبدي أو خطر


في الأزيرق حين يخطر ... قد تركني في خطر


شرطه يجرح فؤادي ... والحشا مني أسر


يا حبوش أنتم حلاوة ... يا قناديل الذهب


بعد ذا أنعم حبيبي ... واسمح لي بالوصال


بعدما أكثر صدودي ... وأخذ قلبي وصال


يا ليالي الوصل عودي ... يا هنا تلك الليال


أنتم غاية مرادي ... ونهايات الأرب


يا حبوش أنتم حلاوة ... يا قناديل الذهب


اميرالبيان العربي
د.فالح نصيف الكيلاني
العراق- ديالى - بلدروز




**********************