جاء في ترجمة اسماعيل بن علية من سؤالات أبي عبيد الآجري أبا داود :" إسماعيل بن إبراهيم بن مِقْسَم (بكسر الميم وسكون القاف وفتح السين) الأسدي مولاهم، أبو بشر البصري المعروف بابن عُليّة (بضم العين) ثقة حافظ، مات سنة 193هـ/ع.
اتهموه بالقول بخلق القرآن، كما ويحكى عنه انه كان يشرب النبيذ، ووكيع لا يرى للبصري أن يشرب النبيذ، فها هو يقول: "إذا رأيت البصري يشرب النبيذ فاتهمه، وإذا رأيت الكوفي يشربه فلا تتهمه. قال علي بن خشرم فقلت له كيف ذلك؟ قال: الكوفي يشربه تديناً والبصري يشربه تدنياً".
ومهما يكن من أمر فقد حكم النقاد بعدالته بل بإمامته، وقد أورد الذهبي أن عبد الصمد بن يزيد قال: "سمعت ابن عليّة يقول: القرآن كلام الله غير مخلوق".
انظر: تاريخ بغداد 11/ 229، ميزان الاعتدال 1/216، تذكرة الحفاظ 1/322، تهذيب التهذيب 1/275،تقريب التهذيب 32، طبقات الحفاظ للسيوطي 133".
بعد قرائتي لهذه الترجمة ولها نظائر كثيرة يحق للمنصف أن يقول إذا جرح أحد أهل العلم الثقات شيخا أو طالب علم لا يعني ذلك قبول قوله بإطلاق بل ما دام هذا الطالب سنيا غير ضال ولا مبتدع عرف عنه نشر العلم وإفادة طلبته فينبغي أن يراجع قول الجارح وتجعل له قيود وضوابط بمثابة المكابح حتى لا يأتي لنا يوم لا يبقى فيه من أهل العلم إلا المجرح وحده، وكم من طلبة علم أقوياء زهد في علمهم بسبب بعض المسائل التي لا تعدو أن تكون من قبيل الاجتهاد فأصابتها قبضة السامري ففعلت فعلتها فتشكلت لنا أحزاب سلفية نسأل الله السلامة والعافية،
وتأمل رحمك الله إعراض أهل العلم عن قول وكيع مع جلالته لتيقنهم بمكانة اسماعيل ولا حول ولا قوة إلا بالله
ومع هذا فها هو وكيع ينصح تلميذه بالأخذ عن أحد المرجئة حتى لا يضيع علم الأعمش:" قَالَ علي بن خشرم ما شيت وكيعا إلى الجمعة، فقال لي: يا علي إلى من تختلف؟ فقلت: إلى فلان وإلى فلان وإلى أبي معاوية الضرير.
قَالَ: فقال وكيع: اختلف إليه، فإنك إن تركته ذهب علم الأعمش على أنه مرجئ.
فقلت: يا أبا سفيان دعاني إلى الإرجاء فأبيت عليه، فقال لي وكيع: هلا قلت له كما قَالَ له الأعمش: لا تفلح أنت ولا أصحابك المرجئة؟.
أرجو ألا يفهم كلامي ولا يحمل على محمل سيئ.
إن منهج الاعتدال في الرجال يوحد الصف ويحفظ الجهود والله المستعان.