تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 27

الموضوع: قول شيخ الإسلام - وغيره - في مرجئة الفقهاء وخلافهم مع أهل السنة ، وهل هو خلاف لفظي أم لا ؟

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي قول شيخ الإسلام - وغيره - في مرجئة الفقهاء وخلافهم مع أهل السنة ، وهل هو خلاف لفظي أم لا ؟

    قال شيخ الإسلام في كتاب الإيمان ص 308 - 309 ، وهو في مجموع الفتاوى 7 / 394 - 395 :
    ولهذا لم يكفر أحد من السلف أحدًا من مرجئة الفقهاء بل جعلوا هذا من بدع الأقوال والأفعال، لا من بدع العقائد، فإن كثيرًا من النزاع فيها لفظي، لكن اللفظ المطابق للكتاب والسنة هو الصواب فليس لأحد أن يقول بخلاف قول الله ورسوله، لا سيما وقد صار ذلك ذريعة إلى بدع أهل الكلام من أهل الإرجاء وغيرهم وإلى ظهور الفسق، فصار ذلك الخطأ اليسير في اللفظ سببًا لخطأ عظيم في العقائد والأعمال، فلهذا عظم القول في ذم الإرجاء، حتى قال إبراهيم النَّخَعِيّ: لفتنتهم يعني المرجئة أخوف على هذه الأمة من فتنة الأزارقة. وقال الزهري: ما ابتدعت في الإسلام بدعة أضر على أهله من الإرجاء، وقال الأوزاعي: كان يحيى بن أبي كثير وقتادة يقولان: ليس شيء من الأهواء أخوف عندهم على الأمة من الإرجاء، وقال شريك القاضي وذكر المرجئة فقال: هم أخبث قوم، حسبك بالرافضة خبثًا، ولكن المرجئة يكذبون على الله. وقال سفيان الثوري: تركت المرجئة الإسلام أرق من ثوب سابِرِيّ وقال قتادة: إنما حدث الإرجاء بعد فتنة فرقة ابن الأشعث.
    وسئل مَيْمُون بن مِهْرَان عن كلام المرجئة، فقال: أنا أكبر من ذلك، وقال سعيد بن جبير لذر الهمداني: ألا تستحي من رأى أنت أكبر منه؟ ! وقال أيوب السِّخْتِيَاني: أنا أكبر من دين المرجئة، إن أول من تكلم في الإرجاء رجل من أهل المدينة من بني هاشم يقال له: الحسن. وقال زاذان: أتينا الحسن بن محمد فقلنا: ما هذا الكتاب الذي وضعت؟ وكان هو الذي أخرج كتاب المرجئة، فقال لي: يا أبا عمر، لوددت أني كنت مت قبل أن أخرج هذا الكتاب أو أضع هذا الكتاب، فإن الخطأ في اسم الإيمان ليس كالخطأ في اسم محدث ولا كالخطأ في غيره من الأسماء، إذ كانت أحكام الدنيا والآخرة متعلقة باسم الإيمان والإسلام والكفر والنفاق...اهـ

    وقال رحمه الله في مجموع الفتاوى 7 / 297 :
    وَمِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُعْرَفَ أَنَّ أَكْثَرَ التَّنَازُعِ بَيْنَ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هُوَ نِزَاعٌ لَفْظِيٌّ وَإِلَّا فَالْقَائِلُونَ بِأَنَّ الْإِيمَانَ قَوْلٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ - كَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ وَمَنْ اتَّبَعَهُ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَغَيْرِهِمْ - مُتَّفِقُونَ مَعَ جَمِيعِ عُلَمَاءِ السُّنَّةِ عَلَى أَنَّ أَصْحَابَ الذُّنُوبِ دَاخِلُونَ تَحْتَ الذَّمِّ وَالْوَعِيدِ وَإِنْ قَالُوا : إنَّ إيمَانَهُمْ كَامِلٌ كَإِيمَانِ جِبْرِيلَ فَهُمْ يَقُولُونَ : إنَّ الْإِيمَانَ بِدُونِ الْعَمَلِ الْمَفْرُوضِ وَمَعَ فِعْلِ الْمُحَرَّمَاتِ يَكُونُ صَاحِبُهُ مُسْتَحِقًّا لِلذَّمِّ وَالْعِقَابِ كَمَا تَقُولُهُ الْجَمَاعَةُ . وَيَقُولُونَ أَيْضًا بِأَنَّ مِنْ أَهْلِ الْكَبَائِرِ مَنْ يَدْخُلُ النَّارَ كَمَا تَقُولُهُ الْجَمَاعَةُ ، وَاَلَّذِينَ يَنْفُونَ عَنْ الْفَاسِقِ اسْمَ الْإِيمَانِ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُخَلَّدُ فِي النَّارِ . فَلَيْسَ بَيْنَ فُقَهَاءِ الْمِلَّةِ نِزَاعٌ فِي أَصْحَابِ الذُّنُوبِ إذَا كَانُوا مُقِرِّينَ بَاطِنًا وَظَاهِرًا بِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ وَمَا تَوَاتَرَ عَنْهُ أَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْوَعِيدِ وَأَنَّهُ يَدْخُلُ النَّارَ مِنْهُمْ مَنْ أَخْبَرَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ بِدُخُولِهِ إلَيْهَا وَلَا يُخَلَّدُ مِنْهُمْ فِيهَا أَحَدٌ وَلَا يَكُونُونَ مُرْتَدِّينَ مُبَاحِي الدِّمَاءِ وَلَكِنَّ " الْأَقْوَالَ الْمُنْحَرِفَةَ " قَوْلُ مَنْ يَقُولُ بِتَخْلِيدِهِمْ فِي النَّارِ كَالْخَوَارِجِ وَالْمُعْتَزِلَ ةِ . وَقَوْلُ غُلَاةِ الْمُرْجِئَةِ الَّذِينَ يَقُولُونَ : مَا نَعْلَمُ أَنَّ أَحَدًا مِنْهُمْ يَدْخُلُ النَّارَ ؛ بَلْ نَقِفُ فِي هَذَا كُلِّهِ . وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِ غُلَاةِ الْمُرْجِئَةِ الْجَزْمُ بِالنَّفْيِ الْعَامِّ ...اهـ

    وفي سير أعلام النبلاء 5 / 233 قال الذهبي : قلت : يشير معمر إلى أنه تحول مرجئاً -يعني حماد بن أبي سليمان - إرجاء الفقهاء وهو أنهم لا يعدون الصلاة والزكاة من الإيمان ويقولون: "الإيمان إقرار باللسان ويقين في القلب "والنزاع في هذا لفظي إن شاء الله وإنما غلو الإرجاء من قال: لا يضر مع التوحيد ترك الفرائض نسأل لله العافية )).اهـ
    وقال الإمام الطحاوي في عقيدته:
    والإيمانُ: هو الإقْرارُ باللِّسانِ، والتصديقُ بالجَنَانِ. (1)
    وَجَمِيعُ ما صَحَّ عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم مِنْ الشَّرْعِ والبَيانِ كُلّهُ حَقٌّ.
    وَالإيمانُ وَاحِدٌ، وأهْلُهُ في أَصْلِهِ سَواءٌ، والتَّفَاضُلُ بَيْنَهُم بالخَشْيَةِ والتُّقَى، ومُخَالَفَةِ الهَوَى، ومُلازَمَةِ الأُولى.
    والمؤمنُونَ كُلُّهُم أَوليَاءُ الرَّحْمن، وأكْرَمُهُم عِنْدَ اللهِ أَطْوَعُهُم وَأَتْبَعُهُم لِلقُرْآنِ.
    والإيمانُ: هُو الإيمانُ باللهِ، وَمَلاَئِكَتِهِ ، وَرُسُلِهِ، واليومِ الآخِرُ، وَالقَدَرِ: خَيْرِهِ وشَرِّهِ، وحُلْوِهِ وَمُرِّهِ، مِنَ الله تَعالَى.
    ونَحْنُ مُؤْمِنُون بِذَلكَ كُلِّهِ، لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ، ونُصَدِّقُهُم كُلَّهُم عَلى مَا جَاءوا به.
    __________
    وقال العلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله في تعليقاته على الطحاوية :
    (1) هذا التعريف فيه نظر وقصور ، والصواب الذي عليه أهل السنة والجماعة: أن الإيمان قول وعمل واعتقاد، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ، والأدلة على ذلك من الكتاب والسنة أكثر من أن تحصر ، وقد ذكر الشارح أبي العز جملة منها، فراجعها إن شئت، وإخراج العمل من الإيمان هو قول المرجئة، وليس الخلاف بينهم وبين أهل السنة فيه لفظيا؛ بل هو لفظي ومعنوي،ويترتب عليه أحكام كثيرة يعلمها من تدبر كلام أهل السنة وكلام المرجئة. والله المستعان.

    وفي شرح كتاب الإيمان لأبي عبيد القاسم بن سلام للشيخ عبدالعزيز الراجحي حفظه الله :


    حقيقة الخلاف بين أهل السنة ومرجئة الفقهاء في مسائل الإيمان


    السؤال: ما رأيكم فيمن يقول: إن خلافنا مع مرجئة الفقهاء خلاف حقيقي من وجوه عدة، من جهة مخالفتهم للنصوص الصريحة، وإجماع السلف على أن الأعمال من الإيمان، ومن جهة حكمهم على أهل الكبائر وعدم تكفيرهم لبعض من تلبس بالكفر العملي، ومن جهة ما يثمر عن ذلك من الولاء والبراء، وأن الفاسق والفاجر والمؤمن في الإيمان سواء، فالمحبة لهم سواء، والراجح أنهم فتحوا باباً للفسقة والفجرة أن يفعلوا ما شاءوا، ويقولون: إن إيماننا كامل؟

    الجواب: نعم، سبق أن خلافهم ليس خلافاً لفظياً، ولكنه خلاف له آثار تترتب عليه، أما أهل السنة فقد تأدبوا مع النصوص فقالوا: إن العمل داخل في مسمى الإيمان، ومرجئة الفقهاء خالفوا النصوص في اللفظ وإن وافقوها في المعنى، ومنها فتح الباب للفسقة، وفتح الباب للمرجئة. أما حكم أهل الكبائر فمرجئة الفقهاء من أهل السنة يرون أن صاحب الكبيرة يستحق الوعيد، ويقام عليه الحد في الدنيا، إذا كانت الكبيرة عليها حد، أما المرجئة المحضة الجهمية، فهم الذين يرون أن صاحب الكبيرة ليس عليه شيء. وهم يرون أنه مؤمن كامل الإيمان؛ لأن التفاضل بين الناس بالأعمال ليس التفاضل بينهم بالإيمان، فالإيمان عندهم واحد وأهله في أصله سواء. أما عدم تكفيرهم لبعض من تلبس بالكفر العملي، فهم يفصلون في هذا؛ لأنهم يرون أن الإيمان هو التصديق بالقلب، والكفر إنما يكون بالجحود، والجحود يكون بالقلب، فهم يرون أن الأعمال الكفرية دليل على الجحود، ودليل على ما في القلب، والصواب أن الأعمال الكفرية هي كفر، فمن سجد للصنم كفر على الصحيح، ومن سب الله أو سب الرسول أو سب دين الإسلام فهذا كفر، وليس هو دليل على الكفر، فهم يقولون: إن هذا دليل على الكفر ودليل على ما في قلبه. والصواب أن الكفر يكون بالجحود، كأن يجحد فرضية الصلاة وفرضية الزكاة أو فرضية الحج، أو ينكر البعث، أو الجنة أو النار، أو يجحد صفة وصف الله بها نفسه، أو خبراً أخبر الله به، بعد قيام الحجة، ويكون أيضاً بالقول كما لو سب الله، أو سب الرسول أو سب دين الإسلام، أو استهزأ بالله، أو بكتابه، أو برسوله أو بدينه، كما قال الله تعالى في الذين استهزءوا بالنبي صلى الله عليه وسلم وبالقراء من أصحابة في غزوة تبوك، فأنزل الله فيهم هذه الآية: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ) التوبة:65-66]. فأثبت لهم الكفر بعد الإيمان، ويكون الكفر في العمل أيضاً، كما لو سجد للصنم، فالسجود للصنم كفر عمل، ويكون الكفر أيضاً بالإعراض عن دين الله، لا يتعلمه ولا يعبد الله. فالكفر يكون بالقلب، ويكون باللسان، ويكون بالعمل، ويكون بالرفض والترك والإعراض عن دين الله، أما المرجئة فإنهم يرون أن الكفر لا يكون إلا بالقلب، وأن السجود للصنم أو السب إنما هو دليل على ما في القلب، والصواب أنه كفر مستقل بنفسه، فالسجود للصنم كفر بنفسه، والسب والاستهزاء لله ولكتابه ولرسول دينه كفر بنفسه، وكذلك أيضاً الإعراض عن دين الله، فمن لا يتعلم الدين ولا يعبد الله كفر، قال تعالى: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ ][الأحقاف:3]،( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ )السجدة:22]. كذلك يرى مرجئة الفقهاء أن الناس قسمان: ولي لله، وعدو لله، فالمؤمن سواء كان عاصياً أو مطيعاً فهو ولي لله، والكافر عدو لله، وأما جمهور أهل السنة فيرون الناس ثلاثة أقسام: ولي لله كامل الولاية وهو المؤمن التقي، الذي أدى الواجبات، وانتهى عن المحرمات، وعدو شر العداوة وهو الكافر، وهناك قسم ثالث، ولي لله من وجه وعدو لله من وجه، وهو المؤمن العاصي، فهو ولي لله في إيمانه وطاعته، وعدو لله في معصيته وفسقه، فيوالى من وجه، ويعادى من وجه، ويحب من وجه، ويبغض من وجه، أما مرجئة الفقهاء فهم فتحوا باباً للفسقة أن يقولوا: نفعل ما نشاء، وإيماننا كامل لا يتأثر، فهم يرون أن المفاضلة بين الناس في أعمال البر وأن الإيمان ليس فيه تفاضل...اهـ

    وقال الشيخ صالح آ الشيخ في "إتحاف السائل بما في الطحاوية من مسائل" :
    والفرق بينهما يعني بين قول مرجئة الفقهاء -وهو الذي قرَّرَهُ الطحاوي- وبين قول أهل السنة والجماعة أتباع الحديث والأثر، الفرق بينهما:

