كلمة في خصائص النبي صلى الله عليه وسلم

أبو البراء محمد بن عبدالمنعم آل عِلاوة



من الواجب علينا معرفة كل ما يتعلق بالنبي صلي الله عليه وسلم؛ لنعرف له حقه وفضله ومنزلته وقدره، وذلك كله داخل في إيماننا به صلى الله عليه وسلم ولكي لا نقع فيما عاتب الله به على الكافرين، قال تعالى: ﴿ أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ ﴾ [المؤمنون: 69].
ومن ذلك معرفة خصائصه - صلى الله عليه وآله صحبه وسلم -، وما اختص الله عز وجل به نبيه من فضل ومنزلة على سائر الأنبياء والمرسلين فهو سيد الأولين والآخرين وسيد الأنبياء والرسل صلى الله عليه وسلم.فمعرفة خصائصه صلى الله عليه وسلم تزيد المسلم معرفة به وتجعله يزيداد إيمانًا ومحبة وتبجيلًا وتعزيرًا وتوقيرًا وشوقًا له صلى الله عليه وسلم.
قال ابن القيم: (وإذا كانت سعادة العبد في الدارين معلقة بهدي النبي صلى الله عليه وسلم فيجب على كل من نصح نفسه وأحب نجاتها وسعادتها أن يعرف من هديه وسيرته وشأنه ما يخرج به عن الجاهلين به، ويدخل به في عداد أتباعه وشيعته وحزبه، والناس في هذا بين مستقل ومستكثر ومحروم، والفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم).[1]
ومن أعظم وأجل الفوائد المستفادة من معرفة خصائصه صلى الله عليه وسلم التمييز والتفريق بين ما نتأسَّى به من أفعاله وبين ما لا يجوز التأسِّي به، قال ابن حجر في طويا كلامه عن حديث نهيه صلى الله عليه وسلم عن الوصال في الصوم قال: (فيه ثبوت خصائصه صلى الله عليه وسلم وأن عموم قوله تعالى: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21].
مخصوص -إلى أن قال- وفيه أن خصائصه لا يتأسى به في جميعها).[2]إذ الأصل في أفعاله وأحواله صلى الله عليه وسلم التأسِّي بها فهو القدوة المهداة صلى الله عليه وسلم قال تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [آل عمران: 31].

وقال تعالى: ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الحشر: 7].
قال ابن القيم: (فإذا صدَق في ذلك رُزق محبة الرسول صلى الله عليه وسلم، واستولت روحانيته على قلبه، فجعله إمامه ومعلمه وأستاذه وشيخه وقدوته، كما جعله الله نبيه ورسوله وهاديًا إليه، فيطالع سيرته ومبادئ أمره وكيفية نزول الوحي عليه، ويعرف صفاته وأخلاقه وآدابه في حركاته وسكونه ويقظته ومنامه وعبادته ومعاشرته لأهله وأصحابه، حتى يصير كأنه معه من بعض أصحابه).[3]

وقال ابن العربي المالكي: (وما عمل به محمد صلى الله عليه وسلم تعمل به أمته يعني أن الأصل عدم الخصوصية).[4]
وقال النووي: (لأنه ربما رأى جاهلٌ بعض الخصائص ثابتة في الحديث الصحيح فعمل به أخذًا بأصل التأسِّي فوجب بيانها لتعرف فلا يعمل بها، وأي فائدة أهم من هذه).[5]
فتلك الخصائص التي اختصه الله بها دون غيره من الأنبياء تعطينا صورة حقيقية عن مكانته عند رِّبه وكرامته عليه صلى الله عليه وسلم، فقد أكرمه الله بمنح وهبات تدل على ما أشرنا إليه من الاختصاص.

[1] زاد المعاد (1 /69).

[2] فتح الباري (4 /242).

[3] مدارج السالكين (3 /251).

[4] نقلًا من المواهب اللدينة للقسطلاني (4 /308).

[5] روضة الطالبين (7 /18 -17).




رابط الموضوع: http://www.alukah.net/spotlight/0/88950/#ixzz3h2auJqOg