بسم الله الرحمن الرحيم
(( سأتغير للأفضل )) ... تلك الجملة أقولها لنفسي كل يوم .. بل أكررها أكثر من مرة خلال اليوم الواحد ...
دون أن تطبق على أرض الواقع أبداً .... ترى ما السبب ؟!

هل التغيير أمر صعب إلى هذه الدرجة ؟!! لو كانت الإجابة نعم .. فكيف استطاع ( عمر بن الخطاب ) رضي الله عنه ..
أن يذهب للرسول عليه الصلاة والسلام ويعلن إسلامه .. بعد أن كان عازماً على قتله؟؟!!

ولكن كان هذا ( عمر بن الخطاب ) ..هل له مثيل أو شبيه بيننا ؟! من منا يملك قلباً كقلب الصحابة ؟! .. أو عقلاً كعقلهم ؟! ..
لم يكن وجودهم بجوار رسول الله صلى الله عليه وسلم أمراً عشوائياً .. حاشا لله ... لقد استحقوا مرافقته وشرف الذود عن رسالته لما تميزوا به دوننا... بلا شك .

حسناً .. ولكنني لم أطلب أن يتم التغيير بهذه الدرجة العظيمة .. لقد تغير (عمر) رضي الله عنه من أشنع درجات الكفر .. إلى أعظم درجات الإيمان .. في يوم واحد ... بينما أريد أنا أن أنتقل من إحدى درجات الإيمان إلى درجات أعلي ولا بأس إن تم ذلك تدريجياً ... ومع ذلك .. لا أستطيع !!
ويبقي السؤال معلقاً ..... ما السبب ؟؟!!
لعل السبب في بعدك عن ربك ... أراهن أنك تضيعين بعض الصلوات إن لم تكن كلها .. وتهجرين القرآن ... أليس كذلك ؟!!
يا لك من ذكي !! ... ضياع الصلوات وهجر القرآن الكريم ...
على رأس قائمة الأمور التي حاولت تغييرها دون جدوى ... هل تريدني أن أبحث عن طريق ..لا أعرف طريقه؟؟!!

ربما ليست لديك الرغبة المشتعلة للتغيير .....هكذا يقول المحاضر العالمي :
إبراهيم الفقي رحمه الله في كتابه (( المفاتيح العشرة للنجاح )) ...
فهو يقول أن سر النجاح في أي أمر من الأمور هو الدوافع القوية ..... والدوافع القوية تأتي من الرغبة المشتعلة .

ولكنني أؤكد لك .. أن لدي هذه الرغبة المشتعلة .. وهي التي تكدر صفو حياتي ليل نهار ... فلو لم تكن لدي رغبة حقيقة في التغيير لما عانيت كل تلك المعاناة بل لصار الأمر هيناً ولا يشكل فارقاً بالنسبة إلى .. بل لعلى كنت سعيدة بما أنا عليه... ولكنني أقسم أن هذا ليس حالي على الإطلاق!!
حسناً .... لا بد وأنه شيطان يسيطر عليك .. انتظري ... لعلهم ... شياطين الإنس ... نعم .. فهم ذوى خطورة شديدة .. خاصة على الفتيات .. لأن عواطفهن تجعلهن سريعات التأثر بمن حولهن .. ابحثي فيمن حولك ... واهجري هؤلاء الشياطين فوراً !!
حسناً .. دعني أفكر ملياً ... لدي صديقات كثيرات بالفعل .. ولكن المقربات جداً واحدة أو اثنتين .. ( شذا ) .. كلا .. إنها فتاة ملتزمة وجادة جداً .. ( مني ) ... كلا فهي فتاة ذكية تعرف ما يفيدها وتفعله وتطور كل يوم نفسها للأفضل ... من أيضاً؟! أيها الأحمق !! ... إنك تدفعنني للجنون .. لقد جعلتني أفكر في أفراد عائلتي !! وهم بلا شك أكثر الناس رغبة في تحقيق نجاحي وتغيري للأفضل .. إنهم يدفعونني لذلك بكل ما أوتوا من قوة .... أتعلم ؟!! ... أفضل أن تصمت تماماً فأنت مجنون .. و جاهل ... ولا فائدة منك على الإطلاق !!
ماذا؟! ... أتتهمينني بالجنون ؟!! حسناً .. لقد أصبت ... أتعلمين لماذا ؟!
غريب أمرك ؟! ... منذ مدة طويلة .. لم أفعل أو أقل شيئاً حاز على رضاك .. أتوق حقاً لمعرفة السبب !!
لأنني ضميرك .. جزء منك .. ولا شك أنني مجنون مثلك !!
حسناً .. حسناً ... كنت أعلم أنك تسخر مني منذ البداية ..
ولآخر مرة .... آمرك أن تصمت !!

