ينتشي كثيرون حين يرون تجمهر الناس حولهم ، ويطربون حين يسمعون مديحهم ، أو قرع نعالهم في الأعقاب ، ولكن هذا قد يُعمي عن المراجعة والتمحيص ؛ فهاهنا مقاتل الأخيار .
إن كثيرا من الناسكين ربما صمد أمام جمال المرأة ، أو بريق الدنانير ، لكنه قد لا يصمد أمام الجاه والشرف ، ولهذا قيل : حب الرياسة آخر ما يخرج من قلوب الصديقين . من "نفح الطيب" (5/260).

وقال سفيان الثوري رحمه الله: رأيناهم يزهدون في الطعام والشراب واللباس، فإذا نوزع أحدهم الرئاسة ناطح نطاح الكباش . من "جامع المسائل" (1/53) .
إن خطر الجاه على طالبه يكمن في الهرولة العمياء نحو بريقه ؛ فكم من محرم استحله في طريقه ، وكم من جبهة وطأها ؛ ولو كانت لأعز صديقه ؛ فإذا ظفر بذلك الجاه كانت أسباب حرصه عليه أشد، ودواعي عماه أكبر .

علامات :

يبدو حب الرئاسة في مظاهر عدة منها :

1- أن لا يعمل إلا إذا كان رأسا ؛ فلا يرضى أن يكون "عضوا" أو مساندا .
2- ظهور كراهيته إذا مُدح عنده أحد .
3- تتبع عورات الناس ، لاسيما الأقران ، ومن يعدهم منافسين له ؛ حتى يظهر فضله ، وتقدمه عليهم .
4- أنه لا يحيل على من ينفع الناس ، استئثارا بالشرف .
5- أنه يحب أن يُزار ، ولا يحب يزور .

منارات :

من الأسباب المنجية من هذه الفتنة :
1- تعظيم الخوف من الله .
2- تعظيم محبة الله في القلب .
3- تذكر عذاب القبر .
4- أن يوطن نفسه على أن الجاه الحقيقي في عظم المقام عند الله ، قال صلى الله عليه وسلم : "رب أشعث مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره" رواه مسلم من حديث أبي هريرة.
5- تذكر الآخرة .
6- مصاحبة المتواضعين .
7- قراءة سير الصحابة والتابعين والعلماء الربانيين .
8- توطين النفس على قبول النصيحة .
* * * *
قال عمر لأويس القرني : أين تريد؟
قال: الكوفة
قال: ألا أكتب لك إلى عاملها؟
قال: (أكون في غبراء الناس أحب إليَّ)
من "صحيح مسلم" (7/189) .

اللهم اجعل شرفنا بقربك .

http://www.salmajed.com/node/11412