    * من العلماء من قال: إنه صُورِي لا حقيقة له؛ يعني لا يترتب عليه خلافٌ في الاعتقاد.
    * ومنهم من قال: لا، هو معنوي وحقيقي.
    ولبيان ذلك؛ لأنَّ الشارح ابن أبي العز رحمه الله على جلالة قدره وعُلُوِّ كعبه ومتابعته للسنة ولأهل السنة والحديث فإنه قَرَّرَ أنَّ الخلاف لفظي وصوري، وسبب ذلك أنَّ جهة النظر إلى الخلاف منفكَّة:
    - فمنهم من ينظر إلى الخلاف بأثَرِهِ في التكفير.
    - ومنهم من ينظر إلى الخلاف بأثرِهِ في الاعتقاد.
    فمن نظر إلى الخلاف بأثرِهِ في التكفير قال الخلاف صوري، الخلاف لفظي.
    لأنَّ الحنفية الذين يقولون هو الإقرار باللسان والتصديق بالجنان هم متّفقون مع أهل الحديث والسنة مع أحمد والشافعي على أنَّ الكفر والرِدَّةْ عن الإيمان تكون بالقول وبالاعتقاد وبالعمل وبالشك.
    فهم متفقون معهم على أنَّ:
    * من قال قولاً يخالف ما به دخل في الإيمان فإنه يكفر.
    * ومن اعتقد اعتقاداً يخالف ما به دخل في الإيمان فإنه يكفر.
    * وإذا عمل عملاً ينافي ما دخل به في الإيمان فإنه يكفر.
    * وإذا شَكَّ أو ارتاب فإنه يكفر.
    بل الحنفية في باب حكم المرتد في كتبهم الفقهية أشد في التكفير من بقية أهل السنة مثل الحنابلة والشافعية ونحوهم.
    فهم أشد منهم، حتى إنهم كَفَّرُوا بمسائل لا يُكَفِّرُ بها بقية الأئمة كقول القائل مثلا سورةٌ صغيرة فإنهم يُكفِّرون بها، أو مسيجد أو نحو ذلك أو إلقاء كتاب فيه آيات فإنهم يُكَفِّرون إلى آخر ذلك.
    فمن نَظَرَ -مثل ما نَظَرْ الشارح، ونَظَرْ جماعة من العلماء- من نَظَرَ في المسألة إلى جهة الأحكام وهو حكم الخارج من الإيمان قال:
    الجميع متّفقون، سواءٌ كان العمل داخلاً في المسمى أو خارجاً من المسمى فإنه يكفُرُ بأعمال ويكفُرُ بترك أعمال.
    فإذاً لا يترتّب عليه على هذا النحو:
    1 - دُخُولٌ في قول المرجئة الذين يقولون: بلا عَمَلٍ ينفع، ولا يَخْرُجُ من الإيمان بأي عَمَلٍ يعمله.
    2 - ولا يدخلون مع الخوارج في أنهم: يُكَفِّرونَ بأي عمل أو يترك أي واجب أو فعل أي محرم.
    فمِنْ هذه الجهة إذا نُظِرَ إليها تُصُوِّرْ أنَّ الخلاف ليس بحقيقي؛ بل هو لفظي وصوري.
    الجهة الثانية التي يُنْظَرُ إليها وهي أنَّ العمل -عمل الجوارح والأركان- هو مما أمَرَ الله به في أن يُعْتَقَدَ وجوبُهُ أو يُعْتَقَدَ تحريمه من جهة الإجمال والتفصيل.
    يعني أنَّ الأعمال التي يعملها العبد لها جهتان:
    ( جهة الإقرار بها.…( وجهة الامتثال لها.
    وإذا كان كذلك فإنَّ العمل بالجوارح والأركان، فإنه إذا عَمِلَ:
    * فإما أن نقول: إنَّ العمل داخِلٌ في التصديق الأول؛ التصديق بالجنان.
    * وإما أن نقول: إنه خارجٌ عن التصديق بالجنان.
    ? فإذا قلنا إنَّهُ داخلٌ في التصديق بالجنان -يعني العمل بالجوارح باعتبار أنَّهُ إذا أقَرَّ به امتثل- فإنه يكون التصديق إذاً ليس تصديقاً، وإنما يكون اعتقاداً شاملاً للتّصديق وللعزم على الامتثال، وهذا ما خَرَجَ عن قول وتعريف الحنفية.
    ? والجهة الثانية أنَّ العمل يُمتَثَلُ فعلاً فإذا كان كذلك كان التنصيص على دخول العمل في مسمى الإيمان هو مقتضى الإيمان بالآيات وبالأحاديث، لأنَّ حقيقة الإيمان فيما تُؤْمِنُ به من القرآن في الأوامر والنواهي في الإجمال والتفصيل أنَّكَ تؤمن بأنّ تَعْمَلْ، وتؤمن بأن تنتهي، وإلا فلو لم يدخل هذا في حقيقة الإيمان لم يحصل فرقٌ ما بين الذي دخل في الإيمان بيقين والذي دخل في الإيمان بنفاق.
    يُبَيِّنُ لك ذلك أنَّ الجهة هذه وهي جهة انفكاك العمل عن الاعتقاد، انفكاك العمل عن التصديق هذه حقيقةً داخلةٌ فيما فَرَّقَ الله به فيما بين الإسلام والإيمان.
    ومعلومٌ أنَّ الإيمان إذا قلنا إنَّهُ إقرارٌ وتصديق فإنه لابد له من إسلام وهو امتثال الأوامر والاستسلام لله بالطاعات.
    لهذا نقول إن مسألة الخلاف هل هو لفظي أو هو حقيقي راجعة إلى النظر في العمل.
    هل العمل داخلٌ امتثالاً فيما أمر الله به أم لم يدخل امتثالاً فيما أمر الله به؟...اهـ

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    وقال الشيخ يوسف الغفيص في شرح كتاب الإيمان :
    حقيقة الخلاف بين مرجئة الفقهاء وبين السلف في مسألة الإيمان :
    قبل أن ننتقل عن تقرير الفرق بين قول مرجئة الفقهاء وقول السلف، يمكن أن يلخص هذا الفرق من أوجه؛ لأن هذا الفرق يتلخص عند المتأخرين بجملة من الألفاظ، والمعتبر هو أن تذكر الحقائق المتضمنة لهذا الفرق، فإن بعض الحنفية المنتصرين لقول أبي حنيفة يقولون: إن الخلاف بين أبي حنيفة وأمثاله، وبين العامة من السلف خلاف لفظي، ومنهم من عبر بأن هذا الخلاف من الخلاف الصوري، أما الإمام ابن تيمية رحمه الله فإنه يقول: "إن أكثر التنازع بين أهل السنة في هذه المسألة هو نزاع لفظي" . ويقول: "إن بدعة حماد بن أبي سليمان ومن وافقه من الفقهاء من بدع الأقوال وليست من بدع العقائد" . وهذه التعبيرات في حقيقتها ليست تقريراً للفرق بقدر ما هي أوصاف لهذا المذهب وحقيقة مخالفته. أما القول بأن الخلاف لفظي، فهذا تعبير حنفي لم ينتصر له إلا من يعظم قول أبي حنيفة من الأحناف، وهو مائل إلى الإرجاء. وهذا التعبير لا شك أنه غلط؛ فإن الخلاف بين الجمهور من السلف، وبين أبي حنيفة وحماد وأمثالهم ليس خلافاً لفظياً، ولاسيما أن السلف الأول لم يعرفوا هذا المصطلح -وهو مصطلح الخلاف اللفظي- وإنما درج على هذا المصطلح أهل النظر، حيث يعبرون به عن المسائل التي لا ثمرة للخلاف فيها؛ أي: إنما اختلفت الألفاظ.. وهذا لا شك أنه غلط، بل الخلاف اللفظي في هذه المسألة إنما هو في جمل الأئمة في تعريف الإيمان، فإن منهم من يقول: الإيمان قول وفعل، ومنهم من يقول: قول وعمل، ومنهم من يقول: قول وعمل ونية.. فهذا هو الذي يصح أن يقال: إنه خلاف لفظي؛ لأنه لا ثمرة له، بل المعنى متفق على التمام. وأما قول حماد ومن وافقه كأبي حنيفة وقول العامة من السلف فإن الخلاف بينهما ليس لفظياً على هذا التقرير. ولهذا من عبر بأنه لفظي أو صوري وأطلق فإن قوله هذا غلط وفيه توهم كثير. وأما شيخ الإسلام رحمه الله فإنه لم يعبر بهذا في شيء من كتبه، وإنما قال: "إن أكثر الخلاف لفظي". ومراده هذا أن الفقهاء كحماد وأمثاله يوافقون السلف في مسألة الأحكام في الآخرة من جهة وعيد أهل الكبائر، ويوافقون السلف في مسألة لزوم الواجبات، وفي الطعن على أهل الكبائر بالفسق... وأمثال هذه المسائل، ولم يرد الإمام ابن تيمية رحمه الله أن الخلاف لا ثمرة له من كل وجه. وكذلك قوله رحمه الله: "إن بدعتهم -يعني: الفقهاء- هي من بدع الأقوال وليست من بدع العقائد.." إنما هو مصطلح متأخر ينبغي أن يفقه على وجهه، فإنه يمكن أن يقال باعتبار آخر: إن بدعة حماد بدعة عقدية، فإنه تكلم في مسألة تعد من أصول العقائد، وإخراج العمل من الإيمان يعد غلطاً صريحاً على الشريعة، وعلى إجماع السلف الأول قبل ظهور مقالة حماد . ومثل هذه التعبيرات من شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فيها نفس متأخر لا يقصد إلى نقدها أو عدم التحقيق لها، وإنما يقصد إلى ضرورة ولزوم فقهها على وجهها؛ حتى لا يفهم من قول شيخ الإسلام ويتبادر إلى ذهن ما أن هذه المسألة مما يسوغ فيها الخلاف أو الاجتهاد، أو أنه لا ينكر على حماد ومن وافقه، أو أن هذا ليس من باب الأصول وإنما هو من باب الفروع.. فهذه التبادرات الذهنية لم يردها شيخ الإسلام رحمه الله ، فإننا نجد أن شيخ الإسلام مع أقواله السابقة إلا أنه في مقام آخر يشنع على هذا القول ويقول: "إن أصحابه خالفوا السنة والكتاب والإجماع الأول -إجماع الصحابة- في إخراجهم العمل عن مسمى الإيمان"، وقال: "إن السلف ممن شارك هؤلاء في العصر أو سبقهم قد نصوا على أن العمل أصل في الإيمان..." إلى غير ذلك. أي: أن ابن تيمية رحمه الله يعارض هذا المذهب بشدة. فتعبيره السالف في وصفه لهذا المذهب هو وصف يفقه على وجهه، ويمكن أن يقال: إنه يفقه من كلام شيخ الإسلام نفسه في مواضع أخرى. وعليه فهذا اصطلاح حين يقال: إن هذا من بدع الأقوال، فمن قال: إن هذه من بدع الأقوال وأراد بذلك أن من قال هذا القول لم يخرج به عن مسمى السنة والجماعة من كل وجه، ولم يصبح من أئمة أهل البدع، فهذا مراد صحيح، وإن أراد به أن المسألة من الفروع، أو مما يسوغ فيه الاجتهاد، أو أنها لم تخالف إجماعاً منضبطاً... أو ما إلى ذلك فهذا كله غلط. وعلى هذا يصح أن يقال: إنها -أي بدعة الفقهاء- من بدع الأقوال، ويصح أن يقال أيضاً: إنها من بدع العقائد. ومن قال: إنها بدعة عقدية؛ فإنه لا يمكن أن ينازع في قوله هذا، وإنما المهم أن يضبط هذا المراد. إذاً تلخص لنا: أن تسمية بدعة حماد بن أبي سليمان ومن وافقه -أو ما يسمى بقول مرجئة الفقهاء- بدعةً قولية أو بدعة عقدية التحقيق فيه أن هذا اصطلاح وصفي، وإنما المهم في شأنه المراد به. فمن قال: إنها بدعة قولية، وفسرها من جنس تفسير شيخ الإسلام فهذا صحيح. ومن قال: إنها بدعة قولية، وأراد بذلك أنها من مسائل الفروع أو مما يسوغ فيه الاجتهاد، أو لم ينضبط للسلف فيها إجماع، أو ما إلى ذلك من الافتراضات، فهذا قول غلط وإن كان اللفظ قد يكون مشتركاً. وبعبارة أخرى: أن وصف بدعة الفقهاء بكونها بدعة قولية أو بدعة عقدية، يقال فيه: هذه ألفاظ أو أوصاف مشتركة، فقد يصح في مقام أن يقال: إنها بدعة قولية، وقد يمنع ذلك في مقام آخر، وكذلك تسميتها بدعة عقدية قد يصح في مقام ويمنع في مقام بحسب مراد من تكلم به. ولهذا ليس المهم عند طالب العلم أن يحرر: هل نقول إنها بدعة قولية أو نقول: إنها بدعة عقدية، إنما المهم أن يحرر المعاني المرادة بهذه الأوصاف..اهـ

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    المطلب الثاني: هل الخلاف بين أهل السنة ومرجئة الفقهاء حقيقي أم لفظي؟