كلا .. لن يكون هناك داعٍ لأن تكرري الأمر.. سأصمت من تلقاء نفسي بعد أن أنهي كلامي هذه المرة
... فأرجو أن يتسع صدرك لي .. وتنصتي إلى للمرة الأخيرة ...

انظري لنفسك .. لقد وهبك الله نعمة الإسلام دون جهاد.. دون مغامرة بفقدان الأهل والعشيرة .. دون خوف من التعذيب والأسر ..
ولكن تكاسلك ... جعلك تضيعين تلك النعمة العظيمة فتهاونت في الصلاة وهجرتي القرآن ...
وأصبحت بذلك في عداد الكفار ... ولا يعنيني خلاف العلماء هل هو كفر أصغر أم أكبر .. فهو (( كفـــــــــــــ ر )) على أية حال !!

وقد منحك الله أيضاً نعمة أصدقاء الخير ... وحفظك من رفقاء السوء .. كان جديراً بك أن تجعلينهم منك بمكانة المعلم ... أو لم يجعل سلمان الفارسي رضي الله عنه نفسه خادماً ... بعد أن كان سيداً في قومه .. فقط لكي يتعلم كيف يتبع طريق الحق ؟!! ولكن كبرك وعنادك ... منعك حتى عن محاولة تقليدهم !!
ومن نعم الله وفضله عليك وكان فضله عليك عظيماً ... أن جعل لكي أسرة ... تهتم بك وتغتم لحزنك وتدفعك للأمام ... هناك من ابتلاه الله بأم مستهترة ...
أو بأب فاجر ... وهناك من حرم من نعمة الأهل أصلاً .. وهناك التي فقدت أفراد عائلتها واحداً تلو الآخر وهم يلقون أمامها في الزيت الحار ... وما زادها ذلك إلا إيماناً .. كم مرة قرأت قصة ماشطة بنت فرعون ؟! ... ولكنك عميت عنها ... فلم ترينها !!

من منا يصح أن يوصف بالحمق والجهل والجنون ؟!! أنا أم أنتي ؟!!
وإذا كانت كل تلك الأدلة لا تكفيك ... فإليك الدليل القاطع على جنونك و حمقك وجهلك...

فقد وهبك الله القدرة على الاختيار والتصرف الحر ... وهي قدرة سلبت من كثير ولكنك ضيعتها أيضاً كسابق النعم ..
فأنتي تفعلين ما لا تريدين أن تفعلينه !! أنتي لا تريدين أن تكوني مضيعة للصلاة .... ولكنك تضيعينها !!
لا تريدين أن تظلي هاجرة للقرآن ... ومع ذلك تهجرينه !!!
لديك الرغبة المشتعلة في التغيير للأفضل .. وعدم استجابتك لها يؤرقك ...
ويكدر حياتك ورغم هذا ... تستمرين بتجاهلها وعدم الاستجابة لها .. مع أنك تريدين حقاً مطاوعتها!!!!

يا عزيزتي ... تعتقدين أن للتغيير طريقاً طويلاً ... شاقاً وصعباً .. ينتهي بباب موصد لا تملكين مفتاحه ..
مع أن الله جل جلاله ... قد منحك من النعم السابق ذكرها ..... ما اختصر عليك طول الطريق ... وفتح الباب على مصراعيه ....

انظري .. الباب مفتوح ... وهو أمامك مباشرة ... وكل ثانية تمر تضيع فرصة ثمينة لعبوره ...
ولكن لدهشتي .. لا تعبريه ... بل تجلسين على عتبته .. تلهثين من تعب زائف ...
تهدرين ما تبقي لديك من فرص ... تشكين حالك بائسة باكية: يا لمصيبتي !! .. لا أعرف طريقاً ولا أملك مفتاحاً !!!

***********************