(د. أحمد بن فارس السلوم)


صحف الحافظ فصحفنا!


نقل الحافظ في فتح الباري (10 /234) نصاً من كتاب الطب النبوي للمستغفري في بيان كيفية النشرة، وذلك في شرح باب: هل يستخرج السحر من صحيح البخاري..
وقال الحافظ: ثم وقفت على صفة النشرة في كتاب الطب النبوي لجعفر المستغفري قال وجدت في خط نصوح بن واصل...قال نصوح فسألني حماد بن شاكر ما الحل وما النشرة؟ فلم أعرفهما فقال هو الرجل...فذكر النشرة، ثم قال: فإنه يبرأ بإذن الله تعالى، قال حاشد: تعلمت هاتين الفائدتين بالشام، قلت: وحاشد هذا من رواة الصحيح عن البخاري أ.هـ كلام الحافظ مختصراً.
ولما جمعتُ رواة صحيح البخاري في تقدمتي لكتاب المختصر النصيح للمهلب بن أبي صفرة، ذكرت حاشدا هذا فيهم، معتمداً على هذا النص.
وقد وقع في نفسي شيء من صحة ذلك، لأن حاشدا قديم الوفاة، وإذا نزلنا عددناه في أقرانه، فكيف يكون راوياً لصحيح البخاري، ومع أن ذلك قد يقع إلا أني لم أجد نصا آخر اعتمد عليه في إثبات الرواية إلا هذا النص، واستغربت ذكره في آخر القصة دون أن يكون له ذكر في أولها، ووقع في نفسي أن ذكره هنا إما خطأ أو تصحيف، ولكن هيبة الحافظ منعتي من التصريح بذلك، فهو مثبت، واذا نفيت ما يثبته إمام مثله فلا بد لي من بينة، وأي بينة!.
ثم جاءت البينة، وذلك لما وقفت على الكتاب الأصل الذي نقل منه، وهو طب النبي صلى الله عليه وسلم للمستغفري - وقد يسر الله لي تحقيقه وتخريجه-فوجدت النص فيه على غير ذلك، وصح ما ظننته من التصحيف، والقصة عند المستغفري عن حماد بن شاكر، وفي آخرها قال المستغفري: قال حماد بن شاكر: تعلمت هاتين الفائدتين بالشام أ.هـ (الطب النبوي ص273 بتحقيقي).

فظهر أن الصواب: حماد بن شاكر، وليس: حاشد بن إسماعيل.
وهنا: إما أن يكون التصحيف من النسخة التي طبع عليها فتح الباري، وهو بعيد في ظني، وإما أن يكون من الحافظ نفسه، سبقه قلمه السيال، أراد أن يكتب: حماد بن شاكر، فكتب: حاشد بن إسماعيل، ثم قال: أحد رواة الصحيح، يريد حماداً لا حاشداً، وتطرق التصحيف بينهما ممكن، فصحف: حماد، إلى: حاشد، ثم ركب الجادة فنسب حاشداً هذا إلى ما يعلمه عنه، وأنه ابن إسماعيل، ثم قرر هذا التصحيف بأن قال: أحد رواة الصحيح!.
عليه: ما ذكرته في مقدمة المختصر النصيح من أن حاشداً أحد رواة الصحيح ليس بصحيح، بل هو خطأ مني تبعت فيه تصحيف الحافظ ابن حجر.
وعذري أن الحافظ صحف فصحفنا تبعا له، فرحمه الله وأعلى درجته، إمام هو للناس في التحقيق والتصحيف!


منقول من الألوكة
: http://www.alukah.net/sharia/0/87248/#ixzz3f6EbGpBy