    ومنشأ النزاع في ذلك أن هؤلاء المرجئة، مع قولهم بإخراج العمل من الإيمان، ونفي الزيادة والنقصان عنه، ومنع الاستثناء فيه، إلا أنهم كانوا
    (مع سائر أهل السنة متفقين على أن الله يعذب من يعذبه من أهل الكبائر بالنار، ثم يخرجهم بالشفاعة، كما جاءت الأحاديث الصحيحة بذلك. وعلى أنه لابد في الإيمان أن يتكلم بلسانه، وعلى أن الأعمال المفروضة واجبة، وتاركها مستحق للذم والعقاب) (1) .
    ولهذا ذهب بعض أهل العلم إلى أن الخلاف بينهم وبين أهل السنة خلاف في الاسم واللفظ دون الحكم، وذهب آخرون إلى أنه خلاف حقيقي في الاسم واللفظ والحكم.
    تحقيق قول شيخ الإسلام في هذه المسألة:
    عزا بعض الباحثين إلى شيخ الإسلام أنه ممن يرى النزاع بين أهل السنة ومرجئة الفقهاء نزاعًا لفظيًا، على ما هو المتبادر من بعض كلامه.
    والتحقيق في ذلك أن شيخ الإسلام له عبارات متنوعة في تناول هذه المسألة:
    1
    - فتارة يقول عن الخلاف في الأعمال هل هي من الإيمان وفي الاستثناء ونحو ذلك: إن عامته نزاع لفظي.
    2
    - وتارة يقول: هذه البدعة أخف البدع فإن كثيرًا من النزاع فيها نزاع في الاسم واللفظ دون الحكم (2) .
    3
    - وتارة يشير إلى أن ذلك من بدع الأقوال والأفعال لا العقائد. قال: (ولهذا دخل في إرجاء الفقهاء جماعة هم عند الأمة أهل علم ودين، ولهذا لم يكفر أحد من السلف أحدًا من (مرجئة الفقهاء) بل جعلوا هذا من بدع الأقوال والأفعال، لا من بدع العقائد؛ فإن كثيرا من النزاع فيها لفظي، لكن اللفظ المطابق للكتاب والسنة هو الصواب. فليس لأحد أن يقول بخلاف قول الله ورسوله، لاسيما وقد صار ذلك ذريعة إلى بدع أهل الكلام من أهل الإرجاء وغيرهم، وإلى ظهور الفسق، فصار ذلك الخطأ اليسير في اللفظ سببا لخطأ عظيم في العقائد والأعمال، فلهذا عظم القول في ذم الإرجاء حتى قال إبراهيم النخعي: لفتنتهم يعنى المرجئة أخوف على هذه الأمة من فتنة الأزارقة) وذكر آثارا في ذم المرجئة (3) .
    وهذه المواضع الثلاثة لا تعارض بينها، فإنَّ فيها إقرارًا بأن هذا النزاع منه ما هو حقيقي، ومنه ما هو لفظي وهو الغالب والأكثر (4) .
    4-
    وتارة يبيِّن شيخ الإسلام أن الخلاف إنما يكون لفظيًا مع من أقرَّ بأن أعمال الجوارح لازمة لإيمان القلب، بحيث إذا انتفى اللازم انتفى الملزوم.
    وهذا يذكره في مواضع، ومع هذا فقد غفل كثير من الباحثين عن الإشارة إليه.
    ومن هذه المواضع قوله:
    (وقيل لمن قال دخول الأعمال الظاهرة في اسم الإيمان مجاز: نزاعك لفظي، فإنك إذا سلمت أن هذه لوازم الإيمان الواجب الذي في القلب وموجباته، كان عدم اللازم موجبًا لعدم الملزوم، فيلزم من عدم هذا الظاهر عدم الباطن، فإذا اعترفت بهذا كان النزاع لفظيًا. وإن قلت ما هو حقيقة قول جهم وأتباعه، من أنه يستقر الإيمان التام الواجب في القلب مع إظهار ما هو كفر وترك جميع الواجبات الظاهرة، قيل لك: فهذا يناقض قولك أن الظاهر لازم له وموجب له، بل قيل: حقيقة قولك أن الظاهر يقارن الباطن تارة، ويفارقه أخرى، فليس بلازم له ولا موجب ومعلول له، ولكنه دليل إذا وجد دل على وجود الباطن، وإذا عدم لم يدل عدمه على العدم، وهذا حقيقة قولك) (5) .
    وقال: (وهذا يلزم كل من لم يقل إن الأعمال الظاهرة من لوازم الإيمان الباطن. فإذا قال: إنها من لوازمه وأن الإيمان الباطن يستلزم عملًا صالحًا ظاهرا، كان بعد ذلك قوله: إن تلك الأعمال لازمة لمسمى الإيمان أو جزءًا منه نزاعا لفظيا كما تقدم) (6) .
    وقال: (وللجهمية هنا سؤال ذكره أبو الحسن في كتاب (الموجز)، وهو أن القرآن نفى الإيمان عن غير هؤلاء كقوله: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ [الأنفال:2]، ولم يقل إن هذه الأعمال من الإيمان. قالوا: فنحن نقول: من لم يعمل هذه الأعمال لم يكن مؤمنا؛ لأن انتفاءها دليل على انتفاء العلم من قلبه. والجواب عن هذا من وجوه:
    أحدها: أنكم سلمتم أن هذه الأعمال لازمة لإيمان القلب فإذا انتفت لم يبق في القلب إيمان، وهذا هو المطلوب، وبعد هذا فكونها لازمة أو جزءا نزاع لفظي.
    الثاني: أن نصوصا صرحت بأنها جزء كقوله: ((الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسِتُّونَ أَوْ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً)) (7) . ) (8) .
    وقال: (والمرجئة أخرجوا العمل الظاهر عن الإيمان، فمن قصد منهم إخراج أعمال القلوب أيضًا وجعلها هي التصديق، فهذا ضلال بين. ومن قصد إخراج العمل الظاهر، قيل لهم: العمل الظاهر لازم للعمل الباطن لا ينفك عنه، وانتفاء الظاهر دليل انتفاء الباطن، فبقي النزاع في أن العمل الظاهر هل هو جزء من مسمى الإيمان يدل عليه بالتضمن أو لازم لمسمى الإيمان؟
    والتحقيق أنه تارة يدخل في الاسم، وتارة يكون لازمًا للمسمى، بحسب إفراد الاسم واقترانه..) (9) .
    وقال: (ولما كان إيمان القلب له موجبات في الظاهر، كان الظاهر دليلًا على إيمان القلب ثبوتا وانتفاء، كقوله تعالى: لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ [المجادلة:22]، وقوله عز وجل: وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِالله والنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاء وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ [المائدة:81] وأمثال ذلك. وبعد هذا فنزاع المنازع في أن الإيمان في اللغة هل هو اسم لمجرد التصديق دون مقتضاه، أو اسم للأمرين يؤول إلى نزاع لفظي. وقد يقال: إن الدلالة تختلف بالإفراد والاقتران. والناس منهم من يقول: إن أصل الإيمان في اللغة التصديق، ثم يقول: والتصديق يكون باللسان ويكون بالجوارح، والقول يسمى تصديقا، والعمل يسمى تصديقا، كقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((العَيْنَانِ تَزْنِيَانِ وَزِنَاهُمَا النَّظَرُ وَالْأُذُنُ تَزْنِي وَزِنَاهَا السَّمْعُ وَالْيَدُ تَزْنِي وَزِنَاهَا الْبَطْشُ وَالرِّجْلُ تَزْنِي وَزِنَاهَا الْمَشْيُ وَالْقَلْبُ يَتَمَنَّى وَيَشْتَهِي وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبُهُ)) (10) ، وقال الحسن البصري: ليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي ولكن بما وقر في القلب وصدقه العمل (11) .
    ومنهم من يقول: بل الإيمان هو الإقرار وليس هو مرادفا للتصديق... وإنما المقصود أن فقهاء المرجئة خلافهم مع الجماعة خلاف يسير، وبعضه لفظي، ولم يعرف بين الأئمة المشهورين بالفتيا خلاف إلا في هذا، فإن ذلك قول طائفة من فقهاء الكوفيين كحماد بن أبي سليمان وصاحبه أبي حنيفة وأصحاب أبي حنيفة) (12) .
    وقال: (وهذا التصديق له لوازم داخلة في مسماه عند الإطلاق، فإن انتفاء اللازم يقتضي انتفاء الملزوم، ويبقى النزاع لفظيًا: هل الإيمان دال على العمل بالتضمن أو باللزوم؟
    ومما ينبغي أن يعرف أن أكثر التنازع بين أهل السنة في هذه المسألة هونزاع لفظي، وإلا فالقائلون بأن الإيمان قول من الفقهاء، كحماد بن أبى سليمان، وهو أول من قال ذلك، ومن اتبعه من أهل الكوفة وغيرهم متفقون مع جميع علماء السنة على أن أصحاب الذنوب داخلون تحت الذم والوعيد، وإن قالوا: إن إيمانهم كامل كإيمان جبريل (13) ، فهم يقولون: إن الإيمان بدون العمل المفروض ومع فعل المحرمات يكون صاحبه مستحقا للذم والعقاب كما تقوله الجماعة. ويقولون أيضا بأن من أهل الكبائر من يدخل النار كما تقوله الجماعة. والذين ينفون عن الفاسق اسم الإيمان من أهل السنة متفقون على أنه لا يخلد في النار، فليس بين فقهاء الملة نزاع في أصحاب الذنوب إذا كانوا مقرين باطنا وظاهرا بما جاء به الرسول وما تواتر عنه أنهم من أهل الوعيد وأنه يدخل النار منهم من أخبر الله ورسوله بدخوله إليها ولا يخلد منهم فيها أحد ولا يكونون مرتدين مباحي الدماء) (14) .
    ومن خلال هذه النقولات يتضح أن شيخ الإسلام يرى الخلاف لفظيًا مع من أقر بالتلازم بين الظاهر والباطن،وأن العمل الظاهر لازم للإيمان الباطن لا ينفك عنه، بحيث إذا انتفى اللازم انتفى الملزوم. وأما من يرى العمل ثمرة تقارن الباطن تارة وتفارقه أخرى، فهذا قائل بقول جهم، والنزاع معه حقيقي بلا ريب.
    وقول شيخ الإسلام: (خلافهم مع الجماعة خلاف يسير، وبعضه لفظي)، وقوله: (أن أكثر التنازع بين أهل السنة في هذه المسألة هو نزاع لفظي) ونحو هذا من كلامه، يدل على أن الخلاف مع مرجئة الفقهاء- وإن قالوا بالتلازم- حقيقي في بعض المسائل، ولعله يشير إلى قولهم في الاستثناء، أو تجويزهم أن يقول أفسق الناس: إن إيمانه كإيمان جبريل عليه السلام !
    وقد ترتب على قولهم في الاستثناء مذهب شنيع،
    وهو تكفير المستثني، بحجة أنه شاك في إيمانه، ولهذا منع بعض الحنفية من تزويج القائل بالاستثناء؛ لكن المحققين منهم على خلافه.
    قال ابن نجيم: (وقال الرستغفني: لا تجوز المناكحة بين أهل السنة والاعتزال. وقال الفضل: لا يجوز بين من قال: أنا مؤمن إن شاء الله تعالى؛ لأنه كافر. ومقتضاه منع مناكحة الشافعية، واختلف فيها هكذا، قيل: يجوز، وقيل: يتزوج بنتهم ولا يزوجهم بنته، وعلله في البزازية بقوله: تنزيلًا لهم منزلة أهل الكتاب. وقد قدمنا في باب الوتر والنوافل إيضاح هذه المسألة، وأن القول بتكفير من قال: أنا مؤمن إن شاء الله غلط، ويجب حمل كلامهم على من يقول ذلك شاكا في إيمانه، والشافعية لا يقولون به، فتجوز المناكحة بين الحنفية والشافعية بلا شبهة. وأما المعتزلة فمقتضى الوجه حل مناكحتهم؛ لأن الحق عدم تكفير أهل القبلة، كما قدمنا نقله عن الأئمة في باب الإمامة) (15) .
    والحاصل أن إرجاء الفقهاء يحتمل أمرين:
    الأول: عدم إثبات التلازم بين الظاهر والباطن، والقائل بهذا خلافه مع أهل السنة خلاف حقيقي جوهري.
    والثاني: إثبات التلازم بين الظاهر والباطن، والتسليم بأن انتفاء اللازم يدل على انتفاء الملزوم، والقائل بهذا خلافه مع أهل السنة أكثره لفظي، وبدعته في إخراج العمل من مسمى الإيمان، من بدع الأقوال والأفعال، لا من بدع العقائد.
    هذا تحرير مذهب شيخ الإسلام، في هذه المسألة، حسبما ظهر لي من تتبع كلامه في مواطن كثيرة من كتبه.
    وممن ذهب إلى أن الخلاف بين أهل السنة ومرجئة الفقهاء خلاف صوري:
    ابن أبي العز الحنفي في شرحه على الطحاوية،
    حيث قال: (والاختلاف الذي بين أبي حنيفة والأئمة الباقين من أهل السنة خلاف صوري؛ فإن كون أعمال الجوارح لازمة لإيمان القلب، أو جزءا من الإيمان، مع الاتفاق على أن مرتكب الكبيرة لا يخرج من الإيمان، بل هو في مشيئة الله إن شاء عذبه وإن شاء عفا عنه: نزاع لفظي لا يترتب عليه فساد اعتقاد) (16) .
    وهذا موافق لما قرره شيخ الإسلام، من جعل الخلاف مع هؤلاء المرجئة لفظياً، إذا أقروا بأن أعمال الجوارح لازمة لإيمان القلب.
    ومنهم: الحافظ الذهبي، فقد قال: (قال معمر: قلت لحماد: كنت رأسا وكنت إماما في أصحابك، فخالفتهم فصرت تابعا. قال: إني أن أكون تابعا في الحق، خير من أن أكون رأسا في الباطل.
    قلت: يشير معمر إلى أنه تحول مرجئًا إرجاء الفقهاء، وهو أنهم لا يعدّون الصلاة والزكاة من الإيمان، ويقولون: الإيمان إقرار باللسان، ويقين في القلب، والنزاع على هذا لفظي إن شاء الله، وإنما غلو الإرجاء من قال: لا يضر مع التوحيد ترك الفرائض. نسأل الله العافية) (17) .
    وصرح بعض أهل العلم بأن الخلاف حقيقي جوهري، بإطلاق:

    قال الشيخ ابن باز معلقًا على قول الطحاوي في عقيدته المشهورة: (والإيمان هو الإقرار باللسان، والتصديق بالجنان): (هذا التعريف فيه نظر وقصور، والصواب الذي عليه أهل السنة والجماعة أن الإيمان قول وعمل واعتقاد، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، والأدلة على ذلك من الكتاب والسنة أكثر من أن تحصر، وقد ذكر الشارح ابن أبي العز جملة منها فراجعها إن شئت. وإخراج العمل من الإيمان هو قول المرجئة، وليس الخلاف بينهم وبين أهل السنة فيه لفظيًا، بل هو لفظي ومعنوي، ويترتب عليه أحكام كثيرة، يعلمها من تدبر كلام أهل السنة وكلام المرجئة، والله المستعان) (18) .
    وقال الشيخ الألباني معلقا على كلام الطحاوي أيضًا: (هذا مذهب الحنفية والماتريدية، خلافاً للسلف وجماهير الأئمة كمالك والشافعي وأحمد والأوزاعي وغيرهم، فإن هؤلاء زادوا على الإقرار والتصديق: العمل بالأركـان.
    وليس الخلاف بين المذهبين اختلافًا صوريًا كما ذهب إليه الشارح رحمه الله تعالى، بحجة أنهم جميعاً اتفقوا على أن مرتكب الكبيرة لا يخرج عن الإيمان، وأنه في مشيئة الله، إن شاء عذبه وإن شاء عفا عنه. فإن هذا الاتفاق وإن كان صحيحاً، فإن الحنفية لو كانوا غير مخالفين للجماهير مخالفة حقيقية في إنكارهم أن العمل من الإيمان، لاتفقوا معهم على أن الإيمان يزيد وينقص وأن زيادته بالطاعة، ونقصه بالمعصية، مع تضافر أدلة الكتاب والسنة والآثار السلفية على ذلك، وقد ذكر الشارح طائفة طيبة منها (ص342-344) ولكن الحنفية أصروا على القول بخلاف تلك الأدلة الصريحة في الزيادة والنقصان، وتكلفوا في تأويلها تكلفاً ظاهراً، بل باطلاً، ذكر الشارح (ص342) نموذجاً منها، بل حكى عن أبي المعين النسفي أنه طعن في صحة حديث: ((الإيمان بضع وسبعون شعبة..)) مع احتجاج كل أئمة الحديث به، ومنهم البخاري ومسلم في صحيحيهما، وهو مخرج في (الصحيحة) (1769) وما ذلك إلا لأنه صريح في مخالفة مذهبهم!
    ثم كيف يصح أن يكون الخلاف المذكور صوريًا، وهم يجيزون لأفجر واحد منهم أن يقول: إيماني كإيمان أبي بكر الصديق! بل كإيمان الأنبياء والمرسلين وجبريل وميكائيل عليه الصلاة والسلام! كيف وهم بناء على مذهبهم هذا لا يجيزون لأحدهم - مهما كان فاجراً فاسقاً - أن يقول: أنا مؤمن إن شاء الله تعالى، بل يقول: أنا مؤمن حقاً! والله عز وجل يقول: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ [الأنفال:2-4]، وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلا [النساء:122] وبناء على ذلك كله اشتطوا في تعصبهم، فذكروا أن من استثنى في إيمانه فقد كفر! وفرعوا عليه أنه لا يجوز للحنفي أن يتزوج بالمرأة الشافعية! وتسامح بعضهم– زعموا – فأجاز ذلك دون العكس، وعلل ذلك بقوله: تنـزيلاً لها منـزلة أهل الكتاب! وأعرف شخصاً من شيوخ الحنفية خطب ابنته رجل من شيوخ الشافعية، فأبى قائلاً: لولا أنك شافعي! فهل بعد هذا مجال للشك في أن الخلاف حقيقي؟ ومن شاء التوسع في هذه المسألة فليرجع إلى كتاب شيخ الإسلام ابن تيمية: (الإيمان) فإنه خير ما ألف في هذا الموضوع) (19) . (


    http://www.dorar.net/enc/aqadia/3269
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي

    جزى الله علماء أهل السنة خير الجزاء على البيان والتوضيح.
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي

    مرجئة الفقهاء
    بهذا الاسم سماها شيخ الإسلام (1) ، وأحيانا يسميهم فقهاء المرجئة (2) ، وهو الاسم الذي يعرف به طائفة من أهل العلم أخطأت في باب الإيمان، فأخرجت العمل منه.
    وقد كان وقت ظهور هذا الإرجاء أواخر عصر الصحابة، وموطنه الذي ظهر فيه هو الكوفة، وسبق تبيان ذلك مفصلا.
    وسبب ظهور هذا الإرجاء أخبر به شيخ الإسلام بقوله: "وكذلك الإرجاء إنما أحدثه قوم قصدهم جعل أهل القبلة كلهم مؤمنين ليسوا كفارا، قابلوا الخوارج والمعتزلة فصاروا طرفا آخر" (3) .
    ويقول رحمه الله: "وحدثت المرجئة، وكان أكثرهم من الكوفة، ولم يكن أصحاب عبدالله - يعني ابن مسعود رضي الله عنه - من المرجئة، ولا إبراهيم النخعي وأمثاله، فصاروا نقيض الخوارج والمعتزلة، فقالوا: الأعمال ليست من الإيمان" (4) .
    ومع أن بدعة هؤلاء تعد أخلف بدع المرجئة، إلا أن أئمة السلف آنذاك كان لهم معها وقفة عظيمة، تمثلت في الإنكار على أهلها، وتغليظ القول فيهم، وتبديع مقالتهم، وردها، وبيان ما تحمله من خطر عظيم على الدين (5) .
    يقول شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: "ثم إن السلف اشتد إنكارهم على هؤلاء، وتبديعهم، وتغليظ القول فيهم" (6) .
    ويقول: "وأما المرجئة، فليسوا من هذه البدع المعضلة، بل قد دخل في قولهم طوائف من أهل الفقه والعبادة، وما كانوا يعدون إلا من أهل السنة، حتى تغلظ أمرهم بما زادوه من الأقوال المغلظة" (7) .
    ويقول: "ولهذا دخل في إرجاء الفقهاء جماعة هم عند الأمة أهل علم ودين، ولهذا لم يكفر أحد من السلف أحدا من مرجئة الفقهاء، بل جعلوا هذا من بدع الأقوال والأفعال، لا من بدع العقائد، فإن كثيرا من النزاع فيها لفظي، لكن اللفظ المطابق للكتاب والسنة هو الصواب، فليس لأحد أن يقول بخلاف قول الله ورسوله، لا سيما وقد صار ذريعة إلى بدع أهل الكلام من أهل الإرجاء وغيرهم، وإلى ظهور الفسق، فصار ذلك الخطأ اليسير في اللفظ سببا لخطأ عظيم في العقائد والأعمال.
    فلهذا عظم القول في ذم الإرجاء، حتى قال إبراهيم النخعي: لفتنتهم - يعني المرجئة - أخوف على هذه الأمة من فتنة الأزارقة.
    وقال الزهري: ما ابتدعت في الإسلام بدعة أضر على أهله من الإرجاء (8) .
    وقال الأوزاعي: كان يحيى بن أبي كثير، وقتادة يقولان: ليس شيء من الأهواء أخوف عندهم على الأمة من الإرجاء (9) .
    وقال شريك القاضي - وذكر المرجئة - فقال: هم أخبث قوم، وحسبك بالرافضة خبثا، ولكن المرجئة يكذبون على الله (10) .
    وقال سفيان الثوري: تركت المرجئة الإسلام أرق من ثوب سابري (11) " (12) .
    ولما نقل شيخ الإسلام ما ذكره الإمام أبو عبيد من الأعداد الهائلة من العلماء الذين يجعلون الإيمان قول وعمل (13) ، وأكثر من تسمية علماء الكوفة، نبه شيخ الإسلام على مقصده من ذلك بقوله:
    "قلت: ذكر من الكوفيين من قال ذلك أكثر من ذكر غيرهم؛ لأن الإرجاء في أهل الكوفة كان أولا فيهم أكثر،....، فاحتاج علماؤها أن يظهروا إنكار ذلك، فكثر منهم من قال ذلك" (14) .
    وأما المسائل التي خالف فيها مرجئة الفقهاء ما عليه سلف الأمة في باب الإيمان خاصة، فقد حررها شيخ الإسلام رحمه الله تحريراً بالغا، إذ يقول:
    "ثم بعد ذلك تنازع الناس اسم المؤمن والإيمان نزاعا كثيرا منه لفظي، وكثير منه معنوي، فإن أئمة الفقهاء لم ينازعوا في شيء مما ذكرناه من الأحكام، وإن كان بعضهم أعلم بالدين، وأقوم به من بعض، ولكن تنازعوا في الأسماء، كتنازعهم في:
    الإيمان: هل يزيد وينقص؟
    وهل يستثنى فيه أم لا؟
    وهل الأعمال من الإيمان أم لا؟
    وهل الفاسق المليء مؤمن كامل الإيمان أم لا؟" (15) .
    وأما الذين تولوا نشر آراء هذه الطائفة، فقد سمي شيخ الإسلام طائفة منهم، وهم:
    1- إبراهيم التيمي (16) :
    هو أبو أسماء إبراهيم بن يزيد بن شريك التيمي، المتوفى سنة 92هـ.
    كان كما وصفه الذهبي شابا صالحا، قانتا لله، عالما، فقيها، كبير القدر، واعظا، وكان إذا سجد كأنه جذم حائط ينزل على ظهره العصافير.
    قال أبو زرعة فيه: ثقة، مرجئ.
    يقال: قتله الحجاج، وقيل مات في حبسه، ولم يبلغ أربعين سنة رحمه الله تعالى.
    وفي الإرجاء الذي وقع فيه يقول شيخ الإسلام: "وفي الجملة الذين رموا بالإرجاء من الأكابر، مل طلق بن حبيب، وإبراهيم التيمي، ونحوهما كان إرجاؤهم من هذا النوع (17) ، وكانوا أيضاً لا يستثنون في الإيمان" (18) .
    2- طلق بن حبيب (19) :
    هو طلق - بسكون اللام - ابن حبيب العنزي - بفتح المهملة والنون - البصري، وفاته ما بين التسعين إلى المائة من الهجرة.
    وصفة الذهبي بالزاهد الكبير، ومن العلماء العاملين، وأنه من صلحاء التابعين، إلا أنه يرى الإرجاء.
    وكان طلق يتكلم على الناس، ويعظ، وكان من أحسن الناس صوتا، فلما وقعت فتنة ابن الأشعث قال: اتقوها بالتقوى، فقيل له: صف لنا التقوى، قال: العمل بطاعة الله، على نور من الله ؛ رجاء ثواب الله، وترك معاصي الله، على نور من الله؛ مخافة عذاب الله.
    ومع هذا، فقد كان هو وسعيد بن جبير وقراء كانوا معهم ممن طلبهم الحجاج لقتلهم؛ بسبب هذه الفتنة المظلمة.
    وقد نهى سعيد بن جبير عن مجالسته؛ للإرجاء وجاء في سيرته أنه كان داعية إليه.
    وقد تقدم ما قاله شيخ الإسلام عن الإرجاء الذي رمي به طلق غفر الله له.
    3- ذر الهمداني (20) :
    هو أبو عمر ذر بن عبدالله بن زرارة المرهبي - بضم الميم، وسكون الراء - الهمداني، الكوفي، مات سنة 99هـ.
    في عداد التابعين الثقات، ومن عباد أهل الكوفة، ومن أبلغ الناس في القصص.
    ومع هذه الأوصاف الرفيعة، فقد وقع في هوة سحيقة، حيث زل في أمرين منكرين:
    أولاهما: الخروج على الحجاج، وحض الناس على ذلك، فقد آتاه الله بلاغة في القصص، فجعلها سلاحا لمبتغاه، فما زال بالناس مع جماعة من موافقيه، في اجتهاد اجتهدوه - والله يغفر لهم - حتى خلعوا الحجاج، ثم جرى ما جرى، من بطش وتقتيل طال أكابر العلماء، والله المستعان.
    يقول الذهبي: "لما أجمع ابن الأشعث المسير من سجستان، وقصد العراق لقي ذرا الهمداني، فوصله، وأمره أن يحض الناس، فكان يقص كل يوم، وينال من الحجاج، ثم سار الجيش وقد خلعوا الحجاج" (21) .
    وثانيهما قوله بالإرجاء، ونصرته لهذه المقالة المهلكة.
    وقد ذكر واصفوه - كما تقدم - أنه بليغ في كلامه، ساحر في بيانه، فلما تبني هذه المقالة الشائنة، حصل تأثير بدعوته من فئام كثير، حتى صارت الكتب تأتيه من الآفات، ومعلوم أن الغوغاء يتأثرون بمن حاله دون ذلك، فما بالك بمثل ذر!.
    وفي قوله بالإرجاء ما يجعله عبرة وعظة لمريد النجاة، ذلك أن أول وقوعه في بدعة الإرجاء سببه زلة، أعقبها عجب ومعاندة، حتى صار رأيه مذهبا متبعا، والعياذ بالله.
    فقد ذكر سلمة بن كهيل أن ذرا أول من تكلم في الإرجاء.
    وقال ذر: إني أخاف أن يتخذ هذا دينا.
    فلما أتته الكتب من الآفاق، قال ذر: وهل أمر غير هذا؟! (22) .
    وقال الحسن بن عبيدالله: "سمعت إبراهيم - يعني النخعي - يقول لذر: ويحك يا ذر ما هذا الدين الذي جئت به؟
    قال ذر: ما هو إلا رأي رأيته.
    قال: ثم سمعت ذرا يقول: إنه لدين الله - عز وجل - الذي بعث الله بوحي عليه السلام!" (23) .
    ويقول ذر عن نفسه: "لقد أشرعت رأيا خفت أن يتخذ دينا" (24) .
    يقول إسحاق بن هانئ: قلت لأبي عبدالله - يعني الإمام أحمد -: أول من تكلم في الإيمان من هو؟
    قال: يقولون: أول من تكلم فيه ذر (25) .
    وللسلف موقف يناسب حاله، كعادتهم مع أمثاله، إذ هجره إبراهيم النخعي، وسعيد بن جبير؛ للإرجاء (26) .
    والذي نقله شيخ الإسلام عن ذر هو مناقشة سعيد بن جبير له، وقوله له: "ألا تستحي من رأي أنت أكبر منه" (27) .
    وتنقل بعض كتب الأثر تفصيلات لموقف سعيد بن جبير من ذر:
    من ذلك أنه ناصحه، وحثه على تقوى الله، والحرص على ما ينفعه من القيام بالفرائض والطاعات.
    يقول عمر بن ذر: كتب سعيد بن جبير إلى أبي كتابا أوصاه بتقوى الله، وقال: إن بقاء المسلم كل يوم غنيمة، فذكر الفرائض، والصلوات، وما يرزقه الله من ذكره (28) .
    ومما جاء فيها أنه لا يكلمه، ولا يرد عليه السلام، ولعله بعد مناصحته له، وإصرار ذر على رأيه (29) .
    وفيها أيضا: "أن ذرا أتي سعيد بن جبير يوما في حاجة، فقال: لا، حتى تخبرني على أي دين أنت اليوم، أو رأي أنت اليوم، فإنك لا تزال تلتمس دينا قد أضللته، الا تستحي من رأي أنت أكبر منه" (30) .
    4- حماد بن أبي سليمان:
    هو أبو إسماعيل حماد بن مسلم الكوفي الأشعري مولاهم، من صغار التابعين (31) ، توفي سنة 120هـ.
    يقول الذهبي في بيان مكانته العلمية: "فأفقه أهل الكوفة علي وابن مسعود، وأفقه أصحابهما علقمة، وأفقه أصحابه إبراهيم، وأفقه أصحاب إبراهيم حماد" (32) .
    ويقول: "وتفقه بإبراهيم النخعي، وهو أنبل أصحابه، وأفقههم، وأقيسهم، وأبصرهم بالمناظرة والرأي" (33) .
    لكنه في باب الآثار والسنن ليس بذاك، قال أبو حاتم رحمه الله: "صدق، لا يحتج به، مستقيم في الفقه فإذا جاء الآثار شوش" (34) .
    "وعن شعبة: قال: كان حماد بن أبي سليمان لا يحفظ.
    يعني: أن الغالب عليه الفقه، وأنه لم يرزق حفظ الآثار" (35) .
    وما ذكر في سيرته من عدم عنايته بالآثار فيه لفتة مهمة في معرفة حال أصحاب الجرأة على القول في الدين بما لم يسبقوا إليه، والله المستعان.
    ثم هو رأس بين أصحابه، وإمام عندهم، ولذا تلحظ في أجوبته حينما يسأل عن بدعته نفسا حادا، فقد نقل عنه لما سئل: "ما هذا الرأي الذي أحدثت؟ لم يكن على عهد إبراهيم النخعي!، فقال: لو كان حيا لتابعني عليه" (36) .
    "وقال معمر: قلت لحماد: كنت رأسا، وكنت إماما في أصحابك، فخالفتهم فصرت تابعا؟
    قال: إني أكون تابعا في الحق خير من أن أكون رأسا في الباطل" (37) .
    ولما قدم الكوفة قادما من الحج قال: "أبشروا يا أهل الكوفة رأيت عطاء، وطاووسا، ومجاهدا، فصبيانكم، بل صبيان صبيانكم أفقه منهم.
    قال مغيرة - راوي الخبر : فرأينا ذلك بغيا منه" (38) .
    وأمام هذه الأحوال كان لحماد مقام مشهور غير محمود في تبني القول بالإرجاء، وإخراج العمل منه، حتى عده شيخ الإسلام أول قائل به.
    يقول شيخ الإسلام رحمه الله: "الإرجاء في أهل الكوفة كان أولا فيهم أكثر، وكان أول من قاله حماد بن أبي سليمان" (39) .
    ويقول: "لكن حماد بن أبي سليمان خالف سلفه، واتبعه من اتبعه، ودخل في هذا طوائف من أهل الكوفة، ومن بعدهم" (40) .
    وقد كان للسلف موقف يناسبه، حتى ممن كان من أصحابه والمتلقين عنه، فهذا الأعمش بعد أن كان يروي عنه؛ لما تكلم بالإرجاء صار إذا لقيه لم يسلم عليه (41) .
    "وقال شعبة: كنت مع زبيد، فمررنا بحماد، فقال: تنح عن هذا، فقط أحدث.
    وقال مالك بن أنس: كان الناس عندنا هم أهل العراق، حتى وثب إنسان يقال له حماد، فاعترض هذا الدين، فقال فيه برأيه" (42) .
    5- سالم الأفطس (43) .
    هو أبو محمد سالم بن عجلان الأفطس الحراني الأموي مولاهم المتوفى مقتولا سنة 132هـ.
    في عداد التابعين، ومع كونه ثقة في الحديث إلا أنه كان يخاصم في الإرجاء، داعية إليه، ويجادل عليه.
    وقد نقل شيخ الإسلام ما يفيد ذلك، حيث ذكر حديث معقل العبسي، وفيه قوله:
    "قدم علينا سالم الأفطس بالإرجاء، فنفر منه أصحابنا نفوراً شديداً، منهم ميمون بن مهران، وعبدالكريم بن مالك، فإنه عاهد الله أن لا يؤويه وإياه سقف بيت إلا المسجد" (44) .
    ونقل أيضا المحاورة التي جرت بينه وبين مبارك بن حسان، حيث يقول: "وروي ابن بطة بإسناده عن مبارك بن حسان قال:
    قلت لسالم الأفطس: رجل أطاع الله فلم يعصه، ورجل عصى الله فلم يطعه، فصار المطيع إلى الله فأدخله الجنة، وصار العاصي إلى الله فأدخله النار، هل يتفاضلان في الإيمان؟ قال: لا" (45) .
    6- أبو حنيفة:
    هو النعمان بن ثابت بن زوطي الكوفي، أحد الأئمة الأربعة المتبوعين، المتوفى سنة 150هـ.
    يقول الذهبي معرفا به: "الإمام، فقيه الملة، عالم العراق" (46) .
    وقال: "وعني بطلب الآثار، وارتحل في ذلك، وأما الفقه والتدقيق في الرأي وغوامضه، فإليه المنتهى، والناس عيال عليه في ذلك" (47) .
    من أبرز مشايخه الذين تأثر بهم شيخه حماد بن أبي سليمان، إذ هو شيخه الذي اختص به، وأكثر من ملازمته (48) ، فانصبغ أثر الشيخ في التليمذ، فصار الأثر ظاهرا، من جهة الإكثار من الرأي دون الأثر، ومن جهة الموافقة له في مقالة الإيمان (49) .
    وقد اشتغل بعلم الكلام في أوائل طلبه للعلم، ومهر فيه، ثم عافاه الله منه، فتركه وزهد فيه (50) .
    وقد أثنى شيخ الإسلام عليه، وأنصفه، وبين "أن أبا حنيفة وإن كان الناس خالفوه في أشياء، وأنكروها عليه، فلا يستريب أحد في فقهه وفهمه وعلمه، وقد نقلوا عنه أشياء يقصدون بها الشناعة عليه، وهي كذب عليه قطعا" (51) .
    ثم إن اعتقاده في التوحيد والقدر ونحو ذلك موافق لاعتقاد أئمة السنة، وهو ما كان عليه الصحابة والتابعون لهم بإحسان، وهو ما نطق به الكتاب والسنة (52) .
    ومع هذا، فإن أهل البدع إذا انتسبوا إلى إمام من أئمة السنة لم يكن ذلك مذهبا للإمام، إلا في الإرجاء، فإنه مذهب أبي حنيفة عفا الله عنه، وأما التجهم فاختلف النقل عنه، ولذلك اختلف أصحابه ما بين سنية وجهمية؛ لأن أصوله لا تنفي البدع وإن لم تثبتها (53) .
    7- عمر بن ذر (54) :
    هو أبو ذر عمر بن ذر بن عبدالله بن زرارة الهمداني، ثم المرهبي الكوفي، المتوفى سنة 156هـ، وقيل غير ذلك.
    وهو من شيوخ أبي حنيفة، وقد اتصف بالزهد والعبادة، وكان ثقة، واعظا بليغا حسن الصوت، لكنه رأس في الإرجاء، ولما مات لم يشهده سفيان الثوري.
    وقد أورده شيخ الإسلام في سياق قصة لمعقل بن عبيدالله العبسي، وأنه دخل على عطاء بن أبي رباح في نفر من أصحابه، وجرت بينهم محاورة حول ما أحدثه المرجئة الفقهاء، وتبري عطاء منهم، وفيها قال معقل مخاطبا عطاء:
    "قلت: إنهم انتحلوك، وبلغني أن ابن ذر دخل عليك في أصحاب له، فعرضوا عليك قولهم فقبلته، فقلت هذا الأمر؟
    فقال: لا والله الذي لا إله إلا هو - مرتين أو ثلاثا - " (55) .
    8- شبابة بن سوار (56) :
    هو أبو عمرو شبابة بن سوار الفزاري مولاهم المدائني، المتوفى سنة 206هـ، وقيل غير ذلك.
    وصفه الذهبي بأنه من كبار الأئمة، إلا أنه مرجئ، وأنه صدوق، مكثر، صاحب حديث، فيه بدعة.
    وقالوا الإمام أحمد: تركته للإرجاء، ولما سئل عنه قال: شبابة كان يدعو إلى الإرجاء.
    قال: وحكى عن شبابة قول أخبث من هذه الأقاويل، ما سمعت أحدا عن مثله.
    قال: قال شبابة: إذا قال، فقد عمل بجارحته، أي بلسانه، فقد عمل بلسانه حين تكلم.
    ثم قال أبو عبدالله: هذا قول خبيث، ما سمعت أحدا يقول به، ولا بلغني (57) .
    وبالانتهاء من التعريف بشبابة ينتهي ما تم الوقوف عليه من الأسماء التي ذكرها شيخ الإسلام ممن دخل ضمن رجال مرجئة الفقهاء، وقبل ختم ذلك، فمما ينبه عليه أن للحافظ الذهبي رحمه الله كلمة قالها حول بعض من ذكر خبره ههنا، وغيرهم، ممن رمي بالإرجاء من الفقهاء، فإنه بعد أن سمى جماعة منهم قال: "الإرجاء مذهب لعدة من جلة العلماء، لا ينبغي التحامل على قائله" (58) .
    وقد استروح بعضهم هذه الكلمة، فدفع بها كون إرجاء الفقهاء من الإرجاء المذموم، وحصر الذم في إرجاء من يقول إن الإيمان هو المعرفة (59) .
    ولا ريب أن كلمة الذهبي لا تدل على هذه الدعوى البتة، خاصة أنها جاءت في سيرة مسعر بن كدام، وقول بعضهم إنه مرجئ، مع جماعة ممن وقع في الإرجاء من الفقهاء.
    فهنا علق الذهبي بتلك المقولة، وغاية ما فيها النهي عن التحامل على من وقع في الإرجاء من الفقهاء، وهذا حق، لكن التحذير من مقالتهم واجب شرعا، وهو ما صنعه الأئمة، وصنعه الذهبي نفسه،، فقد رأينا في السير السابقة وصفه لهم بالإرجاء، والله أعلم.
    وبعد الوقوف على شيء من سيرة رجال فقهاء المرجئة، يبقى النظر في مجمل معتقدهم رحمهم الله.
    وقد صرح شيخ الإسلام كما سبق النقل عنه بأن أبا حنيفة على طريق السلف في التوحيد والقدر (60) ، وأن المأخذ عليه الثابت عنه هو في مسألة الإيمان (61) .
    والناظر في معتقد أبي حنيفة يجد هذه الحقيقة ظاهرة، فإن مجمل معتقده رحمه الله يتلخص فيما يلي (62) :
    1- العناية بأنواع التوحيد كلها، وخاصة توحيد الألوهية، وسد ذرائع الشرك.
    2- إثبات الأسماء والصفات، إثباتا يليق بالله تعالى.
    3- إثبات الرؤية، مع الإقرار بالعلو.
    4- الإيمان بالقدر بمراتبه الأربع: العلم، والكتابة، والمشيئة، والخلق.
    5- أن الإيمان مجرد تصديق القلب، وقول اللسان، وأنه لا يزيد ولا ينقص، وأن مرتكب الكبيرة مؤمن كامل الإيمان.
    هذا هو مجمل معتقد أبي حنيفة، وهو - بحمد الله - موافق لما عليه أهل السنة عدا باب الإيمان، ومما يلزم ذكره أن هذا المعتقد لأبي حنيفة ليس هو الذي عليه المنتسبون إلى مذهبه في العصور المتأخرة، بل غلب على كثير منهم الابتداع، وصار جلهم على المعتقد الماتريدي، إلا من تمسك منهم بالأثر، واتبع الحديث، وهدي إلى السنة (63) . (64)
    http://www.dorar.net/enc/firq/616
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  6. #6

