فعيادة المريض الكافر جائزة لو وُجِدت المصلحة:
عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ غُلًامًا لِيَهُودَ كَانَ يَخْدُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَرِضَ فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُهُ، فَقَالَ: «أَسْلِمْ» فَأَسْلَمَ([1]).
وَعَنِ المُسَيِّبِ بْنِ حَزْنٍ رضي الله عنه، قَالَ: لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الوَفَاةُ دَخَلَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعِنْدَهُ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيْ عَمِّ، قُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أُحَاجُّ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ»، فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ: يَا أَبَا طَالِبٍ أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ المُطَّلِبِ، فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْرِضُهَا عَلَيْهِ، وَيُعِيدُ لَهُ تِلْكَ الْمَقَالَةَ حَتَّى قَالَ أَبُو طَالِبٍ آخِرَ مَا كَلَّمَهُمْ: هُوَ عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَأَبَى أَنْ يَقُولَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَأَسْتَغْفِرَ نَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ»، فَنَزَلَتْ: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى، مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الجَحِيمِ} [التوبة: 113]([2]).
قال أبو داود رحمه الله: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ رحمه الله سُئِلَ عَنْ عِيَادَةِ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِي ِّ؟ قَالَ: إِنْ كَانَ يُرِيدُ يَدْعُوهُ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَنَعَمْ([3]).
قال ابن حجر رحمه الله: ((قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: إِنَّمَا تُشْرَعُ عِيَادَتُهُ إِذَا رُجِيَ أَنْ يُجِيبَ إِلَى الدُّخُولِ فِي الْإِسْلَامِ، فَأَمَّا إِذَا لَمْ يَطْمَعْ فِي ذَلِكَ فَلَا.انْتَهَى.
وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَقَاصِدِ؛ فَقَدْ يَقَعُ بِعِيَادَتِهِ مَصْلَحَةٌ أُخْرَى))([4]).


[1])) أخرجه البخاري (5657).

[2])) متفق عليه: أخرجه البخاري (4675)، ومسلم (24).

[3])) ((مسائل أبي داود)) (ص189).

[4])) ((فتح الباري)) (10/ 119).