    افتراضي

    قال ابن عبد البر عن أبي حنيفة"وَكُلُّ مَنْ قَالَ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ الإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ يُنْكِرُونَ َوْلَهُ وَيُبَدِّعُونَه ُ بِذَلِكَ"

    قال ابن تيمية
    "وَأَنْكَرَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَمَنْ اتَّبَعَهُ تَفَاضُلَ الْإِيمَانِ وَدُخُولَ الْأَعْمَالِ فِيهِ وَالِاسْتِثْنَا ءَ فِيهِ ؛ وَهَؤُلَاءِ مِنْ مُرْجِئَةِ الْفُقَهَاءِ وَأَمَّا إبْرَاهِيمُ النَّخَعِي - إمَامُ أَهْلِ الْكُوفَةِ شَيْخُ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ - وَأَمْثَالُهُ ؛ وَمَنْ قَبْلَهُ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ مَسْعُودٍ : كعلقمة وَالْأَسْوَدِ ؛ فَكَانُوا مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ مُخَالَفَةً لِلْمُرْجِئَةِ وَكَانُوا يَسْتَثْنُونَ فِي الْإِيمَانِ ؛ لَكِنَّ حَمَّادَ بْنَ أَبِي سُلَيْمَانَ خَالَفَ سَلَفَهُ ؛ وَاتَّبَعَهُ مَنْ اتَّبَعَهُ (أي تلميذه أبو حنيفة) وَدَخَلَ فِي هَذَا طَوَائِفُ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ . ثُمَّ إنَّ " السَّلَفَ وَالْأَئِمَّةَ " اشْتَدَّ إنْكَارُهُمْ عَلَى هَؤُلَاءِ وَتَبْدِيعُهُمْ وَتَغْلِيظُ الْقَوْلِ فِيهِمْ"

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو أمينة المصري مشاهدة المشاركة
    قال ابن عبد البر عن أبي حنيفة"وَكُلُّ مَنْ قَالَ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ الإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ يُنْكِرُونَ َقوْلَهُ وَيُبَدِّعُونَه ُ بِذَلِكَ"
    [/RIGHT]
    قاله ابن عبد البر في كتابه "الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء مالك والشافعي وأبي حنيفة رضي الله عنهم" ص 149.

  8. #8

    افتراضي

    لنزاع يكون لفظيا إن كان في الأسماء ؛ كمن يقول الإيمان هو التصديق ؛ وإذا فصل يقول إيمان القلب وإقراره وقول اللسان وعمل الجوارح ؛ وهذا عند الإطلاق اما أن يختصه بتصديق القلب فحسب مخرجاً الاعمال منه والأقوال فهذا منافٍ للمسمى في حد ذاته ؛ فمثلاً تخبــرني بخطرِ العقربِ فـأقول لك أصدقك ؛ ثم أضع يديِّ في حُمتها ؛ فهذا ليس بتصديق ؛ لذا كان من يخالفُ قولهُ فعله يسمى مُكذبا ؛ والصدق أن يوافق الخبـر الحال والقول الفعل فإن خالفها سُمي كذباً ؛ فبهذا المعنى يكون التصديق شاملا للجوارح الثلاث : القلب واللسان والجوارح ؛ أما قول القائل أن الإيمان هو تصديق القلب فقط فهذا هو الإرجاء المذموم ...والعلم عند الله تعالى .

  9. #9

    افتراضي

    بارك الله فيكم
    صحّ عن جماعة من أئمة أصحاب الحديث تكفير المرجئة القائلين بأن الإيمان قول بلا عملٍ! فهل يصحّ نفي التكفير عن إمام من أئمة أصحاب الحديث المتقدمين؟
    وما ذكره الخلال في السنة عن الإمام أحمد رحمه الله من عدم تكفيره لهم ففي إسناده ضعف.



  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Jul 2016
    المشاركات
    1,348

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو محمد المأربي مشاهدة المشاركة
    بارك الله فيكم
    صحّ عن جماعة من أئمة أصحاب الحديث تكفير المرجئة القائلين بأن الإيمان قول بلا عملٍ! فهل يصحّ نفي التكفير عن إمام من أئمة أصحاب الحديث المتقدمين؟
    وما ذكره الخلال في السنة عن الإمام أحمد رحمه الله من عدم تكفيره لهم ففي إسناده ضعف.

    أئمة الحديث لم يكونوا يسارعون في تكفير المسلمين الا من قامت عليه الحجج البينات والآيات الساطعات مع انتفاء الموانع والتاويلات المحتملات
    وقد صح عنهم تكفير غلاة الجهمية الذين يقولون أن القرآن مخلوق , وكذا من يقول أن الايمان هو مجرد المعرفة أو تكفي فيه النية
    لكن بدعوا من قال من المرجئة أن الايمان هو قول بلا عمل
    قال البخاري في خلق أفعال العباد
    ( وقال وكيع: احذروا هؤلاء المرجئة وهؤلاء الجهمية.
    والجهمية كفار والمريسي جهمي وعلمتم كيف كفروا؟ قالوا تكفيك المعرفة وهذا كفر،
    والمرجئة يقولون الإيمان قول بلا فعل وهذا بدعة،
    فمن قال القرآن مخلوق فهو كافر بما أنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم - يستتاب فإن تاب وإلا ضربت عنقه ) انتهى
    فتأمل التفريق بين الكلام الذي يكفر به صاحبه وبين الذي يخرج به الى البدعة ويقصر عن التكفير
    وهؤلاء هم أئمة , يعلمون ما يقولون , ويفقهون ما يكتبون , بخلاف المتخبطين من أشباه الخوارج وأذناب المعتزلة المتخرصين .
    وقال شيخ الاسلام وعلم الأعلام محيي السنة وقامع البدعة
    (قَالَ الحميدي: سَمِعْت وَكِيعًا يَقُولُ: أَهْلُ السُّنَّةِ يَقُولُونَ: الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ وَالْمُرْجِئَةُ يَقُولُونَ: الْإِيمَانُ قَوْلٌ. وَالْجَهْمِيَّة يَقُولُونَ: الْإِيمَانُ الْمَعْرِفَةُ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْهُ: وَهَذَا كُفْرٌ.
    قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الكلابي: سَمِعْت وَكِيعًا يَقُولُ: الْجَهْمِيَّة شَرٌّ مِنْ الْقَدَرِيَّةِ قَالَ: وَقَالَ وَكِيعٌ: الْمُرْجِئَةُ: الَّذِينَ يَقُولُونَ: الْإِقْرَارُ يُجْزِئُ عَنْ الْعَمَلِ؛ وَمَنْ قَالَ هَذَا فَقَدْ هَلَكَ؛
    وَمَنْ قَالَ: النِّيَّةُ تُجْزِئُ عَنْ الْعَمَلِ فَهُوَ كُفْرٌ وَهُوَ قَوْلُ جَهْمٍ
    وَكَذَلِكَ قَالَ أَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ.) انتهى
    فقد فرق بين الكفر والهلاك ,وكذلك قال الامام أحمد مناقضا لقول أئمة التكفير

  11. #11

    افتراضي


    أئمة الحديث لم يكونوا يسارعون في تكفير المسلمين الا من قامت عليه الحجج البينات والآيات الساطعات مع انتفاء الموانع والتاويلات المحتملات

    أخي الكريم لم أقل إنهم يسارعون في التكفير! أو يكفّرون بلا دليل، مع أني أعلم أن أصحاب الحديث من أكثر الناس تكفيراً للناس فلا حاجة إلى هذا الكلام.

    وهؤلاء هم أئمة, يعلمون ما يقولون, ويفقهون ما يكتبون, بخلاف المتخبطين من أشباه الخوارج وأذناب المعتزلة المتخرصين.
    لم أفهم مغزى الفقرة الأخيرة، إذ كل واحد من الخصوم يدعي التخبط وعدم الفهم على خصمه.
    وقد كان الإمام أبو حنيفة يرى خلق القرآن ثم تراجع بعد طول مباحثة معه ثم تبنّى تكفير من قال بخلق القرآن.
    وكذلك إمام أهل السنة أحمد بن حنبل ما كان يكفّرهم، ثم كفّرهم، بل كفّر من لم يقل بتكفيرهم!


    فقد فرق بين الكفر والهلاك ,وكذلك قال الامام أحمد مناقضا لقول أئمة التكفير

    قلت: البدعة والهلاك في كلام أبي سفيان رحمه الله يحتمل أن يكون هلاك كفر والبدعة بدعة كفر، إذ لا تنافي بين الحكم بالبدعة والهلاك وبين الكفر.
    ويرّجح هذا الاحتمال قوله
    رحمه الله: "القدرية يقولون: الأمر مستقبل إن الله لم يقدر المصائب والأعمال. والمرجئة يقولون: القول يجزئ من العمل. والجهمية يقولون: المعرفة تجزئ من القول والعمل. وهو كلّه كفر" ([1]).
    وهذا يقتضي أن بدعة القدرية، وبدعة المرجئة والجهمية في الإيمان بدع كفرية.
    أخي الفاضل: دعواي هي أنه صح التكفير للمرجئة عن بعض الأئمة فهل صحّ نصّ إمام متقدّم بعدم تكفيرهم.
    إنما الذي أعلمه تنصيص بعضهم بالتكفير، وعدم النفي والإثبات للتكفير عن آخرين من أصحاب الحديث.
    وأما جاء في رواية الخلال عن أحمد فإسناده ضعيف.


    ([1]) الإبانة الكبرى لابن بطة (2/903).

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Jul 2016
    المشاركات
    1,348

    افتراضي

    أخي الفاضل: دعواي هي أنه صح التكفير للمرجئة عن بعض الأئمة فهل صحّ نصّ إمام متقدّم بعدم تكفيرهم.
    إنما الذي أعلمه تنصيص بعضهم بالتكفير، وعدم النفي والإثبات للتكفير عن آخرين من أصحاب الحديث.
    يا أخي بارك الله فيك لا تقول الأئمة ما لم يقولوا , أين هي النقولات الصحيحة في أنهم يكفرون المرجئة ؟
    قد نقلت لك كلام وكيع من طريق البخاري أعلم الخلق به , ولم يكفر المرجئة كما كفر الجهمية
    فقد فرق بينهما , وكذلك قال في رواية محمد بن عمر الكلابي
    فهذان اثنان قد اتفقا على كلام واحد فلم تركتهما واحتكمت الى كلام مجمل محتمل ؟
    ولم لم تكمل النقل من الابانة لابن بطة ؟
    فبعد الرواية التي تشبث بها في تكفير المسلمين من المرجئة , روى ابن بطة عن الامام سفيان
    حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ , قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ , وَذَكَرُوا الْمُرْجِئَةَ , فَقَالَ: رَأْيٌ مُحْدَثٌ أَدْرَكْنَا النَّاسَ عَلَى غَيْرِهِ ")
    فقال رأي محدث ولم يكفر , وأظنك الآن تحدث نفسك أن هذه البدعة المحدثة هي بدعة تكفيرية كما قلت من قبل
    مع أن الأئمة لم يصرحوا بالتكفير بخلاف من تجرأ وتجاسر
    ثم روى ابن بطة هذا عن الصحابي أبي سعيد
    عَنِ الْحَكَمِ , عَنْ سَعْدٍ الطَّائِيِّ , عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ , أَنَّهُ قَالَ: الْوَلَايَةُ بِدْعَةٌ , وَالْإِرْجَاءُ بِدْعَةٌ , وَالشَّهَادَةُ بِدْعَةٌ "))
    وعلى فرض أنهم كفروا من قال ذلك فمقصودهم غلاة المرجئة ممن جعل الايمان هو المعرفة
    أخي الكريم لم أقل إنهم يسارعون في التكفير! أو يكفّرون بلا دليل، مع أني أعلم أن أصحاب الحديث من أكثر الناس تكفيراً للناس فلا حاجة إلى هذا الكلام.
    نعم هم كفروا من صرح بالكفر و مع أنهم اذا كفروا اطلقوا العبارة ولم يخصوا أحدا بعينه
    وبدعة التكفير انما ظهرت عند الخوارج كما لا يخفى على أحد وتبعهم المعتزلة مع بعض الاختلاف في التسمية
    أما أهل الحديث فهم وسط بين غلاة المكفرة والمتساهلين من المرجئة
    لم أفهم مغزى الفقرة الأخيرة، إذ كل واحد من الخصوم يدعي التخبط وعدم الفهم على خصمه.
    وقد كان الإمام أبو حنيفة يرى خلق القرآن ثم تراجع بعد طول مباحثة معه ثم تبنّى تكفير من قال بخلق القرآن.
    وكذلك إمام أهل السنة أحمد بن حنبل ما كان يكفّرهم، ثم كفّرهم، بل كفّر من لم يقل بتكفيرهم!
    من قال بخلق القرآن قد كفره أئمة السنة وهذا ليس محلا للنزاع حتى تلتجئ اليه
    الكلام هنا عن تكفير المرجئة , الذين أخرجوا العمل من مسمى الايمان
    وقد أتيتك بكلام الأئمة في عدم كفرهم
    فأت أنت بكلام الأئمة الذين صرحوا بكفر من قال ان العمل لا يدخل في الايمان

  13. #13

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحمد القلي مشاهدة المشاركة
    يا أخي بارك الله فيك لا تقول الأئمة ما لم يقولوا , أين هي النقولات الصحيحة في أنهم يكفرون المرجئة ؟

    سبحان الله ما هذه الغلظة والتهمة السافرة!
    إنما طلبت منك نصّا للأئمة في عدم التكفير، فأتيت بكلام محتمل عن وكيع رحمه الله!!
    وقد بيّنت من قبل وأعيده الآن: الحكم بالبدعة لا ينافي الكفر والتكفير فتمهّل قليلا وأفدني والإخوة الكرام في هذه المسألة: عدم تكفير أصحاب الحديث للمرجئة!

    ولم لم تكمل النقل من الابانة لابن بطة ؟فبعد الرواية التي تشبث بها في تكفير المسلمين من المرجئة , روى ابن بطة عن الامام سفيان حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ , قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ , وَذَكَرُوا الْمُرْجِئَةَ , فَقَالَ: رَأْيٌ مُحْدَثٌ أَدْرَكْنَا النَّاسَ عَلَى غَيْرِهِ ")فقال رأي محدث ولم يكفر
    أخي الفاضل:
    لم أتشبث بشيء، وإنما أشعرتك بأن كلام وكيع بن الجراح رحمه الله ليس صريحا ولا ظاهرا في عدم التكفير فقط.
    وكون الإرجاء محدثا وبدعة لا ينافي كونه بدعة كفرية ألا ترى أن البدع كلها تحدث بعد السنّة الماضية مع اختلافها في الكفر وعدمه.

    وأظنك الآن تحدث نفسك أن هذه البدعة المحدثة هي بدعة تكفيرية كما قلت من قبلمع أن الأئمة لم يصرحوا بالتكفير بخلاف من تجرأ وتجاسر
    سيأتيك قريبا بأن القضية ليست من أحاديث النفس ولا من أضغاث الأحلام وسأحدثك حديثا ليس بالأغاليط
    وعلى فرض أنهم كفروا من قال ذلك فمقصودهم غلاة المرجئة ممن جعل الايمان هو المعرفة
    هذا مجرّد احتمال وهو فاسد والبرهان عليه:
    1- أهل الحديث المتقدمون لا يطلقون المرجئة إلا على من يقول: الإيمان قول بلا عمل.
    هذا على الأقل هو الغالب في إطلاق المرجئة في عرف السلف، ويفرّقون بين الجهمية في الإيمان وبين المرجئة كما هو معلوم في موضعه.
    2- وهو منقوض أيضا بتصريحهم بأن المكفّر عندهم هو من يقول: الإيمان قول بلا عمل. وهذا لا يقوله من تسمّيه غلاة المرجئة، مع أن غلاة المرجئة عند أصحاب الحديث هم مرجئة الفقهاء وأمثالهم كما حكاه حرب بن إسماعيل الكرماني عن الإمام إسحاق بن راهويه رحمهما الله.
    نعم هم كفروا من صرح بالكفر و مع أنهم اذا كفروا اطلقوا العبارة ولم يخصوا أحدا بعينه
    هذا ليس بشيء فالسلف الكرام كفّروا بالصريح وباللازم الضروري والبيّن الظاهر!
    وإلا فأين الدليل الصريح في أن من قال بخلق القرآن فهو كافر؟
    فهل تجد آية، حديثا، إجماعا قبل المكفَّرين ينصّ على كون هذا السبب كفرا صريحا؟
    والتفريق بين العين وبين النوع رأي متأخر لا يثبته أصحابه إلا بالاستنباط لا بالنقل عن السلف.
    والأصل أن تكفير النوع يقتضي تكفير العين.

    الكلام هنا عن تكفير المرجئة , الذين أخرجوا العمل من مسمى الايمان وقد أتيتك بكلام الأئمة في عدم كفرهم
    فأت أنت بكلام الأئمة الذين صرحوا بكفر من قال ان العمل لا يدخل في الإيمان


    لم تأتني بما يدل على عدم التكفير بل بكلام محتمل عن إمام واحد(وكيع) وقد يقال: إنه ظاهر في التكفير لعموم قوله: "وهو كلّه كفر" وشرط الدليل الصراحة أو الظهور على المراد.

    وإليك بيان ما طلبتَه:
    كفّرهم الإمام وكيع بن الجرّاح، والحميدي عبد الله بن الزبير، وأبو مصعب أحمد بن أبي بكر الزهري المدني، وابن بطة، والآجري بل ذكر الأخيران ما يدل على الإجماع بتكفير المرجئة.
    1- قال الإمام وكيع بن الجراح (196هـ) رحمه الله:"
    القدرية يقولون: الأمر مستقبل إن الله لم يقدر المصائب والأعمال. والمرجئة يقولون: القول يجزئ من العمل. والجهمية يقولون: المعرفة تجزئ من القول والعمل. وهو كلّه كفر" ([1]).
    وهذا يقتضي أن بدعة القدرية، وبدعة المرجئة والجهمية في الإيمان بدع كفرية عند الإمام أبي سفيان وكيع.

    2- وقال الإمام الترمذي (279هـ) رحمه الله:"
    سمعت أبا مصعب المدني يقول: من قال: الإيمان قول، يستتاب، فإن تاب وإلا ضربت عنقه"([2]).
    وقال حبيب:"
    قال أبو معصب: الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص، فمن قال غير هذا فهو كافر"([3])
    وهذا تكفير شيخ أهل المدينة (تلميذ مالك) للمرجئة في قولهم: إن الإيمان قول...

    3- وقال الإمام أبو القاسم محمد بن الحسين الآجري (387هـ) رحمه الله:"
    من قال: الإيمان قول دون العمل، يقال له: رددت القرآن والسنة، وما عليه جميع العلماء، وخرجتَ من قول المسلمين، وكفرتَ بالله العظيم".
    وقال رحمه الله أيضا: "وأنا بعد هذا أذكر ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن جماعة من الصحابة وعن كثير من التابعين: أن الإيمان تصديق بالقلب وقول باللسان وعمل بالجوارح،
    ومن لم يقل عندهم بهذا فقد كفر"([4]).
    وظاهر هذا: حكاية الإجماع على تكفير المرجئة بقولهم هذا! وعلى الأقل فهو حكاية التكفير للمرجئة عن أصحاب الحديث

    4- وقال الإمام أبو عبد الله بن بطة (387هـ) رحمه الله: "احذروا رحمكم الله مجالسة قوم مرقوا من الدين، فإنهم جحدوا التنزيل، وخالفوا الرسول، وخرجوا عن إجماع علماء المسلمين، وهم قوم يقولون: الإيمان قول بلا عمل...

    وكل هذا كفر وضلال، وخارج بأهله عن شريعة الإسلام، وقد أكفر الله القائل بهذه المقالات في كتابه والرسول في سنته وجماعة العلماء باتفاقهم"
    ([5]).
    وهذا شبيه بتقرير الآجرّي، وفيه من حكاية الإجماع على التكفير ما لا يخفى.

    والمقصود: إثبات تكفير أصحاب الحديث للمرجئة أو بعضهم على الأقل.
    وهذا يكفي في نقض السالبة الكلية في كلام شيخ الإسلام في مواضع من كتبه.

    فهل بعد هذا، أقوّل الأئمة بما لم يقولوه أخي الفاضل؟
    ومتجاسر ومتسارع في التكفير؟
    اتقوا الله ولينوا بأيدي إخوانكم، هذّبوا العبارات بارك الله فيكم


    ([1]) الإبانة الكبرى لابن بطة (2/903).

    ([2]) الجامع الكبير (2622) تحقيق بشّار عواد، ونحوه في ترتيب المدارك (2/5) رقم الترجمة (106).

    ([3]) ترتيب المدارك وتقريب المسالك (2/6) رقم الترجمة (106).

    ([4]) الشريعة للآجري (2/636، 684).

    ([5]) الإبانة الكبرى لابن بطة (2/893).




  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Jul 2016
    المشاركات
    1,348

    افتراضي

    سبحان الله ما هذه الغلظة والتهمة السافرة!
    وان تعجب فعجب اتهامك واصرارك على تكفير أمة من المحدثين والفقهاء المشهورين لأجل مقالة أخطؤوا فيها
    لم تقبل دفاعي عن اسلام من ثبث اسلامه , وقبلت من نفسك الكلام عن رجال عم الآن عند ربهم , فان أحسنوا فقد خبت وخسرت
    وان اساؤوا فهم عند أرحم الراحمين ولن ينفعك الطعن في اسلامهم بل يضرك ويهلكك
    وفي الحديث (من قال لأخيه ياكافر فقد باء بها أحدهما )
    وأنت تريد جمع أي كلام في تكفير ليس واحدا بل جماعة سيستوقفونك يوم السؤال , بأي ذنب كفرتنا ؟
    فأعد للسؤال جوابا بدل أن تبحث عن جواب من لم يكفرهم بعد أن أن استوثقت بكلام من كفرهم بزعمك
    وأنا طلبت منك اسم امام فلم تأت بأحد هو أهل لهذا الاسم
    لكن لشدة حرصك وقوة استقصائك ظننت أنك قد عثرت على الكنز الدفين والدر الثمين
    ومنذ متى تحتج وتلجأ الى أقوال أبي مصعب ؟؟
    وقال حبيب:" قال أبو معصب: الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص، فمن قال غير هذا فهو كافر"([3])
    وهذا تكفير شيخ أهل المدينة (تلميذ مالك) للمرجئة في قولهم: إ
    شيخ أهل المدينة ؟؟
    هل عرفت له من قبل قولا في مساألة اتبعته عليها , أو رجحت له رواية عن مالك على أقرانه ؟؟
    وسأنقل لك مذهب كبار أصحاب مالك حتى لا تعود الى التشبث بخيوط العنكبوت , ولتعلم أن ابن حبيب تفرد عنهم وشذ
    قال أبو الوليد الباجي
    (وَقَالَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي أَهْلِ الْقَدَرِ مَنْ قُتِلَ مِنْهُمْ فَمِيرَاثُهُ لِوَرَثَتِهِ أَسَرَّ ذَلِكَ أَوْ أَعْلَنَهُ، وَلَا يُصَلَّى عَلَى الْقَدَرِيَّةِ وَلَا الْإِبَاضِيَّةِ فَإِنْ قُتِلُوا بِذَلِكَ أَحْرَى
    قَالَ سَحْنُونٌ يَعْنِي أَدَبًا لَهُمْ فَإِنْ ضَاعُوا فَلْيُصَلَّ عَلَيْهِمْ
    وَفِي الْعُتْبِيَّةِ قَالَ ابْنُ دَاوُد عَنْ ابْنِ كِنَانَةَ قَالَ أَهْلُ الْأَهْوَاءِ أَهْلُ بِدَعٍ وَضَلَالَةٍ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِاَلَّذِي يُخْرِجُهُمْ عِنْدَنَا مِنْ الْإِسْلَامِ، وَتَأْوِيلُ سَحْنُونٍ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا عِنْدَ مَالِكٍ مُؤْمِنِينَ لَمْ يَرِثْهُمْ وَرَثَتُهُمْ
    قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَا تُعَادُ الصَّلَاةُ خَلْفَ أَهْلِ الْبِدَعِ فِي وَقْتٍ وَلَا غَيْرِهِ وَهُوَ قَوْلُ جَمِيعِ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَأَشْهَبَ وَالْمُغِيرَةِ وَابْنِ كِنَايَةَ وَغَيْرِهِمْ وَلَيْسَ بِكَافِرٍ وَلَيْسَ يُخْرِجُهُ ذَنْبُهُ مِنْ الْإِيمَانِ،
    وَمَنْ كَفَّرَهُمْ رَكِبَ قَوْلَ الْحَرُورِيَّةِ فِي التَّكْفِيرِ بِالذُّنُوبِ، وَذَهَبَ ابْنُ حَبِيبٍ إلَى أَنَّ الْخَوَارِجَ الَّذِينَ كَفَّرُوا النَّاسَ بِالذُّنُوبِ كُفَّارٌ..) انتهى
    ومن كفرهم ركب وامتطى واعتلى قول الحرورية في التكفير بالذنوب
    تأمل جيدا هذا القول الأخير , فأخشى أن يكون لك منه نصيب كبير وحظ عظيم
    وفي الصحيحين جماعة من المرجئة بل من رؤوسهم , أحتج بهم الأئمة ولم يتركوا حديثهم مع صدور هذه البدعة منهم
    ولن تكون أحرص على السنة وأنبذ للبدعة من آخر محدث روى عنهم واحتج بروايتهم
    وهذه بعض الأمثلة عنهم لعلك ترجع وترتدع
    طلق بن حبيب التابعي
    قال ابن عبد البر في الاستذكار
    (وَطَلْقُ بْنُ حَبِيبٍ ثِقَةٌ عِنْدَهُمْ فِيمَا نَقَلَ إِلَّا أَنَّهُ رَأَسٌ مِنْ رُؤُوسِ الْمُرْجِئَةِ وَكَانَ مَعَ ذَلِكَ عَابِدًا فَاضِلًا وَكَانَ مَالِكٌ يُثْنِي عَلَيْهِ لِعِبَادَتِهِ وَلَا يَرْضَى مَذْهَبَهُ)) انتهى كلامه ولا حول ولا قوة الا بالله
    الامام مالك يثني عليه , عن معرفة منه به ولم يخف عليه رأيه
    وهنا من يكفره ولا يشك في ذلك ؟؟
    وقال الذهبي
    (بَصْرِيٌّ، زَاهِدٌ كَبِيْرٌ، مِنَ العُلَمَاءِ العَامِلِيْنَ...
    رُوِيَ عَنْ طَاوُوْسٍ، قَالَ:
    مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَحْسَنَ صَوْتاً مِنْهُ، وَكَانَ مِمَّنْ يَخْشَى اللهَ -تَعَالَى-.))
    انا لله وانا اليه راجعون
    من قال لأخيه ياكافر فقد باء بها أحدهما
    ثم قال الذهبي
    (قَالَ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوْبَ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَعْبَدَ مِنْ طَلْقِ بنِ حَبِيْبٍ...
    قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الكَرِيْمِ يَقُوْلُ:
    كَانَ طَلْقٌ لاَ يَرْكَعُ إِذَا افْتَتَحَ سُوْرَةَ البَقَرَةِ حَتَّى يَبْلُغَ العَنْكَبُوْتَ، وَكَانَ يَقُوْلُ: أَشْتَهِي أَنْ أَقُوْمَ حَتَّى يَشْتَكِيَ صُلْبِي.))
    اللهم غفرانك

    ومن رجال الصحيحين أيضا
    أبو معاوية الضرير متفق على توثيقه والاحتجاج به مع قوله بالارجاء

    وفي الفتح
    (عمر بن ذَر الْهَمدَانِي الْكُوفِي أحد الزهاد الْكِبَار
    قَالَ يحيى الْقطَّان كَانَ ثِقَة فِي الحَدِيث لَيْسَ يَنْبَغِي أَن يتْرك حَدِيثه لرأي أَخطَأ فِيهِ وَقَالَ الْعجلِيّ كَانَ ثِقَة وَكَانَ يرى الإرجاء وَقَالَ يَعْقُوب بن سُفْيَان ثِقَة مرجئ وَقَالَ بن خرَاش كَانَ صَدُوقًا من خِيَار النَّاس وَكَانَ مرجئا )

    وفي هذا عبرة لمن يعتبر وذكرى لمن تذكر وتبصر

  15. #15

    افتراضي

    وفقك الله أخي القلي.
    أرجو أن تحترم نفسك قبل القارئ والمتابع!
    فلقد خصمتَ وغلبتَ على أمرك واتضح بأن تكفير المرجئة مختلف فيه على الأقل بين أصحاب الحديث!!
    لكن تحاول إخفاء هذا والتستر عليه بما لا يجدي كمن يبتغي حسوا في ارتغاء.
    وأوحش من هذا أنه لما أثقلتك سهام النقل عن العدول الثقات، وانتقضت عليك السالبة الكلية في عدم التكفير حاولتَ نسبة تكفيرهم إلى أخيك المأربيّ، فما دخلي بهذا؟
    وهل نقل التكفير عن الغير التزام بالتكفير؟

    - الأفضل لك ولمن على رأيك: التراجع عن قولكم: إنه لم يكفّر المرجئة أحد من أصحاب الحديث، بدل المزايدة عليّ بأني أقول بكفر المرجئة!!

    - الكفر الوارد في حديث:
    (من قال لأخيه يا كافر..)
    كفر أصغر عند الجمهور من المحدثين وغيرهم وهو الصواب.
    وما قيل إنه رأي أبي عبد الله البخاري فهو مرجوح.

    - الإمام أحمد بن أبي بكر بن الحارث بن زرارة بن مصعب بن عبد الرحمن بن عوف. أبو مصعب الزهري المدني من رجال الجماعة فقيه إمام صاحب سنّة.
    قال الإمام الذهبي:
    (قاضي المدينة وعالمها)(الإمام الثقة شيخ دار الهجرة الفقيه قاضي المدينة)(احتج به أصحاب الصحاح)(الفقيه صاحب مالك ثقة حجة...)(كان إماما في السنة والأحكام)(الإمام الفقيه أحد الأثبات وشيخ أهل المدينة وقاضيهم ومحدثهم لزم مالكا وتفقه به)

    - دع هذا كلّه وأفدني والإخوة في تكفير هؤلاء العلماء ونقل بعضهم ما ظاهره الإجماع على التكفير!!


  16. #16
    تاريخ التسجيل
    Jul 2016
    المشاركات
    1,348

    افتراضي

    والمقصود: إثبات تكفير أصحاب الحديث للمرجئة أو بعضهم على الأقل.
    وهذا يكفي في نقض السالبة الكلية في كلام شيخ الإسلام في مواضع من كتبه
    اكتب لك ابتداء كلامك هدا لتكون على بينة ولتعلم أي جبل شامخ تناطح برأسك
    وادا كان شيخ الاسلام قد نفى دلك فهو أعلم من ملء الأرض من مثلك ومن كل من اقتحم هده المسائل وحشر أنفه في هده المشاكل
    ولنفرض أنك بريء من تكفير هؤلاء المسلمين
    فلم تدور وتحور وتصعد وتنزل لأجل اثباث قول من كفرهم
    ولنقبل منك أنت تحكم وتجزم باسلامهم كما تجزم باسلامك أنت
    فلم تبحث عن الأقوال التي لم تكفرهم ؟
    وقد مهدت سؤالك البريء بأن قلت أن الرواية عن الامام أحمد في عدم تكفيرهم من طريق الخلال ضعيفة
    ولما أتيتك بالنقل الصريح عن الامام وكيع في عدم تكفيرهم ما زادك دلك الا اصرارا على ما أنت عليه
    بل أقنعت نفسك أن وكيع يكفرهم , مع أن البخاري اكتفى بالنقل عنه ما يفند مدهبك
    ونقل عنه الحميدي وهو أعلم الناس به , عدم تكفيرهم في مقابلة تكفير الجهمية
    أرجو أن تحترم نفسك قبل القارئ والمتابع!
    فلقد خصمتَ وغلبتَ على أمرك واتضح بأن تكفير المرجئة مختلف فيه على الأقل بين أصحاب الحديث!!
    لكن تحاول إخفاء هذا والتستر عليه بما لا يجدي كمن يبتغي حسوا في ارتغاء.
    لا أدري عن أي احترام تتحدث
    والخلاف انما هو في دهنك , ولم أجد اماما الى حد الساعة يكفرهم
    وحسبك من دلك الامام مالك وأحمد ووكيع
    ولما حدثتك عن أبي مصعب فليس لكي تخبرني أنه ثقة فقيه , بل قلت لك مند متى تعرف أقواله ومسائله في الفقه والحديث حتى تحتكم اليه في مسائل الحكم على المسلمين ؟
    الأفضل لك ولمن على رأيك: التراجع عن قولكم: إنه لم يكفّر المرجئة أحد من أصحاب الحديث، بدل المزايدة عليّ بأني أقول بكفر المرجئة!!
    أفصح عن مدهبك ادا ويكفيك من القيل والقال
    وأدكرك أنك وصفت مرجئة الفقهاء أنهم من غلاة المرجئة
    وهدا كاف في بيان رأيك في فقهاء المسلمين


  17. #17
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    المرجئة أصناف، ولكل صنف أحكامه.
    ومما يلاحظ حول موقف شيخ الإسلام من المرجئة أنه لم يجعلهم في دائرة واحدة يندرجون تحت حكم واحد، بل هم عنده أصناف ثلاثة، ولكل صنف منهم أحكامه:
    الصنف الأول: مرجئة الفقهاء.
    وهؤلاء على أيديهم ظهر الإرجاء، وكانوا أول من أحدث هذه الثلمة في الأمة - نعوذ بالله من الخدلان -.
    وقد كان قصدهم أتباع الأمر والنهي، وتصديق الوعيد بالوعد، وجعل أهل القبلة كلهم مؤمنين ليسوا كفارا، فهم قابلوا الوعيدية من الخوارج والمعتزلة، فصاروا طرفا آخر .
    وإذا ما قورنت بدعة هؤلاء بغيرها من البدع في الإيمان نجد شيخ الإسلام رحمه الله يصف بدعتهم بأنها أخف البدع، وأنها من بدع الأقوال والأفعال، لا من بدع العقائد، لكن البلاء في هذه البدعة أنها فتحت الباب لخطأ عظيم في العقائد والأعمال .
    ولذا اتفقت كلمة السلف على إنكار هذه المقالة، وذم أصحابها، وتبديعهم.
    وكلمة السلف متفقة أيضا على عدم تكفيرهم، ومن ظن من السلف أنهم كفروهم، فقد أخطأ عليهم.
    قال شيخ الإسلام رحمه الله:
    وَلِهَذَا لَمْ يُكَفِّرْ أَحَدٌ مِنْ السَّلَفِ أَحَدًا مِنْ " مُرْجِئَةِ الْفُقَهَاءِ " بَلْ جَعَلُوا هَذَا مِنْ بِدَعِ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ ؛ لَا مِنْ بِدَعِ الْعَقَائِدِ فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ النِّزَاعِ فِيهَا لَفْظِيٌّ لَكِنَّ اللَّفْظَ الْمُطَابِقَ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ هُوَ الصَّوَابُ فَلَيْسَ لِأَحَدِ أَنْ يَقُولَ بِخِلَافِ قَوْلِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ لَا سِيَّمَا وَقَدْ صَارَ ذَلِكَ ذَرِيعَةً إلَى بِدَعِ أَهْلِ الْكَلَامِ مِنْ أَهْلِ الْإِرْجَاءِ وَغَيْرِهِمْ وَإِلَى ظُهُورِ الْفِسْقِ ..
    ويقول رحمه الله: "ثم إن السلف والأئمة اشتد إنكارهم على هؤلاء - يعني مرجئة الفقهاء -، وتبديعهم، وتغليظ القول فيهم.
    ولم أعلم أحدا منهم نطق بتكفيرهم، بل هم متفقون على أنهم لا يكفرون في ذلك، وقد نص أحمد وغيره من الأئمة على عدم تكفير هؤلاء المرجئة.
    ومن نقل عن أحمد أو غيره من الأئمة تكفيرا لهؤلاء، أو جعل هؤلاء من أهل البدع المتنازع في تكفيرهم، فقد غلط غلطا عظيما".
    ويقول: "وأما السلف والأئمة فلم يتنازعوا في عدم تكفير المرجئة، والشيعة المفضلة، ونحو ذلك.
    ولم تختلف نصوص أحمد في أنه لا يكفر هؤلاء، وإن كان من أصحابه من حكى في تكفير جميع أهل البدع - من هؤلاء وغيرهم - خلافا عنه، أو في مذهبه، حتى أطلق بعضهم تخليد هؤلاء وغيرهم، وهذا غلط على مذهبه، وعلى الشريعة".


    الصنف الثاني: جهمية المرجئة.
    ويندرج تحت هذا الوصف أتباع جهم، والأشعري - في المشهور عنه - وأكثر أصحابه، والماتريدية.
    ومن موقف شيخ الإسلام من هذا الصنف تأكيده على ضرورة فهم مقالتهم، فإن كثيرا من المتأخرين قد خلط بين قول الجهمية وقول السلف، فتراه في باطنه يرى رأي الجهمية والمرجئة في الإيمان، وهو معظم للسلف وأهل الحديث، فيظن أنه يجمع بينهما، أو يجمع بين كلام أمثاله وكلام السلف.
    وبين أيضا أن قول هؤلاء في مسمى الإسلام والإيمان وحقيقتهما في غاية المباينة لقول السلف، ليس في الأقوال أبعد عن السلف منه، وهو أبعد من كل قول عن الكتاب والسنة، وفيه من مناقضة العقل والشرع واللغة ما لا يوجد مثله لغيرهم .
    وأمام هذه المباينة حصل الخلاف في تكفير من قال بهذا القول ، والذي عليه الأئمة، ****ع بن الجراح، وأحمد بن حنبل، وأبي عبيد، وغيرهم، هو كفر من يقول بهذه المقالة .

  18. #18
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو مالك المديني مشاهدة المشاركة
    وإذا ما قورنت بدعة هؤلاء بغيرها من البدع في الإيمان نجد شيخ الإسلام رحمه الله يصف بدعتهم بأنها أخف البدع، وأنها من بدع الأقوال والأفعال، لا من بدع العقائد، لكن البلاء في هذه البدعة أنها فتحت الباب لخطأ عظيم في العقائد والأعمال .
    قال ابن تيمية: (فَالْبِدَعُ تَكُونُ فِي أَوَّلِهَا شِبْرًا ثُمَّ تَكْثُرُ فِي الِاتِّبَاعِ حَتَّى تَصِيرَ أَذْرُعًا وَأَمْيَالًا وَفَرَاسِخَ).
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  19. #19

    افتراضي

    وفّقكم الله وزادكم حرصا على الهدى والعلم.
    - هذا الكلام الآتي للأخ الفاضل أبي مالك جزاه الله خيراً.

    أما أحمد القلي فقد سقط الكلام معه لأنه طالبني بنقل التكفير عن أحد من الأئمة فلما وافيته به اشتغل بإلزام ما لا يلزم وقد مرّ الكلام معه!

    لكن أزيده من الشعر بيتا!
    الإمام إسحاق بن راهويه يرى التكفير بفرع من فروع الإرجاء. قال الإمام أبو محمد حرب بن إسماعيل الكرماني في السنة (172): سمعت إسحاق يقول - وسأله رجل - فقال: الرجل يقول: أنا مؤمن حقّا. فقال:
    هو كافر حقّا"

    أقول لأبي مالك المديني
    - نفي شيخ الإسلام للتكفير إخبار عن عدم علمه بذلك كما صرّح هو، ليس إلا.
    لكن التكفير ثابت بالنقل عن مصادره!
    فأين الجواب عن المنقول بالأجزاء والصفحات؟

    - توهين أمر بدعة المرجئة في كلام الشيخ رحمه الله يناقضه قوله في الإيمان الكبير(ص545):" واسم الإيمان والإسلام والنفاق والكفر هي أعظم من هذا كله، فالنبي صلى الله عيه وسلم قد بيّن المراد بهذه الألفاظ بيانا لا يحتاج معه إلى الاستدلال على ذلك بالاشتقاق وشواهد استعمال العرب ونحو ذلك فلهذا يجب الرجوع في مسميات هذه الأسماء إلى بيان الله ورسوله فإنه شاف كاف، بل معاني هذه الأسماء معلومة من حيث الجملة للخاصة والعامة،
    بل كلّ من تأمّل ما تقوله الخوارج والمرجئة في معنى الإيمان علم بالاضطرار أنه مخالف للرسول، ويعلم بالاضطرار: أن طاعة اله ورسوله من تمام الإيمان، وأنه لم يكن يجعل كل من أذنب ذنبا كافراً...
    فكلا القولين مما يعلم فساده بالاضطرار من دين الرسول صلى الله عليه وسلم"
    ألا ترى أنه ساوى بين البدعتين في مناقضة الشريعة الغرّاء.

    - ظاهر نصّ أبي عبد الله محمد بن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة (ص467) رقم (773) يدل على أن الجهمية كفار بقولهم في الإيمان عند أصحاب الحديث وعند فقهاء المرجئة.
    وهذا نص ما قال: (وقد جامعتنا في هذا المرجئة كلها على أن الإقرار باللسان من الإيمان،
    إلا فرقة من الجهمية كفرت عندنا وعند المرجئة بزعمهم أن الإيمان هو المعرفة فقط...)

    فلو تفضّلتَ بنقل الخلاف في تكفيرهم من السلف المعارض لنقل المروزي!

  20. #20
    تاريخ التسجيل
    Jul 2016
    المشاركات
    1,348

    افتراضي

    بدأ التعالم والتعالي يظهر من كلامك المتعالي
    وهذه أعجوبة الدهر وفريدة العصر
    شيخ الاسلام قد جهل المسكين ولم يحط علما بما علمه عالم العصر , واكتشفه المنكب على الحاسوب يسبق به ما فات السابقين الأولين ؟؟
    نفي شيخ الإسلام للتكفير إخبار عن عدم علمه بذلك كما صرّح هو، ليس إلا.
    قد بعث الله في هذا الزمان من يلزمك حدك ويعرفك قدر نفسك
    وينبئك أن العلم لم ينته عندك
    اسمع يا ابن عبد الحليم الحجج الدامغات و البراهين الباهرات من حيث لم تحتسب ولم ترتقب
    لكن التكفير ثابت بالنقل عن مصادره!
    فأين الجواب عن المنقول بالأجزاء والصفحات؟
    ما شاء الله , لاقوة الا بالله
    أنت تعلم شيخ الاسلام كلام ابن بطة والآجري ؟
    ولم تقنع بذلك حتى زدت الطين بلة فقلت
    توهين أمر بدعة المرجئة في كلام الشيخ رحمه الله يناقضه قوله في الإيمان الكبير
    هو يوهن أمر هذه البدعة التي كبرت في صدرك حتى انكشف بها أمرك
    أنت تقول عن الرجل الذي خلقه الله ليبيد البدع ويردع كل مبتدع أته يوهن أمر هذه البدعة
    ما أوهن وأوهى كلامك ؟
    - ظاهر نصّ أبي عبد الله محمد بن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة (ص467) رقم (773) يدل على أن الجهمية كفار بقولهم في الإيمان عند أصحاب الحديث وعند فقهاء المرجئة.
    ألم تقل من قبل أن فقهاء المرجئة هم غلاة المرجئة ؟؟
    ولما أخبرتك من قبل أن الأئمة انما صرحوا بتكفير غلاة المرجئة الذين يقولون ان الايمان هو المعرفة أو مجرد النية , أبيت واستعليت وعارضت وأعرضت , حتى قلت وزعمت أن غلاة المرجئة هم مرجئة الفقهاء
    وهذا قولك ان لم تصدق قولي
    مع أن غلاة المرجئة عند أصحاب الحديث هم مرجئة الفقهاء وأمثالهم كما حكاه حرب بن إسماعيل الكرماني عن الإمام إسحاق بن راهويه رحمهما الله.
    وبعد كل هذا ترجع الى قولي الأول الذي أعرضت عنه ولويت عنقك منه فتقول ناقلا تكفير الجهمية عن المروزي
    وهذا نص ما قال: (وقد جامعتنا في هذا المرجئة كلها على أن الإقرار باللسان من الإيمان، إلا فرقة من الجهمية كفرت عندنا وعند المرجئة بزعمهم أن الإيمان هو المعرفة فقط...)
    ألم أنقل لك هذا القول ابتداء , وبينت لك أن هذه الفرقة هي التي كفرها الأئمة مثل وكيع ونقلت لك كلام البخاري عنه في خلق أفعال العباد مفرقا بين تكفير هؤلاء وتبديع المرجئة القائلين أن الايمان قول دون فعل
    فلم ترض وادعيت أن هذه بدعة تكفيرية
    ثم كتبت لك كلام شيخ الاسلام الذي أجزم أنك قرأته على عجلة وسأعيده لك ان كانت في ذلك فائدة ترتجى

    ((قَالَ الحميدي: سَمِعْت وَكِيعًا يَقُولُ: أَهْلُ السُّنَّةِ يَقُولُونَ: الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ وَالْمُرْجِئَةُ يَقُولُونَ: الْإِيمَانُ قَوْلٌ. وَالْجَهْمِيَّة يَقُولُونَ: الْإِيمَانُ الْمَعْرِفَةُ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْهُ: وَهَذَا كُفْرٌ.
    قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الكلابي: سَمِعْت وَكِيعًا يَقُولُ: الْجَهْمِيَّة شَرٌّ مِنْ الْقَدَرِيَّةِ قَالَ: وَقَالَ وَكِيعٌ: الْمُرْجِئَةُ: الَّذِينَ يَقُولُونَ: الْإِقْرَارُ يُجْزِئُ عَنْ الْعَمَلِ؛ وَمَنْ قَالَ هَذَا فَقَدْ هَلَكَ؛
    وَمَنْ قَالَ: النِّيَّةُ تُجْزِئُ عَنْ الْعَمَلِ فَهُوَ كُفْرٌ
    وَهُوَ قَوْلُ جَهْمٍ
    وَكَذَلِكَ قَالَ أَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ.)

    وكذلك قال أحمد , ولا يوجد مخلوق أعرف بكلام الامام أحمد من أحمد بن تيمية

    فمن قال ان الايمان هو مجرد المعرفة او تجزئ فيه النية فهذا كفر
    ومن قال انه الاقرار باللسان فهو بدعة مهلكة
    ومن ابتغى وراء ذلك فأولائك هم العادون

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •